يعد صلاح عبد الصبور أحد أهم رواد حركة الشعر الحر العربى ومن رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربى، كما يعد واحداً من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمة بارزة فى التأليف المسرحى، التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية فى عام 1947 وفيها تتلمذ على يد الشيخ أمين الخولى الذى ضمه إلى جماعة «الأمناء» التى كونها، ثم إلى «الجمعية الأدبية» التى ورثت مهام الجماعة الأولى وكان للجامعتين تأثير كبير على حركة الإبداع الأدبى والنقدى فى مصر. وضمن برنامج احتفاليات ثقافية بمعرض الكتاب عقدت ندوة بعنوان "مسرحيات صلاح عبد الصبور" تكريما لذكرى الراحل الكبير شارك فيها: د.مدحت الجيار أستاذ النقد الأدبى بجامعة الزقازيق، والدكتور خليل مرسى أستاذ المسرح بجامعة حلوان، والفنانة والكاتبة معتزة صلاح عبد الصبور ابنة الشاعر الكبير، والمخرج المسرحى د.هناء عبد الفتاح. فى البداية قال الدكتور مدحت الجيار أن عبدالصبور، أهم الشعراء العرب بعد أحمد شوقي وهو أحد أهم الشعراء الذين كتبوا المسرحية الشعرية، لم يقف عند مجرد التأليف بل هو من أصحاب المشاريع الكبرى فكتب الشعر والترجمة والقصة وغيرها. الفنان والدكتور خليل مرسى تحدث عن ذكرياته التي ترجع إلى عام 1967 عندما طلب منه المخرج المسرحي سمير العصفوري أن يمثل "مأساة الحلاج"، والتي قدمها في الأوبرا القديمة التي احترقت وتم عرضها على مدار 100 يوم وكان بطلها الممثل الكبير "محمد السبع" ومجموعة كبيرة من الممثلين. ومسرحية "مأساة الحلاج" هى نبؤات لما يحدث اليوم فمشهد المحاكمة فى المسرحية – كانت عام 1965 - فيه يسأل القاضى - يسأل الحلاج -: هل تريد أن يرتفع الفقر عن الجوعى فيرد الحلاج أو صلاح عبدالصبور " الفقر هو القهر"! وكأن هذا الكلام قد كتبه صلاح عبدالصبور اليوم. ويرى خليل مرسى أن الكثير من الشعراء ضحوا بالدراما من أجل أما الفنانة والكاتبة معتزة صلاح عبد الصبور ابنة الشاعر الكبير فتقول: أتمنى أن يستكمل د. هناء عبدالفتاح مشروعه فى إخراج "مأساة الحلاج" حيث ما نعيشه الآن من لحظات فارقة، يستدعى وجود هذا العمل. وعن صلاح عبد الصبور الأب قالت معتزة: كان إنسان متسامحاً وطيب، كما كان ثائرا أيضا لأبعد الحدود، لقد قرأته عدة مرات وكلما قرأته أدركت أنه رجل ثورة 25 يناير. وحقيقة هناك في مصر كوكبة من الكتاب والأدباء عاشوا وتنبئوا بما يحدث الآن فى 25 يناير وعندما نزلت ميدان التحرير أيام الثورة سمعت شباب الميدان يرددون أشعار صلاح عبدالصبور وصلاح جاهين. قال د. هناء عبد الفتاح: صلاح عبد الصبور شاعر متجدد وأكثر معاصرة، أعماله فى الستينات مازالت حاضرة لم لم تمت رغم مرور كل هذه السنوات. وأشار د. هناء عبد الفتاح إلى أن المجموعة التى صدرت فى بدايات الستينيات وهى 9 كتب كبيرة تناول فيها كل القضايا الثقافية الكبيرة ومن بين هذه المجموعة "أقول لكم عن جيل الرواد"، وفيه يلقى الضوء على تراثنا المصري والعربي من خلال ما كتبه عن طه حسين والعقاد والمازني وغيرهم من الرواد، كذلك "أقول لكم عن السينما والمسرح". في كتابه "أقول لكم عن الشعر"، ويتحدث عن شعراء لا نعرفهم فنحن نتعلم ونقرأ، كنوز الأدب العربي والغربي.
ويعقب الدكتور مدحت الجيار قائلاً: صلاح عبدالصبور ظل خداماً للكلمة الكلمة المقدسة التي تعنى الفعل لأن الكلمة عندما تقف بعيداً عن الفعل فتظل جوفاء، وهو ما جعل صلاح عبدالصبور يفتش فى تراثنا العربى اللفظى ويصل فى مسرحية "ليلى والجنون" - هى صراع بين الكلمة والسيف – وينقل عن الكتب المقدسة وبعض الآيات وبعض الأسفار ما يقدس الكلمة وفضيلة الكلام الذى يصاحبه الفعل والتغيير. وأضاف: إن الكلمة تتحول إلى فعل عندما تجد رجلاً يعترف بقيمتها وفى مسرحية "مأساة الحلاج" و"ليلى والمجنون" يضع الديكتاتورية فى المحك التأملى ويقول صلاح عبدالصبور هذا زمن الحق الضائع. وفى مسرحية "الأميرة تنتظر" يختار صلاح عبد الصبور فى زمن 1967 قصص من ألف ليلة وليلة لكى يسقط عليها ما يريد قوله على مصر أن تكون قوية صامدة تنتظر المخلص، وهو هنا جاء فى نهاية المسرحية بعد موت الملك باعتباره عقيم لا ينجب بكل جبروته وقسوته، هو أرض لا تنضب إذ استطاع الشاعر أن يعطى حياة لوطنه في رمز الطفل فعلى الملك أن يموت حتى يحيا الوطن. ومهما تحدثنا عن المذاهب النقدية الواقعية وغيرها فصلاح عبدالصبور يتجاوز هذه المذاهب بل قدم حلولاً لأزمنة لاحقه عليه. وفى ديوانه "الناس فى بلادى" يبشر بشعر التفعيلية كما استطاع من خلال قصائده. وكان أحمد شوقى يعارض المتنبى بقصيدة ولكن صلاح عبدالصبور كان يعارض شوقى بالمسرحيات الشعرية، فشوقى يكتب "مجنون ليلى" ويكتب صلاح عبدالصبور "ليلى والمجنون" ويكتب شوقى عن المرأة وتضحيتها وركونها داخل المنزل ويجيء صلاح عبدالصبور ويكتب عن المرأة الحديثة أو المرأة العصرية.
من شعر عبدالصبور نقرأ تحت عنوان "ذلك المساء": حدثتموني عن سنابك مجنحه تفتق الشرار في أهلّة المآذن عن عصبة من السيوف لا تفل قد أُغمدت في الصخر لاتُسل إلا إذا قرأتم دونها أسماءكم ياعصبة الأماجد الأشاوس الأحامد الأحاسن وقلتم: يا أيها المُغني غننا مُسَمل العينين في حضرتنا لحناً يثير زهونا ويذكر انتصارنا (إذا تحين ساعة موعودة نغيم في أشراطها لم تنخلع عن غيمها إلا لنا الساعة التي تصير فيها خَوذةَ الشيطان كأسا لخمر سيد الفرسان