المنامة: أعلن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة في خطاب وجهه لشعبه اليوم الأحد، أنه سيحيل إلى السلطة التشريعية مقترحات تعديلات دستورية بناء على ما أسفر عنه الحوار التوافق الوطني، تتضمن إعطاء مجلس النواب الحق بمناقشة برنامج الحكومة عند تشكيلها وإقراره أو رفضه، وتعتبر الحكومة حاصلة على ثقة المجلس إذا أقر برنامجها. وأوضح عاهل البلاد في كلمته السامية أن التعديلات الدستورية تشمل وضع معايير لاختيار أعضاء مجلس الشورى، وإتاحة المجال لمشاركة مجلس النواب مجتمعا في استجوابات الوزراء.
كما تتضمن التعديلات ضمانات جديدة تطبق عند حل مجلس النواب وذلك بالنص على أخذ رأي رئيسي مجلسي الشورى والنواب ورئيس المحكمة الدستورية في حله بعد أن كان ذلك مقصورا على ما يتفق فيه الملك مع رئيس مجلس الوزراء.
وأشار الملك حسبما ورد بجريدة "الوطن" البحرينية إلى أن التعديلات تركز على تنظم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لمزيد من التوازن بينهما، معتببرا أنها ستفتح آفاق جديدة أمام الديمقراطية في البحرين.
وأضاف العاهل البحريني أن التعديلات تضمنت بالنسبة لتعيين أعضاء مجلس الشورى، أن يصدر الملك أمرا ملكيا سابقا على أمر تعيينهم يحدد فيه الطريقة والإجراءات والضوابط التي تحكم عملية اختيار الأعضاء.
وقال الملك: "تفعيلا لدور المجلسين في إعداد ميزانية الدولة وسن التشريعات، اتجهت التعديلات المقترحة إلى زيادة المدة المقررة للمجلس الوطني وجناحيه الشورى والنواب للبت في مشروعات القوانين التي تنظم موضوعات اقتصادية إذا طلبت الحكومة نظرها بصفة مستعجلة، كما اتجهت إلى تفعيل دور الجهة المختصة بمهام إعداد التشريعات لوضع اقتراحات التعديلات الدستورية واقتراح القوانين في صيغة مشروع تعديل للدستور أو مشروع قانون، وتحديد مدة زمنية لإحالة هذه المشروعات إلى المجلس الذي ورد منه الاقتراح".
وأضاف: "أتاحت هذه التعديلات للمجلسين إعداد الميزانية العامة للدولة بطريقة أيسر، بما يمكن من العمل بالميزانية الجديدة في بداية السنة المالية ، وبما لا يسمح بإصدار الميزانية لأكثر من سنتين ماليتين".
وقال الملك: "اتفاقا مع ما انتهى إليه حوار التوافق الوطني اتجهت هذه التعديلات الدستورية إلى تفعيل الإرادة الشعبية في تشكيل الحكومة عن طريق برنامجها حيث يتم مناقشة البرنامج الذي تقدمه الحكومة لمجلس النواب بعد أدائها اليمين الدستورية، لإقرار هذا البرنامج أو عدم إقراره، وفى حالة إقراره تكون الحكومة قد حازت على ثقة المجلس، كذلك عملت التعديلات المقترحة على تعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب بما يؤدى إلى قيام المجلس بهذا الدور منفردا، فقررت انفراد هذا المجلس بحق تقرير عدم إمكان التعاون مع الحكومة، وحق طرح موضوع عام للمناقشة".
وقال الملك حمد : "إن التعديلات حرصت على إضافة ضمانات جديدة لتحقيق مشاركة مجلس النواب مجتمعا عند مناقشة الاستجوابات التي توجه إلى الوزراء، وتحديد فترة زمنية لإبداء الحكومة أسباب تعذر الأخذ بالرغبات التي يبديها هذا المجلس، وذلك بالإضافة إلى ما يختص به هذا المجلس في ظل الدستور بالنسبة للاستجواب وسحب الثقة من الوزراء وتشكيل لجان التحقيق".
وأضاف الملك "إذا كان الدستور قد أعطى لرئيس مجلس الشورى الاختصاص بإحالة مشروعات القوانين التي يتم الموافقة عليها من المجلسين إلى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ إجراءات إصدارها ، كما منحه أولوية رئاسة اجتماعات المجلس الوطني ، فإن التعديلات قد منحت رئيس مجلس النواب هذه الاختصاصات وهذه الأولوية". وأعرب عاهل البحرين عن ثقته في أن السلطة التشريعية ستنهض بمسئولياتها الدستورية، كي تخرج هذه التعديلات محققة لما توخاه حوار التوافق الوطني.
وأكد العاهل أن الخطوة التاريخية التي نخطوها اليوم تفتح أبوابا واسعة أمام الديمقراطية وتطوير ممارستها ، كي تبنى عليها أجيال المستقبل للوصول إلى آفاق جديدة.
واعتبر الملك أن الديمقراطية ليست مجرد نصوص وأحكام دستورية وتشريعية، قائلا: "الديمقراطية ثقافة وممارسة ، والتزام بحكم القانون ، واحترام للمبادىء الدولية لحقوق الإنسان، مقترنة بعمل سياسي وطني جاد يمثل كافة أطياف المجتمع دون إقصاء أو محاصصة".
وخلص الملك حمد بن عيسى إلى القول "إننا نجتاز اليوم مرحلة هامة من تاريخ البحرين، والإصلاح الدستوري والسياسي لا يتم أو يتواصل في فراغ وإنما يرتبط ارتباطا موازيا ووثيقا بالإصلاح الاقتصادي وجهود التنمية، وبإصلاح اجتماعي يرعى مصالح كافة أبناء هذا الوطن، سنمضى معا في هذه المرحلة لتحقيق كل ذلك بعزم وثبات ، داعين الله العلى القدير أن يحفظ بلادنا وأمننا واستقرارنا". وأهاب بكل فئات المجتمع البحريني العمل لالتزام ابنائها باحترام القانون .