اصدر الكاتب الإماراتي سلطان العميمي مجموعة قصصية بعنوان "الصفحة 79 من مذكراتي"، عن دار "كتّاب" بالامارات، والتي يغلب عليها جوٌّ فانتازي يميل قليلاً إلى النزعة الغرائبية الملطّفة والى السخرية السوداء والعبث. وبحسب عبده وازن بجريدة "الحياة" اللندنية هذا الجو بدا ملائماً جداً للأسلوب الذي اعتمده القاصّ في كتابة قصصه، التي تتراوح بين القصص القصيرة والقصيرة جداً، والتي يكاد بعضها يصبح اقرب إلى قصيدة النثر في تجلياتها الاولى كما ظهرت لدى الجيل الرائد، ومنه اليوزيوس برتران وبودلير وسواهما. وقد تكون القصة التي حملت المجموعة اسمها عنواناً، خيرَ مثال على هذا النوع من النصوص الشعرية المشرعة على فضاء النثر، علاوة على قصة "تحولات"، التي يمكن قراءتها بصفتها قصيدة نثر، وكذلك قصة "صياد" وسواها. في قصة "تحولات" يكتب: "أخفت يديها في الغيم، فغرس يديه في الارض. تحوّلت إلى وردة ، فصار ماء. نبتت، فجرى فيها".ولا تُخفي قصص العميمي جميعاً نزعتها "الكابوسية" والحلمية المرتبطة اصلاً بجذورها الفانتازية والغرائبية، لكنه لا يمعن في "التغريب" الفنطاسي أو "الفانتاستيكي" ولا في السخرية الشديدة السوداوية التي تبناها السورياليون، أو البورخيسية (بورخيس)... ولعل فرادة قصصه تكمن في مجاورتها هذه النزعات ومجاراتها إياها من غير ان تقع في خيوطها أو حبائلها، فتغدو كأنها تقلّدها أو تحاكيها محاكاة تامة. الكواليس والأحلام والهواجس والفانتسمات ولعبة الظل... تحتل كلها قصص العميمي، لكنها تحافظ على شفافيتها، أو لأقُلْ شعريتها وألفتها الممكنة، فلا تتوغل في البعد الميتافيزيقي أو الفلسفي، ولا في البعد الباطني (إيزوتريك) والسحري، كما لدى الكاتب الفرنسي جيرار دو نيرفال مثلاً. الألفة لا تغادر قصص العميمي في الغالب، ولعلها هي التي تلطف عبثية قصصه وسخريتها السوداء، أو «الصفراء» كما يحلو لبعض النقاد القول.