قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، خلال احتفالية وزارة الأوقاف بليلة القدر: يطيب لي أن أهنئكم جميعًا بهذه المناسبة العظيمة ليلةِ نزول القرآن الكريم، تلك الليلة التي وصفها الحق سبحانه وتعالى بالمباركة، فقال: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ}، وأنها كلها "سلام" فقال: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} ولم يقل سبحانه: "هي سلام"؛ ليجعل من لفظ السلام عمدة وأصلًا، تدور عليه حركة الكون والحياة، ويوجهنا الحق سبحانه إلى سبيل السلم، فيقول في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}. وأكد الوزير أن من يسير في طريق السلم الإنساني، متبعٌ لما أمر الله به عباده المؤمنين، ومن يسلك مسالك الفرقة والشقاق، والتكفير والتفجير، والخوض في الدماء، والولوج فيها بغير حق فساد أو إفساد، متبعٌ لخطوات الشيطان، الذي هو لنا جميعًا عدوٌّ مبين. وتابع قائلا: «من أهم معالم الإسلام ترسيخُ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعًا، وعدمُ محاولة حمل الناس عنوة على دين واحد، أو مسلك واحد، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، ويقول سبحانه: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}، فالخروج على هذا النهج القرآني هو خروجٌ عن طريق الجادة وسبل الرشاد، وتلك هي الطبيعة السمحة التي تحدث عنها القرآنُ الكريم، هي تلك التي عرفها الشعب المصري عبر تاريخه الطويل، وهو ما يمثله قول شاعر العربية الكبير أحمد شوقي: الدِّينُ للدَّيّانِ جلَّ جلالُه.. لو شاءَ ربُّكَ وَحَّدَ الأَقواما وعلى الجانب الآخر من التسامح والتسامي المسيحي، يقول الشاعر المسيحي اللبناني محبوب الخوري، من مهجره بالمكسيك: قالوا: تُحِبُّ العُرْبَ؟ قلتُ: أُحبُّهم يقضي الجوارُ عَلَيَّ والأرحامُ قالوا: لقد بَخلوا عليك؟ أجبتُهم أهلي وإن ضنُّوا عليَّ كرامُ ونبه "جمعة" أن الدول والشعوب التي آمنت بالتنوع الديني والعرقي والثقافي، هي أكثر الدول أمنًا وأمانًا، وتقدمًا اقتصاديًّا وعلميًّا، وأن الدول التي دخلت في فوضى الصراعات الدينية، أو العرقية، أو القبلية، أو المذهبية، قد ذهبت إما إلى تفكيك وانقسام وقتل وتشريد، أو إلى سقوط لا قيام له. ولفت مختار جمعة على تفسير القرآن الكريم، وفهمه فهما صحيحا، بجانب المسابقة العالمية للقرآن الكريم، وذلك من أجل نشر الفكر الوسطي المستنير؛ لأن العبرة ليست بالحفظ وحده، فهناك من يقتلون ظلمًا وزورًا وبهتانًا، وافتراءً على الله ورسوله باسم الإسلام، وتحت راية القرآن، والإسلام والقرآن منهم براء. وأضاف: "وفي سبيل تحصين النشء من الأفكار الهدامة، فإننا نتوسع توسعًا كبيرًا في مكاتب تحفيظ القرآن الكريم العصرية، التي تعني إلى جانب الحفظ بالفهم الصحيح لمعاني القرآن الكريم ومقاصده، وبث القيم الأخلاقية والإنسانية النبيلة". وأشار جمعة، خلال كلمته في الاحتفالية أن العامَ الماضي كان عام الشباب، والعامَ الحالي هو عام المرأة، ولذلك نقدم للرئيس عملين هامين: أحدهما لشباب علماء وزارة الأوقاف، وهو «موسوعة الدروس الأخلاقية» التي تهدُف إلى ترسيخ القيم والأخلاق الفاضلة، وقد جاءت هذه الموسوعة نتاج حوارات موسعة أقامتها وزارتا الأوقاف والشباب والرياضة في لقاءات مفتوحة مع الشباب، تلبية لتوصيات المؤتمر الأول للشباب بمدينة شرم الشيخ، والعمل الآخر هو كتاب «الزهراوان في متشابهات القرآن» بمشاركة بعض واعظات الأوقاف المتميزات، اللائي ندفع بهن وبقوة في مجال العمل الدعوي والتربوي، وتابع قائلا: ويعكُفن الآن على عمل معجم آخر لخواتيم الآيات، نأمل أن نخرجه قبل نهاية هذا العام 2017، عام المرأة المصرية العظيمة، تأكيدًا على قدرة المرأة المصرية على العطاء بصفة عامة، وعلى العطاء العلمي والدعوي والتربوي بصفة خاصة. وقدم وزير الأوقاف التحية للرئيس، بعد أن قدم له نسخة من الموسوعة، ونسخة من كتاب الله عز وجل، وبهامشها هذا العمل العظيم «معجم متشابهات القرآن الكريم».