مع ساعات الصباح الأولى ، اعلنت الخرطوم نبأ التخلص من العدو اللدود وقائد المتمردين في دارفور رئيس حركة العدل والمساواة خليل ابراهيم على يد الجيش السوداني في اشتباكات بولاية كردفان. وأكد العقيد الصوارني خالد سعد الناطق باسم الجيش السوداني أن القوات المسلحة قامت بقتل المتمرد خليل ابراهيم والمجموعة التي كانت تحيط به بعد فرض حصار قوي ومحكم عليهم، حيث كانت المجموعة تسعى للذهاب إلى جنوب السودان.
نشأته ولد خليل إبراهيم في قرية الطينة شمالي دارفور على الحدود مع تشاد، وينتمي لقبيلة الزغاوة، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في قرية الطينة، ثم تعليمه الثانوي في مدرسة الفاشر الثانوية، وتخرج من كلية الطب بجامعة الجزيرة عام 1984. وخليل متزوج من قرية ود ربيعة بالجزيرة وسط السودان لديه عدد من الأبناء والبنات يدرسن في المدارس والجامعات السودانية أكبرهم في كلية القانون بجامعة الخرطوم. وقيل أنه من القيادات الشابة التي لديها رؤية ثاقبة في قضايا المهمشين، وانه قدم العديد من المشروعات خلال عمله في الحكومة الولائية بدارفور، وظل يردد أن الحركة الإسلامية هربت من مسئولياتها عن المواطن البسيط بعد وصولها للسلطة ولذلك فقدت الشرعية.
عودته إلى السودان هاجر خليل إلى السعودية للعمل فيها، لكنه عاد إلى السودان بعد وصول الرئيس السوداني عمر البشير إلى الحكم في منتصف العام 1989، وينتمي خليل إبراهيم إلى الحركة الإسلامية السودانية منذ أن كان طالباً، فيما يعرف بين طلاب المدارس الثانوية والجامعات السودانية بالاتجاه الإسلامي. عاد خليل إلى الخرطوم ليعمل مع مجموعته التي استولت على السلطة، واختار العمل في مستشفى أم درمان التي قدم إليها مرة أخرى، لكن هذه المرة جاءها بقواته من دارفور.
بدايته السياسية بدأ خليل إبراهيم نشاطه السياسي العملي مع حكومة البشير في أوائل التسعينات، وبعد فترة عمل في مهنة الطب، تم تعينه وزيراً للصحة في حكومة ولاية دارفور الكبرى، قبل تقسيمها إلى ثلاث ولايات، ثم وزيراً للتعليم، ونقل إلى ولاية النيل الأزرق جنوب شرق السودان مستشاراً في حكومة ولايتها، ونقل كذلك للعمل مع حكومة تنسيق الولاياتالجنوبية. وكان عدد من زملاؤه في الحركة الإسلامية يقولون إنه كان أميراً للمجاهدين في فترة الحرب الأهلية بالجنوب التي أعلنت فيها حكومة البشير الجهاد على الجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان التي كان يقودها الراحل الدكتور جون قرنق، غير أن أحد المقربين لخليل ينفي ذلك، ويقول: "إن جهاز الأمن والمخابرات الوطني هو من أطلق هذه الشائعات لتشويه صورة خليل، لوقف أي تقارب محتمل مع الحركة الشعبية، إلى جانب تشويه صورته للرأي العام الدولي خاصة الولاياتالمتحدة وبريطانيا"، ويمضي أكثر من ذلك ليقول "لقد دفعوا أموالا لشركات العلاقات العامة لتشويه صورة خليل".
انشقاق مع البشير وحين حدث الانشقاق في صفوف الإسلاميين بين الرئيس عمر البشير وبين الدكتور حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي، كان خليل أحد ثمانية من أبناء الحركة الإسلامية الذين انحازوا للترابي. وبحكم العلاقة الوثيقة بينهما، فإنه دائما ما يرى المراقبون أن خليل يعول على الترابي لكي يكون منبرا في الخرطوم لمطالب الدارفوريين، وانفصل خليل عن النظام الحاكم في عام 1999.
العدل والمساواة حركة العدل والمساواة التي قادها خليل إبراهيم هي إحدى حركات التمرد في دارفور وهي حركة ثورية منشقة عن حركة تحرير السودان . وأصدرت حركة العدل والمساواة بيانها التأسيسي في عام 2001، ثم بدأت في فبراير 2003 نشاطها العسكري إلى جانب حركة تحرير السودان، وتعد الحركة ذات توجه إسلامي، ومعظم أنصارها من القبائل الإفريقية، خاصة الزغاوة، ثم السنار والمساليت. وتعد الحركة ثاني أهم تشكيلة سياسية عسكرية في دارفور بعد حركة تحرير السودان، وإذا كان "الفور" هم من أسس حركة التحرير، فإن أبناء "الزغاوة" هم من أسسوا حركة العدل، ويتولى شقيق خليل الأكبر جبريل وهو حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد، منصب مستشار رئيس حركة العدل والمساواة للشئون المالية والاقتصادية. وتتهم العدل والمساواة حكومة الخرطوم بالانحياز إلى القبائل العربية في دارفور، وإهمال تنمية الإقليم، فضلا عن اتهامها برعاية وتسليح ميليشيات "الجنجويد" العربية التي تقوم بأعمال نهب مسلح في دارفور، بحسب الحركة. واستطاعت الحركة أن تصل بقضية دارفور إلى مجلس الأمن الدولي، بالرغم من الانشقاقات التي حدثت داخل الحركة إلا إنها لا زالت تعارك في الميدانيين العسكري والسياسي. يعتقد بأن الحركة أصدرت ما يعرف بالكتاب الأسود في عام 1999 وهو أول كتاب يتناول الاختلال في موازين تقسيم السلطة والثروة في السودان، واستطاعت الحركة حمل الحكومة السودانية إلى الجلوس معها في مفاوضات استمرت ما يقارب العام حتى توصلت هي وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور إلى إعلان مبادئ في أبوجا وما زالت المباحثات مستمرة.
وكانت الحركة من المشرفين على الإقليم طيلة فترة حكم الإنقاذ للسودان، وكان الدكتور على الحاج ومعه الوزير خليل إبراهيم والشفيع أحمد محمد، من يقومون بالإشراف على الإقليم الذي شهد بعد ذلك نزاعا راح ضحيته مئات الآلاف، وشرد الملايين، كما يعتقد بأن الحركة هي الذراع العسكري لحزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي.
مطالب الحركة وقام الدكتور خليل بتلخيص مطالب "العدل والمساواة" بقوله: "حركتنا ليست انفصالية، ونطالب فقط بتوزيع عادل للسلطات والثروات، وليست لدينا مشكلة دين فنحن مسلمون، وليست لدينا مشكلة هوية ولا قضية عنصرية، قضيتنا هي قسمة السلطة والثروة بعدالة ومساواة، سنطالب بالانفصال "عن الخرطوم" إذا لم نتوصل إلى اتفاق، حدود دارفور تشمل أم درمان ودنقلا وكوستي والحدود المصرية". ورفض خليل إبراهيم الانضمام لاتفاقية أبوجا للسلام في دارفور في مايو 2006، التي وقعت عليها الحكومة السودانية وجناح مينو أركوا ميناوي بحركة تحرير السودان، معتبرا أنها لا تلبي مطالب حركته، ورفضها أيضا جناح عبد الواحد نور بحركة التحرير. وتكتلت حركة العدل والمساواة مع الحركات الأخرى الرافضة لاتفاق أبوجا في "الجبهة الوطنية للخلاص" المناهضة للخرطوم. وأكد خليل حينذاك أن ل "شعب دارفور مطالب متواضعة وموضوعية لا هامش للتنازل عنها"، وهي: "حكم ذاتي إقليمي، ونائب لرئيس الجمهورية من أهل دارفور، ومشاركة في السلطة بحجم سكان الإقليم على مستوى القطر كله، وإذا لم يكن رئيس الجمهورية من دارفور، يكون محافظ العاصمة القومية من أبناء الإقليم".