يمتاز الشعب التونسي عن غيره من الشعوب بإقباله على الحياه، ونشاطه وحركته الملحوظة في شتي المجالات، وما أن تبدأ نفحات شهر رمضان المعظم تشهد الشوارع التونسية الزينة ومباهج الفرح استقبالا لهذا الشهر المعظم، ويقوم الشباب والفتيات بتعليق تلك الزينات بمنتهي الإقبال والفرحة، فتتزين واجهات المحال فرحة بقدوم رمضان، كما تشهد الأسواق رواجا هائلا في حركة التجارة وزيادة كبيرة في نسبة المشتروات، هذا كله بخلاف إستعدادات الأسرة التونسية بكل أفرادها من خلال تجهيز بعض المأكولات وتحضير المطابخ التونسية وتجهيزها لإستقبال الضيوف من الصائمين. وعلي ذات الصعيد، إستعدت الجمهورية التونسية بكامل أفراد حكومتها ووزاراتها لإستقبال الشهر المعظم كلا في تخصصه،، فقد أعدت وزارة الشؤون الدينية التونسية العديد من الأنشطة الدينية المتنوعة خلال شهر رمضان الكريم هدفها توعية المواطنين بفضائل هذا الشهر وتحسهم بقيمه السمحة، ونظمت الوزارة برنامجا مكثفا يتضمن 113206 أنشطة بالجوامع والمساجد وداخل الجهات، حيث سيتم تقديم محاضرات ودروس وندوات ومسابقات قرآنية وحديثية وإملاءات قرآنية ومسامرات دينية، وذلك بالتنسيق مع الوعاظ المحليين والأئمة وبالتعاون مع الجمعيات القرآنية، وبإشراف الولاة. ويستعد التونسيون في كل عام لاستقبال الشهر الكريم قبل أيام عديدة من قدومه، لما له من مذاق خاص وعادات فريدة وأجواء روحانية جليلة، ففي النهار كما في الليل يغدو رمضان في تونس كله حركة وحياة في أجواء من المشاعر الإيمانية العميقة. كما أعدت وزارة التجارة والصناعة التونسية برنامجا من شأنه ضبط الأسواق ومنع الممارسات الإحتكارية والتلاعب في الأسعار وذلك من خلال قنواتها الرقابية ومصالح المراقبة الاقتصادية التابعة لها، فيما كثفت وزارة الداخلية من تواجد أبنائها من أفراد الشرطة في الشوارع والميادين لتأمين أفراد الشعب التونسي. ويتسابق أبناء تونس عقب إفطارهم لأداء صلاة التراويح ومواكبة مجالس الذكر وحلقات الوعظ الديني والمحاضرات والمسامرات الدينية، وتشهد أعرق الجوامع في البلاد على غرار جامع الزيتونة بالعاصمة وجامع عقبة بن نافع بالقيروان، أنشطة دينية منوعة طيلة شهر رمضان حيث تتحول إلى وجهة لآلاف الزوار من الدول العربية والإسلامية لاسيما في الأيام العشرة الأخيرة من الشهر وليلة ال 27 التي تختم فيها تلاوة القرآن، ويمثل شهر رمضان مناسبة للتكافل الاجتماعي ولتدعيم أواصر الأخوة في المجتمع التونسي، حيث تنتشر موائد الإفطار في مختلف أنحاء البلاد، كما يتبارى الجميع في تقديم المساعدات إلى الأسر الفقيرة وفي تنظيم قوافل تضامنية تقدم هدايا ومبالغ مالية للمحتاجين. ويحرص التونسيون خلال الشهر الفضيل على الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم فيسعون إلى تحضير الأكلات والأطباق الشعبية الشهيرة، مثل طبق " الرفيسة " الذي يختص به سكان العاصمة والمكون من الأرز المطبوخ بالتمر والزبيب، أما في الشمال الغربي فتحضر " العصيدة " بالدقيق والعسل والسمن للسحور، ولا يترك أهل الجنوب فرصة هذا الشهر الكريم دون تحضير طبق " البركوكش " المكون من الدقيق المخلوط مع الخضار. ومن أبرز الأكلات التونسية التي لا تكاد تغيب عن مائدة الإفطار طوال شهر الصيام طبق " البريك " الذي يتصدر المائدة في كل البيوت،وهو عبارة عن فطائر كبيرة الحجم تحشي بالدجاج أو اللحم, وتأكل عادة مع " حساء الفريك " باللحم أو الدجاج .