اعتبر محللون سياسيون فلسطينيون أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس وسيطا متوازنا ومحايدا للتوصل إلى تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي،وأن خطابه يخدم السياسة الإسرائيلية بامتياز على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة . وقال الدكتور مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة فلسطين في تصريحات لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط :"من المبكر الحكم على إمكانية نجاح عملية التسوية بعد زيارة ترامب للمنطقة وخاصة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية، مشيرا إلى أن ترامب تحدث كثيرا عن السلام وعن صفقة مرتقبة وضرورة التوصل إلى اتفاق بين الفلسطينييين والإسرائيليين إلا أنه حتى اللحظة لم يضع مبادرة واضحة ولم يضع حتى أفكارا أو مبادئ لأي تسوية قادمة وهذا ما يقلق في الأمر . وأوضح أن ترامب يتحدث عن اتفاق سلام دون وضع آليات لكيفية التوصل لهذا السلام.. وتابع :إذا ما تابعنا تصريحات ترامب خلال الأربعة أشهر الماضية بخصوص التسوية السياسية.. نجد أن هناك قلقا مشروعا لدى الشعب الفلسطيني..فعندما التقى ترامب مع نتنياهو في فبراير الماضي قال ان حل الدولتين أو الدولة الواحدة متروك لما يقبل به الفلسطينيون والإسرائيليون وأنا سأرضى بما يتفقون عليه.. وعندما التقى الرئيس محمود عباس في واشنطن لم يذكر حل الدولتين لا من قريب ولا من بعيد. وأردف :الأسوا عندما جاء إلى بيت لحم بالأمس تحدث عن السلام دون أن يذكر حل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة، وتغاضى عن مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان أو تجميده في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وكل ما سمعناه سواء في تل أبيب أو القدس أو بيت لحم هو دعم مطلق لإسرائيل ومع حديث عن السلام دون توضيح ماهيته. وأضاف : في نهاية الأمر إننا نعرف أن موازين القوى على الأرض في صالح إسرائيل، وأن إسرائيل تخلق حقائق على الأرض من خلال الاستيطان وسياستها تجاه الفلسطينيين" ، لافتا إلى أن إسرائيل تريد سلاما بمواصفاتها بما لا يلبي الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية. واستطرد :"صحيح ان ترامب تراجع عن نقل السفارة الأمريكية للقدس أو تأجيل الخطوة، كما أنه لم يسمح لنتنياهو بمرافقته في زيارته لحائط البراق لأن سماحه كان يعني إقراره أن الحائط الغربي هو جزء من إسرائيل ، ووزير الخارجية الأمريكي رفض أن يعتبر الحائط جزءا من السيادة الإسرائيلية ، إلا أن هناك انحيازا ودعما واضحين لصالح إسرائيل .. ورغم هذا الانحياز إلا أنه أبقى على موضوع القدس ليتم حله لاحقا ضمن قضايا الوضع النهائي ولم يسمح باستباق الحل النهائي لها. ورفض أبو سعدة تصريحات ترامب التي وصف فيها حماس بالإرهاب ووضعها في سلة واحدة مع داعش والقاعدة، وأشار إلى أنها حركة تحرر وطني فلسطيني. من جانبه ، قال المحلل السياسي مهند عبد الحميد في تصريحات ل/أ ش أ/ إن ترامب تعامل مع إسرائيل على أنها نموذج الدولة المزدهرة التي تعاني من الإرهاب ، وترحم على ضحايا الإرهاب من الإسرائيليين ولم يذكر الشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ أكثر من نصف قرن من تطهير عرقي ومحروم من حقه في تقرير مصيره. وأضاف أنه لا يمكن البناء على حديث عمومي عن السلام دون معرفة معالمه بوضوح، لافتا إلى أنه لم يتكلم عن دولة فلسطينية رغم وجود عشرات القرارات الدولية واعتراف 137 دولة بدولة فلسطين ، إلا أنه قفز على ذلك ببساطة. وتساءل عن أي صفقة يتحدث ؟ عن أبارتهايد؟ عن ضم وإلحاق الشعب الفلسطيني كأقلية في إطار دولة احتلال؟ . ورأى أنه يجب مراجعة، بل التوقف عن الرهان على الدور الأمريكي كوسيط والبحث عن بديل قد يكون الأممالمتحدة أو المبادرة الفرنسية والعودة إليها مع ضرورة وحدة الصف الفلسطيني لأنه لا يوجد ما نملكه غير الاتحاد. ودعا عبدالحميد إلى ضرورة تحويل الكلام العمومي لترامب إلى مواقف واضحة ومحددة وتوضيح موقفه من الاستيطان وموقفه من إقامة دولة فلسطينية وموقفه من قرارات الشرعية الدولية ، خصوصا أنه تعامل مع أرض فلسطين التاريخية على أنها هي أرض للشعب اليهودي وتبنى الرواية التاريخية الإسرائيلية. بدوره، اعتبر صالح النعامي الخبير المتخصص في الشؤون الإسرائيلية ان زيارة ترامب لإسرائيل أعادت الفلسطينيين 100 عام إلى الوراء ، مشيرا إلى أن عدم الحديث عن الاستيطان وعدم تطرقه لحل الدولتين وزيارته لحائط البراق ودلالاتها والإفراط الكبير في مغازلة الإسرائيليين وتشجيع اليمين المتطرف الإسرائيلي على المضي قدما في برنامجه الواضح الذي يتجاهل أبسط الحقوق الوطنية للشعب يشكل صفعة كبيرة للجانب الفلسطيني. وقال النعامي ان الزيارة تغذي التطرف الإسرائيلي وتدعم موقفه، وأن الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب وفي أحسن الأحوال ستعمل على إبقاء الوضع القائم على ما هو عليه، علما بأنه لا يوجد وضع قائم لأن إسرائيل تحسم مصير الأرض بالاستيطان والتهويد، في ظل المطالب التعجيزية التي يشترطها الجانب الإسرائيلي كنوع من العوائق والعراقيل المتمثلة في وقف مخصصات الأسرى وأهالي الشهداء والجرحى. ورأى أنه يجب على السلطة الفلسطينية أن تكون أكثر واقعية في رهاناتها على ترامب ، لافتا إلى أن ترامب يتعامل بعقلية التاجر ويعطى تطمينات لإسرائيل دون أن يصل بالقضية الفلسطينية إلى أي تقدم لصالح الفلسطينيين.