بدأت اليوم أعمال الملتقى العربي الأول للاستثمار في المنطقة العربية في إطار عقود الدولة "تحديات وطموحات" الذي تنظمه المنظمة العربية للتنمية الإدارية بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث القضائية بمجلس الدولة ويستمر لمدة يومين بمقر المنظمة في القاهرة. وقال الدكتور ناصر القحطاني مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية -في كلمة خلال افتتاح الملتقى- إن عقد الملتقى يأتي تحقيقاً لرسالة المنظمة والمتمثلة في تحقيق التنمية الإدارية بالأقطار العربية بما يخدم قضايا التنمية الشاملة، وانطلاقاً من قناعة المنظمة بأهمية الاستثمار في المنطقة العربية باعتباره قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أن التعاون مع مجلس الدولة المصري في تنظيم هذا الملتقى يأتي انطلاقاً من أهمية دور المجلس والذي يعد صمام الأمان لإبرام عقود الاستثمار التي تحقق التوازن بين حقوق الدولة والمستثمر من جانب، وضمان آليات جادة وموضوعية لتسوية المنازعات التي قد تنجم عن تلك العقود من جانب آخر، وأكد أن الدول العربية بحاجة إلى تطوير بيئة أعمال استثمارية منفتحة وجاذبة ومتكاملة وفاعلة، وما تتطلبه من تطوير بنية تحتية تشريعية ومالية ومادية قادرة على دعم الاستثمار والنمو المتوقع للقطاعات الاقتصادية المختلفة. وأشار إلى تنفيذ المشروعات القومية ذات النفع العام والمردود الاقتصادي يتطلب تمويل ورؤوس الأموال و خبرات فنية وعلمية وقوى بشرية مدربة ومؤهلة، بالإضافة إلى الدعم اللوجستي بكافة صورة، مما يطرح إشكاليات التمويل الخارجي في ضوء قصور موارد التمويل الوطنية في غالبية الدول، وقال "ومن هنا برزت أهمية وجود شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وإبرام عقود متوازنة لتفعيل تلك الشراكة مثل عقود الأشغال الدولية، وعقود الهندسة والتوريد والإنشاء". ولفت القحطاني إلى أن قرار التمويل يعد أهم مكونات القرار الاستثماري، بل تعتمد جدوى الاستثمار في كثير من الأحيان على حساب التمويل ودراسته، من حيث تكلفة الأموال وهيكل رأس المال، والعائد من الاستثمار أو الاتجار بحقوق الملكية، وأعرب عن أمله في المساهمة في خلق بيئة استثمارية جاذبة عبر قوانين استثمار متطورة، وعقود موضوعية واضحة ومحددة لالتزامات أطرافها، وأجهزة تنفيذية قادرة على إزالة كافة المعوقات الاستثمارية، وأجهزة قضائية تحقق العدالة الناجزة والأقل تكلفة. بدوره، قال المستشار الدكتور محمد عبدالحميد مسعود رئيس مجلس الدولة أنه يدعم أي نشاط يساهم في وحدة الدول العربية، وأضاف "أنا من أنصار الوحدة العربية ومتأكد أن وحدة الدول العربية ستعود بها إلى قمة العالم مرة أخرى، وأتمنى من قلبي وأدعو الله أن تصبح جامعة الدول العربية في نفس قوة الأممالمتحدة، كما أتمنى أن تتحد الدول العربية في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية والإنسانية". فيما أكد رئيس هيئة النيابة الإدارية المستشار علي محمد محمد رزق، أهمية عقد هذا الملتقى في وقت تتسابق فيه دول العالم كافة إلى الفوز بثمار ونتائج جذب الاستثمارات، في عالم لاتدع فيه التكتلات الكبرى مجالا للتقدم لأية دولة تتخلف عن المشاركة في هذا السباق إذ انه لن تنال أي دولة نتائج إيجابية في هذا المجال إذا شابت شرائعها شوائب تطرد رؤوس الأموال، أو تخالطها معوقات الاستثمار. وقال "لقد باتت الحاجة ملحة إلى وضع تنظيمات قانونية لتشجيع الاستثمارات بالبلدان العربية مما ترتب عليه إصدار عدد من التشريعات في عدد من البلدان العربية، أما في مصر فقد صدر قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 ثم صدرت قوانين أخرى بتعديله، ونترقب إصدار السيد رئيس الجمهورية قانون الاستثمار الجديد خلال الأيام القادمة". وأشار إلى أن المشرع المصري قد أورد تنظيما قانونيا موفقا لضمانات وحوافز الاستثمار في القانون المذكور وتعديلاته، موضحا أن هذا المؤتمر يركز على موضوع غاية في الأهمية وقد يمنع العديد من الإشكالات والمنازعات إذا ما تم تلافي مشاكل عقود الاستثمار ويراعي التوازن في الالتزامات والحقوق مع وضوح كافة بنود التعاقد بما لا يدع مجالا لحدوث منازعات في تنفيذ عقود الاستثمار. وقال إنه فيما يتعلق بفض او تسوية المنازعات فقد تضمن القانون الساري النص على أن " تنشأ بمجلس الوزراء لجنة وزارية تسمى "اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار"، تختص بالنظر فيما يقدم أو يحال إليها من طلبات أو شكاوى أو أي منازعات قد تنشأ بين المستثمرين والجهات الإدارية بمناسبة تطبيق أحكام هذا القانون وتكون قرارات اللجنة بعد اعتمادها من مجلس الوزراء واجبة النفاذ وملزمة للجهات الإدارية المعنية". وأضاف "كما تضمن القانون النص على أن " تنشأ بمجلس الوزراء لجنة وزارية، تسمى " اللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار" تختص بتسوية المنازعات الناشئة عن عقود الاستثمار التي تكون الدولة أو إحدى الجهات التابعة لها عامة أو خاصة طرفا فيها". وأوضح رزق أن هذه اللجنة تتولى بحث ودراسة الخلافات الناشئة بين أطراف عقود الاستثمار، ويكون لها في سبيل ذلك وبرضاء أطراف التعاقد إجراء التسوية اللازمة لمعالجة اختلال توازن تلك العقود، ومد الآجال أو المدد او المهل المنصوص عليها فيها وتعرض اللجنة تقريرا بما تتوصل إليه بشأن حالة التسوية على مجلس يبين جميع عناصرها، وتكون تلك التسوية واجبة النفاذ وملزمة بعد اعتمادها من مجلس الوزراء"، وقال إن هذا الأمر الذي يعكس الرؤية وإرادة القيادة السياسية لدعم مناخ الاستثمار والحرص على حل منازعات الاستثمار. وأشار إلى أن النيابة الإدارية وهي هيئة قضائية مستقلة، وإن كانت غير مختصة بإعداد أو مراجعة العقود التي تبرمها الدولة مع المستثمرين إلا أنها وبلا شك تختص وفقا لأحكام الدستور والقانون بالتحقيق في المخالفات التي تقع من المختصين بالجهاز الإدارية للدولة في شأن تطبيق احكام القوانين، ومنها قانون ضمانات وحوافز الاستثمار. وتابع أن هذا ما دعا مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة بتاريخ 20 أبريل 2015 بإحالة أي مسئول أو موظف يمتنع عن تنفيذ قرارات اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار المعتمد من مجلس الوزراء إلى النيابة الإدارية فورا. وقال رئيس هيئة النيابة الإدارية إنه إيمانا من النيابة الإدارية بأهمية توفر المناخ اللازم لدعم الاستثمار، أنشأت وحدة متخصصة تتولى التحقيقات المتعلقة بقضايا الاستثمار سعيا نحو إنفاذ القانون ومساءلة الممتنعين عن تنفيذ قرارات اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار مما يؤدي بلا شك إلى القضاء على البيروقراطية وإزالة معوقات تنفيذ هذه القرارات وتشجيع المستثمرين على الاستمرار في استثمار اتهم بالبلاد وجذب الآخرين نحو مزيد من الاستثمارات. وأضاف "لقد منحت وحدة قضايا الاستثمار بالنيابة الإدارية مرونة كبيرة وفقًا للمادة الثانية من قرار إنشائها تسمح لها بحل النزاع وديا وحفظ التحقيقات إذا ما تم الاتفاق بين أطراف النزاع وذلك بعد موافقة رئيس الهيئة إيمانا بأهمية فض المنازعات خاصة الاستثمارية بالطرق الودية وحرصا على تدفق الاستثمارات بالبلاد وهو ما تم بالفعل في العديد من القضايا واسهم بشكل مباشر في تحسين مناخ الاستثمار". وأعرب عن أمله أن يخرج هذا الملتقى بتوصيات ومقترحات تساهم في تجويد وتطوير عقود الدولة بشأن الاستثمار للحد من المنازعات التي قد تنشأ عن توقيع تلك العقود بما يؤدي إلى دعم مناخ الاستثمار بشكل إيجابي ومباشر في كافة الدول العربية. بدوره، قال رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب الأستاذ عمرو غلاب أنه في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيشها مصر منذ سنوات أصبحت أهمية تطوير مناخ الاستثمار أمرا حتميا: خاصة أن الدولة اتخذت خطوات جادة وملموسة في برنامج الإصلاح الاقتصادي، ومن هنا يأتي التشريع كأحد أهم العناصر المؤثرة في تهيئة المناخ الاستثماري الذي يعمل فيه المستثمر. وأضاف "لقد بات من المعلوم، أنه بقدر ما تنجح الدول في إصدار التشريعات المناسبة والملائمة لأوضاعها المحلية المتجاوبة مع المتغيرات الدولية، بقدر ما ينعكس ذلك في استجابة المزيد من المستثمرين للتوسع الاستثماري، فترتفع أحجام الاستثمارات وتتزايد معدلات النمو، مما يؤدي الي زيادة الصادرات، وانخفاض مستويات البطالة". وقال "لا شك أن وجود تشريع جديد يعني وجود البنية الأساسية لأي استثمار، ونأمل ان يكون قانون الاستثمار والقوانين الأخرى المرتبطة به حافزا على الإجادة والتطور ودعم المشروعات الاستثمارية الناجحة على الاستمرار والمنافسة". وأشار غلاب إلى أن العالم الآن يسوده الخوف والقلق والأفكار الخاطئة، ففي ظل تعاظم حدة المنافسة الدولية علي جذب الاستثمارات، بات واجبا السعي نحو تهيئة المناخ الملائم لجذب الاستثمار المحلي والأجنبي، من خلال تشريع يتوافر فيه للمستثمرين الاستقرار والأمان لاستثماراتهم. وقال إنه بالرغم من أهمية قانون الاستثمار، فإن تهيئة المناخ والتواصل المستمر مع المستثمرين لجذبهم من أهم ما نسعى له كمجلس نواب، وفي القلب منه اللجنة الاقتصادية. وأشار إلى أن المستثمر يبحث عن مناخ متكامل فيه تشريعات مستقرة، وسياسات حكومية واضحة، وتمويل متاح، وقضاء سريع وعادل، وسوق صرف كفء، وعلاقات عمل متوازنة، وبنية تحتية متطورة، واستقرار سياسي واجتماعي. وقال غلاب إنه لمواجهة المشكلات الاقتصادية التي تمر بها البلاد خلال السنوات الماضية ولمحاولة تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، ولتحقيق مناخ استثماري جاذب وليس طاردا، كان لابد من حزمة تشريعات متكاملة، وأضاف أنه "لهذا فقد أقر المجلس قوانين مهمة في صالح دعم خطوات الإصلاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات أهمها قانون الخدمة المدنية، وقانون القيمة المضافة، وقانون الاستيراد والتصدير، وقانون التراخيص الصناعية بالإضافة إلى عدد من مشاريع القوانين المطروحة للنقاش مثل قانون الإفلاس، وقانون شركات الشخص الواحد، قانون العمل الجديد، قانون التأمينات الاجتماعية". ولفت إلى أن قانون الإفلاس يعد خطة جيدة في مسيرة إصلاح المناخ الاستثماري، وهو من اهم القوانين المحفزة والمشجعة علي جذب الاستثمارات الأجنبية، ويعطي رسالة طمأنة للمستثمر الأجنبي والمحلي بإمكانية التصفية او الإفلاس دون التعرض للحبس، وهو ما قامت الحكومة بإعداده وتناقشه اللجنة التشريعية حاليا. وشدد على أن الإصلاح الاقتصادي، لا يمكن أن تكتمل آثاره الإيجابية إلا إذا واكبه إصلاح في جميع المجالات الأخرى وخاصة المجالات القانونية والإدارية. وقال إن هناك العديد من الاستثمارات العربية والأجنبية ترغب في دخول السوق المصري، غير أن التشريعات الاقتصادية السابقة كانت تمثل عائقا أمام جذب هذه الاستثمارات. وأوضح أن قانون الاستثمار وضع فلسفة واضحة للاستثمار في مصر قوامها جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ورفع معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة فرص العمل، وتشجيع التصدير، وزيادة التنافسية بما يؤدي إلى تحقيق تنمية مجتمعية شاملة ومستدامة. وختم كلمته قائلا: إن هذا القانون انما هو جهد بشري، معرض للإصابة والخطأ، ولكن يبقي الدور الأكبر على الحكومة في تنفيذ هذا القانون، والتسهيل على المستثمرين فيما لا يخالف القانون، حتى تعود مصر الي مكانتها التي نتمناها جميعا، قوية ورائدة في المنطقة والعالم. فيما قال المستشار الدكتور محمد كمال منير نائب رئيس مجلس الدولة ومدير مركز الدراسات والبحوث القضائية أن جهود مجلس الدولة والمركز سعت طوال الفترة الماضية على تدريب أعضاء السلك القضائي ليكونوا دائما في طليعة النخبة للحفاظ على المبادئ. وأضاف " نعقد اليوم هذا الملتقى بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية تأكيدا على أهمية التعاون العربي والدور الريادي لمجلس الدولة بالشراكة مع كافة الهيئات القضائية العربية لمكافحة الفساد في مصر، ومن هذا المكان نعلن أننا يد واحدة معا ضد الفساد". بدوره، وقال الدكتور عادل السن المنسق العام للملتقى أن الملتقى يسعى إلى إلقاء الضوء على ضوابط إبرام عقود الدولة، وطرق اختيار أساليب التعاقد، والطبيعة القانونية لهذه العقود والآثار القانونية المترتبة عليها، ومشكلات تنفيذها. وأشار إلى أن الملتقى يعرض التجارب العملية للمستثمرين في كافة الدول بما تتضمنه من نجاحات واخفاقات وعرض للمشكلات التي واجهت المستثمرين سواء متعلقة بإجراءات التعاقد أو آليات التمويل أو التنفيذ أو تسوية المنازعات، وصولاً إلى وضع رؤى مستقبلية لتطوير القدرات الداخلية للدول العربية وحل تلك المشكلات للتوصل إلى بيئة استثمارية جاذبة، وإزالة التعقيدات في إجراءات العمل، من خلال تطبيق مفهوم النافذة الاستثمارية الواحدة، وتوفير حوافز كافية لتشجيع الاستثمار. وقال إن الملتقى يتضمن بالإضافة إلى ذلك عرض أساليب التعامل مع المشكلات التي تواجه المستثمرين، بما يعزز فرص الاستثمار البيني في الدول العربية والإفريقية من جانب، ويسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية من جانب آخر. ويعتبر الملتقى فرصة كبيرة لقيام المشاركين من الدول الأجنبية والعربية والأفريقية بعرض الفرص الاستثمارية المتاحة في مجالات الزراعة والصناعة والتعدين وتقنية المعلومات، بالإضافة إلى مجالات الخدمات خاصة الصحة والتعليم والسياحة والإعلام والنقل واللوجستيات. شارك في أعمال الملتقى نخبة من الخبراء من مصر، والسعودية، وقطر، والكويت، والبحرين.