أثار قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بإقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف.بي.آي" جيمس كومي، تعجب الكثيرون واعتبروه خطوة جريئة، فيما وصفته وسائل الإعلام العالمية بأنه "عاصفة سياسية" قد تفضي إلى نتائج سلبية لن تدفع ثمنها سوى واشنطن. ولكن قبل أن يصبح كومي مديرًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي عام 2013 بعد أن اختاره الرئيس السابق، باراك أوباما، كان أحد أبرز السياسيين في العاصمة الأمريكيةواشنطن، وقد بدأ حياته المهنية محاميًا، ثم عمل في مكتب الادعاء. وأثار كومي الجدل بعد فتحه ملف الرسائل الإلكتروني للمرشحة هيلاري كلينتون قبيل الانتخابات الرئاسية، كما أثار غضب الديمقراطيين، الذين يرون أن قرار كومي أسهم في خسارة كلينتون في الانتخابات. درس جيمس كومي الكيمياء والعلوم الدينية، وتخرج في كلية وليام آند ماري عام 1982، ثم في جامعة شيكاغو بشعبة القانون عام 1985. وبعد تخرجه مباشرة عمل مستشارًا قانونيًا مساعدًا لقضاة مقاطعات وشركات صغيرة. وبحلول 1987 بدأ عمله في مكتب محاماة المقاطعة الجنوبية لولاية نيويورك، وظل في منصبه حتى 1993، وبعد ست سنوات انتقل للعمل في مكتب الادعاء بالمقاطعة الشرقية لفرجينيا، وبقي في هذا المنصب حتى 2001. وفي الفترة ما بين 2003 و2005، عمل كومي مساعدًا بمكتب المدعي العام للولايات المتحدة في إدارة جورج بوش الابن، ليغادر بعدها قطاع العدل ويصبح محاميًا عامًا. وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي"، رأس كومي الادعاء في قضية مارثا ستيورات، سيدة الأعمال الشهيرة والمذيعة المعروفة التي ضللت المحققين في قضية بيع أسهم. كما رأس أيضا القضية التي نالت تغطية إعلامية كبيرة واتهم فيها المصرفي والمستثمر الأمريكي في وول ستريت، فرانك كواترون. وتعرض كومي للأضواء أكثر في العام التالي عندما كشف عن مواجهة بينه وبين مسئولين كبار في إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش خلال شغله منصب وزير العدل بالنيابة، عندما مرض وزير العدل جون أشكروفت، ونقل إلى المستشفى. وكان مستشار بوش، ألبيرتو جونزاليس، ورئيس الأركان، أندرو كارد، يضغطان على أشكروفت - وهو في المستشفى - للموافقة مرة أخرى على برنامج مثير للجدل يسمح للوكلاء الفيدراليين بالتجسس على المحادثات التليفونية بدون تصريح. ولكن كومي، الذي كان وزيرًا للعدل بالنيابة، سارع إلى المستشفى وتدخل في الأمر. وأدخلت بعد ذلك تعديلات على البرنامج، نال عنها كومي ثناءً واسعًا. وبعد ترك العمل مع إدارة بوش، عمل كومي مستشارًا عامًا لجمعيات بريدجووتر، وهي صندوق حماية استثماري في ولاية كونيتيكت. وهو الآن يحاضر في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا في نيويورك. ورشحه في عام 2013 الرئيس باراك أوباما، مديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي. ووصفه أوباما آنذاك بأنه "الرجل الذي يقف شامخًا من أجل العدالة وسيادة القانون". وفي سبتمبر، عين بالفعل مديرًا سابعًا للمكتب لفترة 10 سنوات. وظل يمارس صلاحياته بسلاسة مع الإدارة الأمريكية، إلى أن اقترب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكي، حيث أمر بفتح تحقيق في قضية البريد الإلكتروني للمرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون التي كانت استطلاعات الرأي ترجح فوزها بالرئاسيات. وأثارت هذه الخطوة غضب كلينتون ومؤيديها واعتبروها دعما مباشرة لمعسكر دونالد ترمب. وبعد شهور قليلة من إجراء الانتخابات ودخول ترامب البيت الأبيض، قالت كلينتون إنها كانت في طريقها إلى الفوز بانتخابات الرئاسة الأمريكية إلى أن اخترق متسللون روس حملتها وبعث مدير مكتب التحقيقات الاتحادي جيمس كومي برسالة إلى الكونجرس بشأن قضية بريدها الإلكتروني، مما أبعد بعض المؤيدين المحتملين عن انتخابها. وأضافت "لم تكن حملة مكتملة، لكنني كنت في الطريق نحو الفوز حتى رسالة كومي وويكيليكس الروسي". غير أن كومي شدد من جانبه خلال شهادة أمام اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ بداية مايو 2017 على أنه شعر "بشيء من الاشمئزاز" عندما راودته فكرة أن إعلانه عن إعادة فتح التحقيق في قضية استخدام كلينتون لبريدها الإلكتروني الخاص أثناء توليها منصب وزيرة الخارجية أثر على نتائج الانتخابات الرئاسية، وأعلن أنه لا يشعر بأي ندم، وسيتخذ نفس القرار لو عاد به الزمن. وقال كومي مساعدة كلينتون الرئيسية، هوما عابدين، أرسلت "الآلاف والمئات" من رسائل البريد الإلكتروني، "بعضها تتضمن معلومات سرية"، إلى زوجها آنذاك. لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي أكد بعد ذلك بأن مجموعتين فقط من الرسائل، كانت تتضمن معلومات سرية، هي التي أرسلتها عابدين إلى زوجها لطباعتها.