يروي حامد محمد الباحث المهتم بالآثار، حكاية "تربة الزعفران" فيقول أن المعز لدين الله الفاطمي حين داخل مصر للمرة الأولى بعد بناء القاهرة .. أحضر معه الكثير، فمن وسط 1500 جمل كانوا متحملين ذهب و ياقوت و مرجان و مغارة علي بابا كلها .. كان فيه كام جمل شايلين تلات توابيت !. ويروي الصيدلاني الحاصل على دبلوما الانثروبولوجي من معهد الدراسات الإفريقية جامعة القاهرة،أن هذه التوابيت كان بها رفات الأئمة الذين سبقوه، المنصور و القائم بأمر الله وعبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية. يواصل حامد: هذا المشهد المدهش مناسب جدا لفهم الفاطميين .. الأئمة كانوا مقدسين أكتر من الملايكة و الأولياء و الأنبياء.. و بالتالي لم يكن من المناسب أن يتركهم مدفونين في المغرب .. وبالتالي كان ضروري إحضارهم معه إلى عاصمة الدعوة الفاطمية الجديدة"القاهرة". في القصر الشرقي الكبير المعز جهّز مقبرة عظيمة تليق بقداسة الأئمة و زوجاتهم و أولادهم .. المقبرة التي عرفت بعد ذلك باسم "تربة الزعفران". يؤكد حامد أن الكلام في الكتب عن تربة الزعفران ليس كثيرا، بس نفهم منه إنها لم تكن مقبرة عادية .. المقابر اللي فيها كانت متغطية بالدهب .. المباخر و النجف في كل مكان معمولين من الدهب و الفضة .. الخليفة بموكبه و هيلمانه لازم يعدي عليهم كل جمعة يقرالهم الفاتحة و يوزع الصدقات رحمة و نور عليهم ..الفاطميين راحوا في الوبا .. و معاهم اتنهبت الكنوز التي كانت في تربة الزعفران .. و التربة بقت مقبرة عادية جدا للفاطميين .. و استمرت على الحال ده 200 سنة .. لغاية ما ظهر الأمير جهاركس الخليلي .. أعظم أمراء السلطان برقوق .. اللي بيلعب طاولة يعرف إن (جهار) معناها أربعة. يتابع: الخليلي تاجر الرقيق سمى المملوك ده جهاركس .. يعني أربع بني آدمين في بعض .. عشان يقول إنه بقوة وشجاعة 4 أشخاص مثلاً .. أو يمكن عشان المملوك ده تحديداً كان مصاب بمرض الفيل في رجله .. المرض ده بيخلي الرجل وارمة و أضخم من الطبيعي. جهاركس كان تركيبة غريبة .. كان متكبر و مغرور و شايف إن رأيه بس هوة اللي صح ،و في نفس الوقت كان بيعمل خير و يوزع فلوس يمين و شمال على الغلابة .. الخلطبيطة دي نتيجتها بتبقى غالباً مطينة بطين .. إن الواحد يكون شايف إنه أحسن من باقي الخلق ، و إن أي تصرف هيعمله هيبقى ربنا راضي عنه .. يمكن عشان كده قاضي نص لبّة اسمه أحمد بن عمر القلنجي اختاره بالذات عشان يوسوسله بالفكرة دي: إنه يهد تربة الزعفران و يستفاد بالأرض بتاعتها .. القاضي القلنجي أفتى له أن الشيعة كفار أصلاً و ملهمش حرمة .. ثم إن الحي أبقى من الميت. ويواصل حامد: الموضوع شعشع في رأس جهاركس .. نبش تربة الزعفران، و طلع كل رفات الفاطميين المتبقية و حمّلها على كام حمار، و رماها في مزابل الدرّاسة ! ومكان التربة بنى الأمير جهاركس خان كبير، الخان عبارة عن فندق و مول تجاري .. "سيتي ستارز" بتاعهم يعني. الغريب في الموضوع إن جهاركس وقف ريع الخان ده لفقراء مكةالمكرمة.. يعني أي مكاسب تيجي من الخان تروح للفقرا ، من غير ما جهاركس ياخد منها سحتوت واحد ! ويختتم الباحث قائلاً: وأنت جالس "تشيّش" على قهوة الفيشاوي .. أو تسير في خان الخليلي .. خليك فاكر إنك دلوقتي في تربة الزعفران .. اللي جهاركس الخليلي هدّها و طلّع بقايا جثث الفاطميين المدفونة فيها و رماها في الزبالة .. في سبيل الله !