غباشي: الصراع شرس وأفقه الزمني مجهول يعقوب: ليست فتنة طائفية ويجب تنمية سيناء مظلوم: ضربات الجيش نجحت والتنظيم في انحسار سنوات عدة وتعيش سيناء في مرمى النيران، فلم يكن تحريرها من يد الاحتلال الإسرائيلي طوق نجاتها من الجحيم، فدفعت ولا تزال حتى اليوم الثمن من دماء أبنائها وسكانها والجنود المتواجدين بأرضها، فتحولت "أرض الفيروز" إلى بقعة مشتعلة ومرمى لأهداف الإرهاب. وقبل أيام وبعد تعدد حوادث استهداف متفرقة لمواطنين أقباط بشمال سيناء، لجأ عدد من الأسر إلى النزوح تاركين منازلهم وما ملكت يدهم للحفاظ على أرواحهم، ولم يكن هذا هو التهجير أو النزوح الأول فقبل ما يزيد عن عامين كانت رفح وسكان الشريط الحدودي في المأزق نفسه من الترحيل. تتشابه ظروف الأهالي في الوضعين فكلاهما رحل عن أرضه وبيته هربا من الجحيم، لكن في حالة رفح والشيخ زويد كان التهجير بأمر رسمي من الدولة، بعد أن اشتدت أحداث الإرهاب وكان الهدف من التهجير هو إنشاء منطقة عازلة قرب الحدود مع قطاع غزة، الأمر تكرر مع أقباط العريش لكنهم قرروا الفرار تلقاء أنفسهم خشية على أرواحهم. تهديدات متواصلة ميدانيا يبدو الوضع قاتما، فبالتزامن مع حالات نزوح أسر قبطية من العريش يفيد نشطاء بأن المنتمين لتنظيم داعش في رفح يعملون على إجبار الفتيات ارتداء النقاب وعدم الخروج من المنزل أو الذهاب إلى العمل بدون محرم وإلا تعرضن لإقامة الحد عليهن، وهو ما جعل عددا من المعلمات تتجمعن أمام ديوان عام محافظة شمال سيناء طلبا للحماية. وطالبت المعلمات بنقلهن إلى مكان آمن أكثر، بعيدا عن مناطق نخل والحسنة إلى العريش أو محافظات أخرى، كذلك طالبوا بفتح باب الانتداب أو النقل إلى محافظات أخرى وتسهيل الإجراءات مثلما تم مع الموظفين الأقباط الذين فروا من العريش إلى الإسماعيلية قبل أيام. أما عن حالات الاستهداف والقتل للمواطنين فهي لا تفرق بين مسلم ومسيحي، وقال محمد فوجو أحد سكان رفح إن أحد المواطنين ويدعى محمد الخراط 50 عاما قتل أمس بعد اختطافه لعدة ساعات من سوق السبت بالمدينة، فعثر الأهالي على جثمانه وبه آثار طلقات نارية مرتديا الزي البرتقالي الخاص بتنظيم الدولة الاسلامية. فيما أبدى الناشط السيناوي أحمد عيطة تذمره من تحويل أحداث العريش إلى أزمة طائفية، مضيفا أن مناطق شمال سيناء مثل رفح والعريش والشيخ زويد جميعها تعاني التهجير والذبح وكل تلك الأحداث، فلا ينبغي قصر الرؤية على جانب عنصري أو طائفي للتفريق بل توحيد الصفوف. أدوات الصراع "هل فقدت الدولة السيطرة على سيناء؟" سؤال طرحه المراقبون بعد سنوات من الحرب على الإرهاب واستهداف معاقل تنظيم داعش في سيناء الذي نفذ عمليات كبرى داخل شمال سيناء وتحديدا في رفح والعريش والشيخ زويد، أبرزها تفجير كرم القواديس وكمين المطافي وغيرها من الكمائن والحافلات التابعة للقوات المسلحة أو الشرطة. الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية يصف الوضع الحالي بأنه حالة من الصراع بين الحكومة والجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء، الطرف القبطي هو أحد طرق الضغط لأنه طرف مطلوب من الحكومة أن توفر له الحماية والأمان. وقال إن حالات الاستهداف مقصود منها خلق توتر لأن ملف الأقباط مقلق وصعب، مضيفا "الأقباط عنصر مهم للداخل وللاستقرار لأنه ملف شائك فالحديث عن الأقليات له تبعاته خارجيا أيضا"، مؤكدا لا نستطيع القول أن الدولة فقدت سيطرتها على الوضع في سيناء لأن الصراع قوي وشرس والأفق الزمني لإنهائه غير معلوم، وكذلك آليات مواجهته تختلف باختلاف الزمان والمكان. فيما رأى اللواء رضا يعقوب خبير مكافحة الإرهاب أن استهداف الأقباط بقصد إحداث فتنة طائفية في المجتمع وتصدير صورة عدم قدرة السلطة على حماية المسيحيين المصريين، واصفا الأحداث في سيناء بأنه إرهاب حدودي صحراوي يجد عناصره مساحات شاسعة للتدريب والانتقال من دولة لأخرى. وأضاف أن دعمهم ماديا يحصلون عليه من آبار البترول التي استولوا عليها في العراق وسوريا وبدأوا شراء أسلحتهم الثقيلة. وأكد أن محاصرتهم والقضاء عليهم تحتاج استخبارات وتعاون دولي، فضلا عن حلول متكاملة الأركان من خلال تنمية هذه المناطق اقتصاديا وأن الدور الديني للأزهر أيضا واجب للرد على ادعاءاتهم عقائديا، والتعليم والثقافة بجانب الحلول الأمنية والعسكرية. ضربات ناجحة وقال اللواء جمال مظلوم الخبير الاستراتيجي، إن تعامل مؤسسات الدولة كان جيد في أزمة الأقباط، مضيفا "الدولة تحاول قدر الإمكان لمواجهة الأمر بشتى الطرق فقعد الرئيس عدة اجتماعات مع الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة وكلفوا بمواجهة هذه التهديدات والتعامل معها، والأجهزة والمؤسسات بدءا من الإسكان والتعليم والصحة والتضامن الاجتماعي يقفوا في جانبهم". وأوضح أن تنظيم داعش والجماعات المسلحة في انحسار في مناطق سيناء بعد الضربات العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة في جبل الحلال وغيره، مضيفا "والمنتمين للتنظيم يحاولون إثبات عكس ذلك وأن خسائرهم ضعيفة لكن التعامل معهم نجح وخلال شهور بسيطة ستكون النهاية". وأشار إلى أنه مع المواجهة العسكرية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية يجب أن يتعاون الأهالي في سيناء، ويقفون إلى جانب الأقباط وألا يدلوا بأية معلومات عنهم لأي من المنتمين لتلك التنظيمات.