قال تعالي: "قد أفلحَ المؤمنونَ * الذينَ هُم في صلاتِهِم خاشعونَ * والذينَ هُم عن اللغوِ مُعرضونَ *" الخشوع في اللغة :هو الخضوع والسكون . قال :{ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً} [طه : 108] أي سكنت،والخشوع في الاصطلاح:هو قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل.قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "أصل الخشوع لين القلب ورقنه وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته،فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء،لأنها تابعة له " [الخشوع لابن رجب،ص17] فالخشوع محله القلب ولسانه المعبر هو الجوارح . ومحل الخشوع لله هو القلب إذ الله تعالي ينظر إلي قلبك، فعن ابي هريرة عبد الرحمن ابن صخر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( إن الله تعالى لا ينظر الى اجسامكم و لا إلى صوركم و لكن ينظر الى قلوبكم )) رواه مسلم و ابن ماجه، ولكن هل الخشوع أنواع ؟ أو هل هناك خشوع صادق وآخر مصطنع ؟ هناك فرق كبير بين نوعين من الخشوع، خشوع الإيمان ، وخشوع النفاق، فقد قال العلامة ابن القيم في كتابه (الروح) " أن خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والمهابة والحياء، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الخجل والحب وشهود نعم الله، فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح، أي ان يري الجسد خاشعا والقلب غير خاشع، فالخاشع لله عبد قد خمدت نيران شهوته وسكن قلبه واطمئن إلي الله تعالي".
ومن مظاهره أنك تجد نفسك في صلاتك مطمئنا مستكينا لا تفكر في شيء غير معاني ما تتلو أو تقول، تشعر بخوف من الله أو أن لا يتقبل منك صالح عملك، تخاف أن تكون من معذبي النار، تهيئ نفسك وكأنك تري الله تعالي، وتضع في خاطرك انك تقف بين يديه وأنه عالم بما في نفسك.......كل هذا و أكثر يجعلك تخشع بقلبك فيخشع كل جسدك ، وتجد حلاوة الإيمان ظاهرة بعد الصلاة بأن تكون مطمئنا هادئا تشعر بالراحة ورضا الله عنك.
ويكمل ابن القيم "أما خشوع النفاق، فيبدو علي الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع، فهو حال إسكان الجوارح تصنعا ونفسه في الباطن ذات شهوات، أي أنه يتخشع في الظاهر" ، أما باطنه غير خاشع لله لايعيش في حالة سكون وإجلال وخوف من الله ، أي يرائي الناس، أو يتبع وسواس الشيطان".
ومن مظاهره أنك تجد نفسك تتعجل في صلاتك ، عقلك مشغول بالدنيا وما فيها، تخطأ في الصلاة كثيرا، لا تفكر في أن الله يراك أو أنك بين يديه أو أن صلاتك يحتمل عدم قبولها ، فتحاول الخشوع بجسدك وقلبك هاوٍ بعيد عن الخشوع، وتجد عاقبة أمرك أنك بعد الصلاة وكأن جبلا نزل عن عاتقك، فالصلاة ثقيلة عليك، لا تتنعم بالطمأنينة أو الرضا، وتشك في أنك صليت كما يجب، وأحيانا لا تفكر أصلا في صلاتك كيف أديتها.