في مستشفى سيد جلال الجامعي يجلس محمود جمال شاب في العشرينات من عمره يبدو من ملامحه أنه من الصعيد.. بين جنبات المستشفى ينادي على الداخل والخارج يعرض "دمه" للبيع لمن يريد أن يشتري!. اقتربت منه وسألته لماذا تفعل ذلك؟، قال أنا أعطي دمي لمن يحتاجه بمقابل مادي "اللي يقدر عليه يدفعه"، عمل من نوع آخر يعيش عليه، ويفيد غيره ممن يحتاج للدم من المرضى والمصابين المنتشرين في أقسام المستشفى المختلفة. حالة محمود جمال تعبر عن حال الطب والصحة في مصر، فهل نفذت بنوك الدم في مستشفيات مصر؟، وهل أصبح الدم سلعة تباع وتشترى؟، وهل السبب في إحجام الناس سببه عدم الثقة في بنوك الدم، أم أن هناك سبب آخر، أوجد حالة ك "محمود جمال"، يبيع دمه لمن يريد؟!. عملية معقدة توجهت للدكتور وائل محمود مدير بنك الدم بمستشفى الدمرداش، لسؤاله عن كيفية الحصول على الدم، فقال يخضع ذلك لعدة اعتبارات، منها حالة المتبرع الصحية، وسنه، وهل يعاني من أمراض مزمنة كالسكر والقلب. وأضاف أن هناك فحص طبى للمتبرع لمعرفة هل يمكنه التبرع بالدم أم لا، وكذلك الاحتياج للدم يختلف من مريض لآخر، فعملية "الزائدة الدودية"، أم إذا قطع شريان أثناء العملية فالأمر مختلف. لا يحتاج فيها المريض لدم، أم في عمليات القلب المفتوح والرئة وغيرها فالأمر مختلف، منوها أن عدد المتبرعين بالمستشفى وصل ل 40 ألف شخص في العام. وأشار إلى أن الاقبال الضعيف على التبرع بالدم يرجع لثقافة الشعب نفسه، منوها بأن المصريون لا يتحركون إلا في أوقات الأزمات. وعن شكاوى بعض الناس من سوء الأدوات المستخدمة أثناء التبرع نفى تماما أن يتم تكرار استعمال الأدوات، مؤكدا أنه يتم فتحها مباشرة أمام المتبرع ليتأكد بنفسه من نظافتها وأنها تستخدم لأول مرة. الأقارب أولا وعن ديناميكية عملية الحصول على الدم من المتبرع، قالت طبية تعمل بذات المستشفى تحفظت على ذكر اسمها، إنه يتم الحصول على الدم للمريض من خلال أقاربه، وفي حال اختلفت الفصيلة فيتم اللجوء إلى بنوك الدم الأخرى. وقالت إن المستشفى تشن حملات خارجية من حين لآخر في الشركات والجامعات للحصول على الدم ويحفظ في الثلاجات لمدة شهر ويكون متاحا لمن يريده من مرضى المستشفى ويتم تبادله مع بنوك الدم الأخرى. أشرف فتحي مدير بنك الدم بمستشفى الحسين الجامعي قال إنه من النادر أن يأتي شخص للتبرع في المستشفى بالدم مرجعا ذلك بسبب غياب ثقافة التبرع لدى المصريين. نادي للتبرع وليد عرابي مسئول صفحات السوشيال ميديا الخاصة بالهلال الأحمر المصري، قال إن الحالات التي تحتاج للدم بصفة مستمرة ودورية هم مرضى الثيلاسيميا، وأنيميا البحر المتوسط. واتفق أيضا على أن احجام المتبرعين سبب ثقافة المصريين، وغيابها، لافتا إلى أن الدول الاوربية حتى تشجع المواطنين على التبرع أنشأت نادي خاص للمتبرعين، وفيه تعطي المتبرعين ممن تبرعوا أكثر من 25 مرة نياشين وهدايا لتحفيز الآخرين على التبرع. أحمد زغلول مؤسس صفحة بنك الدم المصري قال إن من لهم صلاحيات لجمع الدم هم المركز القومي لنقل الدم والدم فيه مدعم، ومركز المصل واللقاح والجامعات والدم فيهما غير مدعم، والمستشفيات الخاصة مرخص لها باستقبال متبرعين بالدم في مقر المستشفى فقط. وأضاف أن المستشفيات الحكومية التابعة للتأمين الصحي وما شابهها من مراكز طبية وباقي مستشفيات القطاع الخاص التي لا يوجد بها بنوك دم يأخذون الدم بالسعر المدعم من المركز القومي لنقل الدم ومنهم للمرضى. ولفت إلى أن المواطنين مرحبين بفكرة التبرع بالدم واكنهم متوجسين من ان الدم سيصل لمستحقيه ومن يحتاجه دون تمييز. ونوه بأن الموقع الإلكتروني لبنك الدم الإلكتروني لا يتم فيه تحديث بيانات المتبرعين، وكذلك ينتهك خصوصية بيانات المتبرعين بالدم بنشرها بدون ضوابط مما يعرض المتبرعين بالدم المسجلين عليه لمخاطر كثيرة. مش هتبرع آية سيد مواطنة قالت تبرعت بدمي أكثر من مرة لكني لن أكررها، مضيفة هم يستنزفون دمي، وحدث لي هبوط في إحدى مرات التبرع. علياء علاء طالبة قالت لن أتبرع مرجعة ذلك إلى أن الدم لا يذهب إلى المحتاجين له ويتم بيع الدم الذى تم اخذه من المواطنين، لأماكن مختلفة. احمد محمود موظف قال إنه مع فكرة التبرع ولا يرفضها، ومستعد للتبرع بدمه الدم إلى أي شخص يحتاجه.