على ضفاف نهر دجلة يجلس رجال يبتسمون بارتياح بينما يسبح أفراد من الجيش والشرطة العراقيين وشبان في مياه ينابيع موحلة ببلدة تمت استعادتها من قبضة "داعش" قبل بضعة أيام فقط. على الجانب الآخر، من البلدة مشهد مروع لجثتين متعفنتين قيدت أقدامهما ببعضها البعض ترقدان تحت الشمس في رقعة كبيرة من الأرض تحيطها سواتر ترابية. وهناك جثة سليمة أما الأخرى فتنقصها أجزاء. يرقد إلى جوار الجثتين رأس مقطوع وتبدو معظم أجزاء الجمجمة بوضوح. تبرز ما يبدو أنها عدة جثث أخرى من التراب والصخور. ويحذر رجل شرطة من الاقتراب من الجثث أو لمسها تحسبا لأن تكون مفخخة. وحفرت خنادق ضيقة وضحلة يصل طولها إلى 18 مترا في بعض أجزاء هذه الرقعة التي اتخذت شكل ربع دائرة. ويقول سكان بلدة حمام العليل إن هذا موقع مقبرة جماعية أبلغت القوات العراقية عن العثور عليها يوم الاثنين بعد إجبار متشددي تنظيم الدولة الإسلامية على الانسحاب. وبدأ العراق تحقيقا فيما ستكون أدلة إضافية على وحشية التنظيم المتشدد ضدد من يعيشون بالمناطق الخاضعة لسيطرته منذ أعلن عن قيام دولة "خلافة" من جانب واحد في أجزاء كبيرة من شمال العراق وسوريا قبل أكثر من عامين. ونجحت عملية يشارك فيها الجيش العراقي والقوات الكردية وفصائل شيعية ومقاتلون من العشائر بدعم من ضربات جوية تقودها الولاياتالمتحدة في إخراج المتشددين من الكثير من المناطق حول الموصل بهدف استعادة المدينة وهي آخر معقل كبير لهم في العراق. ومع انسحاب التنظيم المتشدد مارس انتهاكاته بكثافة ليدفع السكان مثل أبناء حمام العليل الثمن. قال عودة (35 عاما) الذي اقتاد مقاتلو الدولة الإسلامية شقيقه من البلدة قرب بدء عملية الموصل الشهر الماضي "قطعت رؤوس البعض وأطلق على البعض الرصاص". وأضاف "اقتادوا أشخاصا من البلدة ومن مناطق أخرى وقتلوهم هناك حيث توجد المقبرة. كان انتقاما استهدفوا به أي أحد فوق 15 عاما". قال سكان إن تنظيم الدولة الإسلامية اتخذ قاعدة من كلية الزراعة التي تقع على مسافة نحو 200 متر من الموقع. ويقدر كثيرون أن ما يصل إلى 200 شخص قتلوا في الأسابيع السابقة لانسحاب الدولة الإسلامية من البلدة. وأشارت منظمات إغاثة ومسؤولون محليون إلى تقارير أفادت بأن التنظيم أعدم العشرات في حمام العليل وفي ثكنة قريبة للاشتباه في تخطيطهم للتمرد على المتشددين داخل الموصل وحولها لمساعدة القوات المتقدمة. وقال الجيش العراقي: "إن قواته الموجودة بالمجمع عثرت على جثث مقطوعة الرأس لما لا يقل عن 100 مدني".