يواصل جيش الرئيس السوري بشار الأسد وشبيحته القمع العنيف والدموي للمحتجين السلميين بعد الإعلان عن سقوط 46 قتيلا في مظاهرات أمس الجمعة ، وسط أنباء عن استعدادات لشن هجوم واسع على حمص . ضغوط دولية وأعربت الولاياتالمتحدة الجمعة عن "قلقها البالغ" من معلومات مصدرها المعارضة السورية تحدثت عن استعدادات يقوم بها نظام بشار الأسد لشن هجوم واسع النطاق على مدينة حمص، وحثت النظام على السماح بدخول مراقبين مستقلين.
وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أيضا إلى أن بشار الأسد سيعتبر مسؤولا عن أي عمليات قتل ستجري مع مواصلة القوات السورية هجوما منذ تسعة أشهر تقول الأممالمتحدة إن أكثر من 4000 شخص راحوا ضحيته.
وأضافت: "نحن نشعر بقلق بالغ إزاء تطورات الأحداث في حمص. وبحسب معلومات نشرت اليوم فإن الحكومة السورية ربما بصدد التحضير لهجوم جديد واسع وشديد الخطورة على مدينة حمص".
وأشارت نولاند أيضا إلى دعوة الجامعة العربية للقيادة السورية للسماح بنشر مراقبين تابعين للجامعة في سوريا. كما دعت دمشق إلى السماح للصحافيين الأجانب بالدخول. وقالت إن نظام الأسد أمامه "فرصة ممتازة لإثبات أنه ليس وراء أعمال العنف، غير أن من الواضح أنه قرر عكس ذلك" مضيفة أنه "في حال وقع الهجوم على حمص فإن (السلطات السورية لا يمكنها التنصل من مسؤولياتها". وأضافت: "نرى أن الأسد يتحمل المسؤولية عما تفعله قوات الأمن في بلاده، رغم تصريحاته بعكس ذلك على شاشات التلفزيون".
من جانبها، دعت الحكومة البريطانية الجمعة دمشق إلى "سحب فوري لقواتها من حمص" منددة مجددا بالعنف "غير المقبول" الذي يمارسه نظام الأسد إزاء المتظاهرين. وقال وزير الدولة البريطاني المكلف بشؤون الشرق الأوسط اليستار بورت في بيان "إن الحكومة البريطانية تعرب عن بالغ قلقها إثر معلومات عن نشر تعزيزات من قوات الأمن وعربات مصفحة في مدينة حمص المحاصرة".
وأضاف: "على الحكومة السورية أن تسحب على الفور قواتها من حمص والتصرف مع ضبط النفس". من جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجمعة في رد رسمي له على انتقادات بشار الأسد لحصيلة قتلى القمع في بلاده والتي نشرتها الأممالمتحدة، أن الحصيلة "ذات مصداقية"، بينما قالت رئيسة مفوضية حقوق الإنسان إنه كان يمكن إنقاذ أرواح لو كان مجلس الأمن قد تحرك في وقت سابق لوقف القمع الذي يجري في سوريا. ورد بان ورئيسة المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي بقوة على رفض الأسد لحصيلة الأممالمتحدة هذا الأسبوع. وأصر المسؤولان على أن حصيلة أكثر من 4000 قتيل نتيجة الهجوم على المتظاهرين "تحظى بمصداقية بالغة". وقال بان للصحفيين خلال زيارة لمخيم داداب للاجئين في كينيا إنه لا يمكنه تصديق أن أقل من أربعة آلاف شخص قتلوا، كما يقول الأسد. وأضاف بان: "كافة المعلومات ذات المصداقية تشير إلى أن أكثر من 4000 شخص قتلوا على أيدي القوات الحكومية. وقد أوضحت المفوضة العليا لحقوق الإنسان بالفعل ذلك عبر كافة المصادر المختلفة وهي المصادر التي تحظى تماما بالمصداقية". ورد بان بالقول إن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا جرى التعامل معها "على أساس محايد تماما ونزيه وموضوعي ويحظى بالمصداقية". ومن جانبها قالت بيلاي إنه جرى الاستماع إلى شهادات أكثر من 220 شاهدا من جانب مفوضي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة غير أن الأسد رفض تماما تقرير المفوضين. وقالت بيلاي خلال مؤتمر صحفي في مقر الأممالمتحدة "إنها شهادات شهود رأوا الأمور مرأى العين، الكثير من المعلومات تخرج من البلاد عبر سكايب".
وتابعت: "ليس كافيا حقا أن يرفض رئيس سوريا ببساطة كل هذا بالقول غير المستند إلى أساس بأن الأممالمتحدة لا تحظى بمصداقية". وقد طلب الأعضاء الأوروبيون بمجلس الأمن بيلاي اطلاع المجلس الذي يضم 15 بلدا الأسبوع المقبل على بينة من الموقف، فيما قال دبلوماسيون إن محادثات "ساخنة" حول ذلك المقترح جرت الأحد. يذكر أن روسيا والصين استخدمتا الفيتو لإجهاض مشروع قرار لإدانة العنف في سوريا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ومنذ ذلك الحين لم يدر نقاش يذكر بشأنه. وقالت بيلاي إن آخر مرة تحدثت عن الأوضاع في سوريا أمام المجلس في أغسطس/آب الماضي كان عدد القتلى أكثر من ألفين. وأضافت "الآن العدد أكثر من 4000. كان بالإمكان إنقاذ أرواح لو تقررت أفعال بشكل أسرع. لست أنا من يحدد نوعية ما يجب فعله، بل الأمر متروك لمجلس الأمن". وقالت بيلاي: "أعتقد أنه من المهم جدا أن يسمح بذلك، خاصة إذا كان يعتقد أن الأممالمتحدة والمعلومات التي تقدمها غير ذات مصداقية". ووصفت بيلاي بعض الأدلة التي عرضت على الأممالمتحدة وقالت إن منها أن أبا سوريا أطلع محققي الأممالمتحدة على صور لكيف تعرض ابنه البالغ 14 "للتعذيب ومن ثم القتل". وقالت بيلاي: "هذا هو ما سنطرحه على الأسد إن كان الأمر لا يتفق مع الصورة التي يصفها هو، إذ أن جهة ما تقتل المتظاهرين الأبرياء هناك ونحتاج لمعرفة تلك الجهة". تشويه الأسد من جهة أخرى، اتهمت سوريا الجمعة قناة " اية بي سي " الأمريكية بتشويه تصريحات الأسد "عمدا"، خلال بثها مقابلة أجريت معه هذا الأسبوع. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي في مؤتمر صحفي إن القناة "قامت بتشويه مضمون المقابلة التي أجرتها مع الرئيس الأسد من خلال عمليات مونتاج". وأضاف المتحدث أن القناة "اقتطعت أجزاء من المقابلة بما يشكل حالة من التماهي بين ما بثته القناة وبين تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية قبل بث المقابلة والتي عملت الخارجية السورية على تصويبها سابقا". وأوضح المتحدث السوري في المؤتمر الصحفي الذي عقده في مقر الوزارة "اعتقدنا أن القناة ستبث المقابلة بالطريقة المثلى التي تعكس ما قاله الرئيس الأسد ولكن ما جرى من تشويه لم يكن مفاجئا". وأضاف مقدسي "من حق كل قناة أن تقوم بمونتاج ولكن بما لا يؤدي إلى تشويه المضمون وخاصة مع رئيس دولة وفي بلد مثل سوريا". وكانت سوريا أعربت الأربعاء عن استهجانها من تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية متهمة إياه "بتشويه" تصريحات الأسد. المذبحة وفي اطار الضغوط العربية المتواصلة على نظام الأسد ، قال الأمير تركي الفيصل وزير المخابرات السعودية السابق الجمعة إن الدول العربية لن تسمح باستمرار "المذبحة" التي يتعرض لها الشعب السوري مضيفا أن من غير المرجح أن يتنحى الأسد عن السلطة طواعية. وتعثرت الجهود الدبلوماسية الرامية لحل الأزمة في سوريا بسبب رفض الأسد خطة سلام كانت قد طرحتها جامعة الدول العربية. وقال الأمير تركي الذي ينظر إليه على انه صاحب نفوذ رغم عدم توليه حاليا لأي منصب عام خلال مؤتمر في فيينا إن الجامعة العربية لن تقف مكتوفة الأيدي وتسمح باستمرار المذبحة ضد الشعب السوري. وأضاف أنه تم فرض عقوبات وأعرب عن اعتقاده بأن إجراءات إضافية ستتخذ في المستقبل القريب. وتدعو خطة الجامعة العربية إلى عودة القوات السورية إلى ثكناتها والسماح بنشر مراقبين عرب في سوريا. وردا على سؤال عما إذا كان هناك أي احتمال بأن تساعد المملكة العربية السعودية في التوسط في اتفاق لنقل السلطة على غرار اليمن قال الأمير إنه لا يعتقد ذلك مشيرا إلى أن الرئيس اليمني وقع في النهاية على الاتفاق رغم التأجيل ومحاولة التعطيل لكسب الوقت. وتابع إن من الصعب حمل الرئيس السوري على التوقيع على اتفاق مماثل. مشيرا إلى أن الجامعة العربية والمجتمع الدولي عرضوا على الأسد الفرصة لإيجاد مخرج لكنه رفض وهذا أمر يدعو للأسف لأنه يعني المزيد من إراقة الدماء. وقال تركي إن من الصعب معرفة كيفية التصرف مع الأسد الذي ينفي إصدار أوامر لقواته بقتل المتظاهرين المسالمين. وقال إن هناك رئيسا ينفي ببساطة ارتكاب أي أخطاء مضيفا أن هذا النوع من القيادة غير مقبول. ضحايا العنف وميدانيا ، أعلنت لجان التنسيق المحلية للمعارضة السورية ان حصيلة ضحايا عمليات الامن السوري امس ارتفعت الى 46 قتيلاً سقط معظمهم في حمص ومنهم 9 أطفال و3 نساء.
وحذر المجلس الوطني السوري المعارض مما وصفه بمخطط النظام السوري لارتكاب مجزرة في حمص. وقصفت القوات السورية بقذائف الهاون والنيران المتوسطة عدة أحياء سكنية في حمص فيما جرت اشتباكات بين الجيش وعناصر منشقة عنه.