أكد وزير الخارجية سامح شكرى أن إصلاح الأممالمتحدة أصبح أمرا ملحا لتصبح أكثر فعالية في الاضطلاع بالمهام الموكلة إليها..داعيا جميع الدول الأعضاء في الأممالمتحدة إلى أن تسعى لتحسين أساليب عمل مجلس الأمن وتعزيز شفافية عمله تجاه الجمعية العامة والدول الأعضاء، وهيئات الأممالمتحدة الأخرى. جاء ذلك فى مقال للوزير نشر على المدونة الخاصة بوزارة الخارجية باللغتين العربية والإنجليزية بمناسبة يوم الأممالمتحدة والذى يوافق اليوم الإثنين. وقال شكرى إنه في أعقاب حرب عالمية مدمرة، وبعد أشهر من المفاوضات المستمرة، نجحت مصر جنبا إلى جنب مع ممثلين عن 50 دولة في تجاوز الخلافات فيما بينهم، حيث وافقوا على تأسيس الأممالمتحدة في عام 1945 ، كمؤسسة عالمية من أجل السلام والأمن والتقدم البشري، ومنذ دخول ميثاق المنظمة حيز النفاذ، تكافح الأممالمتحدة باستمرار للتكيف مع عالم متغير على نحو مستمر. وأضاف "ونحن نحتفل بالذكرى ال71 للمنظمة، ومرور عام على انتخاب مصر كعضو غير دائم في مجلس الأمن، لابد من تسليط الضوء على المعضلة الحالية ألا وهي إصلاح الأممالمتحدة". وأشار وزير الخارجية إلى أن "مسألة إصلاح الأممالمتحدة هي عملية متعددة الأوجه تشمل جميع مجالات أنشطة المنظمة، وكذلك جميع ما ينتمي لها من كيانات ومؤسسات ووكالات، وتختص هذه المسألة برفع فعالية أنشطة المنظمة في السياق الحالي، وتعزيز قدراتها في مواجهة التهديدات والتحديات العالمية المتعددة وعلى مدى عقود، تعمل الدول الأعضاء في مواجهة هذه التهديدات والتحديات العالمية، من خلال توجيه الأممالمتحدة لتحمل مسؤوليات جديدة تتراوح بين الاستجابة لتدفقات اللاجئين، والحفاظ على حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة ويتمثل التحدي، في أن الأممالمتحدة ووكالاتها تواصل العمل داخل نفس القالب منذ عقود" . وتابع "وفي هذا السياق، كانت الدول الأعضاء دائما أكثر استعدادا لتوسيع تفويض الأممالمتحدة أو مهامها بدلا من تغييرها كلية،وقد ثبت أنه من الصعب الوصول إلى اتفاق حول الأسلوب الأمثل لإصلاح الأممالمتحدة، فعلى الرغم من النجاحات العديدة للأمم المتحدة على مدى عقود، إلا أن الإصلاح قد أصبح أمرا ملحا لتصبح أكثر فعالية في الاضطلاع بالمهام الموكلة إليها". وأوضح الوزير أن تحديات القرن ال21 قد كشفت عما ينازع منظومة الأممالمتحدة التي تأسست في القرن العشرين، فخلال الآونة الأخيرة، وبالنظر إلى الوضع في سوريا والعراق والحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، لم تنجح الأممالمتحدة في تحقيق هدف الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.. لافتا إلى أنه في سوريا، تلتزم الأممالمتحدة بالمساعدة في وضع نهاية لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، في حين لا تزال التعقيدات المتعلقة بوصول المساعدات الإنسانية، والتفاوض على حل سياسي وإنهاء الإفلات من العقاب على الفظائع الجماعية، كلها مسائل محفوفة بالمخاطر السياسية. وأضاف "وبالمثل، وكما أن مجلس الأمن يتمتع بالصلاحيات الكافية لتنفيذ قراراته من قبل الدول الأعضاء في الأممالمتحدة، إلا أنه في بعض الأحيان لا يتم تنفيذ قراراته أو متابعة تطبيق متطلبات أحكامها بشكل صحيح، وعلاوة على ذلك، فإن استخدام حق النقض يتعارض مع تطلعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 عضوا، حيث أن توسيع العضوية لتشمل أعضاء جدد دائمين وغير دائمين سوف يخلق توازنا عادلا بين الدول المتقدمة والدول النامية الأعضاء في الأممالمتحدة،وفي حين أنه في كثير من الأحيان يصاب مجلس الأمن بالجمود، نتيجة التناحر السياسي بين أعضائه الدائمين الذين يتمتعون بحق الفيتو، فإن تفعيل دور الجمعية العامة هو جانب رئيسي من عملية تعزيز وإصلاح الأممالمتحدة". ". وأشار الوزير إلى أن مصر ساهمت بشكل جوهري في أعمال المنظمة منذ عام 1945، إيمانا منها بأهمية وجود نظام عالمي متعدد الأطراف يقوم على أمم متحدة مستقلة وقوية من شأنها أن تنشر رسالتها بشكل مستقل ومحايد. وقال "إن العنصر الأساسي لموقف مصر بشأن إصلاح الأممالمتحدة يعكس المبادئ المكرسة في ميثاق الأممالمتحدة، فمنذ إنشاء المنظمة الدولية، انخرطت مصر بفعالية في العديد من المساعي الإقليمية والدولية لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع في مناطق مختلفة من العالم، وبوصفها كعضو غير دائم في مجلس الأمن، لم تدخر مصر جهدا في دعم كل القرارات التي تعزز سلامة الأسس التي تقوم عليها المنظمة التي تعكس متطلبا هاما للتعايش السلمي بين الدول وسعيها لتحقيق نظام دولي عادل، وكذلك التعبير عن هموم ومصالح أفريقيا والدول العربية بشكل خاص والدول النامية بشكل عام، وأخيرا منع مجلس الأمن من التعدي على ولايات الأجهزة الرئيسية الأخرى للأمم المتحدة". وأكد وزير الخارجية أنه من غير العملي أن يتم الدعوة لتحول كلي في عمل الأممالمتحدة، إلا أن نافذة التغيير الجذري تٌفتح في لحظات تاريخية نادرة، ولهذا يجب أن نستمر في السعي لتنفيذ إصلاحات عملية من شأنها تمكين النظام القائم اليوم من أن يرقى لتحقيق الأغراض الأصلية من وراء إنشائه. وأوضح أن الآليات القائمة في ميثاق الأممالمتحدة، ولا سيما في مجال دعم السلم والأمن الدوليين، قد ثبت جدواها إلى حد بعيد ولم تستنفذ بعد إمكانيات تكيفها مع الوضع الدولي المتغير، ونحن نأمل أن يقود الأمين العام الجديد للأمم المتحدة جهود الإصلاح التي ينبغي أن تستند إلى مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة. واختتم بالقول "إن ميثاق الأممالمتحدة يدعو لنظام دولي من شأنه تعزيز حقوق الإنسان، والتقدم الاقتصادي، صحة الفرد، والسلام العالمي، الذي لن يتحقق إلا بوقوف دول العالم بحزم على مبدأ واحد والعمل لمواجهة التهديدات قبل أن تصبح مدمرة وإن الخوف من الإصلاح يحمل مخاطر أكبر للأمم المتحدة، فالإصلاح لن يكون بسيطا، ولكنه يستحق العناء".