من الصعب علينا، أن نظل صامتين، تجاه ما يتعرض له أهلنا في سوريا الشقيقة من تصفيات جسدية، على أيدي عناصر الأمن، وشبيحة نظام الدكتور بشار الأسد. لقد بلغ إجرام نظام البعث مداه، حيث قتلوا الأطفال، وانتهكوا أعراض النساء والرجال، وذبحوا المتظاهرين السلميين، وقطعوا ألسنة معارضيهم من المبدعين والفنانين.
ولقد أعلن جنود الأسد تحديهم لكل من حاول أن يردهم عن ظلمهم، متمترسين خلف آلتهم العسكرية التي لم يستخدموها ضد من اغتصبوا الجولان، بعد أن اعتدوا باستمرار على سيادة سوريا العزيزة، في حين استخدموها بقسوة وجبروت غير مسبوق ضد أهلنا في سوريا.
لم تسلم مساجد سوريا من بطش رجال أمن أسرة الأسد، بل اقتحموها، وداسوا على المصاحف بأرجلهم النجسة وسبوا العلماء، وأراقوا الدماء في الأشهر الحرم، وفي شهر رمضان وخلال الأعياد، ضربوا كل من يقول ربي الله بغير رحمة.
وبدت البغضاء ظاهرة وواضحة من أفواههم، ووصل الأمر إلى الاعتداء على سيدات سوريات وإعلاميات من أسر راقية، وهنا تحضرني باقة الاعتداء على الزميلة الكاتبة الصحفية السيدة سهير الأتاسي، تلك السيدة الحرة التي ورثت عن والدها الزعيم القومي الناصري حب سوريا، ودفاعها عن القومية العربية وعن رجالها ورموزها، حيث ألقي بها في غياهب السجون، بعد أن أهينت في شرفها وعرضها، ورغم ذلك لا تزال صامدة تقاوم.
والعبد لله يشعر بندم شديد؛ لأنه توسم خيراً يوما ما، في نظام بشار الأسد، وتصوره داعما للمقاومة، وتصوره أيضاً معادياً بشكل حقيقي لمن اعتدوا على الأرض والعرض، في مختلف عالمنا العربي، وليس في سوريا فحسب.
وعلى الرغم من رؤيتنا لطائرات تل أبيب، تقصف من وقت إلى آخر مناطق في سوريا، ويلتزم نظام بشار الصمت، ويكتفي به تجاه العدوان، بعد الاكتفاء بالقول إن القيادة السورية هي التي ستحدد مكان وزمان الرد!
لقد تجاهل نظام الأسد الاعتداءات الوحشية التي تتعرض لها المقاومة في العراق، ونسق مع الغزاة الأمريكيين في مواجهة رجال المقاومة على الرغم من علمه أن السوريون يرفضون هذا المنهاج، ولكن نظام بشار الأسد العلوي لاعتبارات طائفية، وتحالفات خارجية له انحاز لعملية الاحتلال السياسية بالعراق ضد المقاومة.
ولا نعتقد أن دعم سوريا الأسد للإخوة في حزب الله يعطينا مبرراً أن نؤيد ما ارتكبوه من جرائم في حق شعبنا العربي العظيم في سوريا، والذي تم قتل ما يقرب من أربعة آلاف فرد من أبنائه بينهم مئات الأطفال والنساء، على أيدي شبيحة دكتور بشار وشقيقه ماهر الأسد ، الذي يقود إحدى أهم قوات جيشه، ويواصل تنفيذ مجازره المروعة ضد أهلنا في سوريا.
ونتحدى أن يكون الغزاة الإسرائيليون قتلوا من اللبنانيين، ومن السوريين هذا الرقم على مدى الصراع العربي الصهيوني مع سوريا ولبنان، أو جرحوا تلك الأعداد التي نتجت عن عدوان دكتور بشار على أبناء شعبه، حيث تخطت أعداد الجرحى الخمسة عشر ألف جريحا.
ولقد وردت إلينا في "محيط" منذ ساعات أنباء تشير إلى أن قوات الدكتور بشار قامت بزرع ألغام أرضية بطول الحدود الأردنية السورية، ونفس الوضع اتبعته القوات بالنسبة لغالبية حدود سوريا، في محاولة من نظام بشار لمنع تدفق أهلنا في الشام نحو البلدان المجاورة هربا من جحيم قصف المدن والبلدات السورية الثائرة بكافة أنواع الأسلحة، في محاولة لإخماد الثورة السلمية التي تطالب بالحريات والحقوق الآدمية في هذا البلد العربي المسلم العزيز.
ومن هنا لم نستغرب ونحن نرى صور أطفال رضع، وصور أمهات ثكالى، يبكين صبية، لم يتجاوزوا الحلم، ماتوا ولا يعرفون بأي ذنب قتلوا.
إن الدكتور بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد ووزير داخليته وحربيته أو دفاعه يرتكبون منذ أسابيع جرائم حرب مروعة، كما أن موقف الجامعة العربية حتى الآن لم يرتق إلى مستوى المسئولية.
إن قرارا عربيا يتوجب أن يصدر بفرض مناطق حماية للمتظاهرين السلميين في مختلف المدن والبلدات السورية، كما أن تقاعس العرب عن فعل ذلك يعني ببساطة تدخلا دولياً، للقيام بهذا الأمر.
لا نعتقد أن عربياً واحدا، يرى أنه إذا حدث هذا التدخل يمكن أن يتفوه أحد بكلمة واحدة، كما أن رجال الدين في كل بلدان العربي والإسلامي مطالبون الآن أن يقولوها كلمة حق.
إما رد نظام بشار الأسد عن ظلمه، والتدخل العربي الإسلامي الفوري في هذا الاتجاه لإجباره على الانصياع لمطالب شعبه، وإلا فإن البديل الدولي سيجبره، وسيكون الأمر أكثر إيلاماً لنا، وسيدفع بشار ومن معه ثمنا غاليا وسيند مون يوم لا يفيد الندم.
إن شلالات الدم السورية التي تتناقلها الفضائيات، ومناظر الأطفال القتلى، ومناظر الدماء لم نعد قادرين على تحملها، ولم يعد كل شرفاء العالم لديهم صبر على استمرار هذا المسلسل الإجرامي، الذي تسفك من خلاله دماء شعب، بدون مبرر إلا تلبية لشهوة نظام حكم يريد أن يغتصب سلطة وثروة بغير رضاء هذا الشعب.
إن تلك المناظر البشعة التي نراها ما زالت في عقولنا ووجداننا، وهي لا تجلب أي نوع من التعاطف مع نظام الدكتور بشار الأسد، وليت هذا النظام البعثي يستوعب الرسالة، وينظر حوله لمصير كل الطغاة الذين تحدوا شعوبهم.
وأخيرا، نستذكر ما فعلته عناصر تابعة للمخابرات السورية في مصر عندما اقتحمت منزل مواطنة مصرية واعتدت عليها بالضرب واختطفتها بعد أن شرعت في قتلها، لأن زوجها معارض سوري، وكان من المفترض أن يتم إعدامها لولا أن أحد المصريين الذين استأجروه أخذته الغيرة، وخدرها وألقى بها على أحد الطرق.
وربما كانت رسالة يريد إرسالها لهذا المعارض وليس غيره، وهذا التوحش والإجرام فيه اعتداء على سيادة مصر، والعبد لله ينتظر أن يتم القبض على هؤلاء المجرمين الذين اختطفوها، ويقدموا لمحاكمة عاجلة حتى يفكر كل مجرم في أن يحترم سيادة هذا البلد وأمنه ويحترم ضيوفه.
إن الشعب السوري خرج للمطالبة بحريته، وهو لن يتراجع على الإطلاق مهما كلفته ثورته العظيمة من تضحيات، وعلى جميع أحرار أمتنا، والعالم أن يقفوا مع ثورته ويدعموها، أما دكتور بشار فنقول له كفى قتلا وسفكا للدماء مع رجالك. وأرجوا أن تعرف أن نهاية نظامكم باتت وشيكة ولن تحميكم الترسانة العسكرية التي تتمترسون خلفها، فارحل وأنقذ ما يمكن إنقاذه؛ لأنك ستندم يا دكتور بشار يوم لا يفيد الندم.
أنت الآن على وشك الدخول في المصيدة، لكن مصيدتك تختلف عن مصيدة "شنبو"، مع الاعتذار لأصحاب الفيلم الشهير "شنبو في المصيدة".