دفعت نساء ليبيا ثمناً باهظاً خلال الثورة الليبية ، لا يقل عن الثمن الذي دفعه الجرحي والشهداء ، حيث تعرضت المئات منهن إلى الاغتصاب الأشد وطأة من القتل . ويؤكد الخبراء أن هذا النوع من العنف يجلب للمرأة الأمراض العضوية والنفسية ، الأمر الذي يحتاج إلى عناية وتوعية مجتمعية حتى لا يعتبرها نكرة ، وطالبت ناشطات بتوفير العلاج النفسي للمغتصبات للانخراط فى المجتمع ، وتتزوج المغتصبة بصورة طبيعية ، وتؤهل تدريجياً لتنخرط فى الحياة من جديد. لذلك نزلت عشرات من الليبيات إلى الشارع بالعاصمة طرابلس ليطالبن الحكومة بفتح ملف النساء المغتصبات خلال الثورة الليبية ، في محاولة إيجاد حلول لهن على اعتبار أن هذا الملف لا يقل أهمية عن ملف الجرحي والمصابين. ضمت التظاهرة ليبيات وناشطات من جهات حقوقية وقفن أمام مقر الحكومة بطرابلس ، ووضعت النساء الشريط اللاصق على أفواههن برمزية تنطق بأعلى صوت للاهتمام أكثر بالنساء الليبيات اللائي تعرضن للاغتصاب أثناء الثورة الليبية التي أطاحت بحكم القذافي ونظامه. وبالرغم من أنه لا يوجد رقم محدد لمن تعرضن للاغتصاب ، لكن المتظاهرات أشرن إلى أنهن بالمئات ، وكرست الناشطات والمهتمات بحقوق المرأة جهودهن لمساعدة الليبيات اللآتى تعرضن للاغتصاب والعنف ، كما تم فتح ملف الجرحى في جميع المدن الليبية . سلاح لكسر الإرادة يذكر أن حملة الاغتصاب الجماعي كانت أحد الأسلحة التي كانت يستخدمها "القذافي" في حربه على الثوار لكسر إرادتهم . وأشارت صحيفة صن داي تايمز البريطانية إلى أن بعض الضحايا تلقين علاجاً لمنع الحمل ، وعمل بعض الأطباء على إقناعهن بإجراء فحوص لأمراض تنقل عبر الاغتصاب مثل الإيدز والتهاب الكبد الوبائي ، بينما تخشي كثيرات منهن البوح بتعرضهن للاغتصاب. وأوضحت بعض التقارير إلى أن العديد من الفتيات في المنطقة الشرقية التي يسيطر عليها الثوار طلبن من أشقائهن أو أبائهن أن يقتلوهن خشية تعرضهن للاغتصاب من قبل عناصر القذافي . وقبل سقوط القذافي فى أيدي الثوار قالت أخصائية الأمراض النفسية في مستشفي الأمراض النفسية في مدينة بن غازي د. سهام سرقيوة : قمنا بعمل دراسة نفسية للأسر الليبية من أجدابيا ، والبريجة ومن السلوم إلى بنغازي خلال هذه الأحداث ، وذلك علي 100.000 أسرة بمتوسط 8 أفراد لكل أسرة ، وسجلت حتى الآن أكثر من 235 حالة اغتصاب ، كما أظهرت التحاليل ظهور بعض الأمراض كالإيدز والهابيتايتس ، بالإضافة إلى المشاكل النفسية للأطفال وتعرض إلى ما يقارب من 4000 طفل من الصعوبات النفسية منها التبول اللاإرادي ، وخوف مع عدم القدرة على النوم نتيجة الرعب من القنابل والتهجير واغتصاب الأمهات أمام أعين أطفالهن. وتشير د. سهام إلى اختلاف حالات الاغتصاب بين النساء ، فمنهن من تم اختطافهن إلى الصحراء ، وأخريات اغتصبن أمام أسرهن من قبل عدد من رجال كتائب القذافي أكثر من مرة . وذلك بعد أن فجرت الليبية إيمان العبيدي قضية اغتصابها مع مجموعة لبنات ليبيات على يد جنود القذافي بعد اعتقالها عند نقطة تفتيش في طرابلس ، كونها امرأة من مدينة "بنى غازي" التى تعد معقلاً للثوار المناهضين لحكم القذافي ، ثم تم الإفراج عنها بعد أن شغلت الرأي العام العربي والعالمي بقصتها المؤثرة. وعلقت د. ماجدة سيف أستاذة الاقتصاد بجامعة فرجينيا الأمريكية على جرائم الاغتصاب خلال برنامج "نون" على فضائية "الآن" قائلة أن أن ما حدث خلال الثورة الليبية للنساء أمراً يعد في منتهي البشاعة ، لأنه لم يتم على أيدي محتل أجنبي ، ولكن تحت رعاية أبناء البلد بشكل وحشي ، ولكن يحتاج الأمر إلى بعض الوقت لأن ليبيا لازالت دولة رخوة تنظم مؤسساتها ، وقضية المغتصبات يجب أن تتحول إلى مشروع قانون ، مع الاهتمام بتمثيل المرأة في المجالس النيابية لعرض مثل هذا الموضوع وتحويله لمشروع قانون وتفعيله ليتعرض الجاني لطائلة القانون.