فى حشد كبير احتفل المثقفون وعلماء الاجتماع ، بمئوية عالم د. سيد عويس عميد علماء الاجتماع فى الوطن العربى، الذى أسس لمناهج البحث العلمى ، و كتابته تعد رؤية هامة للمجتمع المصرى ، فدراساته تخرج من رحم المجتمع مباشرة ، كان نصيرا للمهمشين ، طما كان أول من اهتم ب "هتاف الصامتين " ، و أول من اقترح معونة الشتاء و قطار الرحمة . و تعد كتاباته عابرة للأجيال ، حتى تشعر أنها مكتوبة بالأمس ، وليس ذلك فقط فقد حملت أيضا رؤية مستقبلية لمشكلات المجتمع المصرى ، كما فى كتابه" لا للعنف " ، و كتابه " الشعور بالعداوة " الذى يوصف حالة التربص التى يعايشها المجتمع المصرى الآن . أقيمت الاحتفالية فى المجلس الأعلى للثقافة برعاية أمينته د. أمل الصبان ، فى حين غاب وزير الثقافة د. حلمى النمنم عن اللقاء، و كذلك وزيرة التضامن الاجتماعى الدكتورة غادة والى، فيما حضر نقيب المهن الاجتماعية أسامة برهان، والسيد يسين و الدكتور نيكولاس هبكينز أستاذ الأنثروبولوجى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ، ورفعت السعيد رئيس حزب التجمع ، و الأديب يعقوب الشارونى ، و الناقد شعبان يوسف ، وكوكبة كبيرة من علماء الإجتماع والمثقفين. قالت د. أمل الصبان أن عالم الاجتماع الكبير د. سيد عويس كان يؤمن بالتجربة الذاتية فى تكوين الفرد ، و أشار أن مفهوم العدالة نبت فى تاريخ مصر القديم متمثل فى ماعت ، و كان الرجل الفاضل هو المحب للسلام ، مؤكدا أن عنف الجماعات المتطرفة ما هو الإ أمر دخيل ليس فى بذرة المصريين . و من جانبه ذكر السيد يسين أن سيد عويس لم يكن مجرد عالم اجتماع ، بل أيضا رائد للإصلاج الاجتماعى و أكاديمى قدير ، مشيرا أنه هو من علمهم أصول البحث الاجتماعى ، و كان معروف بإنسانيته مد يده لشباب الإصلاحيات و الأحداث و آمن بإنسانيتهم ، و حملت كتاباته التجديد . و قال أسامة برهان نقيب المهن الاجتماعية ، أن سيد عويس هو " عم مهنتنا" ، وإبدعاته واجتهاداته فى البحث العلمى مازال مؤثرا حتى الآن ، و عندما قرأت بحثه عن العنف السياسى كأنه مكتوب الأسبوع الماضى ، و طالب بعقد أكثر من ندوة عن سيد عويس ، و عدم الانتظار لمئوية جديدة . فيما تحدث مسعد سيد عويس ابن الراحل ، أنهم يعدون لكتاب رسائل عالم اجتماع من العالم الآخر ، و هويحمل إعادة قراءة لأعمال سيد عويس ، للاستفادة من أفكاره فى تنمية المجتمع و رفع معنويات شعبه ، حيث قال عنه هذا المجتمع قديم قدم الحياة و مستمر باستمرارها ،و عرف بأنه نصير المرأة فكان يقول أن رفعة المجتمع برفع هامة المرأة ، و كان هو صاحب اقتراحات معونة الشتاء و قطار الرحمة ، و هو مازال طالبا قام عام 1938 بحثا عن الفقر فى مصر ، و بحث فى تجربة التنمية المحلية ، و تحسين الصرف و الأمراض فى حى بولاق ، و ألف كتاب عن القديسين و الأولياء ، و تحدث عن الازدواجية فى الشخصية . و عبر ابن الراحل عن حزنه بأنه لم يحصل على جائزة الدولة التشجيعية إلا بعد وفاته ، مشيرا أنه كرس حياته للبحث العلمى . كما أعلن أن كلمات الحاضرين ستصدر فى كتاب تذكارى عن المجلس الأعلى للثقافة ، و السيد يسين هو من سيقدم للكتاب . ولفت إبراهيم عز الدين ، أن أعمال عويس قائمة على التجارب الذاتية فكان بحق صوت المهمشين و نصير لهم ، و هو مدرسة فى علم الاجتماع ، نتعلم منها حتى الآن ، و منها " هتاف الصامتين " و الذى تناول فيها العبارات المكتوبة على وسائل النقل و التى لم يكن يلتفت لها أحد و قام ببحثها علميا ، ليوصل صوت الصامتين . و عن" تجربة التنمية المحلية - نموذجا حى بولاق " ، قال عز الدين أنهم استفادوا به فى مجال الخدمة الاجتماعية فى مصر . أما د. أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع ، فعبر عن فخره بتعلمه على يديه ، مثمنا إسهماته الميدانية و النظرية ، داعيا لاستخلاص رؤية اجتماعية من أعمال سيد عويس للمجتمع المصرى ، و كتب مقالا هاما عن الشخصية المصرية و ظاهرة الثنائية بين الدينى واللادينى ، و القول و الفعل ، و من أهم كتابه " لا للعنف " و " الشعور بالعداوة " ، و كتب عن المقاومة بالحيلة لدى الفقراء والمهمشين والذى سبق بيها علماء الغرب ، و منها " هتاف الصامتين " ، "و الملاحظ ان الدراسة الحالية ليست سيرة ذاتية و لا يمكن أن تكون فهى دراسة حالة" بتلك الكلمات سطر سيد عويس مسيرته ، و أشار زايد أن برغم أنه لم يرغب فى تسميتها بسيرة و فضل أن يدعوها كدراسة حالة ، و لكنها بالفعل سيرة ذاتية . من جانبه سعد د. رفعت السعيد بأنه لأول مرة يرى قاعة ندوات الأعلى للثقافة ممتلئة ، و أدان علماء الاجتماع النظريين وكتاباتهم بالغة التعقيد ، التى لا علاقة لها بالمجتمع المصرى ، فيما كانت ريادة دراسة المجتمع المصرى لسيد عويس ، و أشار أن كتابه الأول حول رسائل إلى ضريح الإمام الشافعى، هى التى أشهرت الدكتور سيد عويس، ونال عليه جائزة الدولة التشجيعية. و انتقد بعض مواقف عويس مشيرا أنه رفض كلمة التطرف التى يعزف عليها الكثيرين إشارة للإرهاب المتأسلم ، و هى ليست صحيحة فالتطرف يمكن أن يكون لدى من لديه إيمان صحيح ، و قد كتب عويس عن حسن البنا و زار مقر الأخوان ، و أعجب بحديثه و ثقافته الغزيرة ، و بحث ما يدعو به و قال أنه لا علاقة له بالإسلام الصحيح ، فإنما هو يريد السلطة ، وقال أن عنف الأخوان هو وليد عنف السلطة ، و أن الحكم الديكتاتورى لا ينتج إلا شرا ، و أن العنف كالدواء المر البشرية مجبولة عليه . " التاريخ الذى أحمله على ظهرى - دراسة حالة " من أهم الكتب التى تركها عويس للباحثين ، كما قال شمس الدين عضو مجمع اللغة العربية والتى تحمل مسيرته ، مثمنا تراثه العلمى . فيما تحدث د. نيكولاس هبكينز أنه لم يعرف سيد عويس غير عندما آتى كأستاذ للجامعة الأمريكية و تعاون الجامعة مع المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ، و قراءته لبحث عويس المقارن عن حى فى بوسطن بالمقارنة مع حى بولاق . و أشار أن سيد عويس لم يكتشف حتى الآن ، لذا دعا الباحثين الشباب لإعادة اكتشافه ، لافتا أن عويس كان يصف نفسه كمراقب ، وقال عن نفسه أنه رجل عادى يعيش من خلال الناس ، وهو باحث عن الحقيقة. مؤكدا أن لا حقيقة مطلقة بل نسبية . من جهته ،قال شعبان يوسف أن سيد عويس لم يكن عالم اجتماع فقط ، بل كان أيضا محب للادب و هذا يظهر فى سيرته الذاتية ، كما اكتشف يوسف مجموعة قصصية لسيد عويس بعنوان " نهاية المهزلة " ولا يعرفها الكثيرين ، و هى مؤلفة من 11 قصة ،وبها تحليل عميق للنفس البشرية ، و العادات الاجتماعية و آثارها للمجتمع المصرى . و كشف السيد يسين ان سيد عويس اكتشف الكثير من المواهب ، و كانوا يعرضون عليه قصصهم ،و يبيضها بنفسه ، و منهم الكاتب صلاح عيسى . و تحدثت شهدة الباز أن العبقرية الحقيقية قى شخصية سيد عويس الثرية ، و شجاعته فى الكشف عن التراث الثقافى المصرى ، و التراث الدينى المعاصر ، و هو عالم و مناضل ثورى أكثر منه إصلاحى ، فقد رغب بتغيير المجتمع بشكل ثورى و لكن دون عنف ، داعية لوضع أعماله فى المناهج الدراسية .