عن المركز العربي للنشر، صدر حديثا كتاب "ثقافة تويتر .. حرية التعبير أم مسؤولية التعبير؟ " للناقد السعودي البارز د. عبدالله الغذامي. الكتاب يبحث جدلية التعبير على تويتر حين يصبح المرء هو المالك المطلق لحريّته، و لكنه سيكتشف تلقائيًا أن غيره يمتلك حرية مماثلة، و هنا تتصارع الحريات، و لن يستقيم أمر الخطاب التويتري إلا بتوافق ركني المعنى الفلسفي الأوّلي لمفهوم الحرية، أي حرية التعبير مرتبطة بمسؤولية التعبير. فأنت هنا لا تغرّد وحدك، لكنك ترسل تغريداتك، و غيرك يشترك معك بالضرورة فيما ترسله من خطاب، كما أنه يرسل و يغرّد بقدرة مماثلة لما عندك. و لذا صارت حرية التعبير في تويتر هي المزية و العيب معًا، فحريّة هذا تحتكّ بحرية ذاك مباشرة دون ضوابط مادية و لا زمنية، و هي فعاليةتكشف عن تحوّل الخطاب من الورقة و الصفحة، إلى الالإصبع و الشاشة، و هذا اقتضى سرعة التفاعلحتى لتكون ضربة الإصبع، أسرع من حركة الذهن، و يسبق القول التفكير، و ينكشف المخبوء الذاتي دون رقيب، حتى ليعجز الرقيب الذاتي عن التحكم بسرعة الإرسال، و هذا تغير نوعي عميق في تفاعلية الثقافة، تبعه تكشّف حالة الخطاب، كمن يستحمّ في بيت زجاجي، على شاشة سِمتها أنها كاشفة/ مكشوفة. هنا تأتي أسئلة تويتر بوصفها خطابًا تفاعليًا و نقديًا، و بوصفها حقيقةً (مافوق تفاعلية). يقول الكاتب : "لن تمتلك حريتك التامة لأنك لا تمتلك وجودك التام"، ويضيف أيضاً: "كلما قلصت من حرية غيرك تقلصت حريتك أي تقع في نظرية المستبد الذي ينشغل عمره كله في حراسة استبداده" . بالتالي حرية التعبير في تويتر ترتبط جوهرياً بمسؤولية التعبير، فيدخل الفرد لمواقع التواصل الاجتماعي متحرراً من كل السلطة والتحكمات والقيود ليستخدم لغته التعبيرية والبلاغية في التعامل مع المختلفين عنه الموجودين كما هم دون أي حصانة. و في هذه اللحظة أحياناً ثقافة القبحيات والهجائيات الثقافية تولدُ من حرية التعبير غير المحدود لتتحول الوسيلة من وسيلة لممارسة حرية التعبير إلى ساحة لتمرير الشتائم والهجاء والوسخ، وبالمقابل يأتي الاسم الوهمي كتغليف وقناع للاستمرار في نشر القبحيات؛ لذلك نجد هذه العبارة عن مسؤولية التعبير على غلاف الكتاب: "لسانك حصانك، إذن أظهر فروسيتك، لا حماقتك"..