استقالة جماعية لقيادات أمانة حزب العدل بكفر الشيخ    جامعة بني سويف الأهلية تحقق في قبول 4 طلاب مخالفة لقواعد التنسيق    تراجع أسعار الذهب بعد صعود غير مسبوق والأونصة تستقر فوق 4000 دولار    الاتصالات : تخريج أكثر من 5 آلاف متدرب من مختلف المراحل العمرية من 14 محافظة    إعلام عبري: الجيش الإسرائيلي بدأ تفكيك معسكرات كبيرة في غزة    سوروب: الأهلي في إفريقيا مثل برشلونة وبايرن ميونخ.. والتواجد هناك فرصة فريدة للنجاح    المجلس الأعلى للإعلام يقرر تمديد بث البرامج الرياضية بعد مباراة مصر وغينيا بيساو    الداخلية توجه ضربة قوية لتجار المخدرات.. وفاة 5 عناصر إجرامية شديدة الخطورة    بعد معاينة الطب الشرعي.. جهات التحقيق تصرح بدفن طفل فرشوط بقنا    سكك حديد مصر: وقوف قطارين سياحيين في محطة الجديدة بالشرقية اعتباراً من بعد غدا    مادلين طبر تهنئ غزة بوقف الحرب وتثمن دور مصر    وزير الصحة يوجه بسرعة توفير شبكة إنترنت بوحدة الرعاية المركزة بمستشفى منشية البكري    وكيل الصحة بالدقهلية: متابعتنا مستمرة لرصد أي نواقص بالأدوية وتوفيرها فورا    حبس المتهمين بقتل بلوجر المطرية    برلماني: مصر المدافع الأول عن حقوق الشعب الفلسطيني الإنسانية والسياسية    تزامنا مع احتفالات نصر أكتوبر.. انطلاق فعاليات مشروع المواجهة والتجوال بجنوب سيناء    جائزة نوبل فى الأدب.. توقعات وإحباطات سنوية    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    رأي توفيق الحكيم في المرأة والحب.. السر في البطاطس    الأطفال في القانون، دعوى قضائية تطالب بعدم نشر صور المتهمين منهم والمعرضين لخطر    استمرار تلقي طلبات الترشيح لمجلس النواب بسوهاج    الداخلية تضبط 134 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    زيلينسكى يتهم روسيا بمحاولة زرع الفوضى فى أوكرانيا بقصف منشآت الطاقة    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل محافظ القليوبية لبحث تعزيز التعاون    أشرف زكي لليوم السابع: وقف الحرب انتصار للإرادة المصرية وحفظ حقوق فلسطين    بسبب تراجع الطلب وعزوف المواطنين عن الشراء… فوضى وارتباك فى السوق العقارى    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    67 ألف شهيد و170 ألف جريح.. حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة    الحكومة تعلن أسعار الحديد والأسمنت اليوم.. زيادة جديدة في مواد البناء    محافظ البحيرة تشهد ورشة نقل وتبادل الخبرات بالإدارة المحلية    الرئيس السيسي يوجه رسالة لمنتخب مصر بعد تأهله لكأس العالم    يقتل شقيقه الأكبر بسبب الميراث بالشرقية    إصابة مواطنين في انهيار جزء من منزل بالفيوم    6 ميداليات لمصر في صباح اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف    ارتفاع غير متوقع في أسعار الفراخ اليوم 9 أكتوبر    الصحة العالمية: مستعدون لتلبية احتياجات المرضى في غزة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    آخر موعد للتقدم بأوراق الترشح في انتخابات مجلس النواب 2025    صبحي: لسنا راضين عما حدث بمونديال الشباب وسيتم تغيير الجهاز الفني    طريقة عمل بطاطس بيوريه بالجبن والثوم، أكلة سريعة التحضير ومغذية    السيطرة على حريق شقة سكنية بالصف    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    أسعار الدواجن والبيض بأسواق القليوبية اليوم الخميس 9-10-2025    فيفا: منتخب مصر يمتلك مقومات تكرار إنجاز المغرب فى كأس العالم 2026    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول في بطولة الصعيد لمراكز الشباب    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    السد العالي يستقبل مياه الفيضان من سد مروى بالسودان.. خبير يكشف تفاصيل مهمة    وزير الداخلية: مصر تمضي بثبات وسط عالم يموج بالصراعات والأزمات    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد الكفراوي ل"محيط"بعد تعافيه من المرض : الثورة أنستنى الاعتقال
نشر في محيط يوم 22 - 11 - 2011

يشعر من يقرأ للقاص الكبير سعيد الكفراوي بحالة من الصفاء بعيدا عن ضجيج المدينة وجمودها، وقريبا من عوالم القرية والطفولة والشخصيات الموسومة بالحنين . ويعد الكفراوي أحد رموز الأدب في مصر، وترجمت أعماله للغات عدة . وفي حديثه ل"محيط" بعد الأزمة الصحية الكبيرة التي ألمت به قال أنه سيودع العالم طفلا ، وانتقد حكم العسكر الذي حافظ على النظام القديم الفاسد واكتفى بالإطاحة برؤوسه فقط ، بينما طالب الميدان بإسقاط النظام كاملا .. إلى نص الحوار .
محيط : كيف ترى الأحداث الجارية في ميادين مصر ؟
العسكر ظنوا أن ما نريده هو الخلاص من مبارك ومن حوله، بينما الحفاظ على بنية النظام القديم قائمة، المفترض أن هذه هي النتيجة من وجهة نظرهم لأحداث الثورة.

والحقيقة أن الثورة قامت بهدف التغيير والانتقال بمصر على كافة المستويات، من حالة الضرورة التي كان يعيش فيها الوطن إلى أفق جديد من الحرية. ورغم أن شهور تمضي ووعود تطرح، لكن لاتزال تسيطر الفوضى وحالة الماضي . ولكني أثق أن مصر ستتجاوز كل ذلك وصولا للحرية والعدالة الإجتماعية والانتقال السلمي للسلطة والتعددية الحزبية ، ويعيننا على ذلك أننا شعب قديم له تاريخ وقادر على استعادة وعيه باستمرار .
محيط : وما دور المثقفين في هذه المرحلة الحرجة ؟
المثقفون لم يعودوا فصيل واحد، هم في فصائل متعددة صاحب الأيديولوجية الدينية، والليبرالي القديم، واليساري، والسلفي . والدور الحقيقي لهم هو خلق التكاتف بين كل هذه التوجهات، والأيديولوجيات الفكرية والوقوف لاستيعاب اللحظة ومن ثم المشاركة عبر التراتب الديمقراطي ومن خلال صندوق الانتخابات الوصول إلى حالة سياسية تعبر عن رأي الأغلبية.
التنافر ينتهي إلى طائفية لا نريدها، وإلى فرض رأي على رأي آخر، ما نحتاجه جميعاً من ثقافة مستنيرة وتنوير حقيقي، يفتح طريق لطمأنينة الناس في مستقبل يحقق لمصر أماناً افتقدناه عبر 60 عاما.

محيط : كيف ترى تجربة اعتقالك الآن ؟
كان الاعتقال في زماننا من الأفعال التي تعوّد الناس عليها..أن تكون مع صديق بالأمس على مقهى ثم تسأل عنه في الصباح فيخبرك صديق مشترك من غير مبالاة: "دول اعتقلوه امبارح"!.

كانت الاعتقالات علامة على زمن عبد الناصر، والحقيقة أن أبشع منجزات مشوار حياته السياسية اختراع المعتقل السياسي، والتجاوزات التي كانت تحدث فيه.

أنظر لفترة اعتقال الناس في تلك الأزمان السحيقة أنها أفرزت في النهاية هزيمة 67، استبدال رئيس الدولة نفسه بالأمة، غياب المجتمع المدني، قطع دابر الحرية، هجرة المصريين للخارج، محو كل ما هو إيجابي من الشخصية المصرية، الانفتاح الاقتصادي، الصلح مع العدو، ثم الفساد العارم الذي عشناه مع دولة مبارك، التي احتمت بالثورة وبقوة الماضي بكل أشكاله، سبعون عاماً من حكم العسكر أنهكت مصر.

وانا آخر العمر رأيت ما حلمت به طوال العمر رأي العين، سلام على ثورة المصريين التي كنست أمامها أزمان الهزائم والمظالم والمعتقلات.

ما هو شكل الاستبداد في أدب جيلك ؟

عندما كتب توفيق الحكيم "عودة الروح"، وكتب نجيب محفوظ "القاهرة الجديدة" وكتب يحيى حقي "البوسطجي"، ويوسف إدريس "أرخص ليالي"، وكتب جيل الستينيات قصصه وأشعاره، وواجه جيل السبعينيات مفاسد الانفتاح وسطوة أصحاب المصالح، كان الوعي بالفساد قد وصل إلى نهايته، وبالتالي كل هؤلاء كانوا في 25 يناير يقفون في ميدان التحرير، كتب هؤلاء وهم يحملون الجرس، ويشكلون مع الحداثة وعي الشباب.

الذي كتب "المعذبون في الأرض" في زمنه القديم كان يواجه فساد أحمد عز وجمال مبارك وسكرتير السيد الرئيس، ما كتبناه عن الماكثين في الهامش داخل أزقة قرى تعيش في ظلام العصور، وأكثر النصوص تحمل سؤالها الذي يواجه القمع وتجاوز قيم العدل والحرية، كانت الكتابة في حينها تنحاز وتقاوم، وكان كتابها مؤمنين أن الكتابة قادرة على التعبير عن الناس وأحلامهم في العدل والحرية.

محيط : هل أخرجت ثورة 25 يناير المهمشين من الهامش؟

كما تعرفين أنا أنتمي لقرية مصرية، القرية القديمة التي حكمت عليها المتغيرات بالزوال، أنا أسعى فيما كتبت من قصص للحفاظ على ذاكرة يتهددها الفناء، ربما الآن أحوال هؤلاء البشر قد تغيرت، لكنهم كانوا في الزمن الماضي من أهل الهامش، الأجراء والمأجورين والمدرسين وبعض عمال مصانع الغزل والعجائز الجالسين على مرابط الحيوان، هؤلاء الذين رأيتهم يزرعون ويحصدون ثم يحملون المحصول على دوابهم إلى مراكز التجميع ولا يقبضون شيئاً، وعاشوا طوال عمرهم أشبه بالعبيد للوالي خدام أمير المؤمنين، وللباشا صاحب الأرض وبنك التسليف.

تتهيأ 25 يناير لفتح أبواب الحرية، وسوف تسهم في أن ينتقل المصريون من حالة التخلف المزري إلى حالة الحرية.

محيط : لماذا تحتفل قصصك بالموت ، ويكون فيها جميلا ؟
- الموت جميل لأنه بعد الحياة تأتي الفردوس في آخر مطافها، والرواية القصيرة "يا قلب مين يشتريك" تجربة عن الموت، تجربة مروعة عن رجل مات للحظات ثم عاد، لا يذكر إلا أن والده الميت قد طلب منه أن يعود إلى الدنيا، فعاد..يومها نظر من نافذة المستشفى على شجرة كأنها تزدهر في الجنة فأدرك أن الموت ليس مرعباً لهذه الدرجة.

يرافق الكتابة عن الموت حنو الكاتب على الحياة وعشقها وخلودها، وأنا في كل أحوالي أعيش على مقولة أسترشد بها على قسوة الواقع وهي: أنا متفائل ولكني حزين، والحياة جديرة بأن تعاش.

محيط : لماذا لا تركز أعمالك كلها تقريبا على عنصر الزمن ؟

- لا أمل من تكرار ما قاله أستاذي العظيم شكري عياد عن الزمن في قصصي، حيث يقول: "الزمن عند الكفراوي كتلة واحدة لا يتميز فيها الماضي عن الحاضر أو المستقبل، القصة تتحول إلى تمثال حين يتحول الزمن إلى زمن بئر تتقطر فيه تجارب البشرية التي لا تختلف في جوهرها بين إنسان عاش منذ آلاف السنين وإنسان يولد اليوم أو يموت في قرية مصرية، فالولادة والموت أيضاً لا فرق بينهما في الزمن البئر، الذي يعني مفهوم الفنان للخلود والحضارة والروح وتاريخ الإنسان".

كل الناس الذين في القصص يدورون في مساحات من شفافية الفناء باحثين عن عزاء لأرواحهم، مواجهة الزمن، ولواذ للحنين، وإدراك لأحوال الحياة والموت، بؤرة ما يشغلني وأكتب عنه.

محيط : هل ترى أننا نعيش عصر الرواية وليس القصة في الأدب ؟

- شاعت في الفترة الماضية مقولة للدكتور جابر عصفور بأننا نعيش زمن الرواية، حيث يرى أن الانجازات المتميزة بتراثها الكمي للرواية وقدرتها على التقاط الأنغام المتباعدة لإيقاع عصرنا والتعبير عن الطبقة الوسطى ، كلها عوامل تؤهل الرواية لأن يكون زمنها هو الراهن .

وقد ضيعت عمري مع 13 مجموعة قصصية، وكنت أنظر إلى يوسف إدريس ككاتب قصة وكذا خورخي بورخيس الذي قضى نحبه وهو يكتب القصص باعتبارها مادة لحفظ الزمن، وأنا بطبيعتي أفر من الضجيج وأمكث هناك على الجبل، لا أحد سواي يدرك نعمة ما أنا فيه، فما بالك بالأصوات التي تصر على حفظ المقام، ورتبة الريادة، في هذا الحشد الروائي لن تجديني، أفر هناك ناحية هذا الشكل الذي لا بطل له، شكل القصة القصيرة.
محيط : ماذا عن الأطفال الذين يسعون على الورق في قصصك ؟
آه الطفولة!! ذلك الشئ الذي لا ينقضي أبداً، وكلما أوغل الإنسان في العمر ازدهرت حقوله وحضر ماضيه، ما الذي يجعل زمناً بعينه مشرقاً لا تنطفئ أنواره؟ يقول أستاذي ادوارد الخراط: أن الطفل أب الرجل، والطفولة ذلك الإرث الفادح الذي أحمله على ظهري ، هو ذلك الغلام الذي يسعى على الورق والمحتشد قلبه بالأسئلة وبقسوة الكبار.

في قصة "الجواد للصبي الجواد للموت" التي اعتبرها ادوارد الخراط من فرائد القصة العربية، كان الهِرم قد أطاح بعمر الجواد، والمرض اخترق ذاكرته، وكان لابد من إعدام، وتم الإعدام أمام الغلام، كان الغلام في مواجهة افتراس الأيام، هي طفولة مفترسة، طفولة مثل حد السكين ظلت تشكل وعي الكاتب وذاكرته، فتدفقت مثل جمل موسيقية في نشيد طويل متعدد الإيقاع والرؤى، اعترف بأن الله قد خلقني طفلاً، وبعد هذا العمر سوف أودع العمر طفلاً.

محيط : هل تتفاءل بمستقبل مصر بعد الثورة؟

نغم، فأسوأ ما قدمته سنوات ثورة يوليو 1952 وحتى 11 فبراير الجاري هو إصرارها الدائم عبر سياق وجودها السياسي وأفعالها المشينة على هزيمة الروح عند المصريين، الآن يخرج المصريون بعد ثورتهم إلى أفق جديد فيه الحرية ضرورة الوجود، وللمثقف دور، وللقانون دور وللمجتمع المدني بكل مؤسساته الطريق نحو للمستقبل، أريد أن أموت حالماً بمستقبل كريم لشعب هذا الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.