اهتمت الصحف المصرية والعربية بأوضاع ميدان التحرير وتجدد الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين حيث رأى البعض أن ما يحدث هو موجة ثانية من الثورة بعد أن أخفق المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية، رأى آخرون أن المجلس يحاول احتواء الغضب بإقالة الدكتور عصام شرف رئيس الحكومة وإصدار مرسوم بقانون العزل السياسي. تسارعت جهود القوي السياسية المختلفة أمس لتهدئة الوضع في ميدان التحرير, والوصول إلي حل للأزمة, في الوقت الذي استمرت فيه الاشتباكات المتقطعة بين المتظاهرين وقوات الشرطة, وأدت إلي مصرع 23 شخصا بالقاهرة وآخر بالإسكندرية, منذ صباح السبت الماضي.
وكتبت صحيفة الأهرام "شائعة تتسبب في تجدد المواجهات الدامية بين المتظاهرين والأمن"، مشيرة إلى أنه بعد مرور نحو48 ساعة من الحرب الدائرة بميدان التحرير بين المتظاهرين وقوات الأمن المشتركة من الشرطة والجيش, تم الاعلان في الثالثة والنصف من صباح أمس عن الاتفاق الذي أبرمه ممثلون عن المتظاهرين من جانب وقيادات الشرطة والجيش من الجانب الآخر.
وأضافت الصحيفة: بعد الاعلان عن الاتفاق أخلي المتظاهرون الشوارع المؤدية الي مبني وزارة الداخلية والعودة الي الميدان وبدأت بالفعل مجموعات من الشباب بتنظيف أرض الميدان من القمامة, حتي أطلق عدد من الشباب شائعة في التاسعة صباحا عن توجه قوات الأمن الي الميدان لاقتحامة فهرع المتظاهرون الي شارع محمد محمود لصد الهجوم المزعوم.
فيما كشفت مصادر رفيعة المستوى لصحيفة المصري اليوم أن الدكتور عصام شرف يدرس والجريدة ماثلة للطبع تقديم الاستقالة من جانب واحد، بعد أن رفضها المجلس العسكري.
وسيطرت أحداث التحرير على عناوين الصحف المصرية، حيث جاء في صحيفة الأهرام "نيران المواجهات تحرق مبادرات التهدئة" و"البورصة تخسر10 مليارات جنيه والدولار يكسر حاجز ال6 جنيهات".
وفي صحيفة الجمهورية "حرب شوارع بالميدان لليوم الثالث" "حكومة شرف تستقيل.. تأسف لسقوط ضحايا.. وتدعو المواطنين لضبط النفس" و" مصدر عسكري : الانتخابات لن تؤجل تحت أي ظرف".
وفي صحيفة الأخبار "الشعب يريد حكومة إنقاذ" "23 شهيدا في يومين.. بأي ذنب قتلوا"، مظاهرات غضب في القاهرة والمحافظات ودعوة إلى مليونية حاشدة اليوم".
وفي صحيفة المصري اليوم "الهدنة تفشل على «الجبهة».. و«شرف» يدرس الاستقالة من جانب واحد"، "القوى السياسية تدعو ل«مليونية التوافق المدنى» اليوم" "العفو الدولية: «المجلس العسكرى» ارتكب انتهاكات تجاوزت عهد «مبارك».. وسحق آمال الثورة".
وكتبت صحيفة الوفد في صدر صفحتها "من يطفئ النار؟!" و"المعتصمون يهددون بالانتحار الجماعي في النيل والتحقيق مع 107 من المتظاهرين".
وفي الصحف العربية كتبت صحيفة الشرق الأوسط " مصر: عشرات القتلى والجرحى حصيلة اليوم الثالث في مواجهات مع قوات الأمن" "الحكومة المصرية تقدم استقالتها إلى المجلس العسكري" "ميدان التحرير في قبضة شباب الثورة".
فيما كتبت صحيفة القدس العربي " مليونية واعتصام في 'التحرير' لاسقاط حكم العسكر" "استقالة حكومة شرف وقانون عزل لاحتواء الغضب.. الثوار يمنعون الاحزاب من دخول الميدان".
وقال الكاتب ياسر رزق رئيس تحرير صحيفة الأخبار: يقبع السفاح حبيب العادلي في زنزانته بمزرعة طرة قرير العين مرتاح البال، يتابع ما يجري في ميدان التحرير والميادين الرئيسية بعواصم المحافظات، وهو يقول لنفسه: »اللي علِّم ما ماتش«! مازال رجاله وتلاميذه في وزارة الداخلية يكملون مسيرته، ينكلون بالمتظاهرين، ويقمعون الاحتجاجات، يلقون بقنابل الغاز ويطلقون بنادق الخرطوش علي عشرات الآلاف من المواطنين المعتصمين، بزعم أنهم بلطجية خارجون علي القانون، بينما البلطجية الحقيقيون يعربدون في شوارع القاهرة والمحافظات في أمان تام، يعملون لحساب القوي المضادة للثورة.
وقال الكاتب طارق الحميد في صحيفة الشرق الأوسط : ما نشاهده في ميدان التحرير بالقاهرة اليوم هو معركة تأخرت، ومنذ إسقاط، أو تنحي، نظام مبارك، حيث كان من المتوقع حدوث تلك المعركة، لكنها تأخرت كثيرا، وهي معركة بين ثلاثة أطراف، المؤسسة العسكرية من ناحية، والإخوان ومعهم السلفيون بالطبع، والطرف الثالث هو شباب الثورة.
وأضاف: عندما نقول إن الجيش توهم خطأ حين تعامل مع الإخوان، فإن المجلس العسكري- كما يقول لي مراقب مصري ذكي- «تناسى أن تاريخ الإخوان، سياسيا، يقول إنهم قد يركبون معك القطار، لكنهم يغادرونه قبل المحطة المتفق عليها» أي لا يلتزمون بوعد. وبالطبع فإن إخوان مصر ليسوا إخوان تركيا الذين خاضوا لعبة السياسة في بلادهم وفق شروط موضوعة، أي دستور معد من الأصل، بينما إخوان مصر يتأهبون للعب وفق شروط قد يضعونها هم عندما يكتبون الدستور، في حال كان لهم الأغلبية، وما لم يتحرك «حزب الكنبة» كما يأمل البعض في مصر.
فيما كتب عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي "مصر تستكمل ثورتها"، وقال: إن المجلس العسكري الحاكم أمامه فرصة لإنقاذ نفسه وسمعته، وإنقاذ البلاد من الفوضى وعدم الاستقرار، واستعادة ثقة الشعب، تتمثل في خروج رئيسه الى هذا الشعب، وتحديد موعد واضح لانتخابات الرئاسة اقصاه منتصف العام المقبل، والتعهد بالعودة الى ثكناته، وممارسة دوره الطبيعي المنوط به، اي الابتعاد عن السياسة كليا، والتركيز على ممارسة واجباته الطبيعية المنصوص عليها في الدستور، اي حماية البلاد من اي عدوان خارجي.
وقال الكاتب عاصم عبد الخالق في صحيفة الأهرام : توحي المعركة المحتدمة حاليا بين الليبراليين والإسلاميين بان مصر باتت منقسمة إلي فريقين ينحاز كل منهما لأحد المعسكرين، مضيفا أن خوف العلمانيين من وضع الإسلاميين لبصماتهم علي الدستور مفهوم. ولكن رغبتهم المفترضة في اللجوء إلي وسائل غير ديمقراطية هو تهديد للديمقراطية يماثل أي محاولة من جانب الأحزاب الإسلامية لفرض توجهاتها علي البلاد.
وتابع: إن رغبة الديمقراطيين- غير الديمقراطيين- في إطالة أمد الحكم العسكري, بهدف تعطيل انتخابات قد تؤكد مخاوفهم من أن الأحزاب الإسلامية أكثر شعبية من تلك الليبرالية, ستؤدي إلي إعادة ظهور نظام مشابه لنظام مبارك. وهذا بدوره قد يؤدي لتشدد أكثر من جانب الإسلاميين بل ويجعلهم أكثر تهديدا للعلمانيين.
وشدد صحيفة الأهرام في افتتاحيتها على أهمية الحوار الواعي والمستنير بين القوي السياسية وصولا الي التوافق الوطني حول القضايا التي تشكل مسار الأمة ومصيرها هو السبيل الأمثل للخروج من الأزمة الراهنة، وقالت: لعل نقطة البداية لتجاوز أزمة التباين الحاد أحيانا في وجهات النظر بين القوي السياسية, هي إعلاء المصالح العليا للوطن علي الاعتبارات الشخصية والحزبية.
وأضافت : هذا هو السبيل إلي تهميش التطرف في إبداء الرأي, ووأد العنف والفوضي في الشارع السياسي, وفي ذات الوقت, فإن المرحلة الراهنة ينبغي أن تتسم بالشفافية علي نحو يبدد الغموض المثير للقلق, والشفافية والمصارحة هنا ليستا ترفا, وإنما ضرورة للوعي بقضايا الوطن ومشكلاته وسبل التوصل الي حلول موضوعية وعلمية لها.
فيما شدد صحيفة الجمهورية في افتتاحيتها على أنه "حانت ساعة الوحدة بين المصريين مهما كانت انتماءاتهم السياسية أو العقائدية أو الفئوية. وقالت: إن "الوطن في خطر ينتظر من أبنائه الارتفاع فوق الانتماءات إلا الانتماء لمصر مهما تكلف ذلك من تضحيات مهما كانت فهي رخيصة أمام انقاذ مصر".
وقال الكاتب صلاح منتصر في مقاله بصحيفة المصري اليوم إن من المتناقضات أن يتحدث الكثيرون عن ضرورة استعادة جهاز الشرطة قوته حتى يستطيع الإمساك بالأمور وتحقيق الاستقرار المفقود وحماية الشارع من سيطرة البلطجية، إلا أنه ما إن ترفع الشرطة عصاها لضبط حركة الشارع حتى تنطلق فى وجهها صرخات المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات..
وأضاف: "كأن المطلوب أن تطبطب الشرطة على المتظاهرين الذين يريدون اقتحام مقارها، وقطاع الطرق، الذين يعطلون مصالح المواطنين ويستنزفون اقتصاد الوطن، ولا يرون كيف تتعامل الشرطة مع المظاهرات فى اليونان وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا وأمريكا".
وقال الكاتب عمرو الشوبكي في صحيفة المصري اليوم لا يوجد حل بعد كل هذا التخبط إلا تشكيل حكومة إنقاذ وطنى تشارك المجلس العسكرى إدارة المرحلة الانتقالية، وإذا نجحنا فى العبور بالبلاد من أزمتها التى تحيط بها وأجرينا انتخابات آمنة، فإن بديل حكومة الإنقاذ الوطنى سيظل أيضا هو المخرج من أسوأ إدارة سياسية عرفها بلد فى مرحلته الانتقالية.
وأضاف: إن مشروعية البرادعى الذى ظل واقفا بصلابة خارج منظومة مبارك مؤكدة، على عكس آخرين بلعوا فجأة حبوب الشجاعة وتصدروا المشهد السياسى بعد أن صمتوا طويلا وتحدثوا عن تسليم فورى للسلطة، حين تصوروا أن هذا التسليم سيصب في صالحهم فقط.
وفي محاولة لاحتواء الموقف، أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة أمس, مرسوما بقانون حول إفساد الحياة السياسية في مصر, وقد حمل المرسوم رقم131 لسنة2011, وتضمن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 والمعدل بالمرسوم رقم 173 لسنة 1953.
وأشارت صحيفة الأهرام إلى أن التعديلات تضمنت تغيير تسمية القانون إلي إفساد الحياة السياسية, بدلا من الغدر مع الاحتفاظ بالتوصيف الجنائي للجرائم التي يعاقب عليها ذلك التشريع. وحدد القانون جريمة الإفساد بكل عمل من شأنه إفساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصلحة البلاد أو التهاون فيها.
فيما أشارت صحيفة الأهرام إلى أن حكومة الدكتور عصام شرف وضعت استقالتها أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة اعتبارا من الأمس ، مشيرة إلى أنه تقديرا للظروف الصعبة التى تجتازها البلاد فى الوقت الراهن فإن الحكومة مستمرة فى أداء مهامها كاملة لحين البت فى الاستقالة.