أكد المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية مواقفه الثابتة في نبذ الإرهاب والتطرف، بكافة أشكاله وصوره، ومهما كانت دوافعه ومبرراته، وأيا كان مصدره، وتجفيف مصادر تمويله، مشددا على التزامه بمحاربة الفكر المنحرف الذي تقوم عليه الجماعات الإرهابية وتتغذى منه، بهدف تشويه الدين الإسلامي البريء منه. كما أكد أن التسامح والتعايش بين الأمم والشعوب من أسس سياسة دول المجلس، الداخلية والخارجية، مشددا على وقوفه ضد التهديدات الإرهابية التي تواجه المنطقة والعالم . جاء ذلك في البيان الصادر اليوم الخميس في ختام أعمال الدورة ال36 للمجلس بالرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ومشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وشدد المجلس الأعلى على ضرورة التعامل بكل حزم مع ظاهرة الإرهاب الخطيرة، والحركات الإرهابية ومن يدعمها، مشيدا بجهود الدول الأعضاء في هذا الخصوص على كافة المستويات الدولية والإقليمية، وأكد على تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في دعم المركز الدولي لمكافحة الإرهاب بنيويورك وتنسيق الجهود وتبادل المعلومات. وأدان المجلس الأعلى الهجمات الإرهابية التي شنها تنظيم "داعش" الإرهابي في العاصمة الفرنسية باريس، معربا عن وقوف دول المجلس ومساندتها لجهود فرنسا وشعبها في كل ما تتخذه من إجراءات، كما أدان الأعمال الإرهابية التي ارتكبها التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية في الولاياتالمتحدةالأمريكية وتونس ومالي وبيروت وبغداد وغيرها، وأكد مواصلة مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه، واجتثاث تنظيماته المعادية لكافة الشرائع السماوية والقيم الإنسانية. وعبر المجلس الأعلى عن مواقفه الثابتة والراسخة حيال قضايا المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مؤكدا أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل الكامل من كافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967م، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، طبقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة . كما أدان المجلس استمرار احتلال إسرائيل للأراضي العربية، والإجراءات الإسرائيلية لتغيير هوية ومعالم القدس الشريف، واستمرار الاستيطان والاعتقال التعسفي والعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، كما أدان بشدة الانتهاكات التي تقترفها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني والتصعيد الخطير في الهجمات الممنهجة التي تقوم بها إسرائيل على المسجد الأقصى والقدس الشريف منذ بداية شهر أكتوبر 2015م، بهدف تقسيم المسجد المبارك زمنيا ومكانيا، وتهويد القدس الشريف وعزله عن محيطه الفلسطيني والعربي، وكذلك الاعتداءات المتكررة من المسؤولين والمستوطنين الإسرائيليين على حرمة المسجد الأقصى المبارك في انتهاك صارخ لأبسط حقوق الإنسان. وناشد المجلس الأعلى المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته، واتخاذ كل ما من شأنه حماية الشعب الفلسطيني والمقدسات الدينية، ودعا إلى تكثيف الجهود للضغط على إسرائيل من أجل حملها على إيقاف هذه الممارسات التي تخرق قرارات الشرعية الدولية والقيم الإنسانية، كما شدد المجلس الأعلى على أن المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي العربية المحتلة غير شرعية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة أساسية في طريق تحقيق سلام دائم وشامل، داعيا الدول المانحة للوفاء بالتعهدات المالية التي تم تقديمها في "مؤتمر القاهرة" لإعادة إعمار غزة، مشددا على أهمية رفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع. وجدد المجلس الأعلى التأكيد على مواقفه الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال الجمهورية الإسلامية الإيرانية للجزر الثلاث "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى" التابعة للإمارات العربية المتحدة، والتي شددت عليها كافة البيانات السابقة، كما أعرب المجلس الأعلى عن رفضه التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وطالب بالالتزام التام بالأسس والمبادئ والمرتكزات الأساسية المبنية على مبدأ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها. كما أعرب عن رفضه لتصريحات بعض المسؤولين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ضد دول المجلس والتدخل في شؤونها الداخلية، ومحاولة بث الفرقة وإثارة الفتنة الطائفية بين مواطنيها في انتهاك لسيادتها واستقلالها، كما طالب المجلس إيران بضرورة الكف الفوري عن هذه الممارسات والالتزام بمبادئ حسن الجوار والقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، بما يكفل الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها. وأكد المجلس الأعلى على ضرورة الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة دول (5 + 1) في يوليو 2015، بشأن برنامج إيران النووي، مشددا على أهمية دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهذا الشأن وضرورة تطبيق آلية فعالة للتحقق من تنفيذ الاتفاق والتفتيش والرقابة، وإعادة فرض العقوبات على نحو سريع وفعال حال انتهاك إيران لالتزاماتها طبقا للاتفاق. كما أكد أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2231 (يوليو 2015) بشأن الاتفاق النووي، بما في ذلك ما يتعلق بالصواريخ الباليستية والأسلحة الأخرى، وأعرب المجلس عن قلقه البالغ بشأن إطلاق إيران لصاروخ باليستي متوسط المدى قادر على حمل سلاح نووي (10 أكتوبر 2015)، مشددا على أن ذلك يعتبر انتهاكا واضحاَ لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1929. وأكد المجلس على أهمية جعل منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية، وأنه من حق جميع الدول الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وضرورة معالجة المشاغل البيئية لدول المنطقة، وتوقيع إيران على كافة مواثيق السلامة النووية، مشيرا إلى مواقفه الثابتة في الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية. وأعرب أيضا عن بالغ القلق إزاء تفاقم الأزمة السورية وتدهور الأوضاع الإنسانية، مشيدا باستضافة المملكة العربية السعودية لمؤتمر المعارضة السورية دعما منها لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة الأراضي السورية، وفقا لمقررات جنيف 1، كما دعا المجلس المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته بدعم اللاجئين من سوريا، منوها بالجهود والمساعدات التي تقدمها دول مجلس التعاون لتخفيف المعاناة الإنسانية للنازحين واللاجئين من الشعب السوري الشقيق. وفي الشأن اليمني، أشاد المجلس الأعلى بالانتصارات التي حققتها المقاومة الشعبية والجيش الموالي للشرعية ضد ميليشيات الحوثي وعلي عبد الله صالح، وتحرير عدن وعدد من المدن والمحافظات اليمنية، مؤكدا استمرار الدعم والمساندة للرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته الشرعية، ومواصلة العمل لإعادة الأمن والاستقرار لكافة ربوع اليمن الشقيق. وأشاد بالجهود التي تبذلها الأممالمتحدة من خلال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في الجمهورية اليمنية إسماعيل ولد الشيخ أحمد لتنفيذ القرار 2216، مرحبا بالإعلان عن استئناف المشاورات في سويسرا بتاريخ 15 ديسمبر 2015، وموافقة الحكومة اليمنية على المشاركة بها. وفى الشأن العراقي، أعرب المجلس الأعلى عن أمله في أن يؤدي قرار الحكومة العراقية ومجلس النواب باتخاذ خطوات عملية لمعالجة الفساد، وتردي الأوضاع الخدماتية إلى تصحيح مسار العملية السياسية، بما يحقق مشاركة فاعلة لجميع أطياف الشعب العراقي، وتنفيذ كافة الإصلاحات التي سبق الاتفاق عليها عام 2014، تحقيقا للمطالب التي ينادي بها الشعب العراقي الشقيق. وفي الشأن الليبي، أكد المجلس الأعلى على الحل السياسي للوضع في ليبيا برعاية الأممالمتحدة، وحث جميع أطراف الأزمة بتغليب المصلحة العليا لإعادة الأمن والاستقرار في ليبيا ، معبرا عن قلقه بشأن تصاعد العمليات المسلحة وأعمال العنف في ليبيا من قبل المجموعات المتطرفة المسلحة، وأكد على الالتزام بسيادة واستقلال وسلامة الأراضي الليبية ووحدتها الوطنية. ومن ناحية أخرى، أشار البيان إلى توجيه المجلس الأعلى للمجلس الوزاري الخليجي باستمرار المشاورات واستكمال الدراسة بشأن مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، كما صادق المجلس على قرارات مجلس الدفاع المشترك في دورته الرابعة عشر بشأن مجالات العمل العسكري المشترك، والتي كان في مقدمتها الخطوات الجارية لتفعيل القيادة العسكرية الموحدة، واعتماد الموازنة المخصصة لها ومتطلباتها من الموارد البشرية. كما قرر المجلس الأعلى تجديد تعيين الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني أمينا عاما لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لمدة ثلاث سنوات أُخرى تبدأ من أول أبريل 2017، وذلك تقديرا للجهود الكبيرة التي يبذلها الأمين العام، وإسهامه الفعال في تعزيز مسيرة المجلس، متمنيا له التوفيق والنجاح في مهامه خلال الفترة القادمة. وكان خادم الحرمين قد التقى قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المشاركين في أعمال الدورة السادسة والثلاثين للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، وأعلن في الجلسة الختامية للقمة ختام أعمال القمة.