بالصور.. كنيسة رؤساء الملائكة تحتفل بأحد الشعانين    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. أسرة محمد صلاح ترفض التدخل لحل أزمته مع حسام حسن    اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في عدد من الجامعات الأمريكية    الزمالك يسعى لخطف بطاقة التأهل أمام دريمز بالكونفيدرالية    عاجل.. مدحت شلبي يفجر مفاجأة عن انتقال صلاح لهذا الفريق    الفرح تحول لجنازة.. تشييع جثامين عروسين ومصور في قنا    حالة الطقس اليوم الأحد ودرجات الحرارة    الأزهر: دخول المواقع الإلكترونية المعنية بصناعة الجريمة مُحرَّم شرعاً    البنوك المصرية تستأنف عملها بعد انتهاء إجازة عيد تحرير سيناء.. وهذه مواعيدها    عيار 21 بكام.. انخفاض سعر الذهب الأحد 28 أبريل 2024    الأهرام: أولويات رئيسية تحكم مواقف وتحركات مصر بشأن حرب غزة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 28 أبريل    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    كينيا: مصرع 76 شخصًا وتشريد 17 ألف أسرة بسبب الفيضانات    محاكمة المتهمين بقضية «طالبة العريش».. اليوم    موعد مباراة إنتر ميلان وتورينو اليوم في الدوري الإيطالي والقناة الناقلة    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من قتل كيندى؟!!
نشر في محيط يوم 31 - 10 - 2015

في الليلة الليلاء يتبدى القمر ليبدد حُلكة الظلمات ويحيى الموات وينقشع الغمام، ويفيض النور علي الملكوت والأرض، والغريب والمثير والعجيب والجديد أن قمرنا هنا كان قمرا أمريكيا أباً عن جد مائة في المائة، وأن اسمه الذي سيكتبه التاريخ بأحرف من نور هو «وليام باسيت» وشغلانته قائد بإحدى القواعد الصاروخية إبان أزمة خليج الخنازير عام 62 التي أمرت فيها القيادة الأمريكية قواعدها الصاروخية الواقعة فى جزيرة «أوكيتاوا» اليابانية في بحر الصين الجنوبي بإطلاق 32 صاروخا حاملا للرءوس النووية علي عدة مدن في دول كانت تحكمها أحزاب شيوعية، الأزمة التى ركب فيها كل من كيندى وخروشوف رأسيهما و..سيب وأنا سيب.. و..شيل صواريخك.. لمّا تشيل إنت الأول.. التاريخ سيكتب أنه في منتصف ليلة 28 أكتوبر 62 تلقي الكابتن وليام أمرا سياديا مُلزما بإطلاق صواريخ مزودة بقنابل نووية علي كل من مدينة «فلايفوستوك» الواقعة في أقصى الشرق الروسي، وكل من العواصم «بكين» في الصين و«بيونج يانج» في كوريا، و«هانوى» الفيتنامية، ونظرا لأن الأوامر العسكرية الفوقية لابد من تلبيتها تحتيا وبلا تردد، ولو لثانية واحدة التي قد تفرق في زمن الحرب والتربص وصاحب الضربة الأولي والأزرار المهلكة والتكنولوجيا المدمرة ومندوبى الشيطان، ولكن يشاء القدير أنه «كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله،
ويسعون في الأرض فسادا واله لا يحب المفسدين» أن يصيب و«ليمنا» هذا بالتردد في تلك الثانية الحرجة، ولا سيما وقد رأى بعينه الثاقبة ورؤيته العسكرية المتمكنة أن تأهب جميع القوات كان علي درجة المستوى الثانى، ولم يتم بعد رفعه إلي مستوى الحد الأقصى الذي يتعين فيه علي الفور استخدام أسلحة الدمار الشامل، كما أن ثانية التردد الإلهية تلك ضمت شكوك باسيت في سلامة وصحة القرار الخطير من أن ثلاثة من الأهداف الواجب تدميرها بزرار كان تقع خارج حدود الاتحاد السوفيتى نفسه، ولهذا كله لم يُقدم الرجل المتزن المتعقل المتأنى الحصيف الرزين الكبير العظيم المحترم.. المنقذ.. علي تنفيذ الأمر الانتقامى الملتاث، بل قام علي الفور بالاتصال بعدة قواعد أمريكية أخرى لينصحها بإبقاء صواريخها خامدة في قواعدها «لعن الله من يوقظها ويطلقها من عقالها ليجيب الدنيا عاليها واطيها»، هذا ولم تنحصر بطولة باسيت فقط علي ما جرى وما قد جرى ظل يُجرى البحار والأنهار والدماء في مسارها وعروقها بل إنه عندما لمح بطرف عينه أحد ضباط القاعدة يشرع في مد يده تجاه زرار منصة التنفيذ أدار رأسه فى لحظة فارقة لزميل ثالث تفهَّمَ رسالته علي الفور ليقوم بإطلاق النار علي من أزمع في نفسه المضطربة فتح باب جهنم.. ويحظر باسيت علي جميع العسكريين الذين شاهدوا الواقعة بالقاعدة الصاروخية إفشاء ما جرى، حتي أنه يرحل في عام 2011 وسره معه لم يطلع عليه العالم ليظل كامنا علي مدي 43 عاما اللهم إلا يوم الأحد الماضي عندما كشف الستار عنه «جون بوردن» أحد ضباط القوات الجوية الأمريكية في حديث أدلى به إلى مجلة العلوم النووية الأمريكية ليغدو حديث الساعة وكافة نشرات الأخبار العالمية إلا أخبارنا في مصرنا حتى هذه الساعة، وعذرنا انشغالنا بغرق اسكندرية وانتخابات الإعادة وموقف جمهور الأهلي والناس المثقفة والسلفية المتأرجحة لحزب النور و..زيارة يانى واللافت للنظر والجدير بالذكر أن التاريخ الرسمى لانتهاء أزمة الصواريخ في عام 62 صادف نفس اليوم أى 28 أكتوبر، أى بمجرد مضي الساعات الحرجة التى مرت في قاعدة «وليام سيت» علي أطراف الأصابع وكان يمكن لسكان الأرض بعدها ألا يستيقظوا في الصباح لولا.. تردد وليام..
والسؤال: من أصدر قرار إطلاق الصواريخ؟.. كيندي أم قاتله؟ أم هو صاحب المصلحة في وضع العالم علي حافة الهاوية؟!!
الطريق إلى الهند..
التوجه إلى الهند لرئاسة وفد مصر في قمة منتدي الهند افريقيا 2015 المقام باستاد أنديرا غاندى الوطنى بمشاركة ملوك ورؤساء حكومات الهند وأفريقيا.. ضربة معلم.. يا معلم.. فصورة الرئيسين المصري والهندي.. السيسي وبرناب موخرجى.. تحيى من جديد أواصر العلاقات التاريخية بين مصر والهند أيام ناصر ونهرو وقمة عدم الانحياز في باندونج.. الطريق إلي الهند يعنى الذهاب إلي أكبر الشركاء التجاريين لأفريقيا.. إلى ثانى أكبر قوة بشرية في العالم.. إلى أسرع دولة في مجالات التنمية خاصة في البحوث العلمية والنووية.. إلي دولة تخطط للذهاب إلى المريخ في القريب العاجل.. إلي أكبر جالية مسلمة في العالم تشكل 120 مليون مسلم.. إلي أقوى ظهير اقتصادى لإيران في فترة العقوبات الاقتصادية عليها.. إلي أقوى عمالة بشرية في الخليج العربي.. إلي تعزيز الاستثمارات الهندية في مصر في مشروع التنمية بمنطقة القناة.. إلي موطن غاندى والمقاومة السلمية.. إلي بلد محمد إقبال أكبر شعراء الهند المسلمين القائل: «العرب لا يعرفون شيئاً عن نغماتى الشجية.. إننا كمسلمين العالم كله وطننا.. وكل من يكون متاعه عشق المصطفي يكون البر والبحر في طرف ذيله»..
«بابلو» على مائدة النساء
بجميع لغات العالم شرحوه بالقلم وحللوه لوناً وماء وزيتاً ونفذوا إلي مسام حياته الطويلة ليكتبوا عنه وعن فنونه مؤلفات بلغت 450 كتاباً، ولكونه فناناً كانت المرأة توءماً لإلهامه.. في حياته التي طالت إلى 91 عاماً دخلت حواء حبيبة وعاشقة وتلميذة ومنجذبة إلي هالة الشهرة التي تحيط بفارس الفن فى القرن العشرين بابلو بيكاسو.
عندما اخترق النقاد حياته ظهرت على السطح عدة أسماء نسائية أصبحت ملتصقة بتاريخ الفنان، ولأن التحقيق مازال مستمرا حول خبايا صاحب الستين ألف قطعة فنية فقد خرجت الأنباء باكتشاف جديد يلقي الضوء على حبيبة ظل بيكاسو يحيط قصتها معه بسرية بالغة حتى عن أقرب الأصدقاء إليه رغم أربع سنوات حب جمعتهما معاً لتلهب ريشته فيها حوارات مسجلة بأرق مشاعر حملها بابلو للحسناء «جابي ليسبيانس».
وحتى تصل إلى خفقة قلب بيكاسو للجميلة «جابى» نعود بصفحات حبه للبداية.. كانت صاحبة البصمة الأولي علي قلبه هى أمه ماريا بيكاسو الإيطالية الأصل التي أعجب بابلو باسم عائلتها «بيكاسو» ووجده أكثر موسيقية من اسم أبيه «خوزيه رويزر»، الرسام المغمور، فاختاره لنفسه ليصبح بابلو بيكاسو.. رحلت به موهبته في الرسم التي بدأها وهو طفل لم يتجاوز العاشرة، من «مالاجا» القرية الصغيرة بإسبانيا إلي برشلونة ثم إلي العاصمة مدريد.. بعدها في عام 1900 سافر إلى باريس منبع الفن والجمال وكان في سن ال19 ليعيش حياة الحرمان، وهنا يبزغ أول حب له عندما تعرف على «فرناندا أوليفييه» التي هجرت زوجها القاسى لتذهب إلى عالمه حتى يأتى النجاح بعد 7 سنوات مريرة فيهجرها إلي أخرى هى مارسيل جوبل التي غيَّرَ بيكاسو اسمها إلى «ايڤا».. ولم يهنأ الحبيبان طويلا فقد فرق بينهما المرض عندما أصيبت بداء الصدر ودخلت المستشفي لتمضي شهورا في غيبوبة لا يفارقها فيها بيكاسو بل يظل ساهرًا إلي جوارها عل مقعد ممسكاً بيدها كالعصفور بين يديه مع شعور متصاعد داخله بحاجته لمن يمسك بيده هو.
وتظهر في الأفق «جابى» أميرة الحب السرى في حياة بيكاسو، لتجد مناخ القلب مهيأ لاستقبالها، ومع رحيل «إيڤا» عاش الفنان قصة حب جديد ملتهب يقول عنه النقاد في البحث عن بدايته.. إن اللقاء تم في المستشفي حيث كانت «جابى» تقوم بزيارة صديقتها «إيڤا» الراقدة علي فراش الموت والتي كانت تماثلها في انحدارها من عائلة عريقة إلا أن نزعتهما معاً كانت بوهيمية.. ويجمع الباحثون في تاريخ بيكاسو المعلومات عن «جابى» ولا يخرجون بالكثير اللهم إلا أن اسمها الأصلي هو «جابرييل ديبيير» وأنها ولدت بباريس عام 1888 وكانت تبلغ من العمر 27 عاماً عند لقائها بالفنان، وعن طريق اللوحات التى تركها بيكاسووالتي تؤرخ لهذه الفترة من حياته أمكن الاستدلال علي عمق علاقتهما، فقد رسمَ لها بيكاسو العديد من البورتريهات والتي كان يحرص فيها على إظهار البروفيل الخلاب لوجهها برموشها الكثيفة، وعيونها الواسعة المشعة حناناً وأنفها الرقيق الارستقراطى.. وخلال السنوات الأربع التي جمعتهما علي الحب معاً عبر بيكاسو عن تعلقه بها عن طريق كلمات وخطوط كان يضعها داخل رسوماته إلي جانب إمضائه الذى امتزج مع حروف اسمها وهو ما لم يفعله مع أى أنثى أخرى من عشرات دخلن وخرجن من قلبه وحياته.. الكثير من عبارات الحب كانت في ذيل لوحات بالألوان المائية تعرضت لتأثير الزمن عليها حتى أصبحت كلماتها تقرأ بصعوبة مثل اللوحة التى تمثل حجرة طعامهما التي كتب عليها: «جابى.. حبي.. ملاكى.. أحبك كثيرا ولا أفكر في سواك.. لا أريد أن أراك حزينة.. انظرى إلي حجرة الطعام هذه.. سوف أكون سعيدا معك.. كم أحبك.. إلي اللقاء غدا يا حبيبتي.. مع كل حبي.. بيكاسو».
وتمضي حياة الفنان الشهريار ليسافر بعد حبه السري ل«جابى» إلي روما وهناك يتعرف على الباليرينا أولجا كوكلوفا التي أوقعته في مصيدة الزواج، وفي نفس الوقت تزوجت جابي من هيربرت ليسيناس فى سانت تروبيز في 23 ابريل 1917 وتنتهى قصة الحب التي لم يكتشفها العالم إلا منذ شهور مضت.. وبعد أن تمضى سنوات الزواج ببيكاسو في بيت زوجته مستقرا مع أولجا تنجب له الابن الأول «باولو» وتتهافت المعجبات علي الفنان الذى وضع أقداما مستقرة علي سلم النجاح فيخفت الحب المنزلي وتزهد العيون المدربة الأنثى اللصيقة فتدب الخلافات الأسرية وينتهى الأمر بالطلاق وتغادر أولجا المنزل مع ابنها تاركة الفنان سابحاً في علاقات حب متوالية.. ويرتبط اسم بيكاسو وكان قد بلغ الستين بتلميذة تطرق أعتاب الفن بخطى واجفة ابنة الثانية والعشرين «فرانسوا جيلوت» التي تهجره هى الأخرى بعد أن تنجب له الابن كلاود والابنة بالوما.. وكانت السنوات التي أمضتها فرانسوا معه عاشتها في قتامة بالغة حتى أنها بعد انفصالها عنه فجرت انتقامها منه عندما نشرت كتاباً أسود عن حياتها معه، وكان بيكاسو قد حاول منع إصدار الكتاب بجميع الوسائل والنفوذ حتى أنه لجأ إلى القضاء إلا أن المحكمة أصدرت حكمها بإباحة النشر، ولأول مرة يزاح الستار عن عالم بيكاسو الخاص بقلم حواء عاشت داخل عرينه، فعلي الصفحات فضحت فرانسوا الكثير من أسرار بيكاسو عندما تقول كمثال: ذلك العربيد لم يكن أبدا فنانا خلاقا وإنما مزورًا كبيرا.. كان ثعباناً يتربص كداهية في القاع بمواهب الآخرين، فينقض عليها في اللحظة المواتية ليبتلعها في جوفه المدنس ليلدها بلا حمل أو آلام مخاض بعد أن يزوّر نسبها إليه.. إن ريشته أبدا لم تتزوج وتقف أمام المذبح لتقسم بالإخلاص، ولم تحب وتعشق فتتطهر، وإنما كانت غانية ترقد كل يوم في فراش جديد.. «بابلو» المدنس ابتلع بوحشية أعمال الفنان الجاد «فرناند ليجيه»، وازدرد بلا خجل عبقرية «بول كليه».. اختلس جذوة إبداعهما لينقلها بصفاقة إلي لوحاته مدعياً أنه أول من أعطى الإشارة وأطلق الشرارة.. وقد ذهب يتسلل كاللص الحقير ينقض علي براءة الفن الإفريقي ينتزع أقنعته المقدسة ليلبسها لوحاته في مهرجانه الدنس.. حتى نقاء الطفولة وطهرها انتهكها ذلك المدعي مصاص الدماء فسرق خطوط تلقائيتها ليبدو وهو الغليظ الوحش بريئا عفويا متفتحا.. لقد ذهب ضميره بلا رجعة وسكنه شيطان دءوب لا يمل اختطاف إلهام الآخرين وإزهاق أرواحهم.. القزم المقيت العارى تطل من عيونه الجاحظة المرعبة نظرات لا ترى الجمال إلا في البشاعة.. الحقد الذى يملؤه من دمامته يطلقه علي كل ما هو جميل في الحياة.. لم يمكث طويلا يخطف إنسانية المهرج عند الفنان «تولوز لوتريك»، أو يعزف بصبر علي أوتار الفنان «شاجال» السماوية الزرقاء، وإنما ذهب إلي ملامح الوجوه التي خلقها الله متناسقة التوازن ليمسك بريشته العربيدة يشوّهها مدعياً الخلق الفني.. لقد حوّل العيون إلي أسماك ميتة يزرعها عابثاً أينما يحلو له حتى أن شيطانه ألصقها حينا في القفا، وطعن الوجوه بسكين التكعيبية فأصبح الإنسان له أكثر من وجه، وهنا فقط يُعد «بابلو» صادقاً مع نفسه معبرا عن ذاته، فهو المخادع صاحب الألف وجه.. حتى تلك المدرسة التكعيبية التي قال النقاد المغفلون إنه مخترعها لم يكن له يد فيها أو فضل عليها، وإنما بطبيعة الخيانة في دمائه كان يتسلل إلي مرسم مخترع التكعيبية الحقيقي الفنان «براك» مدعياً توطد أواصر الصداقة بينهما، ليُبهر بمولد التكعيب والثورة الفنية الكاسحة، فيهرع سرًا إلي لوحاته يغش فوقها الميلاد ويحطم مثل «براك» القوانين.. ويسرع الحرامى بلا خجل بمعرض جديد من نوعه يقدمه إلى الجماهير الغافلة عن الأب الحقيقي.. ولكن.. حتي التكعيبية لم تسلم من سمومه، فأصابع الأنثى المرهفة الوادعة التى تربت بها رقيقة كأوراق الياسمين علي وجه الحبيب وتضم بها جسد وليدها الغض انهال عليها بيكاسو بنزعة المنتقم الغلابة مستخدما فئوس ريشته الإبليسية يحطم عقلاتها فتتورم عقدا وتتشوه خلجاناً وتغدو مخالب عظمية يختلط فيها الإبهام بإصبع وديع كان في زمان السلام يحتمى في حضن خاتم حب.. ثدى المرأة الواهب الحانى منبع النماء والعطاء والاحتواء رسمه الإبليسي قذيفة مدفع للدمار.. بل وفي عبثه بجسد الأنثى هبط بها إلي درك البهيمة فأخرج منها العديد من الأثداء وكأن مهمتها في الحياة فقط تنحصر في درّ اللبن.. ذاك الرجل الكريه يرسم الثور بشبق لأنه في ذاته ثور إسبانى جامح تثيره الدماء.. لقد كان في أوج نشوته معى يدمى جلدي بنار سجائره يطفئها في ثديى فأصرخ ألماً فيتمتم اعتذارا، لكن فرحا شيطانيا يلمع في نظرته الوقحة.. بابلو لم يكن فنانا أصيلا لكنه صدق كذبته وارتدى عباءة ادعائه بالريادة بعد تصفيق البلهاء له وامتلأ بالغرور، وكان يعرف أننى أعرف سرقاته وزيفه وكذبه، ومع ذلك ينظر نحوى من فوق من عليائه، لقد تضخم واستشري كتلة قميئة مغرورة تريدنى أبدًا أن أركع جارية في محرابه.. كان يعاملني كحيوان منزلي بمشاعر مروض سيرك في يده سوط لاذع.. يا عالم.. يا نقاد.. إنه رجل مختل.. تركته لأعيش مع إنسان سوى مع بشر.. مع رجل عادى وليس مع مجرد نصب تذكارى قومى»..
وتذهب فرانسوا وتأتى «دورامار» المصورة اليوغسلافية وفرناند وجنفيف وعشرات غيرهن إلي أن يلتقي بيكاسو برفيقة شيخوخته «جاكلين روك» التي تصغره ب44 عاما والتي همس لها بعد رحلة حب: «حبيبتي ينتابني نحوك قلق عميق، فقد أمرض يوما ولا يتركك الآخرون بجوارى لتمدى ليّ يدك الحنون بملعقة دواء.. سيتساءلون بأى صفة تجلس هذه المرأة بجوارك».. هنا قبلت جاكلين عرض الزواج الذى تم في احتفال سرى في 2 مارس 1961، واستمر الزاج حتى رحيل بيكاسو في 8 ابريل 1973، وكتبت «جاكلين» مذكراتها مع بيكاسو في كتاب أبيض بعنوان «من الذاكرة عنه وعن الذكريات معه» ترد فيه علي اتهامات فرانسوا في كتابها الأسود عن الفنان.. جاء في صفحات الزوجة المحبة «أنا وبيكاسو عشنا كالفقراء وهذا ليس كذبا فهو لم يكن يشترى البيوت والقصور إلا ليرسم ويعلق فيها لوحاته.. أرفض أن أصدق أنه مات.. أرفض أن أحمل لقب أرملة بعد أن قضيت مع بابلو أجمل أيام وأرق السهرات حتى الفجر انظر فيها إلي العبقرى وهو يرسم وأمسح حبات العرق من فوق جبينه المرهق.. قابلته في عام 1953 في محل لصناعة الخزف ونظر لى بعينيه وأحسست لحظتها بالحب المتدفق، وسط انهماكه في عمله أجلس صامتة أرنو إليه وكان يدير رأسه ناحيتى ويقول: جاكلين أنت هنا.. ويقوم من مكانه ليطبع قُبلة علي خدى، كان يقول لأصدقائه دائماً٬ عندما تتنفس جاكلين أنا أتنفس، فى دولابي فستان من ورق الشيكولاتة صنعه لي بيديه، علي طاولة الرسم وعلي ظهر علب الخامات كتب بكل الألوان عبارة (جاكلين.. أحبك.. أعشقك) غاب عن العالم كله لكنه لم يغب عنى لحظة واحدة.. إننى أذهب إليه في اليوم الثامن من كل شهر لأحكى له ما فعلته طوال فترة غيابى عنه بالتفصيل.. كل الناس تسمي المكان الذي يرقد فيه قبرا ولكنى أعتبر مكان رقدته بيتا اختاره بابلو ليستريح.. لازال يعيش معى في كل ركن ولوحة وتمثال»..
يرحل بيكاسو ليصدر عنه أخيرًا الكتاب رقم 451 بقلم حفيدته «مارينا» ابنة «باولو» أكبر أبناء بيكاسو من زوجته «أولجا» الباليرينا التي قامت بتأليف الكتاب الأسود عن حياته، وها هى الحفيدة تضع لكتابها عنوان «الجد الشقي» حيث تقول في مقدمته: «لا يمكن أبدا أن أنسي مشهد ذهابي مع والدي لزيارة بيت الجد الذي لم يكن يسمح لنا بمناداته بهذا اللقب الحميم وإنما باسمه مجردا (بابلو) كغيرنا من الأشخاص، وكان البيت الرائع يطلق عليه الجد اسم (كاليفورنى)، ومازلت أذكر أن يد والدي التي كانت تمسك بيدي من ناحية وباليد الأخرى أخي الصغير (بابليتو) أنها كانت مبتلة بالعرق البارد من شدة ارتباكه وإحساسه بالهوان والتدنى في حضرة أبيه الذي يعمل لديه مجرد سائق بالأجر، ولن أنسى منظر والدي وهو يتسلم راتبه من بيكاسو ويتمتم شاكرًا، فتمتد يد الرسام العظيم لتربت علي رأسى ورأس أخى وكأننا حيوانان أليفان، ودائماً ما كان بيكاسو الذى لم يضمنا أبدًا لأحضانه يصيح في أبي ونحن نغادره مسرعين بأنه إذا لم يكف عن التفاهات التي ينفق فيها أمواله فسوف يستغنى تماما عن خدماته كسائق وهو حتى اللحظة لم يعاقبه إلا في خصم جزء من راتبه الشهرى، وكنا عندما نعود لبيتنا تستقبلنا والدتنا بلهفتها المعهودة لأخذ المرتب من أبى، وبعدها تهبط عليه بدورها تأنيباً واتهاماً بأنه يقتطع جزءا لنفسه في السر لينفقه على سهراته، وسواء كانت تلك الاتهامات صحيحة أم مفتراة فقد عشت أنا وأخى حياة تعسة مثل كل من يحيط بجدى، ورغم كُره أمى له وسبابها له طوال الوقت، فقد كانت لا تتوقف عن الحديث عنه أمام الناس وفي الصحافة مدعية أنها إحدى ملهماته الأساسيات، وأنه في السر يكن لها الإعجاب، ويختلس إليها النظرات، ورغم هذا الهذيان فإنها قامت في سنوات لاحقة برفع قضايا علي الجد متهمة إيّاه بالتقصير في حقوقنا، وبالطبع استطاع فريق المحامين الذين أوكلهم أن يربحوا القضية بسهولة، وأصبحنا غير مرغوب فينا تماما من قبل جدنا، وبدأت أخلاق أمى تسوء وتنحدر، ولا أنسي الليالى التي كانت تعود فيها مترنحة، وهذا الانهيار الذي أصابها كانت دائماً ترجعه إلي بيكاسو الأنانى الظالم، الذى كانت تقول عنه إنه يبخل علي أولاده وأحفاده في حين يفخر بأنه يستطيع دفع فاتورة عشاء في مطعم ل40 شخصاً مقابل أن يوقع على مفرش المائدة توقيعا صغيرا، حيث يحصل مقابل هذا التوقيع علي مبالغ طائلة، وأنه يستطيع أن يشترى قصرا فخما مقابل 3 لوحات صغيرة يرسم في كل منها خطين لا أكثر.. لقد حرمنا بيكاسو من الحب حتى وفاته ولحقت لعنته بالعائلة وكل من يحيطون به، فانتحر أخى (بابليتو) الذى كان قريباً من قلبى، وذلك بعد يومين من وفاة بيكاسو، وبعدها بعام توفي أبى (باولو) بعد أن أصيب باكتئاب حاد، وبعده بعدة سنوات انتحرت آخر صديقاته جاكلين، أما أنا فبرغم أننى ورثت عن بيكاسو الكثير من اللوحات والبيت الشهير (كاليفورنى) فإننى لم أرث حباً ولا تقديرا لجدى، ولا أحمل له إلا احترامى لفنه ولجهده الخارق في رسم كل هذا التراث العبقرى».
وتبقي خالدة لوحات بيكاسو سواء كان صاحبها ملاكا أو شيطانا.. مرهفا أو وحشا.. مُبدعاً أو مزيفاً.. فالرجل علي مائدة النساء تتناوله إحداهن على طبق مُزين بالورد والفستق وحبات عيون الكريز وفصوص الزبيب البناتى.. وتفتح أخرى كرشه بسكين مطبخ لتلقى بالقلب والكبد وزمارة الرقبة لقطط صفائح القمامة في غياهب ظلمات بسطة سلم الخدم!!
أولي الأمر
ربما تكون خطوة للأمام في مسيرة تطوير الخطاب الدينى عندما يمتنع كل مرشح لمجلس النواب عن نشر صورته وتحتها آية قرآنية للدعاية الانتخابية كقوله تعالي: «إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله»، وسوف تحترم قدسية القرآن المُنزل من سبحانه وتعالي عندما يكف كل بائع فول وكشرى وفلافل عن كتابة «كلوا من طيبات ما رزقناكم»، وكل بائع عصير عن لافتة «وسقاهم ربهم شرابا طهورا»، ولافتة «نحن نقص» عند الحلاق، و«يسألونك عن الساعة» في محل الساعاتى، وجملة «وكل شيء فصّلناه تفصيلا» لدي الترزي، و«أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» في خطاب دعاة وزارة الأوقاف!!
نقلا عن " الاهرام" المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.