عندما نتحمس لوزير ثقافة جديد يجب أن ننحاز أولاً لشخصية مصر الثقافية العريقة وليس لأفكار سيادة الوزير التى تخصه هو ومن على دربه .. مصر المثقفة المبدعة المتدينة الوسطية البهيجة هى البوصلة التى تقينا من الوقوع فى فخ الحماس الزائف لأى وزير ثقافة سابق أو لاحق . ودون ذلك ستظل الخيبة مستمرة . هكذا كتب الناقد والفنان التشكيلي المصري محمد كمال على صدر صفحته بشبكة التواصل الإجتماعي "فيس بوك" وقد قرر أن يقف ضد ظاهرة التطبيل السريع لأي وزير، في إشارة لتوجه النمنم الفكري الذي يفصل الدين كمكون عن الدولة المصرية . ويرى محمد كمال أن "كارثة الكوارث " فيمن يدافعون عن حلمي النمنم وزير الثقافة الجديد أنه يقدمونه على أنه علماني وعدو للوهابية، وكأن تلك هي المؤهلات الكافية للوزير. وتابع : مصر ليست علمانية ولن تكون، لأن الدين ركن ركين فى مكونها الثقافى الشعبى قديماً وحديثاً منذ بداية فكرة الرب عند المصرى القديم وحتى رنين أجراس الكنائس وجلجلة الأذان فى العصر الحديث .. ومن هذه المنطقة الحساسة عند المصريين سود التيار الدينى المتطرف الوجدان الشعبى المصرى بانتهازيته الفجة وسلوكه الإجرامى لأنه استثمر رنين الوتر الدينى عند عموم الشعب .. ويتابع الكاتب بأن المصريين لم يرحبوا بالتيار الوهابي، فهل يصلحوا بذلك بمنصب الوزير جميعا ؟ وفي مناقشات إلكترونية على صفحته دون الناقد رأيه بالترويج للعلمانية فيقول : الدين ليس في موقف متناقض مع العلمانية، وقد وضع هذا التناقض مجموعة من المتطرفين علمانيا أو دينيا، والحقيقة أن المجتمع المصرى يتسع للجميع ولكل الأفكار شرط احترام ثقافته وجذورها واستطرد بأن المجتمع المصري يقدم المظهر الديني أحيانا على الجوهر، لكن ذلك لا يسمح لنا بأن ندعوه للعلمانية كحل، والعلمانية في كل الأحوال أمر خارج بيئته وثقافته ويربطه المصريون بالإلحاد، وغالبا المثقفون لا يعلمون التعريف الحقيقي للعلمانية سواء المرتبطة بالعالمية وشمولية الرؤية وهو مصطلح يتعارض مع خصوصية الهوية وتفردها داخل كل مجتمع، وهناك تعريف آخر يربط العلمانية بالعلم وهو يعيد كل شيء لمعطيات العلم بعيدا عن أي تفسيرات دينية، وهو ما يوقعهم في فخ العجز أمام تفسير بعض الظواهر التي لم يستطع العلم تفسيرها . و مجتمعنا المصري قائم منذ فجر التاريخ على الإتصال الروحي الوثيق بين الأرض والسماء ( راجع نصوص الأهرام التى كتبت من 2625 ق . م حتى 2475 ق . م ) ستجد فيها الأدب القومى الدينى المصرى الذى لم يخاصم لغة العلم أبداً ، بل حير المصريون علماء كثيرين حتى الآن فيما ذهبوا إليه .. وعلى هذا فلماذا نترك جذورنا العقائدية ونتشبث بأفكار لا تناسب المكون الشعبى لدينا عبر التاريخ ، وهو ما يجعلنا مسخاً أمام الأمم . يقول الكاتب لمحيط : الوجدان الشعبى المصرى على مر تاريخه العريق كان كميزان الذهب ، حيث احتفى ومازال بجمال السجينى والشيخ محمد رفعت وعبد الحليم حافظ والبابا شنودة وأم كلثوم ود . مصطفى محمود ونجيب محفوظ وجمال عبد الناصر وبليغ حمدى والشيخ مصطفى اسماعيل وسيد درويش وزكريا الحجاوى والقمص سرجيوس ومحمود الشريف والبابا تواضروس وشادية ويوسف وهبى والشيخ عبد الباسط عبد الصمد ومحمد عبد الوهاب ويوسف إدريس وشادى عبد السلام ويعقوب صنوع وفؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولى والشيخ متولى الشعراوى ، وغيرهم من أهل الثقافة والإبداع والدين الذين حفروا لأنفسهم مكانة رفيعة فى قلوب المصريين .. ومن سينحرف عن هذا المسار الوسطى بعنترية وعجرفة سيطيح به المصريون فوراً دون تردد .. هل وصلت الرسالة ؟ وتعليقا على الفيديو المتداول للكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة الحالي والذي يقول فيه أن الشعب المصري علماني بفطرته، وجه الكاتب للوزير رسالة : كيف يكون الشعب المصري علمانيا بالفطرة !! هذا معناه أن الله فطر عم عويس الفلاح الشقيان فى أرضه ويدعو الله يومياً بسعة الرزق ويصلى تحت الشجرة فى وقت القيلولة على العلمانية المباركة .. وتابع بقوله : فى نفس الفيديو يخلط الأستاذ حلمى خلطاً واضحاً ومعيباً على الصعيد المعرفى بين الدولة المدنية كركن من أركان العلمانية وبين تيار الإسلام السياسى الإنتهازى أخيرا كتب د. محمد كمال : على أى حال إذا كان الوزير الجديد سيتحرك نحو البسطاء والغلابة فى قرى ونجوع وشوارع وحوارى ومدارس وجامعات وميادين مصر ، حيث تلك التركيبة الشعبية ذات المكون الثقافى الساحر عبر الزمان من الرسمة والنحتة والنكتة والغنوة والموال والقصة والمعلومة والضحكة والركعة والحجة فأهلاً به وسهلاً ونحن معه جميعاً .. إما إذا كان سيمارس الهرتلة إياها أن مصر علمانية وملوخية ومهلبية وكل هذه التعبيرات التى تفصح عن جهله بالثقافة المصرية الحقيقية فلا أهلاً به ولاسهلاً وسيظل قابعاً فى شارع شجرة الدر فى الزمالك حتى يلحق بسابقيه " ..