أمين الأعلى للشئون الإسلامية خلال لقاء مفتي أذربيجان: مصر حامية السلام بقيادتها وأزهرها    سعر الذهب اليوم في مصر ينخفض بمنتصف تعاملات الجمعة 30-5-2025    تعاون مشترك لتشغيل المجمعات الحكومية بقرى "حياة كريمة"    مصر تشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بكينيا    الأمم المتحدة: 100% من سكان غزة معرضون لخطر المجاعة    ترامب يتحدّى أوامر القضاء.. وواشنطن تُخفي الأزمة الدستورية تحت عباءة القانون    الكرملين: بوتين يؤيد مبدئيا إمكانية عقد لقاء يجمعه مع زيلينسكي وترامب    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية البرنامج النووي الإيراني كاذب    أرنولد إلى ريال مدريد مقابل 10 ملايين يورو    رسميا.. ريال مدريد يقرر ضم أرنولد قادما من ليفربول    حريق يلتهم شقة سكنية في الظاهر    بعد «come back to me» الشعبية.. يوسف جبريال يشكر تامر حسني عبر السوشيال ميديا (فيديو)    مصطفى كامل يطرح أغنية كتاب مفتوح    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    خطيب الحرم المكي يدعو الحجاج على الالتزام ويشدد لا حج دون تصريح    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    ألم الجانب الأيسر من الظهر.. إليك 7 أسباب    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    ديو "إهدى حبة" يتصدر التريند.. ديانا حداد والدوزي يشعلان الصيف    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    أول تعليق من أسامة نبيه بعد قرعة كأس العالم للشباب    جامعة قناة السويس تواصل تمكين طلابها.. الملتقى التوظيفي السادس ب"السياحة والفنادق" يجمع كبرى المؤسسات    ضبط 9 عناصر إجرامية بحوزتهم 33 كيلو مخدرات ب«أسوان ودمياط»    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يستقبل وفد اتحاد المستشفيات العربية    سعر الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 12جنيه    نقابة المهندسين تبدأ فى تسفير أفواج الحجاج إلى الأراضي المقدسة    جيش الاحتلال يعلن انضمام لواء كفير إلى الفرقة 36 للقتال في خان يونس    الجامعات الخاصة والأهلية تفتح باب التقديم المبكر للعام الدراسي الجديد.. قائمة بالمؤسسات المعتمدة.. ووزير التعليم العالي يوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    رئيس التنظيم والإدارة يستعرض التجربة المصرية في تطبيق معايير الحوكمة    تكبير ودعاء وصدقة.. كيف ترفع أجرك في أيام ذي الحجة؟    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    ذكرى رحيل "سمراء النيل" مديحة يسري.. وجه السينما المبتسم الذي لا يُنسى    إمام عاشور يحسم الجدل: باقٍ مع الأهلي ولا أفكر في الرحيل    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    "الشربيني": بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ب"سكن لكل المصريين 5" بنتيجة ترتيب الأولويات    غدا.. وزير الصناعة والنقل يلتقي مستثمري البحيرة لبحث التحديات الصناعية    ملاكي دخلت في موتوسيكل.. كواليس مصرع شخص وإصابة 3 آخرين بحادث تصادم بالحوامدية    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    القومي للبحوث يرسل قافلة طبية إلى قرية دمهوج -مركز قويسنا- محافظة المنوفية    طريقك أخضر‌‍.. تفاصيل الحالة المرورية الجمعة 30 مايو بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    المضارون من الإيجار القديم: مد العقود لأكثر من 5 سنوات ظلم للملاك واستمرار لمعاناتهم بعد 70 عامًا    ماكرون يتحدث مجددا عن الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا قال؟    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    مصرع شاب و إصابة أخر في تصادم موتوسيكل بأخر في المنوفية    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    منصات إطلاق صواريخ وقذائف.. إسرائيل تقصف مواقع عسكرية ل حزب الله اللبناني    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    العرض الموسيقي «صوت وصورة» يعيد روح أم كلثوم على مسرح قصر النيل    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محسن عبدالعزيز يدق الناقوس : هل يكون "الاستبداد" كتاب العرب؟! (4-4)
نشر في محيط يوم 18 - 08 - 2015

الناس تأكل الجيف بعهد المستنصر.. والوزراء يقتنون النفائس والجواري
وزراء العباسيين والفاطميين يحكمون قبضتهم وينشرون الرعب
خليفتان "باسم الله" لا يحركان ساكنا أمام دك قلاع المسلمين وذبحهم
المصريون تكيفوا مع حكامهم .. وحيلة ملء البطون تلهي العقول!
صلاح الدين يعطي درسا للعالم .. وأبناؤه يسلمون القدس للأعداء!
حكام الغرب أوفياء للدرس الصليبي بانتزاع الشرق وخيراته
ورث الحكم لابنك واقتل معارضيك .. قانون معاوية وليس الإسلام
الوزراء يهينون خلفاء العصر المملوكي .. والضريبة تصل للزنا
ناصر والسادات ومبارك .. امتداد لآفات دولة المماليك
كل شئ ينطق بالاستبداد عند العرب .. وإنما العاجز من لا يستبد.. إذا اختلفت مع الشيخ أو القسيس أوالموظف الكبير أوالشرطى أو الحاكم فالنتيجة واحدة التكفير والسجن والتشريد .. فالحكومة مستبدة فى كل فروعها من الوزير إلى كناس الشوارع .. أما الناس فمأسورين كحروف مصفوفة تكتب أناشيد الرياء وتدبج قصائد النفاق ..
بهذه الرؤية يختتم الكاتب الصحفي محسن عبدالعزيز، عمله الفريد "الاستبداد من الخلافة إلى الرئاسة" والذي صدرت طبعته الأولى احتجاجا على سقوط بغداد وصدرت طبعته الثالثة في ظل حكم الإخوان المسلمين، وإن أكد المؤلف أن الأمر مرشح للاستمرار وأنه حصيلة ربيع عربي لم يحمل ما كنا نشتهيه من حرية وكرامة!
وفي الحلقات الثلاث الماضية استعرضنا جنبات الاستبداد في تاريخ العرب وأبواب الشر والدهاء التي ابتكرها المستبدون للتعمية على شعوبهم ، وخداعهم باسم الخلافة الإسلامية، في الوقت الذي تمتليء خزائن الملوك تبيت أمعاء الرعية خاوية تنخر فيهم الأمراض وآفات الجهل.
لكن الأمر الهام بهذا الكتاب أنه يقارن دائما حيل المستبدين قديمها ومعاصرها ليؤكد أن التاريخ فعلا يكرر نفسه، ولا يقصر الكاتب الاستبداد على القتل أو السجن للمعارضين، وهي أشياء يزخر بها واقع العرب، ولكنه يجد الاستبداد ايضا في شيوع المحسوبية والرشوة والزحام والعشوائية و ترك الفقراء يموتون بأمراضهم لأنهم لا يملكون ثمن العلاج، وعدم بسط الإرادة السياسية لوقف الإهمال المتفشي بالصحة والتعليم والإعلام وكل شيء، والصمت حيال توريث المناصب الحكومية أو نشر الأغذية الفاسدة والأدوية المسرطنة، وما شابه من أمور تهتك أرواح الأبرياء بلا هوادة، ولا مجيب!
بل ويذهب الكاتب في ملحمته إلى أن "الاستبداد أن يجتمع 22 رئيس وملك وسلطان فى قمم دورية ولقاءات ثنائية دون أن يخرجوا بقرار واحد ولو ضد مواطنيهم !"
الفاطميون .. موالد الفرح والحزن
كان الحاكم عند الفاطميين يسمي نفسه خليفة يحكم بموجب الحق الإلهي، فتنتقل الخلافة من الأب للابن مهما بلغ صغر سنه، وفي الحقيقة كان رجال القصر ونسائه وقادة الجيش هم الحكام الحقيقيون، وسادت الصراعات وسفك الدماء بلا هوادة.
فلما مات كافور الإخشيدي ، راسل وزيره جعفر بن الفرات الناس جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله بأن يجيء لمصر، وكان الحكم الفاطمي متركزا بالمغرب وقتها وطامعا بمصر، وهذا ما تم ، جاء المعز وأزال شعار العباسيين ليبدأ دولته 362ه مدعيا قرابته من السيدة فاطمة الزهراء لإسباغ الشرعية على خلافته، وقد بلغ من الاستبداد حتى قال فيه الشاعر ابن هاني الأندلسي في مدحه نفاقا : ما شئت لا ما شاءت الإقدار فاحكم فأنت الواحد القهار!
ثم تولى ابنه العزيز والذي أطلق أعيادا لا حصر لها للمصريين لملء بطونهم وإلهائهم؛ فكانت الأسمطة تبسط بالخراف والدجاج وتوقد المشاعل وتنطلق الألعاب النارية وتوزع الدنانير في أعياد مصطنعة كالغدير ، كما تبارى المصريون بإظهار الحزن الشديد يوم عاشوراء على قتل الحسين ، أسوة بدولتهم الشيعية الجديدة.
لكن يظل الحاكم بأمر الله أغرب حكام الفاطميين المستبدين على الإطلاق، وقد تولى الحكم وهو بعد طفل عمره 11 سنة، ومنع أكل السمك والملوخية وذبح البقر وغير مواعيد الأذان وادعى رؤية الكواكب ، وكان سريعا بسفك دماء المحيطين به، وأنشأ دارا لتعليم الناس الإلحاد! كما كان مجنونا يجري مسابقات للأطفال للقفز من مكال عال في القصر إلى بركة ماء، فكان الأطفال يموتون غرقى! ولقد قتلته أخته بعد خلافته التي دامت 25 عاما لأنه رماها بالفجور، كما قتلت وزيره، وحكمت من خلف ابنه الظاهر السكير الذي لم يكن يفيق من الخمر!
وفي عهد الظاهر عم الفقر المدقع وشكا المصريون من قلة وجود الطعام بالأسواق ، وبلغ قتلاهم 170 الفا غير من ألقوا في النيل فلم يعرف عنهم شيء، وبعد 15 عاما من حكم الظاهر تولى المستنصر بالله إبنه وعمره 7 سنوات واستمر خليفة 60 سنة ربما يعد من أطول الحكام فى التاريخ وقام بأمره الوزير أبوالقاسم الجرجرائى بعد أن أخذ له البيعة ولما توفى هذا الوزير وجدوا عنده ألف ألف دينار، و 700 جنيه ذهب وفضة، و 100 ألف مثقال عنبر ..فقد كان الوزراء يسلبون الشعب أموالهم ثم يسلمونهم للفقر والمجاعة وخاصة عند إنحسار النيل .
لوحات تشير لبشاعة المجاعة في عهد المستنصر
وشهد عهد المستنصر غلاء شديدا خاصة سنة 461ه وكثر الجوع حتى أكل الناس الجيف، ووقفوا يخطفون من يمر من الناس، لقد كانت أم المستنصر حبشية تجيد تأليب الجند على بعضهم وإشعال الفتن واستمرت الأوضاع البائسة حتى أرسل المستنصر لوالي عكا بدر الدين الجمالي ليصلح له الأحوال، وبالفعل فقد تمكن من قتل كبار رجال الدولة المفسدين وترك الزرع للفلاحين وبدأت الغمة تنقشع.
لكن الجمالي أصابته عدوى الاستبداد فقام بنقل الوزارة لابنه من بعده، ومنذ هذه اللحظة انتقلت السلطة الفعلية من الخلفاء إلى الوزراء وأصبح الوزراء يحجرون علي الخلفاء ويقتلونهم ويعزلونهم مثلما حدث فى الخلافة العباسية بالضبط .
ولقد جاء ابن المستنصر للحكم وكان يسمى المستعلي بالله، وحكم بالاسم 7 سنوات دون أن يحكم فعليا، فاختار الوزير الأفضل وهو الحاكم الفعلي، اختار ابنه المنصور بن المستعلي ذي ال5 سنوات
وفى أيام الوزير الأفضل ساد الاستبداد حتى قيل أنه كان ينسى من يسجنهم، والأدهى والأمر أن استولى الصليبيون على كثير من المعاقل والحصون بسواحل الشام، كما استولوا على بيت المقدس ، كانت القلاع الإسلامية تدك من قبل الصليبيين رغم وجود خلافتين إسلاميتين واحدة عباسية ببغداد واخرى فاطمية بمصر والشام ، واحدة سنية والأخرى شيعية، لكن الاستبداد لم يفرق بينهما!
كان الأتراك السلاجقة يقومون بحماية الدولة الإسلامية وأستطاعوا أن يهزموا البيزنطيين فى واقعة مانزكرت 1071 م وتم أسر الإمبراطور الرومانى بواسطة قوات ألب أرسلان، وبرغم ذلك فقد تحالف المستبد الوزير الأفضل مع الصليبيين لدرء خطرهم على كرسيه ، ولكن الغريب أن الصليبيين أصروا على مبدأ القوة لا المهادنة، وهاجموا بيت المقدس فى يوليو 1099 وإستطاعوا إقتحامه بعد حصار أكثر من اربعين يوما.. وأرتكبوا فيه مذبحة وحشية فلم يتركوا رجلا ولا طفلا ولا امرأة حتى بلغت الدماء لركب العابرين للطرقات ، ورغم ذلك لم يرسل الخليفة العباسي سوى الفقهاء للخروج مع قاض ثائر يدعى زين الدين الهروي لإنقاذ القدس، وفشلوا بالطبع!
ولما مات الوزير الأفضل وجدوا بخزائنه الياقوت والزمرد والتيجان الذهب النفيسة والنساء والبغال ما لا يوجد مثلها ويستعصي حصرها بقصوره، حتى تطلب نقلها لقصر الخليفة شهرين!
وتتكرر المأساة مع الخليفة العاضد والذي حبسه الوزير الصالح بن رزيك ليجبره على الزواج من ابنته، وتصبح الخلافة في نسله!، ثم تولى ابنه رزيك الوزارة من بعده فكان يدفع للصليبيين كل عام آلاف الدينارات ثم تم قتله على يد شاور ونهبت دوره وأمواله ولكنه اضطر للهرب بعد أن خرج ضرغام بن عامر عليه وتوليته الوزارة وتلقبه بالمنصور، وتلك صورة مصغرة من اقتتال الوزراء المماليك.
في هذا الجو المضبب ظهر صلاح الدين الأيوبي، حيث ذهب لمعاونة الوزير شاور في استعادة الوزارة بمصر وكان ذلك بصحبة أسد الدين شيركوه وألف فارس، وبالفعل تم قتل ضرغام، وتولى شاور الوزارة مجددا، لكن شاور خدع رفاقه واستعان بالصليبيين لإخراجهم خشية سطوتهم، بل وزاد بأن سفك الدماء وزاد استبداده بالمصريين، فما كان من الخليفة العاضد إلا أن استنجد بصاحب دمشق نور الدين محمود لمعاونته في الإطاحة بشاور المستند للصليبيين، فذهب صلاح الدين وشيركوه للإطاحة بشاور هذه المرة ولكنهما منيا بفشل ذريع واضطرا للاتفاق مع الصليبيين على ترك شاور ينعم بحكم مصر.وقد كان المسمار الذي يتدخل من خلاله الأوروبيون بحكم مصر.
وفي المرة الثالثة استطاع صلاح الدين وصاحبه انتزاع النصر بعد ان طمع الصليبيون في حكم مصر كلها، ونزل الملك عموري ملك بيت المقدس لبلبيس وقتل جميع من فيها وأسر ابني شاور (صديق الماضي)، ولكن المصريين التفوا حول شيركوه وصلاح الدين فاضطر الصليبيون للخروج، وتم قتل شاور ، وتوزير شيركوه وتسميته "أمير الجيوش" ومن بعده جاء صلاح الدين خلفا بالوزارة بعد وفاة صاحبه فجأة.
أحب المصريون صلاح الدين لتقواه وورعه ، وكان صلاح الدين حذرا من الأمراء الفاسدين فاعتقلهم جميعا، وكان يخطط لخلع الخليفة الفاطمي العاضد ومبايعة العباسي المستضيء، ولكن بعد أن مات رفض صلاح الدين مبايعة ابن العاضد وقبض على أبنائه جميعا، ووزعت القصور على رجال صلاح الدين وبيعت تحف ثمينة ومجوهرات لا تحصى، وخلا القصر على عرشه بعد 220 عاما من حكم الفاطميين.
قلعة صلاح الدين
الأيوبيون .. دولة المحاربين
"أحذرك من الدماء والدخول فيها فإن الدم لا ينام" .. من وصايا صلاح الدين لابنه
كان صلاح الدين شهما شجاعا مجاهدا في سبيل الله، لا يلبس إلا الكتان والقطن والصوف، متواضعا حييا عادلا ، وكان أبوه يحمل صفة الجهاد وقد أعان الولاة على تكوين جبهة إسلامية ببلاد الشام ضد الصليبيين، وقد استطاع صلاح الدين انتزاع دمشق وأغلب إمارات الشام بعد رحيل نور الدين محمود وطمع الأمراء الفاسدين فيها، كما واجه صلاح الدين قلاع الصليبيين في الشام والتي دامت حملاتهم لثماني موجات ظلت عقود ترفع راية حماية الأماكن المقدسة المسيحية واستردادها من المسلمين، بعد هزيمة السلاجقة للبيزنطيين في موقعة مانزاكرت، ولكن الحقيقة أن هدف الصليبيين كان خيرات الشرق التي ظلوا قرنين يقتلون ويروعون لأجل اقتناصها.
ورغم هزيمة صلاح الدين باول هجوم له على بيت المقدس عام 1177م ، ولكنه تمكن بعدها بعامين من هدم قلعة بنوها لتسد طريق القوافل للقدس باسم قلعة الأحزان، ومن بعدها هاجم مواقعهم في الوقت الذي ترك وزيره الشديد بهاء الدين قراقوش لضبط أحوال مصر، وقد عقدت هدنة بين المسلمين والصليبيين نقضها أرناط صاحب حصن الكرك، والذي استهزأ بالإسلام وجيش لهدم الأقصى، فحشد إليه صلاح الدين، وبعد مناوشات وكر وفر تمكن من هزيمتهم عند قرية حطين بعد أن نصب لهم فخا هناك، وفيما هرب القائد رينالد، منح صلاح الدين الأمان للملك جاي وقتل أرناط لسفكه دماء حجاج المسلمين وخيانته .
لوحة تعبر عن الحملات الصليبية
ثم بيع الفرسان والجند الصليبيين بالأسواق وسيقوا ندامى كأسرى حرب، وفتح صلاح الدين بيت المقدس وكل حصون الصليبيين التي استسلمت دون مقاومة تذكر. ولم يسفك صلاح الدين دماء الصليبيين المدنيين بالقدس والشام بل منحهم الأمان مقابل دفع الجزية والخروج، برغم الويلات التي عاناها المسلمون خلال الحروب الصليبية. ويحلل مؤلف الكتاب هذا النصر بأنه نتيجة للتخطيط العسكري المحكم، الذي يختلف كلية عن نظرية "رقبتي يا ريس" التي روج لها رجال عبدالناصر وتسببت بنكسة 67.
لكن أوروبا لا تنسى ذلك لصلاح الدين وترسل له ملوك أوروبا الأهم، على رأس حملة ثالثة، والأهم أن الملك جاي الذي أعتقه صلاح الدين نقض عهده وصار لعكا ليأخذها من المسلمين، وتجمع حوله الملوك كونراد وأغسطس وريتشارد قلب الأسد، وطال حصار عكا لنحو عامين بسبب بسالة واليها قراقوش، كما نقض ريتشارد عهوده وقتل 3 آلاف من مسلمي عكا فاضطرت المدينة للاستسلام أمام أكبر جيشين في غرب أوروبا، وبرغم ذلك انتهى الأمر بعقد صلح بين المسلمين والصليبيين 1192 يجعل للمسلمين القدس ويترك بعض المواقع للصليبيين ويتيح لهم حرية الحج.
ويعدد الكتاب خطايا صلاح الدين ، برغم عدله وورعه وزهده حيث مات وفي خزانته دينار واحد، لكنه طبق نظام الإقطاع على نطاق واسع بمصر، فأصبح الحاكم هو المالك لجميع الأراضي الزراعية يوزعها على أجناده كيفما شاء دون أن يحق لهم تملكها، كان يستهدف بهذا الأسلوب جمع نفقات حروبه مع الصليبيين، لكنه لم يدرك أن خلفاءه سيستغلون ذلك أسوأ استغلال ممكن، وأخطأ صلاح الدين كذلك حين عين أبنائه محل اخوته وأبناء عمومته في مفاصل حكمه بالشام ومصر.
خلفاء صلاح الدين .. من الاستبداد للسقوط
توفى صلاح الدين وترك 17ولدا تصارعوا جميعا على الحكم فى الدولة الكبيرة التى تركها ، ولما توفي العزيز ابنه الذي أعطاه حكم مصر، انتهى النزاع بتولية أخيه العادل كوصي على ابنه الطفل الذي صار حاكما ، وقد اتسع ملك العادل حتى شمل مصر والشام واليمن ووصل لأرمينيا، وحافظ على البلاد من الصليبيين، ولما استقر له الأمر عمل "كمستبد" على تولية أبنائه محل ابناء أخيه صلاح الدين.
وبالفعل تولى الكامل ابن العادل مصر بعد وفاة أبيه لمدة 40 سنة، وبدأت المؤامرات مجددا وفي غمرتها جاءت الحملة الصليبية الخامسة من ألمانيا والنمسا والمجر وحاصرت دمياط ووضعوا السيف بأهلها، وكان الكامل قد أنشأ المنصورة لتكون في مواجهتهم، وعرض عليهم أن يتنازل لهم عن كل البلاد التي فتحها صلاح الدين مقابل مغادرة البلاد ولكنهم رفضوا!! وقد واصلت الحملة طريقها للقاهرة متحدية ، ولولا فيضان النيل الذي أغرقهم لما اضطروا لقبول الصلح دون قيد أو شرط.
الغريبة أنه رغم المخاطر التي تتعرض لها الدولة الأيوبية، فقد ظل أبناء العادل يتصارعون، بل وذهب حاكم مصر الملك الكامل للإمبراطور فردريك الثاني الذي أمد الحملة الصليبية بالمؤن والسلاح ضد العرب، وطلب منه مساندته ضد أخيه المعظم !! وذلك في مقابل تسليمه بيت المقدس، والأشد غرابة أن الملك فردريرك رد بإرسال حملة صليبية سادسة منفردا! وانتهى الأمر باتفاق على تسليم فردريرك مدن عكا ويافا والناصرة وبيت لحم ومدينة بيت المقدس ماعدا قبة الصخرة! ولتذهب تضحيات صلاح الدين للجحيم!
وقد خلف نجم الدين أيوب الحكم بعد أن قبض على اخيه العادل ابن الكامل وسجنه بالقلعة وأمر ثلاثة من مماليكه بخنقه ، وساد الاستبداد بعهده ، واستعان بالمماليك وبنى لهم قلعة الروضة وجعلهم أمراء، وكان جبارا متكبرا ينسى من يسجنه ومنهم ابن أخيه الصالح بدمشق! ومع ذلك عده ابن تغري بردي من أعظم ملوك الأيوبيين لأنه كان يحارب الصليبيين في عز مرضه وهو محمول على محفة!
ومرة أخرى تتكرر المأساة، يلجأ الملك الصالح إسماعيل للصليبيين خشية انتزاع أخيه نجم الدين إمارة دمشق منه، ويسلمهم القدس وطبرية وعسقلان وبعض مصر! لكن نجم الدين أيوب تمكن من استعادة بيت المقدس للمسلمين عام 1244م، وهو ما كان سببا بانطلاق الحملة الصلبية التاسعة والتي قادها لويس التاسع وفي تلك الأثناء توفي وجاءوا بابنه الصغير ونصبوه! ومن حسن حظه أن الفيضان كان قد أصاب جنود لويس بالجوع والمرض عند مشارف دمياط فتراجعوا وتم أسره وآلاف من جنوده، وتم الإفراج عنه لاحقا، فعاد بحملة صليبية كانت الثامنة والأخيرة في تلك السلسلة المشئومة ولكنه مات جراء نزلة معوية أودت بحياته على مشارف إفريقيا ، فيما كان يهم بمهاجمة مصر من الغرب!
ورغم انتصار توران شاه آخر سلاطين الدولة الأيوبية، فقد قتله المماليك لأنه أهانهم حيث رموه من فوق برج وقطعوه إربا إلى جانب البحر ثلاثة أيام لا يقرب منه أحد! ومن بعده ملكت شجرة الدر ثلاثة أشهر ، وكانت جارية للملك الصالح نجم الدين أيوب ، وقد سلمت الحكم لمن تزوجته من المماليك ويدعى أيبك التركمانى ثم دبرت مقتله لعلمها بنيته الزواج عليها، وفوجيء الناس بمقتلها هي الأخرى عام 648ه
تخيل لدولة المماليك
المماليك .. ثقافة لا تزال بيننا
"سأل كبير الأتابك: من قتل قطز . قال بيبرس: أنا. فقال له: اجلس على عرش السلطنة!"
يقول الكاتب محسن عبدالعزيز أن حكم المماليك شهد مآس عدة، منها ما كان عند مرج دابق ورضوخهم أمام جيش نابليون 1798 وعندما أطلوا برءوسهم بعد خروج الحملة الفرنسية جمعهم محمد على فى مذبحته الشهيرة فقتل من قتل وهرب من هرب.. ومع ذلك ظلت الثقافة المملوكية متغلغلة فى الحياة المصرية إجتماعيا وسلوكيا وأخلاقيا وحتى دينيا أيضا ، فكل صاحب سلطة يجمع مماليكه ويضمن ولاءهم وينشر عيونه للوشاية برجال المدير السابق، وبهذا أصبح الولاء مفضل عن الخبرة والعلم والمعرفة..
فى اللحظة التى أصبح للمماليك حكم مصر والشام كانت أوروبا تمزق عباءة الجهل والتخلف وتقاتل من اجل الدخول إلى عصر النهضة . استمرت دولة المماليك (البحرية والبرجية ) 275عاماً تقاتل خلالها حكامها على السلطة بكل أنواع الغدر والخسة، وكما يقول المقريزى كانوا لا يتورعون عن ارتكاب أشد المنكرات والمظالم ويهرقون الدماء ويصادرون الأموال دون مراعاة أبسط المبادئ الإنسانية. حتى أنالسلطان قطز الذى هزم التتار لم يشفع له نصره الكبير.. قتله الظاهر بيبرس قبل عودته لمصر منتصراً،
ويشبه مؤلف الكتاب صراعات المماليك للوثوب على كرسي الحكم، بصراعات رجال ثورة يوليو والذين ابتعدوا عن نهج الديمقراطية وتصارعوا على المناصب والثروة، بل ودفع عبدالناصر للعمال والمغلوبين ليخرجوا بتظاهرات تنادي بسقوط الديمقراطية، وهو حكم الشعب!
برع المماليك بالعمارة .. لكنهم تجاهلوا البشر
تسلطن بيبرس ودخل مصر سلطاناً وحكم 17 سنة وبحث عن شرعية شكلية.. أحضر أحد أفراد البيت العباسى، (اسمه أبوالقاسم) عمله خليفة ، ولما صدق الخليفة نفسه فصمم على التوجه للعراق لمقابلة التتار قتلوه، فجاء بيبرس بآخر عباسي، وكان رغم كونه خليفة معرضا للقتل والضرب والسجن والعزل، وهو مجرد إطار لإقناع الشعب بأن المماليك يحفظون الخلافة الإسلامية، فلما مات بيبرس، انتهى الحال بتولي قلاوون الحكم ومن بعده ابنه الأشرف خليل والذي قتله المماليك في البحيرة، وبعد قتل وسجن لأبنائه، تولى ابنه السلطان الناصر الحكم 33 عاما ، لينتهي عصر المماليك البحرية عندما نصب برقوش الجركس أحد مماليك يلبغا نفسه سلطانا، فلما عاد السلطان الناصر من سجنه صفى جميع الأمراء حتى المقربين له منهم، تماما كما كان يجري بمصر من تخلص من كل كبش قد يهدد الرؤساء بنفوذه السياسي، ويضرب المؤلف أمثلة بعمرو موسى والجنزوري وأبوغزالة حين هددوا نفوذ مبارك!!
وقد شكك الوزير هبة الله الفائزي بقدرة الأطفال على الحكم فأسرعت أم المنصور لقتله ، وكان السلطان يفرح بمصادرة مماليكه الكبار لملء خزائنه ولا يمكن لأى شخص أن يهرب من المصادرة إلا إذا دفع رشوة كبيرة للسلطان أو أحد رجال الدولة الكبار!
لقد بلغ ظلم المماليك أنه أصبح بالقاهرة 100 ألف إنسان بلا مأوى ..يسكن أضعافهم الآن المقابر..وقام المماليك ببناء المساجد والتكايا والأضرحة..أكثر من أى عهد من العهود الإسلامية كنوع من تكفير الذنوب ..بلد الألف مأذنة.. فقد بنى المماليك مساجد أكثر من عهد الخلفاء الراشدين ليظهروا بصورة المؤمنين ويألفوا قلوب العامة ... ولم يكن المماليك يتورعون عن إغتصاب الأراضى من أصحابها أويثقلون الناس بالضرائب لبناء المساجد والتكايا فقط بل ويسخرونهم ويعذبونهم فى بنائها.
ويعلق المؤلف على ذلك بقوله : لقد تكلف ترميم قصر محمد على وحده 50 مليون جنيةعام2005 فماذا ..ونحن لانمانع فى ترميم الكنوز والآثار ولكن متى يتم ترميم البشر الذين لا يشملهم حتى التأمين الصحى أى العلاج وهو شئ مثل الترميم بالضبط ..!!
كانت الحروب لعبة المماليك، كما يصف الكتاب، فهم جنود قساة أشداء، استطاعوا فى بداية دولتهم العسكرية أن يهزموا التتار أقوى قوة فى العالم فى عين جالوت بقيادة المملوك قطز فعادوا لمهاجمة مصر مرة أخرى أيام السلطان قلاوون وهزمهم هزيمة ساحقة فى حمص 681 ه/1282م والمماليك أيضاً هم الذين طردوا الصليبيين من الشام نهائياً.. لكن يتساءل الكتاب : هل دافع المماليك عن مصر والشام حباً فى الإسلام والعروبة والأوطان؟ الإجابة ..لا.. لأنهم فقط دافعوا عن أنفسهم وعن وجودهم ولو كانوا عبيداً فى الدولة البيزنطية أو أى دولة أخرى لدافعوا عنها!.. كما لم يدافعوا عن الإسلام فقد كانوا فى أحكامهم وقضائهم لا يحتكمون إلى القوانين الإسلامية بل إلى قوانين جنكيزخان المعروفة باسم "الياسة" وكان كل حاكم يدفع لمماليكه أثمانا باهظة للخروج للحرب وكأنهم مرتزقة.
وبعد زوال خطر التتار والصليبيين ركن المماليك إلى الدعة وشرعوا فى بناء الدور والقصور واتجهوا إلى المصريين يسومونهم ألوان العذاب وكان توالى السنين يسرق من قدرة المماليك الحربية بعد أن ركنوا إلى الضعف وأصبحوا طعمة سائغة فى فم كل غازى وشربوا من نفس الكأس التى سقوها للمصريين مثلما حدث فى معركتى مرج دابق والريدانية أمام العثمانيين.
.. ورغم أن دولة المماليك كانت تدعى حماية الخلافة الإسلامية فإنها كانت تحصل ضرائب على الخمور وقد جعل السلطان برقوق الخمر شعار دولته وكان يجمع عنها ألف دينار يوميا وكانت ضريبة المغانى تفرض على من يمارسون البغاء يقوم بتحصيلها إمرأة "ضامنة المغانى ".
ويشبه المؤلف الرئيس السادات بسياسات المماليك من حيث انفتاح السداح مداح وانتشار المحسوبية والفساد والرشوى والمشروعات والوهمية وانهيار الخدمات وارتفاع الضرائب الوهمية وحماية المفسدين في مقابل ولائهم للنظام. ويضرب المؤلف مثلا بأساطين الصحافة الذين يحصلون اليوم على مبالغ طائلة كابراهيم نافع بالأهرام، وهناك رجال الأعمال الكبار الذين هربوا أقوات المصريين للخارج فلم نحصل منها على شيء!
عندما جاء محمد على أنشأ جيشا من المصريين ونفث فى روح مصر من مهارته حتى أيقظ المارد وهدد الخلافة العثمانية المتداعية وأصبح خطرا على أوروبا ومطامعها ..وقادت إنجلترا المعركة ضد عنفوان دولة محمد على ,فكان يصرخ ويقول إننى أينما اتجهت أجد إنجلترا أمامى .... وقنع محمد على ككل المستبدين بحكم مصر وراثيا فى أسرته .. فغاية المستبد الكبرى كرسى الحكم له ولأبنائه من بعده-المستعمر يدرك ذلك جيدا- ..ولذلك كتبوا له معاهدة وبما يريد وتم إزاحة الرجل وتطلعاته من الطريق تمهيدا للإنقضاض على الوطن بكامله كما حدث عام 1882 فالمستبد القوى يخلفه غالبا مستبدين ضعاف..
الكتاب بين أيدينا والذي استعرضنا فصوله عبر حلقات ، يقرر أن عماد الحكم المطلق هو النظرية الأبوية (البطريركية) التى بلغت ذروتها فى الغرب على يد جون لوك فالحكومة يرأسها ملك وعلاقة الملك بالرعية مثل علاقة الأب بأولاده وتقوم هذه العلاقة على الخضوع والطاعة، وأحيانا يدعى الطاغية أن السلام والأمن الداخلى يكون مقابل تنازل الناس عن حرياتهم ثم يبدأ يسطو على كرامة الناس وأموالهم ويزيد الفساد وتقدم المصالح الخاصة على العامة وتنهار الدولة تدريجيا.
لقد حملت بدايات الحكم الإسلامى الراشد كل مظاهر الديمقراطية الحديثة لو راكمت عليها الأمة لكانت فى طليعة الدول الحرة المستنيرة التى تحترم حق الإنسان بما هو إنسان وتكفل له حرية الفكر والعلم والدين، وقد تخفى سفاكو الدماء عبر العصور تحت راية الدين، فقتل الصهاينة الأبرياء من الفلسطينيين للبحث عن هيكل مزعوم وتعهدت الحروب الصليبية التي ما تزال أجنحة بأمريكا تتبناها بفناء واسع للمسلمين تحت راية الصليب، وسفك متطرفون كداعش والقاعدة دماء بريئة تحت شعارات وخزعبلات خلافة مزعومة !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.