في ظل ما تواجهه القضية الفلسطينية اليوم من تحديات جُلُها سياسي، مرتبط بما يجري على أرض الواقع من غياب لأي أفق للسلام، وتصاعد وتيرة الاستيطان، وغير ذلك، حاورت وكالة "الأناضول" الإخبارية السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، ورئيس قطاع فلسطين، والأراضي العربية المحتلة، للحديث عن هذا الواقع. وفي حواره المطول الذي أجرته "الأناضول" الإخبارية معه في مكتبه بمقر الجامعة العربية، وسط القاهرة، تطرق صبيح الذي عاصر ولا يزال يعاصر تفاصيل الملف الفلسطيني من خلال موقعه في هذا الصرح العربي، للعديد من الملفات على الساحة الفلسطينية، ومنها التالي: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومجلس الأمن في هذا الملف، قال صبيح: "إن الدول الأعضاء في الجامعة العربية يجرون مشاورات مكثفة للعودة إلى مجلس الأمن الدولي، من أجل استصدار قرار قابل للتنفيذ يقضي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية، وفق آليات جديدة تتضمن تعهدات بذلك"، معتبراً أن هذا هو أساس استئناف مفاوضات السلام. وأضاف: "الجامعة ستذهب هذه المرة إلى مجلس الأمن لاستصدار تعهدات، حتى لا تنقض إسرئيل، كعادتها، كل الاتفاقيات". وفي هذا السياق، تابع: "الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، جاء إلى الجامعة العربية (الأربعاء الماضي) يطلب دعمًا، ويعطي معلومات عن الاتصالات الجارية، ومناقشة الخطة القادمة للتحرك"(دون أن يوضحها)". وقد أخفق الفلسطينيون في 31 ديسمبر/كانون أول الماضي في تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في حدود 1967 في غضون عامين، وذلك بعد أن صوتت 8 دول فقط من الدول ال 15 الأعضاء في المجلس لصالحه، وعارضته الولاياتالمتحدةالأمريكية، واستراليا. وكانت مفاوضات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية توقفت نهاية أبريل/نيسان من العام الماضي، دون تحقيق أي تقدم يُذكر. ورداً على سؤال حول جدوى التحركات طالما أن إسرائيل تضرب بكافة التعهدات عرض الحائط، أجاب صبيح قائلاً: "الجامعة العربية لا تتعامل مع إسرائيل، وليس لدينا ثقة بهذه الحكومة "حكومة نتنياهو" على الإطلاق، إسرائيل لا تتوافق مع حل الدولتين، وقواعد القانون الدولي، نحن نتعامل مع العالم ولدينا رسالة لكيفية إنجاز السلام، وعندما نتحدث عن السلام لا نتحدث إلى إسرائيل". واستطرد بقوله: "إسرائيل تسير في طريق خطير لنهايتها، وهي دولة شاذة عن قواعد القانون الدولي، والدولة الشاذة في التاريخ قد تستمر لسنوات لكن لابد أن تسقط". حرق سعد الدوابشة ورضيعه علي وفي تعقيبه على حادث وفاة الفلسطيني سعد الدوابشة ورضيعه علي (18 شهراً) قبل أيام، في الهجوم الذي شنه مستوطنون بالزجاجات الحارقة على منزله، قرب مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، أواخر الشهر الماضي، قال صبيح إن "هذه العملية ليست جديدة، فالحرق الإسرائيلي مستمر للأراضي الفلسطينية". وفي معرض رده على وصف نتنياهو، عملية حرق عائلة دوابشة، بأنها "إرهاب يهودي وحشي"، تساءل السفير الفلسطيني"فمن يمول الإرهاب اليهودي؟، ومن يمول الاستيطان؟، من يسمح للمستوطنين بالتحرك في الضفة الغربية سوى الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن". وأضاف "حكومة إسرائيل تدعم رسميًا وعلى مرأى العالم المتطرفين والمستوطنين"، محملاً في الوقت ذاته، حكومة نتنياهو "مسؤولية حرق عائلة دوابشة"، مستشهداً بتصريحات وزيرة العدل الإسرائيلية، إيليت شاكيد، التي وصفت فيها أطفال فلسطين "بالأفاعي" وطالبت "بقتلهم". وفي الأول من يوليو/تموز 2014، نشرت شاكيد على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تدوينة قالت فيها: "وراء كل إرهابي يقف عشرات الرجال والنساء بدونهم لا يمكنه الانخراط في الإرهاب، إنهم جميعا مقاتلين أعداء ودماؤهم يجب أن تكون على رؤوسهم". وأضافت: "هذا يشمل أيضا أمهات الشهداء، الذين يرسلونهم إلى الجحيم بالورود والقبلات، عليهن أن يتبعن أبنائهن ولا يوجد شيء آخر يمكن أن يكون أكثر عدلاً، عليهن أن يذهبن شأنهن في ذلك شأن منازلهن التي ربّوا فيها الثعابين، وإلا فإن ثعابين صغيرة ستنمو هناك". الأسرى في السجون الإسرائيلية وعلى صعيد اهتمام الجامعة العربية بقضية الأسرى الفلسطينيين، اعتبر صبيح أن هذه القضية "ركناً أساسياً" في عملهم، قائلاً: "لعل القمة العربية التي عُقدت في دمشق عام 2008، هي أول من اتخذ قرارًا باعتبار 17 أبريل/نيسان من كل عام، يوماً للأسير والمعتقل الفلسطيني والعربي". "كما أن أول من أقام مؤتمرًا دوليا في العراق بقرار قمة عربية في موضوع الأسرى، كانت الجامعة العربية، ولدينا صندوقاً لدعمهم وأسرهم". وأشار صبيح إلى أن الجامعة تقوم بشكل يومي بتوثيق كافة الانتهاكات بحق الأسرى، وإرسالها للمنظمات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان. ووفق إحصاءات رسمية فلسطينية، تعتقل إسرائيل نحو 6000 فلسطينيًا في سجونها. 11 ألف اعتداء للمستوطنين منذ عام 2004 وتصاعد في اقتحامات الأقصى من جهة أخرى، ذكر الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أن "المستوطين ارتكبوا 11 ألف اعتداء منذ 2004 وحتى اليوم ضد الفلسطينيين بالضفة، وذلك من خلال جرائم موثقة بالصورة والصورة"، مستنكرًا عدم تقديم أي منهم للمساءلة. وعلى صعيد ما يجري في المسجد الأقصى، لفت إلى تصاعد اقتحامات المستوطنين للمسجد "بشكل غير مسبوق ينذر بكارثة ستعم المنطقة برمتها، لاسيما بعد محاولات الجماعات الاستيطانية المتطرفة رفع العلم الإسرائيلي على المسجد". وفي هذا الصدد، اعتبر أن "المحاولات المتكررة لاستفزاز قطاع واسع من الرأي العام على مستوى العالم من خلال المساس بحرمة المسجد الأقصى الذي يعتبر رمزاً قدسياً من رموز المسلمين في كل مكان، لها دلالة عنصرية خطيرة". ومضى بقوله: "نفس المشهد يتكرر من خلال الجرائم الوحشية والعنصرية التي تطال الكنائس التي تتعرض للحرق، والاعتداء على رجال الدين المسيحيين، وكتابة شعارات تدعو للتطهير العرقي بكل أبعاده، وهو الأمر الذي تستنكره الأمانة العامة لجامعة الدول العربية"، مطالباً بتدخل مجلس الأمن الدولي، وجميع الدول الموقعة على ميثاق الأممالمتحدة واتفاقيات جنيف، من أجل وقف "الانتهاكات الإسرائيلية". واقتحم عشرات المستوطنين، الأحد الماضي، المسجد الأقصى، ورفعوا الأعلام الإسرائيلية على بعض أبوابه، وهتفوا تأييدا للوجود اليهودي في القدس، بحسب الإعلامية الناشطة في شؤون الأقصى، لواء أبو رميلة، للأناضول. القمة الإسلامة المرتقبة وفيما يتعلق بالقمة الإسلامية الإستثنائية المرتقب عقدها في المغرب، قريباً، أوضح السفير الفلسطيني أن هذه القمة ستناقش مسألة الدعم المالي للقدس، مشيراً إلى أن "المرابطين بالمسجد الأقصى لا يتلقون أي دعم من أحد، وهم بحاجة إلى دعم عربي وإسلامي على مستوى عالٍ". وبحسب صبيح، ستتطرق القمة أيضاً إلى مسألة التطبيع مع إسرائيل، قائلاً: "هذا الاستيطان يحتاج لوقفة جادة، كيف تقيم الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل، وكيف تتحرك هذه الدول مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تحمي إسرائيل". وأضاف" هناك مقاطعة في المجتمع الأمريكي من الجامعات والطلاب والكنائس لإسرائيل، المواطن الأمريكي لن يرضى بدعم الاستيطان والقتل والحرب، وفي الوقت نفسه توجد دول عربية تتعامل مع إسرائيل"، متسائلاً: "إذا كانت إسرائيل تضع لتهويد القدس 17 مليار دولار، فكم وضع العرب والمسلمون لدعم المواطن المقدسي على أرضه". ولفت إلى أن السلطات الإٍسرائيلية "ترتكب يوميًا انتهاكات في المسجد الأقصى بحماية من المخابرات، والجيش، والشرطة، إلى جانب حرق المزارع، وتدمير البيوت في الضفة الغربية، فضلاً عن الحصارعلى غزة". وأعلنت منظمة التعاون الإسلامي، في السادس من الشهر الجاري، أنها تجري استعداداتها لعقد قمة استثنائية لبحث التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينيةوالقدس، تستضيفها المملكة المغربية، مشيرة في بيان لها إلى أن المشاورات جارية مع الجهات المسؤولة في الرباط، لتحديد موعد ومكان عقد القمة. العجز المالي لدى "أونروا" وأرجع الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أسباب العجز المالي الذي أعلنته وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، مؤخراً، إلى عدم التزام المجتمع الدولي في سداد أموال الوكالة، داعياً الجميع إلى الالتزام بتعهداته في هذا الشأن. وفي 15 يونيو/حزيران الماضي، أعلن المفوض العام للوكالة الأممية "أونروا"، بيير كراهينبول، وصول العجز المالي للعام الجاري، 101 مليون دولار أمريكي. وقبل أيام، صرح عدنان أبو حسنة المتحدث باسم "أونروا" في قطاع غزة، بأن عدم حصول الوكالة على الميزانية اللازمة، لسد "عجزها المالي"، سيؤجل العام الدراسي عدة أسابيع فقط، مشيراً إلى أن الوكالة تقوم في الوقت الحالي، بالضغط على كافة الأطراف الدولية والعربية من أجل سد العجز المالي. حصار غزة وفيما يتعلق بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 2006، لفت صبيح إلى أن التحرك الدولي مستمر لفك هذا الحصار، غير أنه أشار إلى أن "كل المحاولات في هذا الشأن باءت بالفشل، لأن إسرائيل اعتدت على القوافل (البحرية)". واعتبر أن الصمت على هذا الحصار هو "مشاركة في الجريمة".