اليوم.. اجتماع هام للبنك المركزي لحسم أسعار الفائدة    قبل ساعات من قرار الفائدة.. ارتفاع أسعار الذهب اليوم الخميس 22 مايو 2025    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 22-5-2025 في البنوك    رئيس الوزراء الأيرلندي يدين إطلاق نار قرب المتحف اليهودي بواشنطن    «عمليات الشرقية»: لم نسجل أية بلاغات أو خسائر جراء الزلزال    أول تعليق من الرئيس الإسرائيلي على حادث واشنطن: الإرهاب والكراهية لن يكسرانا    الصحة الفلسطينية: استشهاد 17 مواطنا وإصابة آخرين فى قصف الاحتلال على غزة    يورتشيتش وعلي جبر يمثلان بيراميدز في حفل الكشف عن الهوية الجديدة لدوري الأبطال    جدول مباريات اليوم.. الأهلي والزمالك ببطولة أفريقيا لليد    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و 25 مايو    سقوط وفيات ومصابين.. تصادم مروع أعلى دائري المنيب واشتعال النيران بسيارة    الأرصاد: موجة حارة تضرب البلاد بداية من الجمعة وارتفاع درجات الحراة 5 درجات    اليوم.. استكمال محاكمة إمام عاشور لاعب الأهلي بتهمة سب وقذف جاره    خطة "الزراعة" لحماية الثروة الداجنة.. تحصين 4.5 مليون طائر.. وسحب 36 ألف عينة من 16 ألف مزرعة دواجن .. 18 منشأة معزولة جارٍ اعتمادها للتصدير.. خط ساخن لتلقي بلاغات واستفسارات المربين    المعاينة: مصرع شخص وإصابة 15 فى تصادم 7 سيارات بدائرى البساتين.. صور    وزارة التعليم تحدد المسموح لهم بدخول لجان امتحان الدبلومات الفنية    وزير الصحة يلتقى رئيس مجلس إدارة التحالف العالمى للقاحات والتطيعمات "جافي"    لمتوسطي الدخل.. الأوراق المطلوبة لحجز وحدة سكنية بإعلان سكن لكل المصريين 7    بطولة كريم عبدالعزيز.. فيلم «المشروع X» يكتسح شباك التذاكر في أول أيام عرضه    أسعار البيض اليوم الخميس 22 مايو2025    «لم نسجل أي بلاغات أو خسائر».. بيان من محافظة البحيرة بخصوص زلزال اليوم    «فولكانو ديسكفري»: نشاط زلزالي محتمل في الإسكندرية أو القرب منها    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    زعيم كوريا الشمالية غاضبا بعد فشل تشغيل سفينة حربية: إهمال لا يمكن أن يغتفر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 22 مايو 2025    كيف تجنب ابنك تعاطي المخدرات؟.. وكيل إدارة مكافحة المخدرات سابقًا يوضح (فيديو)    نصيحة من محمد فضل للزمالك: لا تفرّطوا في هذا اللاعب    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    رابط الحصول على أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2025.. موعد وجدول الامتحانات رسميًا    القيمة المضافة.. الصناعات الزراعية أنموذجا    الفيلم الوثائقي الأردني "أسفلت" يفوز بجائزة في مهرجان كان السينمائي 2025    إمام عاشور من داخل أحد المستشفيات: الحمد لله على كل شىء (صورة)    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    ضبط 7 عمال أثناء التنقيب عن الآثار بمنزل في سوهاج    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    وزارة المالية تعلن عن وظائف جديدة (تعرف عليها)    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    محافظ الدقهلية: 1522 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية ابو ماضي مركز بلقاس    إجراء طبي يحدث لأول مرة.. مستشفى إدكو بالبحيرة ينجح في استئصال رحم بالمنظار الجراحي    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    الهلال يتمم المقاعد.. الأندية السعودية المتأهلة إلى دوري أبطال آسيا للنخبة    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بأسبوع المطبخ التركي    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    كندا تطالب إسرائيل بتحقيق معمّق في واقعة إطلاق النار على دبلوماسيين بالضفة الغربية    وزير الخارجية الألماني يتصل بساعر بعد إطلاق نار على دبلوماسيين    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    حاكم الشارقة يتسلم تكريما خاصا من اليونسكو لإنجاز المعجم التاريخى للغة العربية    28 يونيو.. ماجدة الرومي تحيي حفلا غنائيا في مهرجان موازين بالمغرب    اليوم.. العرض المسرحي "العملية 007" على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    في الجول يكشف آخر تطورات إصابة ناصر ماهر    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنفاق العام فى الموازنة والاولويات الاجتماعية
نشر في محيط يوم 20 - 07 - 2015

تشكل المصروفات والاستخدامات العامة عموما تجسيدا لدور الدولة في الاقتصاد ومحددا لقدرتها علي قيادة المجتمع لتحقيق التنمية الشاملة وفي القلب منها التنمية الاقتصادية.
كما أنها تشكل تجسيدا للانحيازات الاجتماعية من خلال تحديدها للفئات المستفيدة من الإنفاق العام للدولة.وتشير البيانات المالية للموازنة العامة للدولة 2015 /2016 إلي أن الإنفاق العام الإجمالي سيبلغ 1147٫8 مليار جنيه، منها 864٫6 مليار جنيه مصروفات عامة، ونحو 257٫9 مليار جنيه لسداد أقساط الديون، ونحو 25٫3 مليار جنيه لحيازة الأصول المالية.
والحقيقة أن مخصصات سداد أقساط الديون البالغة 257٫9 مليار جنيه تعبر عن ثقل العبء الذي تسببت فيه حكومات سابقة لهذه الحكومة وهذا الجيل، وهو إرث ثقيل ومروع بكل المعايير. وتتجلي فداحته عندما نعلم أن مخصصات سداد فوائد الديون في الموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي 2015 /2016 تبلغ نحو 244 مليار جنيه. أي أن العبء الإجمالي لسداد أقساط الديون وفوائدها يبلغ نحو 501٫9 مليار جنيه، وهي تعادل نحو 17٫7% من الناتج المحلي الإجمالي. وبما أن تلك المدفوعات تزيد عاما بعد آخر، فإن ما تورثه كل حكومة للتي تليها وكل رئيس للذي يليه هو إرث فادح الثقل ويكبل المستقبل. ومن المهم أن تكون هناك وقفة حاسمة أيا كانت مرارة الإجراءات التي تتطلبها مع هذا النمط المستمر من أواخر سبعينيات القرن الماضي وحتي الآن. وهذه الوقفة تتطلب إجراء تحولات جوهرية في الموازنة العامة للدولة لتخفيض العجز فيها الذي يتسبب في الاقتراض بما يترتب عليه من تخصيص لهذه المبالغ العملاقة لسداد الأقساط والفوائد. أما المضي بالموازنة العامة للدولة بالطريقة المتبعة نفسها منذ أربعة عقود علي الأقل فإنه يؤدي إلي المزيد من تضخم المشكلة وترحيلها للحكومات والأجيال القادمة.
وتجدر الإشارة إلي أن فوائد الديون الخارجية تبلغ نحو 7 مليارات جنيه، بينما تبلغ فوائد الديون المحلية العملاقة نحو 237 مليار جنيه، ومجموعهما معا 244 مليار جنيه تعادل 8٫6% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 28٫2% من إجمالي المصروفات العامة.
وتشير بيانات الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2015 /2016 إلي أن العجز الكلي في الموازنة مقدر بنحو 251٫1 مليار جنيه، وإذا أضفنا إليها مخصصات سداد الديون السابقة البالغة 257٫9 مليار جنيه فإن المجموع يصبح 509 مليارات جنيه. وإذا أضفنا إلي هذا الرقم ما يعادل مخصصات حيازة الأصول المالية وقدرها 25,3 مليار جنيه فإن المجموع يصبح 534٫3 مليار جنيه. وهذا هو رقم الاستدانة الجديدة في العام المالي الجديد، لكن بما أن هناك عمليات سداد فإن صافي الزيادة في الديون سيصبح في حدود 276٫4 مليار جنيه. ووفقا لبيانات الموازنة للدولة فإن قيمة الدين العام المحلي قد تجاوزت 2040مليار جنيه في نهاية عام 2014، وبلغ إجمالي الدين العام المحلي والخارجي نحو 2217 مليار جنيه. ومن المقدر أن يتجاوز هذا الدين الإجمالي مستوي 2٫6 تريليون جنيه علي أدني تقدير في نهاية يونيو 2016.
وبما أن سداد أقساط الديون القديمة يرتبط باتفاقات تعاقدية محلية وخارجية سابقة يصعب أو يستحيل تعديلها إلا باتفاقيات جديدة لإسقاط أو جدولة تلك الديون، فإن المجال الممكن للحركة ولاتخاذ الإجراءات المالية هو المصروفات العامة البالغة 864,6 مليار جنيه فى الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2015 /2016.
الأجور الحقيقية تتراجع
إذا بدأنا بالأجور وتعويضات العاملين بالدولة فإن مخصصاتها تبلغ 218,1 مليار جنيه بزيادة نسبتها 8,5% عن نظيرتها فى العام المالى الماضى وفقا للتقديرات الفعلية الأولية عن ذلك العام. وبما أن معدل ارتفاع أسعار المستهلكين (مؤشر معدل التضخم) قد بلغ 10,1% عام 2014، وتشير أدنى التقديرات الرسمية إلى أنه سيبلغ 10,3% عام 2015، فإن القيمة الحقيقية لمخصصات الأجور وما فى حكمها قد تراجعت بنسبة تزيد على 1,5%.وصحيح أن مخصصات أجور العاملين بالدولة تستنزف ربع المصروفات العامة، لكن ذلك ناجم عن التضخم المروع فى عدد العاملين (6 ملايين) وليس عن ارتفاع مستويات أجورهم. ومن الضرورى أن يتم المضى قدما فى خطة واضحة لإنهاء البطالة المقنعة بما يؤدى لتقليص أعداد العاملين فى الجهاز الحكومى والمحليات. وذلك الجهاز مع المحليات هما مستودع البطالة المقنعة وتعيينات المحسوبية السياسية والعائلية فى عهد مبارك. ويمكن لأى عملية لتحديثهما وإيقاف التعيينات بهما إلا للمتفوقين وعدم تعويض من يخرجون للمعاش وعدم المد بعد بلوغ سن المعاش، أن تساهم فى تقليص عدد العاملين فى الجهاز الحكومى ومخصصات الأجور وما فى حكمها فى الموازنة حتى لو تم رفع اجور العاملين المستمرين فى الخدمة لمستويات محترمة وعادلة وتكفى لحياة كريمة.
وتعكس البيانات التفصيلية لمخصصات الأجور وما فى حكمها استمرار نفس الخلل السابق فيما يتعلق بالأجور الأساسية والدخول الإضافية. وتشير بيانات الموازنة إلى أن مخصصات الوظائف الدائمة تبلغ 31,4 مليار جنيه تعادل 14,4% من إجمالى مخصصات الأجور وما فى حكمها. وبلغت مخصصات الوظائف المؤقتة نحو 3,7 مليار جنيه تعادل 1,7% من إجمالى مخصصات الأجور وما فى حكمها. أما مخصصات المكافآت فتبلغ 87,4 مليار جنيه تعادل 40,1% من إجمالى مخصصات الأجور وما فى حكمها. وتبلغ قيمة البدلات النوعية المرتبطة بطبيعة العمل نحو 27,1 مليار جنيه تعادل 12,4% من إجمالى مخصصات الأجور وما فى حكمها.
وإجمالا تبلغ مخصصات ما فى حكم الأجر من مكافآت وبدلات نوعية ومزايا نقدية وعينية وتأمينيةوغيرها نحو 83,9% من إجمالى مخصصات الأجور وما فى حكمها، وهو وضع مختل من المفترض أن يعالجه المشروع الجديد الذى طرحته وزارة التخطيط، لأن الأجر الأساسى يتبغى ان يكون هو الجانب الأكبر من إجمالى الأجر وما فى حكمه.
وبالطبع فإن الرقم الإجمالى لمخصصات الأجور وما فى حكمها لا يفصح عن عدالة أو ظلم التوزيع خاصة بعد أن استثنت العديد من الجهات والهيئات نفسها من الحد الأقصى للأجور بما يجعله انتقائيا وينطوى على محاباة غير مقبولة لتلك الجهات المستثناة حتى ولو بأحكام قضائية مناقضة لما نص عليه الدستور من وضع حد أقصى للأجر دون ان ينص على أى استثناء. ولو كانت هناك شكوى من بعض الجهات من انخفاض سقف الحد الأقصى فإن الأفضل هو رفعه رسميا بالقانون وللجميع وليس اختراقه وتحويله إلى مجرد حبر على ورق وقانون مخترق وفاقد لصفة العمومية اللازمة لأى قانون. وللعلم فإن الحد الأدنى للدخل الشامل للعامل المعين فى مؤسسة الأهرام يبلغ 2950 جنيها شهريا (تتضمن حوافز آخر العام) بما يعنى أن الحد الأقصى للدخل المطبق فى المؤسسة فعليا يعادل 14,2 مرة فقط قدر الحد الأدنى للدخل فيها.
لمن يذهب الدعم السلعي؟
تبلغ مخصصات الدعم السلعى فى الموازنة الجديدة نحو 136,6 مليار جنيه، منها 92,8 مليار جنيه لدعم المواد البترولية والكهرباء، بنسبة 67,9% من إجمالى مخصصات الدعم السلعي. ومن غير المفهوم أن ترتفع مخصصات دعم الكهرباء من 13,3 مليار جنيه عام 2013/ 2014 ، إلى 28,8 مليار جنيه عام 2014 /2015 رغم تراجع أسعار النفط وثبات كميات الكهرباء المنتجة. ومن غير المفهوم أيضا أن ترتفع مخصصات دعم الكهرباء فى الموازنة العامة الجديدة 2015 /2016 رغم استمرار اسعار النفط عند مستويات متدنية من المقدر أن تدور حول سعر 65 دولارا للبرميل مقارنة بسعر وصل إلى 105 دولارات عام 2013/ 2014 . كما ان أسعار الكهرباء تضاعفت تقريبا، لذا فإن ارتفاع دعم الكهرباء غير مفهوم ولا تبرره الزيادة فى الإنتاج لأنها ببساطة تباع بالأسعار الجديدة المرتفعة.
ويبلغ دعم المواد البترولية فى الموازنة الجديدة نحو 61,7 مليار جنيه، وهو دعم يقل عن الدعم الفعلى عام 2015/2014 والذى بلغ نحو 70,2 مليار جنيه. وهذا التراجع فى دعم المواد البترولية ناجم بالأساس عن تراجع أسعار البترول ومنتجاته وليس عن تغيير فعلى فى سياسة دعم المواد البترولية أو توجيهها. وتلك السياسة تفضى إلى حصول الطبقة العليا والرأسمالية المحلية والأجنبية على الغالبية الساحقة من مخصصات دعم الطاقة.وإذا كان جانب مهم من فلسفة الدعم السلعى هو مساندة الفقراء والشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى وتحسين توزيع الدخل لجعله أكثر عدالة، فإن دعم المواد البترولية يعمل فى الاتجاه العكسى لفلسفة الدعم وهدفه الأصلى حيث يساعد الأثرياء والرأسمالية الأجنبية والمحلية بالأساس.
أما دعم السلع التموينية فقد ارتفع بدوره من 31,6 مليار جنيه فى العام المالى الماضى إلى 37,8 مليار جنيه فى العام المالى الجديد. وهذه الزيادة تعود بالأساس إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصرى مما ترتب عليه ارتفاع سعر المواد التموينية المستوردة والدقيق والقمح المستوردين للاستخدام فى صناعة الخبز المدعوم. ولايزال دعم الخبز والسلع التموينية بحاجة إلى المزيد من الإجراءات لضمان وصول الدعم لمستحقيه. وربما يكون إلغاء دعم السلع الوسيطة كالدقيق والقمح ودعم المنتج النهائى المطلوب من الجمهور (الخبز) آلية افضل لضمان عدم تسرب جانب مهم من الدعم فى مسارب فساد بعض المخابز وبعض الجهات التموينية التى من المفترض ان تراقبها.
وتدرج الحكومة المساهمات فى صناديق المعاشات ضمن المنح والمزايا الاجتماعية، رغم أنها فى الحقيقة عبارة عن مساهمة الدولة كرب عمل فى التامينات الاجتماعية للعاملين لديها. وحتى الآن لم ترتب الحكومة أى آلية لرد أموال التأمينات المستحقة لصناديق المعاشات التى استغلتها الحكومات المتعاقبة بأسوا الطرق الممكنة ولم تدفع عنها الفوائد المستحقة للمؤمن عليهم وفقا لأسعار الإقراض فى السوق لمدة 35 عاما.
وبالنسبة لمعاش الضمان الاجتماعى ومعاش الطفل فتبلغ مخصصاتها نحو 6651 مليون جنيه، وهى اقل بصورة لا تذكر عن مخصصات العام الماضى البالغة 6653 مليون جنيه. لكن لو اخذنا معدل التضخم فى الاعتبار فإنها تراجعت بنحو 10% على الأقل. ولو أخذنا إجمالى مخصصات معاش الضمان الاجتماعى وبرنامج «تكافل وكرامة» معا فإنها بلغت 11,2 مليار جنيه، مقارنة بنحو 10,7 مليار جنيه فى العام المالى الماضي، بزيادة قيمتها 500 مليون جنيه وبنسبة زيادة تبلغ 4,7%. وإذا أخذنا معدل التضخم فى الاعتبار فإن القيمة الحقيقية لتلك المخصصات قد تراجعت بنسبة تزيد على 5%. وإذا اخذنا مخصصات معاش الضمان الاجتماعى وبرنامج تكافل وكرامة معا كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى فإنها تراجعت من 0,44% فى العام المالى الماضى إلى نحو 0,39% فى العام المالى الجديد.
ورغم أهمية هذه النفقات فى مكافحة الفقر بما يؤكد ضرورة رفعها لتحسين أحوال الفقراء فقرا مدقعا، فإن الأهم هو مكافحة الفقر نفسه. وإذا كانت البطالة الضخمة حجما ونسبة سببا رئيسيا من أسباب الفقر، فإن المعالجة تتطلب العمل على إيجاد وظائف للعاطلين لمعالجة ازمة البطالة وتمكين البشر من كسب عيشهم بكرامة من خلال العمل ودخلهم المتحقق منه. وهذا الأمر يعيدنا مرة اخرى إلى ضعف مخصصات الإنفاق العام على الاستثمارات الكفيلة بإيجاد فرص جديدة للعمل. وفى المقال السابق تمت الإشارة إلى مخصصات الاستثمار فى الموازنة الجديدة والبالغة 75 مليار جنيه بنسبة 2,7% من الناتج المحلى الإجمالى والتى لا تساعد على تحقيق هدف تنشيط إيجاد فرص العمل ومكافحة البطالة ولا تعطى قدوة جيدة للقطاع الخاص فى هذا الشأن.
التراجع بعيدا عن الدستور بشأن الصحة والتعليم
تشير بيانات الموازنة الجديدة (ص 130) إلى أن الإنفاق العام على الصحة يبلغ 45 مليار جنيه، مقارنة بنحو 40,4 مليار جنيه فى التقديرات الفعلية للإنفاق العام على الصحة فى العام المالى الماضي. ومن اللافت أن نسبة الإنفاق العام على الصحة تبلغ فى الموازنة الجديدة نحو 1,59%، مقارنة بنحو 1,66% فى العام المالى الماضى (التقدير الفعلي)، ونحو 1,74% فى تقديرات الموازنة العامة للدولة فى العام المالى الماضي. أى أن الحكومة فى العام المالى وضعت تقديرا للإنفاق العام على الصحة (42,4 مليار جنيه)، ثم أنفقت فى الواقع أقل منه جدًّا (40,4 مليار جنيه). وللعلم فإن الدستور يلزم الحكومة بإنفاق 3% من الدخل القومى على الأقل على الصحة. وقد تم إعطاء الحكومة مهلة ثلاثة اعوام للوصول إلى هذا الحد الأدنى، لكنها فى الحقيقة تتجه عكسيا لتقليل الإنفاق العام على الصحة كنسبة من الناتج. وهذا التوجه لا يساعد على مكافحة المرض وتحسين صحة المواطنين من الفقراء والشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى بصفة خاصة.
أما بالنسبة لمخصصات الإنفاق العام على التعليم فى الموازنة العامة الجديدة فتبلغ وفقا للموازنة العامة للدولة (ص130) نحو 99,3 مليار جنيه بنسبة 3,5% من الناتج المحلى الإجمالي، مقارنة بنحو 94,4 مليار جنيه تعادل 3,9% من الناتج المحلى الإجمالى فى الموازنة السابقة، ونحو 93,5 مليار جنيه تعادل 3,8% من الناتج المحلى الإجمالى فى التقديرات الفعلية الأولية للعام المالى الماضي. وقد حدد الدستور نسبة 6% كحد ادنى للإنفاق العام على التعليم، وتم ايضا إعطاء مهلة للحكومة مدتها ثلاثة اعوام للوصول إلى هذا المستوى، لكنها لا تقترب منه بل تتراجع حتى عن المستويات المتواضعة السابقة المتحققة فى عهدى المخلوع والمعزول. وإذا كان هناك إجماع حقيقى على أهمية العلم كبوابة للمستقبل، وأهمية الصحة للحياة والإنتاج فإن ما يجرى بشأن الإنفاق العام على الصحة والتعليم يحتاج لمراجعة حقيقية. وينبغى التذكير بأن الدستور قد وضع لكى يتم احترامه وتنفيذ مواده الملزمة وليس تجاهله على هذا النحو فى الموازنة العامة للدولة فيما يخص الإنفاق على الصحة والتعليم.
وهناك الكثير من الأمور التفصيلية التى تستحق التوقف عندها، لكنها تحتاج لدراسة وليس لمقال تحليلي. لكن من المهم الإشارة إلى أن الموازنة قد عوملت فى غالبية المعالجات من قبل المؤيدين والمعارضين السياسيين بصورة سياسية لا علاقة لها بالتحليل العلمي. وعلى سبيل المثال تعامل البعض مع بند مصروفات أخرى وقيمتها 54,8 مليار جنيه باعتبارها مصروفات مجهلة ومشكوك فى وجهتها بما شكل موضوعا لنقد الموازنة على شبكات التواصل الاجتماعي. لكن الحقيقة أن الموازنة تشير بشكل واضح (ص82) إلى أنها تخص الدفاع والأمن القومى والقضاء والمحكمة الدستورية والاشتراكات الدولية ومصروفات التعويضات والغرامات. والخطأ يكمن فى استسهال بعض الصحف قراءة العناوين دون قراءة الموازنة أو تحليلها ونقدها علميا رغم أن القراءة العلمية التحليلية تكشف عن الكثير من الجوانب المختلف عليها فى الموازنة والمتناقضة مع الدستور بما يوجب مراجعتها ومعالجتها.
نقلا عن " الاهرام" المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.