انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية الدراسات الإسلامية في أسوان    رئيس الوزراء يتفقد المركز القومي للتدريب بمقر هيئة الإسعاف المصرية.. صور    وزير الثقافة يوجه بوضع خطة مشتركة لعرض مونودراما «فريدة» بالمحافظات    محافظ أسيوط: حصاد 188 ألف فدان قمح وتوريد أكثر من 147 ألف طن حتى اليوم    رئيس الوزراء يسلم وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" بأكتوبر الجديدة    منظمة السياحة العربية: العلمين الجديدة وجهة عربية متميزة    رئيس وزراء كوت ديفوار يستقبل وفدًا من اتحاد الصناعات المصرية لبحث التعاون    لتطوير البنية التحتية..الانتهاء من رصف عدة طرق بالواحات البحرية بتكلفة 11.5 مليون جنيه    الجيش الروسي يعلن السيطرة على 3 بلدات في دونيتسك وسومي    إقبال كثيف على صناديق الاقتراع في الجنوب اللبناني    مقال رأي لوزير الخارجية عن انعكاسات خفض التصعيد على أمن الملاحة في البحر الأحمر    بث مباشر الآن مباراة بيراميدز ضد صن داونز في نهائي دوري أبطال أفريقيا (الاستديو التحليلي)    محمد صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لموسم 2024-2025    بمشاركة مصر.. مستويات منتخبات بطولة كأس العرب 2025    قتل صديقه حرقا.. إحالة أوراق عاطل بالإسكندرية إلى المفتي    الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب مصر حتى الإثنين.. وطقس معتدل يبدأ من الثلاثاء    بأسلوب الخطف.. القبض على المتهمين بسرقة المواطنين بالطريق العام    مفاجأة يكشفها تقرير الطب الشرعي في واقعة الاعتداء على طفل شبرا الخيمة    ب3 من نجوم ماسبيرو.. القناة الأولى تستعد لبث "العالم غدا"    الفرعون الذهبى يستقر بالمتحف الكبير :73 قطعة منها التاج وكرسى العرش والتابوت والقناع تنتظر الرحيل من 3 متاحف    بطريقة خاصة.. رحمة أحمد تحتفل بعيد ميلاد نجلها «صاصا»    فضائل العشر من ذي الحجة.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    دراسة: النوم بين الساعة 10 و11 مساءً يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب    بعد توليها منصبها في الأمم المتحدة.. ياسمين فؤاد توجه الشكر للرئيس السيسي    مطالبًا بتعديل النظام الانتخابي.. رئيس«اقتصادية الشيوخ»: «لا توجد دول تجمع بين القائمة والفردي إلا ساحل العاج وموريتانيا»    فيلم «سيكو سيكو» يصدم أبطاله لليوم الثالث على التوالي.. تعرف على السبب    «فركش».. دنيا سمير غانم تنتهي من تصوير «روكي الغلابة»    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 6720 حاجا للمدينة المنورة    «الشيوخ» يوافق نهائيًا على تعديل قانون لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية (تفاصيل)    الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان استعدادا لبدء التطبيق الفعلي للمنظومة في المحافظة 1 يوليو المقبل    مدبولي: هيئة الإسعاف دوماً رمزاً للتضحية والإنسانية ولها دورٌ في مواجهة الأزمات الكُبرى    طاقم تحكيم مباراة البنك الأهلي والمصري في الجولة الثامنة للدوري    13 لاعبة ولاعبًا مصريًا يحققون الفوز ويتأهلون للربع النهائي من بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    لحظة أيقونية لمؤمن واحتفالات جنونية.. لقطات من تتويج بالأهلي ببطولة أفريقيا لليد (صور وفيديو)    المتحدث العسكري: الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لدولة فرنسا    مستقبل وريثة عرش بلجيكا في خطر.. بسبب أزمة جامعة هارفارد وترامب    في ذكرى رحيل إسماعيل ياسين.. أحمد الإبياري يكشف عن بوستر نادر ل مسرحية «الست عايزة كده»    احتفاء بتاريخ عريق.. رئيس الوزراء في جولة بين عربات الإسعاف القديمة    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    "الشيوخ" يبدأ مناقشة تعديل قانونه.. ووكيل "التشريعية" يستعرض التفاصيل    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتسيطر على بلدتين    كواليس إحالة المتهمة بسب وقذف الفنانة هند عاكف للمحاكمة    جامعة سوهاج: اعتماد 250 مليون جنيه لفرش وتجهيز مستشفى شفا الأطفال    التحقيق مع 3 عناصر جنائية حاولوا غسل 60 مليون جنيه حصيلة اتجار بالمخدرات    محافظ أسيوط يزور جامعة بدر ويتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    وزير الري يوجه بتطهير مصرف البلبيسي بالقليوبية    10 شهداء في قصف الاحتلال مدينتي جنوب قطاع غزة    لماذا يصل تأثير زلزال كريت إلى سكان مصر؟.. خبير فلكي يجيب    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام صن داونز بذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبي    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    عيد الأضحى 2025.. أسعار الخراف والماعز في أسواق الشرقية    عمرو أديب: ليه العالم بيعمل 100 حساب لإسرائيل وإحنا مالناش سعر؟    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التراث والسياق التاريخي
نشر في محيط يوم 18 - 07 - 2015

لقد نشأ المستشرق في الغرب، وتعود على بيئة ثقافية يضع فيها المفكر فكراً أو يبني مذهباً ثم ينسب هذا المذهب إليه. فبعد أن أسقط عصر النهضة كل الأنماط النظرية القديمة للواقع، وأصبح الواقع عارياً من كل أساس نظري، اضطر المفكرون إلى البحث عن نظريات يُفهم الواقع على أساسها. فنشأت المذاهب الفلسفية والتيارات الفكرية كي تسد هذا النقص النظري، ونسبت الأفكار إلى مَن صاغوها، ومن ثم ظن المستشرق أن كل حضارة لابد وقد نشأت بالضرورة على نمط الحضارة الغربية، ونسب إلى كل من ابن سينا والفارابي وابن رشد مذهباً وتحدث عن السينوية والرشدية، ونسب إلى الأشعري مذهباً وتحدث عن «الأشعرية» بل إن بعض معاصرينا رغبة منهم في التشدق بالخلق الفني والفكري يحولون اسمهم ويجعلونه عنواناً لمذهب.
وفي كثير من الأحيان لا يكون للمؤلف الإسلامي مذهب واحد. فمثلاً ما هو مذهب الغزالي، هل هو التصوف أم الفلسفة أم المنطق أم الأخلاق.. الخ؟ وما هو مذهب ابن سينا؟ هل هي الفلسفة أم التصوف أم العلم؟ وما هو مذهب ابن رشد؟ هل هو الفقه أو الكلام أم الفلسفة أم العلم؟ هناك إذن تيارات فكرية قد تتخلل المؤلف ولا يكون هو إلا عارضاً لها. وهناك علوم عامة تنشأ من الوعي الديني بتحوله إلى حضارة تتخلل المؤلف ولا يكون هو إلا مصنفاً فيها. ومن هنا ظهر التكرار والنقل والاستعارة من المؤلفين بعضهم من بعض آخر لأن العلم موضوعي، مشاع للجميع، لا ينتسب إلى فرد دون آخر، وكأن المؤلفين كلهم فريق يعملون في موضوع واحد مستقل.
وفي أحسن الأحوال يكون التاريخ تاريخاً للمذاهب والتيارات الفكرية ولكنها أيضاً ترد إلى التاريخ العام والأحداث الجارية، وتصبح تاريخاً للفرق أو الجماعات أو الجمعيات مع إغفال تام للأساس النظري الذي تقوم عليه وربطه بالأصول. وفي هذه الحالة لا يُنسب التيار أو المذهب إلى الفرق مثل المعتزلة والشيعة والسُّنة فالمذهب فكرة يتحدد باسمها مثل التأليه والتجسيم والتشبيه والتنزيه في التوحيد أو الجبر والكسب والاختيار في الأفعال. فالصلاح والأصلح واللطف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، موضوعات مستقلة عند المعتزلة. والطبيعة والكمون والتوليد موضوعات مستقلة عن الجاحظ والنّظّام ومعمر وثمامة وباقي أصحاب الطبائع. والإشراقية والعقلانية موضوعان مستقلان عن الفارابي وابن سينا أولاً، وعن ابن رشد ثانياً. والقول بالرأي والقول بالأثر منهجان مستقلان عن العراق والحجاز. ووحدة الشهود ووحدة الوجود والوحدة المطلقة كلها مستقلة عن ابن الفارض وابن عربي وابن سبعين.
ولا يعني ذلك تحريم دراسة المفكرين الإسلاميين. بل يمكن دراستهم ليس باعتبارهم مؤلفين بل باعتبارهم كتاباً، فإذا كان المؤلف هو الذي يضع فكراً بل يخلقه ويبدعه بجهده الشخصي وبصرف النظر عن أي مصدر له خارج جهده العقلي المحض، فالكاتب هو الذي يعرض الفكر ابتداءً من مصدر معين هي النصوص الموحاة. فدراسة المفكر على هذا الأساس ليست دراسة لتاريخ حياته الشخصية: مولده ونشأته، طفولته وصباه، رجولته وكهولته، مرضه ووفاته، علاقاته، آثاره الاجتماعية بل عن طريق إعادة بناء موقفه الفكري الذي يتلخص أساساً في كيفية فهم النص والتعبير عنه إزاء معطيات ثقافية في ظرف معين. فإن تمت إعادة بناء الموقف الفكري للكاتب خاصة إذا كان كاتباً بادئاً مثل الشافعي وعلم الأصول، وأبي حنيفة وعلم أصول الدين، والكندي والفلسفة وليس مضيفاً يمكن بعد ذلك رؤية منهج فكري من خلال هذا الموقف.
فإذا تمت إعادة بناء الموقف الفكري للشافعي مثلاً يمكن تلمس جوانب المنهج الأصولي خاصة مناهج الرواية ومن ثم احتمال وجود منهج إسلامي متميز في النقد التاريخي للنصوص. وإذا تمت إعادة بناء الموقف الفكري لمالك مثلاً أو لأبي حنيفة أو لابن حنبل أمكن أيضاً تلمس بعض خصائص فكرية من كل مفكر، وكيف أن كلًا منهم، طبقاً لثقافته وبيئته، قد حاول بيان جانب من جوانب منهج واحد يحاول الكل الوصول إليه والتعبير عنه: الواقع عند مالك، والفكر عند أبي حنيفة، ووحدة الواقع والفكر عند الشافعي ثم اللجوء إلى النصوص الموحى بها باعتبارها المصدر الأول للفكر عند ابن حنبل خشية استبدال الناس الحضارة بالوحي، وترك الأصول وأخذ الفروع. ويمكن إعادة بناء الموقف بصورة كاملة إذا كان للباحث موقف مشابه. فالباحث ليس دارساً مخبراً فقط أو دارساً مجدداً فقط بل هو باحث له أيضاً موقف فكري ابتداءً من النص -وهو موضوع الفكر- في ظروف مشابهة أيضاً.
والتشابه يوجد في أن كلاً من الموقفين، القديم للمفكر والجديد للباحث، يتلخص في كيفية حل النص الموحى به للمشاكل الجديدة الموجودة أمامه ويكون السؤال: ما هو الاتجاه الفكري للمفكر أو الباحث ابتداء من النص الموحى به في فهمه له وفي تحليله للعوامل السائدة في موقفه؟ فإذا تشابه الموقفان يمكن للباحث الحالي أن يسقط تحليلاته لموقفه على المفكر القديم مما يساعده على سرعة الفهم ووضوح الرؤية إذ إنه يعيش الموقف من جديد، هذا الموقف الذي عاشه المؤلف القديم. فالمواقف واحدة والاتجاهات منها واحدة إذا تشابهت الظروف وتقاربت الاحتياجات.
نقلا عن "الاتحاد " الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.