تواصل تونس منذ أبريل/نيسان الماضي، حفر خندق بطول، 220 كلم، على حدودها مع ليبيا، في إطار منظومة أمنية أقرتها حكومة الصيد "لمجابهة خطر الإرهاب القادم من ليبيا". ووفقا لوكالة " الأناضول، كانت التحقيقات الأمنية قد كشفت، عقب هجومي"باردو" في آذار/مارس، و"سوسة" في حزيران/يونيو الماضيين (راح ضحيتهما نحو 59 سائحا أجنبيا)، "أن منفذي العمليتين تلقيا تدريبات عسكرية لدى الجماعات الجهادية في ليبيا". وسبق أن صرّح تنظيم "داعش" في عدة مناسبات، بإدخاله السلاح من ليبيا، منها خلال نعيه أحد قادته، أحمد الرويسي (أبو زكرياء التونسي)، الذي قتل في اشتباك بين تنظيم الدولة، وفجر ليبيا بمدينة سرت الليبية، في آذار/مارس الماضي، واعتبر التنظيم "من مناقبه الإشراف على إدخال السلاح إلى تونس". ويمتد الخندق العازل من معبر رأس جدير الحدودي (بمدينة بنقردان ويعتبر البوابة البرية الأكبر بين البلدين)، وحتى معبر ذهيبة/وزان (بمنطقة ذهيبة التابعة لمحافظة تطاوينجنوب شرق البلاد)، على مسافة 186 كلم في القسم الأول منه، وأقرت الحكومة لاحقاً إضافة 40 كلم أخرى، تمتد إلى ما بعد معبر ذهيبة، في حين تشترك تونس وليبيا بخط حدودي على طول نحو 500 كلم، ويربطها منفذان بريان فقط. وكان وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني، زار أمس الأول السبت، المنطقة العسكرية في مدينة بنقردان الحدودية، حيث اطّلع على سير عملية حفر الخندق، وتم خلال الزيارة استعراض مميزات الخندق ومراحل إنجازه. وأوضح الوزير التونسي خلال الزيارة، "أن المشروع يهدف إلى الاقتراب من الحدود مع ليبيا، فضلاً عن القضاء على آفة التهريب وخاصة الأسلحة"، كما قال الحرشاني إن "بلاده تسير في تطبيق استراتيجية أمنية واضحة، وعلى الخط الصحيح، من شأنها أن تساهم بشكل كبير في حماية حدود البلاد مع ليبيا"، لافتاً أن المناطق (الحدودية) معروفة بتهريب السلاح بشكل سهل جدا. وتتضمن عملية حفر الخندق 9 أجزاء، بحسب مناطق الحفر وهي، المقيسم، والكرانتي، وعين النخلة، وأم القرصان، وخاوي الميدة، ومشهد صالح، وطويل الحلاب، وذهيبة، ومنطقة برزط، ويتراوح عمق الخندق، بين مترين إلى 2.5 متراً، فيما سيتم بناء ساتر ترابي بين كل 2 أو 3 كلم من الخندق، ووضع حواجز مصنعة في الأماكن التي يصعب الحفر فيها، ويتخلل الخندق عدد من الهضاب والجبال، اعتبرها المسؤولون العسكريون المشرفون على المنظومة الأمنية، "أنها بحد ذاتها تمثل حاجزاً عازلاً"، في حين ستتم تركيز المراقبة و بناء حواجز داخل بعض الجبال، التي قد تحتوي على منافذ، كما سيتم تثبيت أجهزة إلكترونية عند الانتهاء من أعمال الحفر. وأُنجز حتى الآن 10 كلم من الخندق، فيما ينتظر الانتهاء من أعمال الحفر، نهاية العام الجاري، وفقاً لوزير الدفاع التونسي، الذي أشار أن "القطاع الخاص التونسي يشارك في أعمال الخندق، وأن الجيش التونسي سيضطلع بتأمين تجهيزات الشركات العاملة، ونقل المحروقات لها وتذليل الصعوبات أمامها". وفي آب/أغسطس 2013، أقر الرئيس التونسي آنذاك المنصف المرزوقي، إقامة منطقة عازلة، جنوب شرقي تونس (مساحة المنطقة ألف كم مربع)، لحماية الحدود ومنع تهريب السلاح. ومنذ بداية المشروع، عبّر عدد من مواطني المناطق الحدودية عن اعتراضهم عليه، واعتبروه "تهديداً حقيقياً على مصادر أرزاقهم"، حيث يعمل عدد كبير منهم في التجارة مع ليبيا (سواء عبر المنافذ الرسمية للدولة التونسية، أو عبر التجارة الموازية الحدودية بين البلدين)، التي تعتبر المورد الأول لأهالي جنوب شرق تونس. وكانت مدينتا بنقردان في محافظة مدنين، وذهيبة في محافظة تطاوين، شهدتا احتجاجات منذ ما يزيد عن 5 أشهر، بسبب تضييقات على جلب السلع من ليبيا.