يقع مسجد الإمام زين العابدين فيما بين الجامع الطولوني و مصر القديمة بالقرب من شارع السيدة زينب رضى الله عنها إلى فم الخليج القريبة من القصر العيني، وللمشهد بابان متجاوران أحداهما الباب العتيق غير مستعمل الآن ومركب عليه باب من حجر أزرق طوله متر وثلاثون سنتيمترا فى عرض متر واحد وبأعلاه كتابة نقر في الحجر صورتها (بسم الله الرحمن الرحيم ) هذا مشهد الإمام على زين العابدين ابن الإمام الحسين بن الإمام على بن أبى طالب سنة تسع وأربعين وخمسمائة . وعلى يمين داخل الباب الثاني خلوا للخدمة والزوار وعلى اليسار ايوان كبير به جملة قبور وتجاه ذلك الأيوان باب للمقصورة المعدة للصلاة وهى صغيرة بها بائكتان وعمودان من الرخام ومنبرا ودكه وهو مقام الشعائر وله أيراد في ديوان وزارة الأوقاف ومطهرته تملأ من مياه النيل بواسطة مواسير تجلب من أبور الماء، يصرف من طرف ذات العصمة والدة الخديوي وله منارة قصيرة وسبيل وبداخل المسجد قبر المرحوم عثمان اغاغات البنشارية وكان في حياته قد أجرى عمارة بهذا المسجد ففي تاريخ الجبرتي في عام خمس وعشرين ومائتين وألف أن عثمان أغا المتولي اغات مستحفظان اجتهد فى عمارة هذا المسجد وكان قد أهمل زمن دخول الفرنسيين وتخرب فعمره وزخرفه وبيضه وعمل به سترا وتاجا للمقام ونادى على أهل الطرق المعروفة بأرباب الاشابر وهم السوقة وأرباب الحرف وينبسون انفسهم للاحمدية والرفاعية والقادرية والبرهانية ونحو ذلك فاجتمعوا بأنواع الطبول والمزامير ومشهد الامام على زين العابدين رضى الله عنه. أطلقوا عليه العامة مشهد زين العابدين وهو خطأ وإنما هو مشهد رأس زيد بن على المعروف بزين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب ويعرف فى القديم بمسجد محروس الخص . ما أن تقترب من منطقة "الحمراء القصوى" أطراف شارع السد حاليا حيث يتصدر نهايته مسجد زين العابدين الواقع بين مسجدى السيدة زينب والسيدة نفيسة.. و تلتقى بمسجد ذو طبائع فريدة فى عمارته و زواره وحكاياته ومريديه فهو المسجد صاحب العمامتين أو صاحب المقامين حيث يجتمع الأب زين العابدين ورأس الابن زيد فى مقام واحد ولذلك تم وضع عمامتين أعلى الشاهد دلالة على وجود جسد الأب ورأس الابن بالمقام واللذين كانت وجهتنا إليهما يسيرة ميسرة من كل أمر لم يعكر صفوها سوى انتشار الباعة والكثير من مفترشي مدخل المسجد والتقينا بإمام المسجد الشيخ سليمان محمد محمود وكان عونا لنا فى شرح الكثير من عادات أهل الحي بالمسجد عامة والمقام خاصة فقال لم يكن المسجد على هذا الوصف في الماضي وإنما كان المسجد ينحصر فقط في البراح الموجود حول المقام أما التوسعة فقد أقامها عثمان أغا مستحفظان في أوائل القرن التاسع عشر أما أخر التجديدات فقد قامت بها الدولة منذ سنوات قليلة ولم يتبق من الآثار الفاطمية بالمسجد سوى اليافتة المزينة أعلى بوابة براح المقام ولوحة قرآنية على يمين الداخل والحجر الأخضر صاحب الروايات والحكايات.. وأضاف الشيخ: أن المسجد يقع فى منطقة زينهم التي سميت بهذا الاسم نسبة له كما يطلق الأهالي على الضريح بالمذبح لأنه يذبح كل شقى وعاص أراد بأهل المنطقة سوءاً فهو فى معتقداتهم حامى حمى المنطقة . صاحب المظالم والرجبية وليس هذا وحسب بل أنه يحتل المرتبة الثانية في أضرحة آل البيت الذين يقدم لهم الناس شكواهم بعد مقام الإمام الشافعي قاضى الشريعة حيث يلفت نظرك كثيرا الكميات الهائلة من المظالم والطلبات والصور والروشتات الطبية و المتناثرة حول المقام داخل المقصورة ليقضى الأمام على زين العابدين وابنه زيد لهم حوائجهم ويتوسل لهم عند الله في قضائها ويوجه السهم الذي قتل به في رأسه إلى صدر كل ظالم . وأضاف أن المقام ينفرد عن بقية مقامات أهل البيت الموجودة بالقاهرة ب (الرجبية ) وهى مولد صغير يختتم به الأهالي العام الهجري وفى حقيقته يعتبر صنفا من صنوف التنشيط التجاري للحى والتجارة به حيث يفد للرجبية زوار كثيرون من مكان. الحجر الأخضر كما أن بالمسجد حجرا مختلفا تماما عن بقية عمارة المسجد يقع على يسار الداخل إلى المقام لونه الأصلى أسود وهو من أحجار البازلت وتم دهانه باللون الأخضر لتميزه عن بقية أحجار المسجد حيث يروى العامة عن حكايات وحواديت من الموروثات الشهبية الشيقة فالحكاية الأولى تقول أن سيدنا على زين العابدين لما جاء إلى مصر مع عمته السيدة زينب كان يتعبد فى مكان المسجد حاليا وكان مكان المسجد معبدا يهوديا ودخله سيدنا زين العابدين من مكان ذلك الحجر وكان هذا الحجر بمثابة الباب السري للمعبد وحينما وجده كاهن ( حاخام) المعبد سأله كيف حرك الحجر فأشار سيدنا زين للحجر بيده فارتفع الحجر وانفتح الباب فسأله الكاهن عن شخصيته فأجابه الامام زين العابدين فآمن الكاهن وأسلم وأصبح المسجد من يومها مكانا لتعبده على حال قدومه الى مصر. . أما الحدوتة الثانية فلا تختلف كثيرا عن سابقتها حيث يروى الناس أن الامام زين العابدين حينما جاء الى مصر مع عمته وبقية آل البيت حدثت مطاردة له من قبل جنود يزيد بن معاوية فهرب منهم بمصر ودخل ذلك المكان بعدما استطاع أن يحرج الحجر عن جدار المكان بأصابعه التي مازالت أثارها واضحة بالحجر ولذلك تم بناء المسجد فى هذا المكان ويقولون أيضا أن شركة المقاولون العرب في تجديدها للمسجد وصيانتها له لم تستطع معداتها تحريك الحجر من مكانه فتركوه على حاله وبنو الجدار من فوقه. أما الحكاية الثالثة والتي تحمل الحقيقة بين طياتها فتقول أن والى مصر محمد على باشا إبان العصر العثماني حينما أعاد بناء الكعبة الشريفة بعدما هدمتها السيول وانهارات بعض جوانبها فإنه أحضر هذا الحجر من بقايا البناء المنهار للكعبة ووضعه بالمسجد تشريفا له ويقال أن المقام بنى داخل بناء قديم فى بادئ الأمر لم يبق منه إلا مدخله بالواجهة القريبة فى الفتحة الصغيرة وبها مكان مقبض حديدى ( ما يعتقده الناس أثار أصابع الامام زين العابدين ) ومحاط بحلق من الجرانيت . والمرقد مشهور ومعروف بحى الجمالية وفى الجهة الشرقية من مسجد سيدنا الحسين ليجتمع شمل الأسرة الشريفة " الجد وزوجته وزوجة الابن في حي الحسين " وعلى مسافة ليست ببعيد يرقد الابن على زين العابدين ورأس الحفيد زين بن زين العابدين في حي زينهم.