وفرح عامل النظافة، وارتاح بعد أن انتصر على تصريحات وزير العدل المستشار صابر محفوظ، التي أطاح به لسانه بعيدًا عن الوزارة، إلا أن فرحته توقفت مع إعلان خبر تعين المستشار أحمد الزند وزيرًا للعدل، حينها تذكرت تصريحه الذي صرّح فيه بأنه (ليس من حق ابن الغفير العمل قاضياً)، وهو نفس التصريح الذي ثار عليه الشعب والقنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر، واعتبروها تصريحات عنصرية وطبقية مخالفة للدستور والقانون، وخرج علينا رئيس الوزراء بكل جرأة معلنًا استقالته من منصبه احترامًا للرأي العام، تلك الجرأة التي يحاسب عليها. لكن السؤال الذي يدور في ذهن كثير من المهتمين بالشأن السياسي، لماذا تُصر الدولة على تعقيد الأمور أكثر؟، فهم يعلمون جيدًا أن الشعب ثار على تصريحات وزير العدل السابق، ويعلمون أيضًا أن المستشار أحمد الزند يرفض تمامًا تعيين أبناء الفقراء بالسلك القضائي وصاحب التصريح الشهير "لا تراجع عن تعيين أبناء المستشارين في السلك القضائي شاء من شاء وأبى من أبى"، وأحد المؤيدين لتصريحات المستشار صابر محفوظ، فلماذا تعيد الحكومة الكرّة مرة أخرى وتجعله وزيرًا للعدل؟، وكيف ستتعامل الحكومة إذا أراد أحد أبناء الفقراء التقدُّم للتعين للوظائف الدبلوماسية في وزارة الخارجية، والنيابة وسلك القضاء؟. في مايو الجاري، قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، بمنع توريث المسؤولين في الحكومة والدولة، الوظائف الحكومية أو العامة لأبنائهم وعلى حساب أبناء الفقراء والبسطاء، فهل من الممكن أن يخالف المستشار أحمد الزند أحكام القضاء والدستور والقانون وهو وزير للعدل؟! أم أنه سيتراجع عن تصريحاته عن تعيين أبناء الفقراء بالسلك القضائي؟. ألم تتذكر الحكومة أن الطبقية والعنصرية أودت بحياة الشاب عبد الحميد شتا، الذي انتحر عام 2004 بعد رفض وزارة الخارجية تعيينه في السلك الدبلوماسي لأن والده فلاح، ولم يشفع ل"عبدالحميد" تفوقه في دراسته بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وحسن سيرته وسلوكه وحصوله على الترتيب الأول في جميع اختبارات الوزارة عدا اختبار اللياقة الاجتماعية، الذي صنفه بأنه غير لائق. ويبقى السؤال الآن، ماذا لو استضاف أحد الإعلاميين وزير العدل الحالي في برنامجه وطالب منه المذيع أن يُجيب على نفس السؤال الذي كان إجابته سببًا في استقالة المستشار صابر محفوظ وزير العدل السابق، بماذا سيُجيب وزير العدل؟، هل سيتغاضى عن السؤال أو أنه سيترك الجواب للجمهور أو للمذيع نفسه أو أنه سينسحب من اللقاء؟. مع هذا أو ذاك، لا داعٍ للإجابة أو بمعنى أدق للاستضافة من الأساس، فموقفه معروف من القضية، لكن قد تتغير بعد أن أصبح وزيرًا للعدل، ولو أعلن الشعب ومعهم القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي غضبهم للوزير الجديد للعدل كما حدث مع الوزير المستقيل والذي ظل متمسكًا برأيه حتى الآن، هل سيستقيل؟!. عذرًا عمال النظافة.. لا عدالة بعد اليوم، هناك دستور وافق عليه الأغلبية من الشعب لذا يجب أن يحترم إرادة الشعب، والقانون يجب أن يطبق على الغني قبل الفقير، نعم ليس هناك من يدافع عن ابن الجنايني أو ابن عامل النظافة، لكن هناك عدالة إلهية ربانية الوحيدة القادرة عن تطبيق العدالة، والدفاع عن أبناء الطبقة الوسطى والفقيرة، يا قضاة مصر لا تعيدوا عصر الباشا وابن الجناينى فإقالة وزير العدل لن تغلق هذا الملف، لكنها ستفتح الباب للعدالة الاجتماعية في القضاء، فمن حق المتفوق من أبناء عمال النظافة أن يصبحوا وكلاء نيابة.