صدر قانون الخدمة المدنية الجديد رقم 18 لسنة 2015 والذي يهدف إلى تغيير مفاهيم وثقافة الوظيفة العامة ويقضى بنقل العاملين الخاضعين لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 إلى الوظائف المدنية المعادلة لوظائفهم الحالية بسلم الوظائف الجديد على أن يحتفظوا بجميع حقوقهم المالية. ويرى مسئولي النيابة الإدارية أن بديل القانون رقم 47 لسنة 1978، الذي عُدّل أكثر من 17 مرة، جاء مشتملاً على كثير من المزايا للعاملين بالجهاز الإداري، اعترض عليه الكثيرون من الموظفين المدنيين. خدمة المواطنين الدكتورة نجوى الصادق نائب رئيس النيابة الإدارية، قالت إن القانون رقم 47 لسنة 1978 كان لابد أن يتغير لأنه مضى عليه فترة كبيرة من الزمن، وبات لا يلبي التغيير الجذري الذي لحق بالمجتمع المصري، كما أنه يتضمن أحكاما لا تستطيع مكافحة الفساد. وأضافت، كان لابد للحكومة أن تصدر بديلاً لهذا القانون، فكان قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 والذي صدر بهذا الاسم ليوضح أن فلسفته قائمة على خدمة المواطنين. وأوضحت أن القانون الجديد يتضمن بعض الثغرات حيث يتيح للمسئول السيطرة الكاملة على الموظفين مما يجعلهم يفقدون الإحساس بالأمان في التعامل ويؤدي بهم إلى الإحباط مشيرة إلى أن تقريرين يكتبهم المدير المسئول في الموظف جديرين بفصله نهائياً، وهذا قد يؤدي إلى زيادة التسلط والاستبداد من قبل المديرين. وعن سبب اعتراض النيابة الإدارية على القانون سابقاً، قالت إن النيابة الإدارية كانت معترضة على هذا القانون بسبب النص الخاص بالنيابة الإدارية والذي كان يمنعها من اختصاص وجوب مكافحة الفساد الإداري في الدولة وحماية المال العام، كذلك إحاطة شاغلي الوظائف الهامة في الدولة بنوع من الضمانات في التحقيق معهم. ياسمين الإسلامبولي وكيل أول نيابة إدارية ، قالت إنه وفقا لقانون الخدمة المدنية الجديد، فإن النيابة الإدارية هي من تملك أن توقع الجزاء على الموظف وفقاً للوائح، واختصاص النيابة الإدارية وجوبي في المخالفات المالية، وهذا يعني أن أي مخالفة مالية، وجب على جهة الإدارة أن تحيلها للنيابة الإدارية. وأضافت إنه وفقا للقانون الجديد فإن الجزاءات التي يجب توقيعها على الموظف هي الإنذار والخصم من الأجر وتأجيل الترقية والإحالة على المعاش والفصل من الخدمة، مشيرة إلى أن هذه الجزاءات اختلفت عن القانون رقم 47 لسنة 1978 والذي كان يكفل للنيابة الإدارية حق اقتراح الجزاء فقط دون توقيعه، في حين أن القانون الجديد يتيح للنيابة الإدارية سلطة اقتراح الجزاء وتوقيعه معاً، الفصل من الخدمة أو الإحالة على المعاش والذي يتم عن طريق المحكمة التأديبية، وبالتالي هو أفضل بكثير، على حد قولها. وقالت إن سلطة المديرين والرؤساء على الموظفين غير مطلقة، وإذا استشعر الموظف أي ضرر من الرئيس، فمن حقه أن يطعن أمام القضاء الإداري، وهناك طرق للطعن على القرار الإداري. وأكدت أن القانون أعطى ضمانات للموظف حيث لم تعد سلطة توقيع الجزاء في جهة عمله، بل أصبحت ضمن اختصاصات النيابة الإدارية وهي لا تخضع للأهواء، لافتة إلى أن قرارات النيابة الإدارية لم تعد مجرد جزاءات تخرج، لتلتزم بها جهة العمل أو لا تلتزم كما كان يحدث سابقا، بل سيتم توقيع الجزاء أيضا من قبل النيابة الإدارية، وهو في كل الأحوال ضمان للموظف والمواطن، حيث يضمن الموظف عدم ظلمه في الجزاء الواقع عليه بعد تحقيقات النيابة الإدارية، كما سيشعر المواطن العادي بتحسن الأداء العام. وطالبت "الإسلامبولي" بضرورة إصدار اللائحة التنفيذية للقانون مشيرة إلى أن أى قانون يصدر لابد أن يتضمن لائحة تنفيذية، والتي تضمن تفسير وشرح كافة نصوص هذا القانون. قانون ناقص المستشار حسنى السيد المحامي بالنقض والدستورية العليا قال إنه لن يستطع أحد الحكم على القانون إلا بعد تطبيقه وخاصة أنه صدر دون لائحة تنفيذية ولذلك يعتبر قانون ناقص. وأضاف أن القانون الجديد سُنًّ خصيصا ليحل محل قانون العاملين المدنيين في الدولة، وله الكثير من الإيجابيات أهمها اعتماده على الكفاءة في الترقية والابتعاد عن الوساطة والمحسوبية، مشيراً إلى أنه في القانون الجديد لا يجوز الفصل التعسفي مثل القديم. ورأى أن القانون سيقضي على كشف الهيئة الذي يوقع على الموظفين الجدد في القضاء والبنوك الكبرى، ويحرم الكثير من حقهم في التعيين وذلك لوجود بعض السجناء من أسرتهم سياسيا وهي بالطبع تختلف عن الجنائية أو انتمائه لأسرة فقيرة ليس لها أي نفوذ، مشيراً إلى القضية الأخيرة بأبناء "عمال النظافة" أو من ليس لهم "واسطة" في الهيئة القضائية فالقانون الجديد يخدم هذه الشريحة لأن التعيين سيكون للأكفأ عن طريق اختبار يتقدم له الراغبين في الوظيفة ليفوز بها الأجدر وهو ما يؤكد على تكافؤ الفرص. وأضاف أن القانون أعطي المرأة الحق في إجازة أربعة شهور بحد أقصي والمعاش المبكر سيفيد مستخدميه كثيرا، مشيراً إلى أن القانون الجديد يحمل الكثير في صالح المواطن ولكنه لم يكتمل إلا مع تحقيق الضبط الإداري والقضاء على الرشوة والمحسوبية فهناك من يعين أقاربه في المؤسسة التابع لها دون رادع. كما أكد على أنه بالرغم من وجود الكثير من إيجابيات هذا القانون إلا أن تطبيقه سيصادف مشاكل كثيرة، فهناك مواد به ستعرض للطعن بعدم الدستورية. غير إنساني الدكتور رأفت فوده الفقيه الدستوري اعترض على المادة التي تنص على أن الإجازة بدون مرتب لا تدخل في فترة الترقية، قائلاً: إن هذه المادة جديدة مشيراً إلى أن هناك الكثير من الدول تأخذ بهذا النمط لكن المفروض أن الإجازة حق، وكونها بدون مرتب فهي سلطة تقديرية لجهة الإدارة، «فان قدرت فالقانون يعطيها الحق أن تطلب، فإن طلبت فلا تعاقب على حقها حيث لا يعاقب الموظف على حقه إن استخدمه». ويرى فوده، أن حرمان الموظف من الترقية وأخذه إجازة بدون مرتب عمل قانوني لكنه غير إنساني، منوهاً إلى أن من لا يأخذ أجازات هو من لا يترقى، وبالتالي فالقانون يحث الناس على ألا يأخذوا الأجازات بدون مرتب وهى من حقهم. أما عن موضوع التقارير التي يكتبها المديرون في موظفيهم، قال: إن هذا أمر طبيعي فالوظيفة العامة تقوم على التبعية الإدارية والتي تعني وجود رئيس ومرؤوس، مشيراً إلى أن الرئيس نفسه يوجد من يرأسه ويقيمه وإلا ستنهار الدولة، على حد قوله. وأوضح أن ذلك هو السبيل إلى حث العامل على العمل حتى تسير الأمور الوظيفية على ما يرام، وهذه المادة قائمة بالفعل حيث أنه من المفترض أن تكون تقارير الموظف ممتاز أو جيد جدا،ً مشيراً إلى أن ذلك ليس تسلطا، وإنما هي وظيفة الرئيس المباشر لمراقبة أداء الموظفين وسلوكهم، وهي موجودة في القانون القديم وكل الدول. وقال فوده إن المادة 10 والتي تنص على أنه "تنشأ بكل وزارة وظيفة واحدة لوكيل دائم للوزارة بالمستوى الأول لمعاونة الوزير في مباشرة اختصاصاته" تخص فئة المديرين التنفيذيين والوظائف العليا، ولا تخص صغار الموظفين، مشيراً إلى أن هذه المادة جزء منها قانوني والجزء الآخر غير قانوني، حيث ترجع قانونيتها إلى أنه من حق رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء أن يكون لهم السلطة والحق في اختيار كبار الموظفين التابعين لهم، ومن لهم نفس الاتجاه السياسي وهذا لا يحتاجه موظفين الخدمة المدنية. أما عن الجانب الغير قانوني فهو أن هذا الموظف يظل قائما بعد زوال رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء الذي قام بتعينه. فاطمة الصاوي، منسقة حملة الماجستير والدكتوراه 2015، قالت إن المادة 13 من القانون، والتي تنص على أن يكون التعيين بموجب قرار يصدر من رئيس الجمهورية أو من يفوّضه دون محاباة أو وساطة من خلال إعلان مركزي على موقع بوابة الحكومة، تساوى بين الحاصلين على ماجستير ودكتوراه وغيرهم من حملة الليسانس والبكالوريوس، دون تقدير قيم «البحث العلمي»، على حد قولها.