بعيداً عن أشواق المحبين ولوعة العشاق ، والكلمات الحسية الملتهبة ، وكلام الحب العذري ، وقصص الخيانة ومكائد العزال ، ظهر نوع جديد من الأدب ، حب من نوع خاص لا تمحيه الأيام ولا يجدي معه النسيان ، كل المعاني الجميلة جسدها الكاتب الشاب شريف عبدالهادي في كتابه الذي حمل عنوان حبيبة قلب بابا "هواجس أب خايف بنته تكبر ماتلاقيهوش ". حاول شريف عبدالهادي في كتابه الجديد الصادر عن دار "دوّن" للطبع والنشر ، الخروج عن المفهوم التقليدي ، وتقديم رسالة بعيداً عن الشكل الروائي لتقريب الفكرة في ذهن القارئ ، موجهاً رسالته إلى ابنته من منطلق شعوره بالأبوة مستخدماً أدب الاعترافات القائم على فكرة تقديم تجارب الحياة وخبراتها ،ويعترف بجرأة بخوفه من أن يغيبه الموت عن طفلته "جنا" البالغة من العمر عامين. الدافع وراء كتابة "حبيبة قلب بابا " هي تجربة الأبوة التي تستحق التجربة والتأمل ، وهي مرحلة تمس قطاع كبير من الناس. يرصد عبد الهادي بصدق المشاعر التى تدور بداخل الانسان، والتساؤلات : "ترى هل سيأتي اليوم وأصبح أب / أم" ، بعد الحمل "ولد أم بنت" ، " هل سأعيش وأفرح به وأغرز به القيم .. أو أن القدر سيلعب لعبته ليفرق بيننا الموت ليأتي غيري ويكمل المسيرة". خلال سطور الكتاب من السهل أن تكتشف مخاوف الأب على ابنته ، وشعوره بالرعب من فقدها في مجتمع ظهر به مظاهر متعددة من التوحش وانتشار الجريمة والخطف وحوادث الطرق والاهمال بالمدارس ، ويضع خططاً لنفسه في حال معاشه ، وأخرى في حال رحيلة عن الدنيا وكانت هذه هي الفكرة الأساسية للكتاب. يقول الكاتب أن كل شيئ بيد الله سبحانه وتعالى ، لكن يبقى الأب دائم التفكير في أولاده لأنهم مشروعه الحقيقي في الحياة ، فهم يحملون فكره واسمه ورسالته. كل فصل في الكتاب بمثابة رسالة من أب راحل لابنته ، يتحدث فيه عن المراحل والمواقف التى قد تواجهها خلال مراحل عمرها ، وكيف تواجه الحياة بدونه ، من خلال نصائح لها في مرحلة المدرسة ، وأول مرة يدق قلبها للحب ، وعلاقتها وتقبلها للآخرين ، ومجالات الدراسة ، كل فصل من الكتاب يتناول انسانيات وفلسفات الحياة. اختار عبدالهادي الموضوعات الواقعية التى ترهق العقل والقلب سوياً ، والمواقف التى من الممكن أن تجرح مشاعر البنت وتكسرها ، ولم ينس الكاتب أن يلفت نظر ابنته إلى المخاطر التى تواجهها في المجتمع ليكون سنداً لها في المواقف الصعبة. "في ليلة العمر" أحد فصول الكتاب ، وعنه يقول شريف عبدالهادي : هذا اليوم موازي لشهادة التخرج الذي يعتقد فيها الأب أنه انهي رسالته ، واهدى ابنته لشريك العمر لتكمل معه حياتها وتكون أسرة جديدة ، وكل أب وام لديهم تساؤل "ياترى هشوف اليوم ده؟" . وأشار عبدالهادي إلى أن هناك بنت تشعر بأنها عبء نفسي على أهالها إذا تأخرت في الزواج ، وتشعر بأنها متهمة رغم أنها لاتحمل أي ذنب في ذلك ، لذلك ناقش ذلك أيضاً في كتابة مؤكداً أن البنت ملكة متوجة في بيت والدها في كل الاحوال سواء كانت غير متزوجة أو متزوجة ، ومكانها دائما محفوظ فيه. وأكد خلال نصيحة لأبنته أن الزواج ليس غاية نسعى لتحقيقها ، بحكم المجتمع الذي يفرض ذلك أو لتقليد الصديقات كالموضة لكنها وسيلة لأشياء سامية ، لكنها ليست شرطاً للسعادة. يذكر أن شريف عبد الهادي له العديد من الأعمال الروائية يقدم كل منها شكل ورسالة مختلفة منها ابابيل وكوابيس سعيدة وتيستروجين.