من أجمل الكتب التى قرأتها فى حياتى، رسائل الزعيم الهندى «نهرو» لابنته، التى أصبحت بعد ذلك أشهر رئيسة وزراء فى تاريخ الهند « أنديرا غاندي»، ورغم أن الرسائل كتبها «نهرو» وهو فى السجن، إلا أنها كانت دروساً فى التاريخ والسياسة والاقتصاد والحياة. وقد تذكرت هذه الرسائل العظيمة، حين قرأت كتاب الروائى والصحفى المبدع شريف عبدالهادى « حبيبة قلب بابا»، مع عنوان جانبى « هواجس أب خايف بنته تكبر ما تلاقيهوش»، وهو أيضاً مجموعة من الرسائل، كتبها شريف بريشة رسام حالم وقلم شاعر رقيق المشاعر لابنته «جنى»، وحكى لها فيها بأسلوب روائى شيق لحظات الترقب والقلق التى عانى منها هو وزوجته، حين تأخر إنجابها، وفرحتهما الهيستيرية بخبر الحمل فيها، وتفاصيل متابعة الحمل والولادة، ولحظات التعب والمرض وميزانية «البامبرز». ورغم ما يوحى به عنوان «هواجس أب خايف بنته تكبر ماتلاقيهوش» من شجن يعكس قلق الكاتب من ضبابية الواقع الذى نعيشه فى مصر بعد ثورة 25 يناير، وخطر الموت الذى لم يعد بعيداً عن أحد مع استمرار العمليات الإرهابية وتفجيرات القنابل فى كل مكان، إلا أن شريف عبدالهادى قد استفاد من تجربته كصحفى ومعد تليفزيونى، ودراسته للإعلام وعمله فى العديد من القنوات الفضائية والاذاعات الخاصة والرسمية، ودرايته بفن السينما، باعتباره مؤلف أول كتاب سينمائى مقروء، وهو «كوابيس سعيدة» ليقدم لنا صوراً كوميدية ساخرة تعكس حياة أب مصرى عصرى، وتنأى بالقارئ عن قصص السيرة الذاتية التقليدية المعروفة. ولأن الكاتب روائى، وصاحب اثنين من أهم الروايات المصرية التى صدرت خلال العقد الأخير، وهما « أبابيل» و«تيستروجين»، فقد استطاع أن يرصد لنا ببراعة حكاء موهوب، ما يصفه لنا ناشر الكتاب ب «تلك الدهشة التى تبدأ مع أول شعرة بيضاء فى رأس أى أب.. واللهفة التى تسيطر على العقل مع أول بكاء لمولود جديد.. والحلم الذى يبدأ مع الابن ولا ينتهى برحيل الأب..ويفتح حواراً مع كل أب حالى وأى أب مستقبلى من خلال حكايته الخاصة مع بنته»! أما شريف نفسه فيهدى كتابه الرائع إلى « كل من يحمل فى الوجود لقب «بابا» و«ماما»، أو على الأقل يحلم بأى من اللقبين، ولم يحظ بهذا الشرف بعد..وإلى كل يتيم ويتيمة لم ينعما بحنان الأب ودفء الأم».