علمتني الحياة دروساً غالية. لكن للأسف بعض هذه الدروس تعلمتها متأخراً. وبعضها تعلمته بعد نهاية الدراسة. وبعض هذه الدروس. كان لابد لي من مدرس يعطيني درساً خصوصياً حتي أتعلم وأفهم ! تعلمت أنه لا شيء في هذه الدنيا بلا ثمن. وأن فلسفة الدنيا " خد وهات ". لا شيء بدون مقابل. ولا حلاوة بدون نار. وأنه حتي الحمار يعرف ذلك وإن كان لا يعرف كيف يكتب هذا المعني وتعلمت أيضاً أن لكل انسان نصيبا لابد أن يعيشه. وقدرا مكتوبا له. حتي وإن لم يعترف بذلك ! أما آخر الدروس التي اشعر أنها استقرت أخيراً في وجداني. فهي السماحة والغفران. كيف أطلب من الله أن يسامحني. وأنا أرفض أن اسامح لمن ظلموني أو أخطأوا في حقي. اعترف أنني في ماضي حياتي. لم تكن لي قدرة السماح. كنت أغضب وأثور وأحياناً أكره من ظلمني. وربما وقتها كان معي حق في تلك الأحاسيس ! لكن اليوم وقرب نهاية مشوار العمر. اشعر أنني أصبحت انسانا آخر . غير الانسان الذي عرفته طوال عمري. الآن أنا لا أجد في قلبي ولو مساحة صغيرة جداً لكي أكره أو أحقد علي أحد، أشعر الآن أنني أسامح كل الذين ظلموني. بل انني لم أعد أتذكر خناجر الغدر أو سهام الكراهية التي أطلقها البعض علي ظهري دون أي ذنب أو جريرة. أنني أسامح ومن كل قلبي كل من أساء لي أو ظلمني في يوم من الأيام. بل وأطلب من الله أن يسامحهم. لأنهم بشكل أو بآخر ضحايا نفوسهم ! أطلب من الله أن يسامحهم جميعاً. وألا يحل عقابه عليهم بسبب ما فعلوه. فأنا لن أستفيد شيئاً من عقابهم. وبعضهم كنت أحبه مثل ابني أو أخي الصغير. وكل الجروح التي اصابوني بها. طابت وشفيت وأنعم الله عليً بنعمة النسيان. لم أعد أذكر الاساءة ولا من أساء ! وقد يكون هذا أغلي دروس العمر. وهي كذلك فأنا لا أريد أن أقابل ربي وفي نفسي غضاضة من أحد أو ضد أحد وهذه ليست دروساً رومانسية أو ضعفاً مني. صحيح أن قلبي لم يعد يتحمل المزيد من الجروح أو الآلام. وصحيح أنني لا أعترف بالظلم أو الاساءة في هذه الدنيا. ولا أوافق عليهما. لكن الدنيا علمتني من بين ما علمتني، أنه لا يوجد مولود ظالم أو شرير. كل البشر يولدون أقرب إلي الملائكة. لكن دفع الناس بعضهم ببعض هو الذي يولد الشر والاساءة والظلم. وتعلمت أنه أحياناً يكون الظالم مظلوماً من ناحية أخري. سامحتكم يا من ظلمتوني. وقلبي أصبح صافي يا لبن. ونسيت الأيام المؤلمة والوجوه المنافقة. انني اشفق علي الحاقدين. وأرثي لحال الماكرين. فالنهاية واحدة للجميع. والظالم والمظلوم يرقدان أخيراً في نفس القبر. وربما إلي جوار بعضهم البعض.يقول المصريون: ما حدش واخد منها حاجة ! يقولون.. لكنهم لا يفهمون. إلا متأخرين.. مثلي عدد القراءات 24