أدى خليفة حفتر، اليوم الاثنين، أمام مجلس النواب الليبي المنعقد بطبرق (شرق)، اليمين الدستورية كقائد عام للجيش الليبي، التابع لهذا المجلس، وسط جدل بين مؤيدين مطالبين بترأسه لمجلس عسكري ذي صلاحيات واسعة، ومعارضين بسبب تخوف من طموح حفتر الذي ربما يفضي إلى عودة الحكم العسكري للبلاد. وصول حفتر إلى أعلى منصب عسكري في الجيش التابع لمجلس النواب المنعقد بطبرق، مر بعدة خطوات، بدأت بصدور قرار من ذات المجلس في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، باعتبار عملية "الكرامة" التي يقودها حفتر "عملية شرعية" ضمن عمليات الجيش الليبي لمحاربة الإرهاب. وتلى ذلك قرار آخر، صدر بداية يناير/ كانون ثان الماضي، عاد بموجبه اللواء المتقاعد خليفة حفتر للخدمة العسكرية، بعد أن أقيل ضمن عدة ضباط بالجيش الوطني بقرار من المؤتمر الوطني العام في نوفمبر/ تشرين ثان 2013. بعد ذلك أقر مجلس النواب المنعقد بطبرق، يوم 24 فبراير / شباط الماضي رسميا قانون منصب القائد العام للجيش الليبي، والذي كان قد استحدثه في وقت سابق، وكلف رئيسه عقيلة صالح بتعين شخصية في المنصب، واختار الأخير وفق التكليف الممنوح له بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية، حفتر الذي رقي لرنبة فريق للمنصب. واللواء خليفة بلقاسم حفتر 72 عاما، ولد بمدينة أجدابيا شرقي البلاد لأسرة من قبيلة الفرجان، أحد أكبر القبائل الليبية، وبعد إتمامه للتدريب العسكري الإلزامي توجه للدراسة بالكلية العسكرية بمدينة بنغازي (شرق) ليتخرج فيها عام 1966. وبرز حفتر بين الضباط الليبيين بمشاركته الفعالة في الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس الراحل معمر القذافي عام 1969 للإطاحة بالحكم الملكي في ليبيا، ليتولى عدة مناصب عسكرية بارزة بعد أن تلقى عدة دورات عسكرية في الكلية العسكرية بالعراق وكليات الاتحاد السوفييتي. ومن أبرز نشاطه العسكري قيادته للحرب التي خاضتها ليبيا ضد دولة تشاد بدءًا من عام 1981 حتى 1987، حيث وقع في مارس/ آذار من العام ذاته في أسر القوات التشادية. وإثر انقلاب الرئيس إدريس دبي في تشاد عام 1990 المدعوم من العقيد معمر القذافي، غادر الأسرى من الضباط الليبيين ومن بينهم حفتر لينضم إلى "الجبهة الوطنية للإنقاذ الوطني" أكبر الجبهات المعارضة لحكم القذافي، والتي يقيم أبرز عناصرها في الولاياتالمتحدة بقيادة محمد المقريف، الرئيس السابق للمؤتمر الوطني الليبي العام الذي قاد البلاد عقب ثورة فبراير/شباط 2011 التي أطاحت بالقذافي. وعمل حفتر في الجناح العسكري للجبهة حتى عام 1993 إثر فشل محاولة انقلاب عسكري ليبقى حفتر مقيما في ولاية فرجينيا الأمريكية حتى قيام ثورة فبراير/ شباط عام 2011 والتي أطاحت بالقذافي. ووصل حفتر إلى بنغازي بداية مارس/ آذار 2011 ليتولى قيادة القوات البرية للثوار ضد قوات معمر القذافي التي تحاول استعادة السيطرة على بنغازي والمنطقة الشرقية، ولكن قيادات عسكرية بالجيش الليبي من أبرزهم اللواء عبد الفتاح يونس واللواء سليمان العبيدي أقصت حفتر من القيادة. وبعد عدة مساعٍ من ضباط مقربين من حفتر لتوليه منصبا في الجيش، قام المؤتمر الوطني العام في نوفمبر/ تشرين ثان عام 2013 بترقيته إلى رتبة لواء وأحيل للتقاعد ضمن عدد من ضباط الجيش. وإثر جدل واسع في الأوساط الليبية حول انتهاء ولاية المؤتمر الوطني في فبراير/ شباط 2014 ظهر حفتر في 14 من الشهر ذاته على شاشة أحد التلفزيونات العربية ليعلن عن انقلاب عسكري تضمن تجميد عمل المؤتمر الوطني العام، وتجميد العمل بالإعلان الدستوري، ولكن الانقلاب لم يتعد شاشة التلفاز وقتها. وفي 16 مايو/ آيار 2014، أعلن حفتر عن انطلاق عملية أطلق عليها اسم "عملية الكرامة" لمواجهة "الإرهاب" في بنغازي، وبدأت عملياته العسكرية التي دعمت في أوقات لاحقة من أطراف إقليمية ضد ما عُرف باسم "مجلس شورى ثوار بنغازي" لتستمر حتى اليوم دون السيطرة على المدينة رغم تقدمه في عدة محاور في المدينة. واتسع الموالون لعملية اللواء حفتر لتشمل معسكرات وضباطا بالجيش في شرق البلاد، إضافة إلى كتائب "الصواعق والقعقاع" المنتمية لمدينة الزنتان، غربي البلاد. وتعاني ليبيا أزمة سياسية بين تيار محسوب على الليبراليين وآخر محسوب على الإسلاميين زادت حدته مؤخراً ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منهما مؤسساته الأول: البرلمان المنعقد في مدينة طبرق (شرق)، والذي تم حله مؤخرا من قبل المحكمة الدستورية العليا، وحكومة عبد الله الثني المنبثقة عنه. أما الجناح الثاني للسلطة، فيضم، المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته مؤخرا)، ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، ورئيس أركان الجيش جاد الله العبيدي (الذي أقاله مجلس النواب).