تراوح عملية اعادة الاعمار في قطاع غزة مكانها رغم مرور نحو ستة أشهر على وقف إطلاق النار بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي وسط مطالبات فلسطينية وأممية بوفاء الجهات المانحة بتعهداتها في مؤتمر القاهرة الدولى للاعمار خلال أكتوبر الماضي. وحذر سياسيون فلسطينيون ومسئولون دوليون من تحول غزة إلى "برميل بارود" يمكن أن ينفجر في وجه الاحتلال الاسرائيلي في أي لحظة ما لم تبدأ عملية الإعمار وترفع إسرائيل الحصار وتفتح جميع المعابر لادخال مواد البناء. وأشاروا إلى أن إعادة بناء عشرات الآلاف من المنازل المدمرة في العدوان الاسرائيلي الأخير على القطاع ستستغرق سنوات طويلة لكي يعاد بناؤها من جديد وفق معدلات البناء الحالية. واعتبر رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار (غير حكومية) في غزة الدكتور جمال الخضري أن البوابة الرئيسية للاعمار تتمثل في فتح سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمعابر ورفع حصارها المتواصل للعام الثامن على التوالي. وقال الخضري وهو نائب في المجلس التشريعي الفلسطيني لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في غزة:"الاعمار يبدأ عند فتح المعابر لدخول مواد البناء،وبدون المعابر لن يكون هناك اعمار حتى لو توافرت الأموال". وأضاف:"الأموال لها دور في عملية الاعمار، لكن أموال بدون فتح إسرائيل للمعابر لا يمكن أن تفعل شيئا".مشددا على أن الحصار قرار سياسي إسرائيلي في الأساس. وتعهدت دول عربية ودولية خلال المؤتمر الدولي للاعمار الذي استضافته مصر في 12 أكتوبر الماضي بتقديم نحو 4ر5 مليار دولار أمريكي، نصفها تقريبا سيخصص لإعمار غزة، فيما سيصرف النصف الآخر لتلبية بعض احتياجات الفلسطينيين. وقلل الخضري من اعلان إسرائيل نيتها توسيع معبري كرم أبو سالم (التجاري) و"إيرز" (المخصص لعبور الأفراد) للتخفيف عن سكان غزة، قائلا:"الاحتلال يحاول تجميل ومأسسة الحصار والايحاء للعالم بأنه يخفف معاناة الغزيين". وأردف:"إسرائيل "قوة احتلال" تحاصر غزة برا وبحرا وجوا والقانون الدولي يلزمها بتسهيل نقل البضائع ومواد البناء وحرية التنقل للأفراد "من وإلى" القطاع". وتفرض إسرائيل حصارا بحريا وبريا وجويا على غزة، منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية يناير 2006، وشددته عقب سيطرة الحركة على القطاع في يونيو من العام التالي،وما زال الحصار مستمرا رغم تخليها عن الحكم وتشكيل حكومة التوافق الوطني في 2 يونيو الماضي. ويحيط بقطاع غزة ستة معابر تخضع لسيطرة إسرائيل وهي المنطار (كارني) شرق مدينة غزة ، وبيت حانون (إيرز) شمال غزة والعودة (صوفا) شرق رفح والشجاعية (ناحال عوز) شرق مدينة غزة وكرم أبو سالم (كيرم شالوم) شرق رفح ، والقرارة (كيسوفيم) ويقع شرق خان يونس. وقال الخضري إن مواد البناء التي دخلت الى قطاع غزة منذ انتهاء العدوان الاسرائيلي الأخير لا تكفي لأكثر من أسبوعين فى حال بدأت عملية الاعمار الحقيقي. وحول تأثير الحصار والحرب الأخيرة على الوضع الانساني،قال الخضري: "الوضع في غزة مرعب وكارثي سواء على صعيد الوضع الإنساني أو الاقتصادي أو الصحي أو البيئي أو التعليمي أو الاجتماعي بسبب الحصار والحرب وتبعاتها المستمرة حتى الآن". وأضاف:"منذ انتهاء العدوان لم يبن منزل واحد من البيوت التي تم تدميرها..هناك مليون إنسان يعيشون على المساعدات ومتوسط دخل الفرد دولار واحد يوميا و80% تحت خط الفقر ونسبة البطالة تصل الى أكثر من 60% بالاضافة الى أن 95% من المياه غير صالحة للشرب ، وآلاف الناس ما زالوا يقيمون في كرفانات (بيوت متنقلة) ومراكز ايواء تابعة لوكالة الاونروا". وشنت إسرائيل في السابع من يوليو الماضي حربا مدمرة على قطاع غزة استمرت 51 يوما أدت إلى مقتل أكثر من ألفي فلسطيني وإصابة نحو 11 ألفا آخرين وتدمير البني التحتية ونحو مائة ألف منزل وتشريد آلاف الفلسطينيين الذين يقيم أغلبهم لدى أقاربهم أو يستأجرون منازل، بينما ما زال نحو 15 ألف نازح يقيمون في مدارس تابعة للأونروا ويتخذونها مراكز إيواء. وبشأن خطة مبعوث الأممالمتحدة للسلام روبرت سيري للاعمار،قال الخضري "إن الأصل هو فتح المعابر كاملة لدخول مواد البناء بشكل طبيعي ، وأي خطة أو كلام عن تقنين لذلك لا يفيد ويدخلنا في متاهات لا أول لها ولا آخر". وتشمل خطة سيري آلية للإعمار تسمح للجنة ثلاثية من الأممالمتحدة والسلطة الفلسطينية وإسرائيل بنشر مئات المفتشين الدوليين لمراقبة إعادة الإعمار وتركيب كاميرات لمراقبة المخازن لضمان عدم استخدام مواد البناء الموردة للقطاع لأغراض أخرى بخلاف عملية الإعمار خاصة استخدامها في بناء الأنفاق من قبل حركة حماس. في سياق متصل،حذر مسئولون دوليون من اندلاع حرب جديدة في قطاع غزة في حال استمرار الحصار الاسرائيلي وعدم التقدم في عملية الإعمار... وقال جيمس راولي منسق مكتب الأممالمتحدة للشئون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية "أوتشا" في مؤتمر صحفي برام الله مؤخرا أطلقه خلاله خطة الاستجابة الإستراتيجية الإنسانية في فلسطين للعام 2015:إن "الأمور لا تجرى اليوم على ما يرام، ونشعر بقلق شديد إزاء احتمال اندلاع حرب جديدة".مضيفا "أنه في الإمكان تجنب هذه الحرب إذا بذلت جهود كثيرة في هذا المجال". وتابع:"من أجل إعادة إعمار غزة، وحتى من أجل العودة إلى ما كنا في يوليو (قبل الحرب)، يجب السماح بدخول المزيد من مواد البناء، لذلك يتعين رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة". واستطرد:"في المقابل، يجب أن نكون شهودا على التزام المجموعات الناشطة في غزة بالتوقف عن إطلاق صواريخ على المدنيين في إسرائيل وإحراز تقدم على صعيد المصالحة الفلسطينية". وتهدف خطة الاستجابة الاستراتيجية لعام 2015، التي اطلقها مكتب الأممالمتحدة للشئون الإنسانية بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية ل 6ر1 مليون فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية عبر تأمين 705 ملايين دولار لتنفيذ 207 مشاريع مقدمة من 77 مؤسسة. وقال راولي إن 80% من خطة التمويل ستكون لصالح غزة .. وإن إعادة الإعمار في القطاع تجري عكس ما تم التخطيط له نتيجة عدم التزام الدول بتقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية والمؤسسات العاملة، حتى في المناطق التي تمت إزالة الركام منها فإن عملية البناء تجري ببطء شديد. ية إلى الضفة الغربية وتوسيع منطقة الصيد إلى 20 ميلا بحريا والوقف الطويل لإطلاق النار والتقدم في مجال المصالحة الداخلية لتتمكن حكومة التوافق من القيام بدورها في تقديم خدماتها للمواطنين الفلسطينيين.