تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي الخامس عشر    حسام هزاع: مصر تمتلك 230 ألف غرفة فندقية تسع ل 25 مليون سائح    جامعة بني سويف التكنولوجية تفوز بجائزة التميز في تكنولوجيا البيئة والطاقة الخضراء    خارجية جنوب إفريقيا: نشكر ونثمن جهود مصر لدعم دعوانا أمام العدل الدولية (فيديو)    وزيرة خارجية جنوب إفريقيا: نطمح في وقف إطلاق نار دائم بغزة    يلا شوت.. مشاهدة مباراة برشلونة وريال سوسيداد في الدوري الإسباني 2024 دون تقطيع    382 ألف طالب يؤدون امتحانات نهاية العام لصفوف النقل ببني سويف    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    كفر الشيخ: تحرير 8 محاضر خلال حملة تموينية على أسواق ومخابز بلطيم    بدء محاكمة 11 متهما بالانضمام إلى جماعة إرهابية في الإسماعيلية    يونيو المقبل.. أم كلثوم ومحمد رمضان ورامي عياش نجوم حفلات مهرجان موازين للموسيقي    وكيل صحة الشرقية: خطة لتطوير ورفع كفاءة الأقسام الطبية    عبدالرزاق يفتتح أعمال الجلسة العامة للشيوخ لمناقشة السياسات المالية والضريبية    جامعة طيبة التكنولوجية تنظم المُلتقى التوظيفي الأول بمشاركة 50 شركة ومؤسسة صناعية    بريطانيا: حزب العمال المعارض يدعو الحكومة إلى وقف بيع الأسلحة لإسرائيل    السعودية: القضية الفلسطينية بند أساسي ومصيري في كل جهودنا الدبلوماسية    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    بالصور| مستشفى العربي بالمنوفية ينظم احتفالية لتكريم ممرضيها    ريال مدريد يستعد لدورتموند.. وأتلتيكو يأمل في حسم بطاقة دوري الأبطال    وزير الري: نصيب الفرد من المياه في مصر انخفض من 2000 متر مكعب ل 500    رئيس جامعة المنوفية: افتتاح مبنى المعهد الفني للتمريض بمنشأة سلطان قبل بداية العام الدراسي الجديد    نائب وزير المالية: 800 ألف عدد الممولين في "القيمة المضافة"    السيسي: تطوير الطرق هدفه تعظيم الاستفادة من الأراضي الصالحة للزراعة    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    مد فترة التقديم على وظائف المدارس التطبيقية الدولية حتى 20 مايو الجاري    انعقاد ورشة عمل بسلطة الطيران المدني عن خطة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    الرئيس السيسي عن تطوير مسجدي السيدة زينب والحسين: بيت ربنا ما يتعملش إلا صح    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    عودة أنشطة حديقة الفنون بمناسبة بدء الإجازة الصيفية    مصر تُبلغ "رسالة" لوسطاء مفاوضات غزة.. مصدر رفيع المستوى يكشفها    عمرو أديب يعلن إجراء مناظرة بين عبدالله رشدي وإسلام بحيري بشأن "تكوين"    بالفيديو.. لماذا حج سيدنا النبي مرة واحدة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الإسكان يُصدر قراراً بحركة تكليفات جديدة وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    "صدر المنصورة" تحصد المركز الأول ضمن فعاليات مؤتمر جميعة الأمراض الصدرية    البحوث الإسلامية يصدر عدد (ذي القعدة) من مجلة الأزهر مع ملف خاص عن الأشهر الحرم والحج    ساوثجيت ينفي شائعات انتقاله لتدريب مانشستر يونايتد    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    دعبس: لا خلاف بين فيوتشر وتامر مصطفى.. وجنش من ركائز الفريق الرئيسية    وكيل تعليم الشرقية: لا شكاوى من امتحانات الفصل الدراسي الثاني لمراحل النقل    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 16 صاروخا و35 طائرة مسيرة من أوكرانيا خلال الليل    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    فيلم «السرب» يحتفظ بصدارة قائمة إيرادات السينما    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    للسيدات.. تعرفي على أعراض سرطان المبيض    اعمل ايه مع زوجى بيلعب بابجي طول اليوم.. ومحمد نصار يجيب    الترسانة يواجه ديروط لحسم بطاقة التأهل الأخيرة لترقي الممتاز    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الروبل» و«الجنيه المصرى».. مقايضة تواجه تحديات فى ظل ظروف متشابهة
نشر في محيط يوم 11 - 02 - 2015

خبراء: مقايضة «الروبل» ستنجح بالتدفق الاستثمارى والسياحى الروسى
باتت العلاقات الروسية المصرية ضرورة يفرضها الواقع الراهن أكثر من أي وقت مضى، فالبلدين تجمعهما عدة عوامل مشتركة تسرع من عودة العلاقات لسابق عهدها، والتى بلغت ذروتها في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
تأتي الزيارة التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القاهرة الاثنين والثلاثاء الماضيين والتي التقي فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي في إطار الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تواجهها روسيا على خلفية العقوبات الغربية بسبب موقفها من الأزمة الأوكرانية والتي وضعت موسكو في موقف اقتصادي صعب، بالاضافة إلى انهيار الروبل ووصوله إلى أقل مستوياته أمام الدولار خلال الأيام الماضية، كل ذلك يعجل من بحث روسيا عن موطئ قدم مناسب للخروج من تلك الأزمات، فى الوقت الذى يعانى فيه الاقتصاد المصرى تبعات الأحداث السياسية منذ ثورة 25 يناير 2011 وتراجع بقيمة الجنيه المصرى وأيضا الاحتياطى النقدى الأجنبى فضلا عن وهروب الاستثمارات، مما يعزز الحديث حول أهمية التعاون المشترك بين الدولتين.
التبادل التجارى
وفى الوقت الذى أعلن فيه البنك المركزى المصرى عن مقترح بعمل مقايضة للعملة الروسية الروبل، أشار فى تقريره أمس أن روسيا جاءت فى المرتبة الأخيرة ضمن قائمة أهم الشركاء التجاريين لمصر، حيث بلغ حجم التعاملات التجارية بين القاهرة وموسكو مستوى 448.3 مليون دولار شكلت 2% من إجمالى عمليات التبادل التجارى بين مصر ودول العالم، خلال الربع الأول (يوليو-سبتمبر) من العام المالى الحالى 2014/2015، والبالغ قيمتها 22.68 مليار دولار.
كما أن الصادرات المصرية لروسيا لم تتجاوز 73,6 مليون دولار، فى حين بلغت الواردات 374,7 مليون دولار، مما يعكس مدى اختلال الميزان التجارى لصالح الجانب الروسى.
الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول آليات تنفيذ مقترح مقايضة الروبل..وهل يحقق المعادلة بين البلدين!..وأيهما أكثر استفادة..وهل الصفقات والمشروعات الجديدة تحسم تلك المعادلة؟!
اتفاقيات عسكرية
ولعل سعي مصر خلال الفترة الأخيرة إلى تنويع مصادر الأسلحة وإضافة شركاء جدد هى محاولة للتوازن الخارجي بعد اتجاه القاهرة خلال الربع الأخير من القرن الماضي إلى المعسكر الأمريكي، وهو ما يعزز فرص زيادة التعاون بين روسيا ومصر، خاصة أن هناك اتفاقيات عسكرية تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى خلال الشهور الماضية بين البلدين، بالاضافة أن القاهرة تدرس إقامة مشروع نووي بتنفيذ روسي، حيث أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي، اركادي دفوركوفيتش، أن شركة "روس اتوم" الروسية تستعد للمشاركة في إقامة محطة نووية لتوليد الطاقة في منطقة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح شمال غربي مصر.
وتتم المعاملات التجارية الحالية بين البلدين بالدولار أو اليورو، واعتماد الروبل يحمل كثيرا من الآثار الإيجابية علي الأسواق، فضلا عن تأثيره المباشر علي أعداد السياح الروس القادمين الي مصر.
السوق السوداء للدولار
وفى هذا الشأن قال فخري الفقي مستشار صندوق النقد السابق، إن التبادل التجاري بين مصر وروسيا بالجنيه والروبل يساهم بشكل كبير في خطة البنك المركزي للقضاء على السوق السوداء، بالإضافة إلى أنه يعزز التبادل الاقتصادي بين الدولتين.
وأضاف الفقي أن التبادل التجاري بين مصر وروسيا بالعملات المحلية سيكون دافعا لتحسن الاقتصادين المصري والروسي، وذلك في إطار التبادل التجاري.
وتوقع محسن عادل المحلل المالي أن تنعكس خطوة اعتماد الجنيه والروبل في التعامل التجاري بين روسيا ومصر، في تحقيق انتعاشة اقتصادية بين البلدين والقضاء على السوق السوداء للعملة في مصر.
اوضح إن التبادل التجاري بالروبل والجنيه يحل مشكلة العملة في مصر، إذ يعني توفير احتياجاتنا بالعملة المحلية بدلاً من الدولار في شراء الطاقة والقمح، خاصة أننا نستورد أكبر بكثير مما نصدر، مشيرًا إلى أن الصين وروسيا قاما بذلك الأمر وقال إن روسيا تستفيد أيضًا في كسر الحصار الغربي لها وتوجيه ضربة للدولار الأمريكي، كما أن تلك الخطوة تزيد عدد السائحين الروس لمصر والذين بلغ عددهم العام الماضي 3.3 مليون مواطن بعائد 1.98 مليار دولار.
أضاف أن تلك الخطوة ستؤثر على ميزاني المدفوعات والخدمات، خصوصا أن روسيا حاليا تستورد منتجات غذائية من مصر والمغرب والأرجنتين بدلاً من الاتحاد الأوروبي الذي فرض عليها العقوبات بعد الأزمة الأوكرانية.
السياحة الروسية
اشار الي إن إيرادات السياحة المصرية تأثرت بالأوضاع في روسيا خصوصا أن سائحيها يمثلون 30% من الحركة الوافدة لمصر، مشيرا إلى أن الروس توقفوا عن الرحلات السياحة ويتجهون للادخار واقتناء الدولار أو الذهب أو السلع المعمرة لإعادة بيعها حال ارتفاع التضخم، فالاقتصاد الروسي يعتمد على صادرات البترول والسلاح والذهب والقمح مشيرا إلى أن السائحين الروس بلغوا 3 ملايين سائح من إجمالي 10 ملايين في عام 2014 الماضي، لافتًا إلى أن حركة السياحة الروسية انخفضت بنسبة كبيرة بسبب ضعف الروبل.
الصادرات السلعية
وأضاف أن علاقات البلدين الاقتصادية تمتد لعدة قطاعات سياحة وصناعة وتجارة حيث شهد العام الماضي ارتفاع ملموس لقيمة الصادرات السلعية غير البترولية المصرية لروسيا بنسبة نمو 34% لتسجل 2.5 مليار جنيه مقارنة بمستويات عام 2013 كما ان هناك قفزة كبيرة في صادرات الحاصلات الزراعية التي زادت بنسبة 61% والصناعات الغذائية التي ارتفعت ايضا بنسبة 41%.
وقال إن مصر تامل في زيادة حجم تعاملاتها مع روسيا الاتحادية ودول الجوار ايضا الي جانب استعادة زخم التدفق السياحي الروسي لمقاصد مصر الرئيسية بشرم الشيخ والغردقة ومرسي علم لمستويات ما قبل ثورة 25 يناير.
وأكد أن حركة الصادرات المصرية لروسيا بوجه عام في ارتفاع مستمر رغم تاثر صادراتنا سلبا بارتفاع الدولار مقابل الروبل الروسي ، نظرا لارتباط سعر صرف الجنيه بالدولار، مشيرا الي ضرورة دراسة سبل التغلب علي هذه المشكلة التي تحد من تحقيق طفرة كبيرة في صادرات مصر لروسيا بما يتناسب مع امكانيات البلدين الضخمة.
وقال إن السوق الروسية يمكنها ان توفر فرصة ضخمة لمضاعفة صادراتنا السلعية عموما وبعدة مرات حيث تتمتع بقوة شرائية كبيرة وحجم واردات ضخم.
مجال الطاقة
وقال الدكتور أسامة عبدالخالق الخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية، تعتبر تلك الاتفاقية المقترحة عامل قوي في رفع سعر الجنية المصري في الأسواق العالمية، وزيادة حصة مصر من التجارة الخارجية، الأمر الذي يجعلها تستغنى عن الدعم الاجنبي في الفترة المقبلة.
وأضاف أن ذلك يعمل على تقوية العلاقة بين البلدين، فهناك نصوص من الاتفاقية لم تعلن بعد، أما من ضمن ما أعلن هو الاستغناء عن اتفاقيات الغاز مع إسرائيل عن طريق التعاون الروسي في مجال الطاقة.
فيما أوضح حمدي الجمل رئيس القسم الاقتصادي بالاهرام العربي، أن تلك الاتفاقية تسمى "بالتبادل السلعي"، وهذا من شأنه يخفف الضغط من على اليورو والدولار، كما تضمن تلك الاتفاقية استمرار التعاون بين الدولتين وفتح الأسواق المصرية الروسية، وهذا من شأنه زيادة الاستثمار.
وأضاف أن تلك الاتفاقية كان معمول بها في الخمسينات مع الاتحاد السوفيتي، ولكن سقط بسقوط الاتحاد، وتم تطبيق عقوبات اقتصادية من أوربا على روسيا، مما تعتبر تلك الاتفاقية طوق نجاه لروسيا.
ودعا المستثمرين المصريين الى الاستفادة من هذه الاتفاقية واحترام الاسواق الروسية، والعمل على غزو السلع المصرية الأسواق الروسية، وبذلك سوف يؤدي إلى زيادة السياح في مصر بنسبة 90%.
التقارب الروسى المصرى
ويأتى الحديث عن التقارب الحالي بين روسيا ومصر منطقي، فشئون قضايا المنطقة وفي مقدمتها الأزمة السورية، والأحداث الجارية هناك وضعت روسيا ومصر في توافق مشترك، فالقاهرة بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم متزنة في سياستها تجاه سوريا حيث تتركز في إطار حل سياسي على عكس جميع دول المنطقة القريبة التي تطالب بحل عسكري للأزمة السورية وهو ما يعارضه الرئيس الروسي فلادمير بوتين، وبات التدخل الأمريكي في الشأن السوري ودعم بعضًا من المعارضة السورية بالسلاح يحمل في طياته انهيار سوريا وتحولها إلى "طالبان" الأمر الذي يثير مخاوف مصرية روسية مشتركة من حدوث ذلك.
كما أن الأزمة الليبية ليست بعيده عن هذه القضايا أيضًا فالصراع الداخلي القائم في ليبيا منذ فترة ليست بالقليلة يؤرق البلدين، فالوضع الغير مستقر في هذا البلد الحدودي مع مصر يشكل بالنسبة لها تحديًا كبيرًا في مواجهة التدفقات الإرهابية من أفراد وتمويل وأسلحة تنقل عبر الحدود ما يتطلب جهدًا أكبر لتجفيف هذه المنابع التي تزيد من دعم وقوة الجماعات الإرهابية في مصر، ويقول مساعد الرئيس الروسي فلادمير بوتين إن الرئيسان الروسي والمصري تبادلا المشاروات في قضايا عديدة بالمنطقة أبرزها مواجهة تنظيم داعش الإرهابي ومكافحة الإرهاب في المنطقة بأكملها.
وتقول مصادر دبلوماسية إن هناك عوامل مشتركة كثيرة تسرع في تعزيز العلاقات المصرية الروسية مؤكدة أن روسيا تنظر لمصر على اعتبارها مركز صناعة القرار في الشرق الأوسط والبقعة الجيوستراتيجية الأساسية في المنطقة، مضيفة أن روسيا ترفض كافة مساعي نقل مركز الثقل التقليدي للمنطقة إلى الأطراف الأخرى، وهي تؤكد هذه النظرة في كل المناسبات.
مصالح روسيا مع مصر
من هذا المنطلق فإن روسيا تؤيد عودة مصر بقوة إلى الساحة الإقليمية والدولية، وتدعم مشاركتها في كافة المبادرات بالمنطقة، وتقاوم أي محاولة لتهميش الدور المصري، وهو ما برز جلياً في الأزمة السورية وأزمة غزة والذي وصل للمطالبة بضم مصر للرباعية الدولية لتفعيل دور الأخيرة.
وأضاف مصدر دبلوماسي أن تعدد زيارات مسئولي البلدين بين الدولتين وإجراء مباحثات عديدة ساعد في وجود تقاطع واضح بين أولويات الأمن القومي المصري وبين اهتمامات ومصالح الجانب الروسي في المنطقة، وهو أمر أسهم في إيجاد مساحة كبيرة مشتركة تلاقت فيها الرؤى حيال عدد من الملفات الإقليمية والدولية كالأزمة السورية وضرورة التوصل إلى حل سياسي لها، ومكافحة الإرهاب وارتباط الظاهرة باستمرار بؤر التوتر بالشرق الأوسط، وخطر تحول تلك البؤر إلى مصدر للإرهاب العابر للحدود، والقضية الفلسطينية وضرورة التوصل لتسوية شاملة وعادلة لها، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
وشهدت العلاقات السياسية بين البلدين طفرة عقب ثورة الثلاثين من يونيو تمثلت في زيارة وزيرا الخارجية والدفاع الروسيين إلى مصر يوم 14 نوفمبر 2013، وزيارة وزيرا الخارجية والدفاع المصريين إلى روسيا يومي 12 و13 فبراير 2014، حيث تم عقد المباحثات السياسية بصيغة "2+2′′، ما يجعل مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تبنت موسكو معها هذه الصيغة التي تتبناها روسيا مع خمس دول أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان، وهو أمر يؤكد على إقرار روسيا بالأهمية الإستراتيجية التي تحظى بها مصر في سياستها الخارجية.
الجانب الاقتصادى
وواقع الجانب الاقتصادي في علاقة البلدين لا يزال يحتاج مزيد من الجهد ، فمن ناحية هناك عجز في الميزان التجاري لصالح روسيا بلغ 2.87 مليون دولار في عام 2012 ، ولك يتجاوز معدل التبادل التجاري بين الدولتين 3.55 مليون دولار في نفس العام وبنسبة تبادل تجاري لا تتعدي 3.5 % من اجمالي حركة تجارة مصر الخارجية .
فيما اتسمت الاستثمارات البينية بين مصر وروسيا بالضعف، إذ تكشف الأرقام أن حجم الاستثمارات الروسية في مصر قد بلغ نحو 66 مليون دولار فقط بنهاية يناير 2013.
وقد وصل إجمالي عدد الشركات الروسية العاملة في السوق المصري إلى 383 شركة تعمل بشكل أساسي في القطاع الخدمي كالسياحة والإنشاءات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتمويل إضافة إلى القطاعين الصناعي والزراعي، لتحتل روسيا المرتبة 46 من حيث الدول المستثمرة في مصر، في المقابل، بلغ حجم الاستثمارات المصرية في السوق الروسي حوالي 7 مليون دولار حتى نهاية 2012، وتتركز معظمها في قطاع الأخشاب التي يتم تصديرها لمصر، بالإضافة إلى بعض الاستثمارات العقارية فمن ناحية، تمثل السوق الروسية الواسعة فرصة كبيرة لزيادة الصادرات المصرية وتحسين وضع الميزان التجاري ، وليس أدل على ذلك من الزيادة الكبيرة التي حدثت لصادرات البطاطس المصرية لروسيا والتي زادت كمياتها بنسبة تفوق 250% من 65 ألف طن عام 2007 إلى 237 ألف طن عام 2011.
كما تعتبر منتجات الأثاث والأسمدة وزيت الزيتون والأجهزة المنزلية والأحذية والخضروات والفواكه والحقائب والرخام والسجاد والسيراميك وورق الطباعة من المنتجات ذات الفرص التصديرية المرتفعة، حيث تستطيع السوق الروسية استيعاب كميات متزايدة من الصادرات المصرية التي يماثل الكثير منها بنود الاستيراد الروسي. ويعزز ذلك انضمام روسيا لمنظمة التجارة العالمية في عام 2012 وبما يساعد في إزالة كثير من العوائق أمام الصادرات المصرية لأسواق روسيا، ويسرع من وتيرة المفاوضات المتعلقة بإنشاء منطقة للتجارة الحرة بين مصر وروسيا، وبما يسمح بتدفق المزيد من المعاملات التجارية بين البلدين من خلال إزالة جميع العقبات والرسوم الجمركية أمام حركة التجارة، بشكل يؤدي في النهاية إلى رفع حجم التجارة الثنائية إلى 10 مليار دولار وهو المستوى المستهدف لمعدل التبادل بين البلدين بنهاية العقد الحالي وفي السطور التالية نعرض بمزيد من التوسع اهم مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين حاليا .
1- السياحة الروسية في مصر
من المعروف أن روسيا هي أكبر مصدر للسياحة إلى مصر، حيث وصل العدد إلى ما يقرب من3 ملايين سائح روسي في يناير2011 ، من إجمالي 14.5 مليون سائح، أي ما يمثل نحو خُمس إجمالي السياحة الوافدة إلى مصر، ، ونتيجة التطورات السياسية خلال الأربع سنوات الأخيرة انخفض عدد السياح الروس في مصر؛ لذا اتخذت الجهات المسئولة بمصر عدداً من الإجراءات منها قيام وزارة الخارجية بتنشيط الترويج السياحي لمصر في الخارج، حيث شارك الدكتور محمد البدري سفير مصر في موسكو في الاجتماع المشترك للوكالة الروسية الفيدرالية للسياحية ووزارة الثقافة، والذي ترأسه وزير الثقافة الروسي بحضور رئيس الوكالة الفيدرالية للسياحة، وبمشاركة العديد من منظمي الرحلات السياحية في سبتمبر 2014، لمناقشة مشاكل السوق الروسي في السياحة الروسية للخارج، خاصة في ضوء عدد من المشاكل التي بدأت تؤثر على السياحة الخارجية الروسية.
ونتيجة استقرار الأوضاع الأمنية في مصر كشفت رابطة وكلاء السياحة الروسية أن مصر تظل الأكثر جاذبية للسياح الروس نظراً للخدمات السياحية المتميزة التي تقدمها مصر للسائحين الروس والتي انعكست في تزايد الحركة السياحية الروسية إلى مصر. وقد أبدوا ارتياحهم بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية وتفاؤلهم بقدرته على استعادة الأمن والاستقرار مما يضاعف الحركة السياحية إلى معدلات غير مسبوقة. وتصدّرت مصر المرتبة الأولى في ترتيب البلدان التي زارها السياح الروس في 2014. وأشار محمد فلا، عضو جمعية مستثمري السياحة بالبحر الأحمر إلى أن وجود الروس بالمدن السياحية الشاطئية يبلغ 65% من تعداد الحركة السياحية الوافدة إلى مصر ونتيجة استقرار الأوضاع السياسية والأمنية.
2- ملف استيراد القمح من روسيا والميزان التجاري بين البلدين
من المعروف أن حجم التبادل التجاري بين الدولتين يغلب عليه عدد محدود من السلع، ممثلاً في بعض الصادرات المصرية من الفواكه والحمضيات التي يمثل البرتقال العنصر الرئيسي فيها، فضلاً عن كميات محدودة من البصل والبطاطس، ليصل إجمالي قيمة ما تصدره مصر، نحو 250 إلى 300 مليون دولار سنوياً، في حين تتخطى قيمة الصادرات الروسية لمصر ملياري دولار، وقد تصل أحياناً إلى3 مليارات، نظراً لما تستورده مصر من القمح الروسي، الذي يشكل البند الرئيسي في قيمة الواردات المصرية، ويدفع بشدة الميزان التجاري لمصلحة روسيا. وقد طرحت العديد من الأفكار لمعالجة هذا الخلل في الميزان التجاري، وزيادة الصادرات المصرية، بما في ذلك إمكانية الدخول في اتفاق للتجارة الحرة بين البلدين، وهو الأمر الذي لا يزال الجانب الروسي يدرسه، ، خاصة في ضوء انضمام روسيا أخيراً لمنظمة التجارة العالمية كما اشرنا لذلك من قبل ، وما تفرضه عليها من إجراء العديد من التعديلات والإصلاحات على نظمها، وقوانينها، التي تقتضي من المسئولين الروس التريث في الدخول في اتفاقات تجارة حرة مع دول أخرى.
وحالياً هناك إمكانات كبيرة لتطوير صادرات الخضر والفاكهة والصناعات الغذائية المصرية إلى روسيا، أصبحت متاحة بعد أن اتخذت موسكو قراراً بحظر استيراد الخضر والفاكهة والسلع الغذائية من أوكرانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي رداً على العقوبات الأوروبية ضدها بسبب الصراع في أوكرانيا.
3- ملف توطين تكنولوجيا الصناعة الروسية بمصر
توطين تكنولوجيا الصناعات الهندسية والإلكترونية الروسية وغيرها من التكنولوجيات المتقدمة في مصر من أهم الملامح في العلاقة بين البلدين، تخصيص منطقة صناعية للجانب الروسي في برج العرب عام 2007، إلا أن الجانب الروسي لم يتقدم حتى الآن بمشروعات لإدخالها في هذه المنطقة الصناعية، وقد أكد الجانب المصري على استعداده لتخصيص قطعة أرض أخرى بنظام "المطور الصناعي" ببرج العرب أو العاشر من رمضان، إلا أنه لم يتم تفعيل هذا الموضوع حتى الآن.
وأخيرًا، هناك فرص سانحة أمام شركات التعدين الروسية للاستثمار في المشروع التعديني الضخم في جنوب شرق مصر على ساحل البحر الأحمر والذي يعرف ب"المثلث الذهبي"، فضلا عن إمكانية تكثيف الاستثمارات الروسية في قطاع الطاقة ولا سيما بناء محطات توليد الكهرباء، وهي فرص كفيلة بتطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا خلال المرحلة القادمة. ، كما أبدت روسيا استعدادها لصيانة المصانع المصرية التي سبق أن ساهم الروس في إنشائها في مصر وبحث تمويل خطي المترو الجديدين ومناقشة إنشاء صوامع روسية لتخزين القمح في مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.