ناقش المقهي الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نشاطه باليوم الأخير للفعاليات الثقافية، رواية "باب سر" للكاتبة آمال الميرغني، وقام بمناقشتها الأديبة والكاتبة سلوي بكر، ومحمد إبراهيم طه، و د. عزه كامل، والكاتب محمد التداوي. قال د. محمد التداوي إنها رواية تاريخية تنشغل بالبسطاء الذين لا يشغلون حيزا من كتب التاريخ الذى يذكرهم فى العادة بوصفهم العوام، وتأخذنا الرواية لنتعرف على حقبة من ماضينا عبر الصورة الثرية التى ترسمها للحياة فى مصر قبل مائتى عام من خلال تتبع سير حيوات شخصياتها السبع الرئيسية، سليم، جندى المرتزقة الألبانى، الذى يعانى ضميره من مشاركته للشرور التى يقترفها جنود المرتزقة، ويكتشف فى الحجاز بينما يحارب الوهابيين عالم الصحراء والبدو، وتنتهى حياته بعد عودته إلى مصر نهاية مأساوية. وتشير د. عزة كامل إلى أنه فى "باب سر" تظهر الأحداث التاريخية من خلال انعكاساتها على شخصيات الرواية وتأثيرها على مساراتها الدرامية واشتباكها مع مصائرها، فالمادة التاريخية الدسمة التى حوتها الرواية، تصل إلى القارئ عبر النسيج الدرامى للأحداث الذى يبدو لنا محكوما بحسابات فنية دقيقة، وقد صيغت فى قالب حكى اجتهدت فى جعله مشوقا. وأشار محمد إبراهيم طه إلى أن الرواية تتعرض إلى عوالم عديدة، وظواهر، ووقائع، وحكايات، وطقوس، منها عالم الجوارى وطرائق أسر العبيد وصناعة الخصيان، والمرتزقة بمؤامراتهم وتمرداتهم الطائشة، عالم التجار، النساء وما يتداولنه من حكايات، عالم الفلاحين ومعاناتهم مع الضرائب والمباشرين، الدراويش بغرائبيتهم، البهلوانات والقرداتية والمشخصين، العاهرات، الأوروبيين المقيمين فى مصر، المحاكم والكتبة، أغا الشرطة، والمحتسب، والسياف، عالم الصحراء والبدو. أوضحت الكاتبة سلوى بكر أنه قلما يذكر محمد على في هذا العمل وقلما يذكر بعض من رجالات الدولة, بينما الهوامش التاريخية وعواملها إنما هي توضع كمتن حقيقي ومتن يجب التعامل معه من قبل المتلقي أو القارئ بشكل أساسي, إذاً فهذه قيمة لا توجد في الكثير مما يسمى بالرواية التاريخية , والمسألة الأخرى أن هذه الرواية هي رواية معرفية وتعيد النظر في المعارف التاريخية التي تقدم إلينا من خلال التأريخ, وإنما تقدم بانوراما تاريخية عن عصر وهو عصر محمد على وهو أكثر العصور مسارا للجدل حتى الآن, وهذا الجدل ليس بعيدا عن المشروع الأمريكي لتغيير المنطقة من خلال الثقافة في مجالات أخرى كثيرة. والمدرسة الأمريكية في نيويورك تركز على ضرب مشاريع الحداثة التي أقيمت في مصر على الأرض وفي الحقيقة لم يكن لدينا سوى مشروعين وهما: مشروع محمد على الكبير ومشروع جمال عبد الناصر, وما يقال عن ما قبل 1952 كان إمتداد لمشروع محمد على ووصل إلى ذروة إنحطاطه في وقت الملك فاروق,أما المشروع الحداثي الحقيقي والملتزم بتغيير مصر وإخراجها من القرون الوسطى في واقع الأمر كان مشروع محمد على ومشروع جمال عبد الناصر وهما القناطر الخيرية والسد العالي والمصانع وهذا ليس كلاما عاطفيا ولكنه موجود بالفعل على الأرض ونحن الآن نعيش على إنجازات هذين العصرين, وأهم ما قام به محمد على أيضا هو بناء الجيش المصري وتحقيق المواطنة المصرية سواء قصدها أم لا وذلك عبر التعليم الإلزامي لكل الناس والفئات والأديان, ثم حق التجنيد لكل المصريين. وأبرز ما جاء في الرواية هو حرب محمد على على الوهابيين والوهابية التي كانت في واقع الأمر محاولة من الدولة العثمانية لتحديد دور محمد على لأنها استنفذت طاقات المصريين البشرية والإقتصادية, وتفرد الكاتبة صفحات واسعة لهذه الحرب وما تمخض عنها داخل المجتمع المصري, وتقدم للقارئ الذي لا يعلم شئ عن هذه المرحلة معلومات غزيرة وغنية تغنيه عن النص التاريخي التقليدي. وعن الرواية قالت "الميرغني" أنها حاولت إنتاج رواية ممتعة وبها خلفية تاريخية صحيحة, وعلي الرغم من كونها عاملا أدبيا إلا أن قراءة الرواية تعطي القاريء فكرة جيدة عن ملابس وتقاليد واخلاقيات المجتمع في هذه الفترة, وكيف تغيرت القيم الأخلاقية عبر الوقت وأنها ليست ثوابت, فعلي سبيل المثال، في الفترة التي كان فصل الرجال عن السيدات فيها ضرورة أخلاقية كانت الدعارة تجارة رسمية تجبى عليها الضرائب وكان الحشيش يباع في المحلات. واختتم المقهى الثقافي يومه الأخير بحفل توقيع لمجموعة من الشعراء, حيث احتفل منذ قليل، عدد من شعراء العامية بتوقيع ديوانهم الجديد "الصحبجية" الصادر عن دار دون للنشر وسط حضور غفير من الجماهير، ووسط أجواء من الفرحة والسعادة رغم سوء الأحوال الجوية. ويضم هذا الديوان عددا من الشعراء وهم ضياء عبد الرحمن، دعاء عبد الوهاب، سالم الشهباني، محمد إبراهيم، مصطفى إبراهيم، مايكل عادل، مروة جمال الدين، محمد السيد، ميدو زهير، ممدوح فوزي، أحمد الطحان، أحمد النجار، أمير صلاح الدين، هاني عادل، وأحمد البوهي. يذكر أن الديوان يتضمن 30 قصيدة شعر، إضافة إلى أسطوانة صوتية مدمجة تحتوي على إلقاء صوتي لقصائد كل شاعر بصوته.