عبد الهادى : جزء كبير من النخبة الثقافية " فاسد " سلامة : مشروع عصفور الثقافى لا يمت للواقع بصلة عبير عبد الحافظ : المقررات الثقافية تهدم المواطن المصرى منذ الصغر ضوة : ثقافة الخبز و الشهادات الجامعية كبلت أحلام المصريين حسن : عن أى مستقبل ثقافة نتحدث و " الثقافة " غائبة تكريما لفكر شيخ التربويين الراحل د. حامد عمار ، أهدى مؤتمر " الفكر و مستقبل الثقافة " فى اتحاد كتاب مصر ، دورته لروح الراحل ، و قال أحد تلاميذ شيخ التربويين أن هذه هى المرة الأولى التى يكرم فيها الاتحاد أستاذا مثل المفكر الكبير د. حامد عمار ، الذى أسس لمفاهيم جديدة فى التربية ، و طبق رسالته " النمو و التنشئة الاجتماعية "على قريته سلوا بمحافظة أسوان ،فلم يكن عمار مجرد أستاذا فى التربية بل كان أستاذا فريدا من نوعه ، تبنى تلاميذه ، و كان يقول دوما أكبر معهم و بهم . المؤتمر كان برعاية ، شعبة الفكر باتحاد الكتاب التى لم يمر على إنشائها سوى 4 أشهر فقط و لكنها لم ترد أن تتحدد فقط فى الفكر الفلسفى ، و أرادت أن تنطلق لآفاق أوسع ، حيث أكدت د. زينب العسال أمينة الشعبة ، أنه لا يوجد انفصال بين الفكر و التعليم و التربية و الثقافة . و ترأست المؤتمر الناقدة الكبيرة د. فريدة النقاش ، و التى تحدثت عن الثلاث موجات الثورية العظيمة التى مر بها الشعب المصرى فى العصر الحديث ، قائلة أن الطريق ما يزال طويلا لإنجاز الثورة ، و قد دعا الشعب نخبة المثقفين أن يربط الفكر بالواقع ، و النضال الفكرى بالنضال الاقتصادي و الاجتماعى و السياسى . و أشارت النقاش أن اتحاد الكتاب كان أول نقابة قامت بسحب الثقة بشجاعة من الرئيس المعزول محمد مرسى لا دفاعًا عن حرية الكاتب والمبدع فقط، وإنما أولا دفاعا عن الوطن ، مؤكدة أن مفهموم المثقف هو مفهوم سياسى بمعنى أشمل ، فيعيد المثقف النظر فى الشائع و السائد ، و هو قادر على صياغة تصور جديد للعالم الذى طالما حلمنا به. و أكد من جانبه الكاتب الصحفى مصطفى القاضى، سكرتير عام اتحاد كتاب مصر ، أن السياسة فرقت أبناء الشعب الواحد و حتى المثقفين ، و أن وحدها الثقافة قادرة على توحيد الشعب مرة أخرى ، بنشر الوعى . و على هامش افتتاح المؤتمر عرض اتحاد كتاب مصر، فيلمًا تسجليًا عن الدكتور حامد عمار، شيخ التربويين،و كرم الاتحاد الراحل بدرع الاتحاد ، كما كرم د. فريدة النقاش . الثقافة والسياسة فى حديثه عن الثقافة و السياسة ، قال الناقد د. علاء عبد الهادى أن جزء كبير من النخبة الثقافية فاسد ، و لا أحد ينكر ذلك ،مشيرا إلى تلك الأرقام العمياء التى يتحدث عنها المسئولين عن ميزانية الثقافة ، قائلا : ليتها تصرف على بناء الإنسان بدلا من بناء البنيان ، و هذا الفرق بين المثقف التقليدى و المثقف العضوى ، لافتا أن 11 % من مواد الدستور تتحدث عن الثقافة ، وواضع التصورات غائب عنها . و عن " المشروع الثقافي للدولة " أكد د. محمد على سلامة أنه من الغريب أن يسند إلى من ينتسبوا للماضى ، بأن يضعوا تصور لمستقبل الثقافة ؟ ، واصفا المشروع الذى وضعه د. جابر عصفور ، بأنه منفصلا تماما عن الواقع ، و لا يحمل أى تصور جديد ، و للحديث عن مستقبل الثقافة لا يصلح التنظير . و أكد سلامة أن التعليم يفتقد مفكر مثل حامد عمار ، فلقد عانينا كثيرا من محاولة الدولة لطمس العقول . و أضاف أن على الجميع الاشتراك فى صياغة مشروع ثقافى ، من خلال ثورة ثقافية حقيقية ، تطور من فكر الإنسان المصرى ، و أن المبدأ الأول فى المشروع الثقافى عدم ربط الوطن بشخص الرئيس ، برفع شعارات كلنا عبد الناصر و السيسى ، بل كلنا مصر ، و على الجميع أن يفكر فى المصلحة العليا للوطن . كما طالب سلامة باستلهام التجارب الثقافية الناجحة و بشكل خاص تجربة الستينات ، وإعادة صياغة المشروع الثقافى للدولة ، و إعادة هيكلة مؤسسات الثقافة الذى شابها الفساد و غياب الكفاءة بشكل فادح مما جعلها تهتم بثقافة الفرد على ثقافة المجتمع ، و على رجال الأعمال تخصيص جزء من أموالهم لتثقيف الناس و نشر الوعى . و شدد سلامة على ضرورة أن تراجع النخبة الثقافية التى أصابها الخوار نفسها ، فنحن فى حاجة لتصور ثقافى واقعى فاعل . الثقافة " سلعة " من جانبه أكد د. عادل وديع فلسطين ، أن وسائل الإعلام هى حجر الزاوية ، لنشر الوعى و مواجهة الفكر التكفيرى بنشر الفكر الصحيح ، و تصحيح الخطاب الدينى ، بدلا من ترك الساحة للمتطرفين الذين أفسدوا عقول الشباب و الأطفال . و اقترح أنه يجب استغلال منافذ قصور الثقافة ، التى تغطى جميع أنحاء الجمهورية ، مع كفالة حرية التعبير و الإبداع ، و مراكز الشباب بالحافظات و تكثيف المتابعة الميدانية لتحويلها لمراكز إشعاع حضارى ، لاستغلال وقت الشباب بشكل أمثل ، و تطوير العاملين فى مؤسسات الثقافة ووزارة الشباب و الرياضة ، بضخ دماء شبابية جديدة . ففى عام 2009 كان هناك 550 مركز ثقافى ،و الآن أصبحوا 427 ، متسائلا : فهل نحاسب الوزير عن العدد أم القيمة ؟ ، عن عدد المراكز أم عدد روادها ؟. و أكد وديع فلسطين ، أن إردنا التنمية ، يجب أن تصل الثقافة للشباب و هى كغيرها " سلعة " يجب التسويق لها جيدا من خلال المنافذ المختلفة .
الفكر ومستقبل الثقافة قال الناقد د. حسين حمودة أن سؤال مستقبل الثقافة مطروح منذ عقود طويلة ، و عبر تلك العقود كان هناك اجتهادات كثيرة ، و أطروحات كثيرة أبرزها كتاب طه حسين " مستقبل الثقافة فى مصر " ، و الذى أثار فى حديثه مشكلة الهوية و التعليم . من جانبه تحدث شوقي بدر يوسف ، عن دور الصحافة و الدوريات فى نشر الفكر ، و أعد بدر الثقافة و الصحافة وجهان لعملة واحدة ، و هما الشفرة الدالة على واقع الثقافة العربية فى عالمنا المعاصر . كما تحدث عن الصحافة النسائية و الثقافة ، الذى بدأت عام 1882 مع صدور مجلة " الفتاة " ، و الساحة العربية مليئة بالنماذج المختلفة ، و من أبرزها " روز اليوسف " ، و أمينة السعيد و مجلة " المصور " ، و سكينة فؤاد و مجلة " الإذاعة و التفلزيون " ، و فريدة النقاش و " الأدب و النقد " ، و من النماذج التى لم تعمر كثيرا مجلة " الكاتبة " و التى تناولت مغامرة الكتابة عن المرأة ، و مغامرة المرأة فى الكتابة . و استشهد بدر يوسف بمقولة الكاتب محمد جبريل " كل الجرائد تعد صفحات الأدب صفحات طوارئ يمكن إزالتها لصالح صفحات أخرى " و التى تبرز أزمة نظرة الصحف للصفحات الثقافية . الوصاية على العقول تحدثت الناقدة د. عبير عبد الحافظ أستاذة الأدب اللاتينى بجامعة القاهرة ، عن " صناعة المقرر الثقافي في اللغة – مصر نموذجاً " ، و ألقت عبير الضوء على السلطوية السياسية فى مجال التعليم و التى تبث أفكار معينة فتحجم عقل الطالب فى حدود معينة ، و تمارس نوعا من " الوصاية " على العقول . و دللت عبير بمنهج اللغة العربية فى المدارس الإعدادية ، و التى تقدم نصوص خطابية فقيرة و ضحلة ، و قصائد شعر تفتقد للتذوق الفنى ، متجاهلة الأدب المصرى و الغربى ، فى حين يدرس فى الخارج نصوص الموتى الفرعونية و غيرها من النصوص ، و أدب نجيب محفوظ ، و لكننا مازلنا ندرس مناهج منفصلة تماما عن واقعنا وعقلية الطالب ، و كأن المقررات موضوعة لهدم المواطن المصرى منذ صغره . و أكدت الناقدة أن طرق التعليم فى مصر عقيمة تجعل من المعلم " مصدر آلهى لتشريعات المنهج " بشكل تلقينى ، ليس للطالب دور فيه ، و فى حين نهتم بنطق اللغات الأجنبية ، اختفى التشكيل فى تدريس اللغة العربية . كما عرضت لصورة " المعلم المهزوم " الذى يدرس بدوره ما فرض عليه بشكل سلطوى من مقرارات وضعها أساتذة الجامعة ، ، فينتهى بتعليم مقرارت قد لا يرضى عنها ، و لا ننسى أنه أيضا نتاج هذا التعليم ، فنجد أن تلميذ كبير يعلم تلميذا أصغر عمرا ، ليصبح المقرر الثقافى معول هدم و ليس بناء للطالب . وأكدت عبير أنه لا يمكن الحديث عن التعليم دون الأمية التى تعانى منها بلدنا ، فى حين قضت ثلاث بلاد فى أمريكا اللاتينية على الأمية فى 3 سنوات ، و نحن أمة اقرأ لا تقرأ . التربية و الثقافة فيما تحدث د. ياسر ضوة عن " التربية و الثقافة " ، قائلا أن المهمة الأساسية للثقافة هى التربية ، و على التربية الاعتماد على المناقشة و الإقناع و ليس التلقين ، مؤكدا أن " ثقافة الخبز و الشهادات الجامعية " كبلت الجميع ، ومنهم المثقفين ، و أصبحت أحلام أمة بأكملها ضربا من الخيال ، فى حين أن العالم المتقدم أدرك أن قوته فى تعليمه و هويته . ووصف ضوة حركة العولمة بوحش كاسر حين يهيمن القوى على الضعيف ، و إن عجزنا عن مقاومة التبعية اقتصاديا ، فلن نعجز عنها ثقافيا ،و ذلك بفرض ثقافتنا و هويتنا ، لنسلح شبابنا ضد طوفان العولمة ، متسائلا : إلى متى سنظل نستورد ثقافات نحن قادرين على خلقها ، و متى سنصدر ثقافتنا و تراثنا للعالم ؟