شهدت الجلسة الأولى من مؤتمر "نحو استراتيجية عربية شاملة لمواجهة التطرف"، المنعقد في مكتبة الإسكندرية، نقاشا بين عدد من المثقفين العرب البارزين، حول كيفية مواجهة التطرف فكريا، ومحاصرة ومعالجة أسبابه ودوافعه على كل الأصعدة. أدار الجلسة الإعلامي سمير عمر، بينما كان المتحدثون الرئيسيون في الجلسة، هم: الدكتور مصطفى الفقي، ومن ليبيا الدكتورة سلوى الدغيلي أستاذة الحقوق بجامعة بنغازي، وزهير قصيباتي من لبنان، والناشطة والمحللة السياسية اليمنية وسام باسندوه، وخالد حمد المالك الصحفي السعودي البارز. في بداية الجلسة تحدث خالد حمد المالك في كلمته عن التجربة السعودية في مواجهة التطرف والإرهاب، تلتها كلمة للدكتورة سلوى الدغيلي للوقوف على محاولة وضع إطار نظري لمفهوم التطرف، وكيف انعكس القمع وتقييد الحريات على ردود أفعال الناس، بالأخص في التجربة الليبية في عهد القذافي. بينما أشار زهير قصيباتي إلى أن كل بلد عربي له خصوصيته، وهناك خلط كبير بين مفاهيم الدين والسياسة والمصالح الإقليمية، وقال: رأينا كيف تحول لبنان من واحة للديمقراطية في المنطقة إلى بلد يعاني فراغاً في منصب الرئيس، نتيجةً للتدخلات الإقليمية والمصالح المتشابكة. وأكد قصيباتي أن مشكلتنا الأساسية هي افتقادنا لمبدأ قبول التعايش مع الآخر. بينما أوضحت وسام باسندوه الناشطة السياسية اليمنية أن التطرف ليس دينياً فقط، إنما هناك أيضاً تطرف عرقي، وتطرف سياسي، وآخر فكري. وذكرت أننا –على سبيل المثال- نستخدم بعض المصطلحات غير المنطقية مثل مصطلح "الإسلام الوسطي"، حيث إن الإسلام إما أن يكون صحيحاً أو مغلوطاً، ولا وجود لما يسمى بالإسلام الوسطي، على حد قولها. وفي كلمته، أكد الدكتور مصطفى الفقي أن التطرف ليس حكراً على دين أو بلد أو طائفة بعينها، وأنه ليس ظاهرة جديدة أو مفاجئة، إنما له العديد من الجذور والأسباب في مجتمعاتنا، أهمها افتقادنا للتطبيق الصحيح لمفهوم "العدل الاجتماعي" وانتشار الجهل والفقر والظلم المجتمعي، بالإضافة إلى سوء إدارتنا لأزماتنا ومشكلاتنا المختلفة. وأهم هذه الأسباب، يقول الفقي، هي تهميش الشباب وضعف المنظومة التعليمية في بلادنا. كما وجه الفقي نقداً لاذعاً للخطاب الديني الحالي وتقصير رجال الدين في توصيل صحيح الدين إلى عامة الناس، ودعاهم إلى التواصل مع الآخر ومحاورته وتطوير خطابهم الديني بما يناسب متطلبات الزمان والمكان. وفي نهاية كلمته أثنى الفقي على مفهوم "الثورة الدينية" الذي ذكره الرئيس السيسي في خطابه الأخير، وقال إن السيسي بذكره ذلك قد وضع يده على أصل الداء في مجتمعاتنا العربية. وفي رده على ما قيل خلال الجلسة عن رجال الدين وخطابهم الموجه للعامة، أوضح فضيلة الشيخ أحمد تركي، إمام وخطيب مسجد النور بالعباسية، أن السياسة هي التي خطفت الدين وجذبته وليس العكس، فالأزهر على سبيل المثال كان مخطوفا من قبل الدولة على مدار عقود طويلة، وعلينا الآن أن نقدر الجهود التي يبذلها الأزهر الشريف من أجل تجديد الخطاب الديني وإعادة المساجد للدعوة ومنع استغلالها سياسيا. كان المؤتمر قد بدأ أمس السبت، وتستمر جلساته لمدة ثلاثة أيام متتالية (3-5 يناير 2015)، وتستضيفه مكتبة الإسكندرية وتنظمه بالتعاون مع وزارة الخارجية المصرية، ويقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقد افتتح المؤتمر كل من الدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية، والسفيرة فاطمة الزهراء عتمان وكيل أول وزارة الخارجية نائبًا عن السفير سامح شكري وزير الخارجية، وكل من الدكتور عز الدين ميهوب المفكر الجزائري، والإعلامي البارز عبد الوهاب بدرخان، واللواء طارق المهدي محافظ الإسكندرية، والدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية.