تباينت صحف ومواقع إخبارية مصرية ومغربية، صادرة اليوم السبت، في تناولها لسبب أجواء "التوتر المفاجي" الأخيرة، بين القاهرةوالرباط. ففي الوقت الذي ركزت فيه صحف مصرية على اتهام جماعة الإخوان المسلمين بأنها تقف وراء الأزمة من خلال بث تقارير إعلامية مسيئة للعاهل المغربي الملك محمد السادس، على وسائل إعلام محسوبة على الجماعة، سردت مواقع إخبارية مغربية ما رأته "هجوما" من إعلاميين مصريين، على المغرب وبعض رموزه. وشهدت العلاقات المصرية المغربية أجواء "توتر مفاجئ"، أمس، على خلفية بث التلفزيون المغربي الرسمي ، مساء أمس الأول الخميس، تقريرين وُصف فيهما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب "قائد الانقلاب" في مصر، و محمد مرسي ب"الرئيس المنتخب". مجلة "تيل كيل" المغربية، قالت، صباح اليوم السبت، في افتتاحيتها على موقعها الإلكتروني بالفرنسية إن "عام 2014 سجل كثيراً من الهجوم ضد المغرب من قبل وسائل الإعلام المصرية، ففي نهاية ديسمبر أول الماضي، انتقد مقدم برامج مصري سفر العائلة المالكة المغربية إلى تركيا بواسطة 5 طائرات". وأضافت المجلة، أنه في يوليو الماضي، قالت إعلامية مصرية، إن "الاقتصاد المغربي يقوم على الدعارة وأن المغرب ليده ترتيب متقدم بين الدول المصابة بمرض الإيدز ". وأوضحت أنه "رغم أن الحالتين تبعهما اعتذارات، غير أن الهجوم ليس مقتصراً على وسائل الإعلام، بل امتد إلى أمين لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية ، عيد يوسف، والذي افتى فيها ببطلان عيد الأضحى في المغرب"، الذي احتفل بالعيد قبل يوم من احتفال معظم دول العالم ومن بينها مصر والسعودية لالمناسبة ذاتها. وأشارت الصحيفة إلى أن "وجهة النظر الدبلوماسية تبين أنه لا يوجد أي علامة على التوتر بين البلدين؛ فالرئيس المصري كان مرحبا به من جانب العاهل المغربي عقب انتخابه في يونيو الماضي، حتى أنه كان هناك اقتراح بزيارة للرئيس المصري للمغرب في سبتمبر الماضي". من جانبه، ذهب موقع "أصداء المغرب"، الإخباري الإليكتروني، في تقرير إخباري إلى أن "الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن تغير الموقف الرسمي المغربي بخصوص الوضع المصري، خصوصا في ظل صمت المؤسسات الرسمية، وعدم التعليق على الموضوع". ولفت الموقع إلى أنه: "أيضاً لا يمكن المرور مرور الكرام على النشرتين الإخباريتين والتحول المفاجئ في الموقف، خصوصا أن القناتين الأولى والثانية، باعتبارهما قناتين عموميتين، لا يمكنها مخالفة التوجهات الرسمية للبلد فما بالك بمناقضتها". وعزز الموقع الإخباري فرضية "وجود ردة فعل على الخرجات الإعلامية غير المحسوبة للقنوات الفضائية المحسوبة على معسكر الانقلاب ، وإهانتهم للمغرب في أكثر من مناسبة، استهدف آخرها شخص ملك البلاد بشكل مباشر بعد زيارته لتركيا، وقد اختير لردة الفعل أن تكون إعلامية، بمنطق الجزاء من صنف العمل". ولم يستبعد الموقع في الوقت نفسه في نهاية التقرير أن يكون ما بثه الإعلام المغربي "عنوانا لتطورات جديدة أفرزتها الزيارة المطولة لملك البلاد إلى كل من الإماراتوتركيا، وتمهيدا لتغير حقيقي في المواقف المغربية من قضايا المنطقة". ورصدت مراسلة الأناضول على مواقع إخبارية، مغربية، استياء مغربي من تصريحات المذيعة المصرية وفاء الكيلاني إذ تطرقت في حلقة من برنامجها "الحكم" الذي يذاع على فضائية "إم بي سي 1"، الإثنين الماضي، إلى موضوع السحر والشعوذة، مشيرة إلى أن المغرب من أبرز الدول الأفريقية المعروفة بالسحر. غير أنه تلك المواقع، لم تورد في الوقت ذاته، اعتذار مدير العام لمجموعة "إم بس سي"، علي جابر، للمغاربة، حيث قال في تدوينة نشرها على حساباته الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي،: "أعزائي أهل المغرب، يهمني أن نؤكد أننا نكن كل الاحترام والتقدير والمحبة لبلدكم العزيز شعباً وحكومة وملك". على الجانب الآخر، كان تفسير وسائل الإعلام المصرية مختلفاً، حيث أرجعت 3 صحف مصرية، سبب الأزمة إلى قيام جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة وقيعة بين البلدين من خلال قنوات إعلامية محسوبة عليها. ونقلت صحيفة الشروق في عددها الصادر اليوم، عن مصادر دبلوماسية مصرية ومغربية، لم تسمها، إن "سوء فهم" وراء الأزمة "المفتعلة"، حيث أن تقارير التلفزيون المغربي جاءت عقب بث قناة "مصر الآن" إحدى القنوات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تبث من خارج مصر، تقريرا هاجمت فيه الملك محمد السادس ملك المغرب. وقالت الصحيفة في تقريرها الذي حمل عنوان "أزمة بين الرباطوالقاهرة بسبب سوء الفهم"، إن مصدر دبلوماسي مصر قال إن "اتصالات جرت منذ أمس الأول بين مسؤولي البلدين للوقوف على أسباب تغير الموقف المغربي وتبين أنه جاء رداً على ما ذكرته قناة مصر الآن" والتي اعتبرتها المغرب قناة تابعة لمصر، وهو ما نفاه الجانب المصري تماما. في نفس الاتجاه، قالت مصادر مطلعة مصرية لصحيفة الوفد إن "هناك محاولات للوقيعة بين مصر والمغرب يقودها تنظيم الإخوان الدولي بعد فشله الذريع في مصر وتونس من خلال شخصيات إخوانية في المغرب". جاء ذلك في تقرير بعنوان: "جماعة الإخوان المسلمين تحاول الوقيعة بين مصر والمغرب". وأضافت ذات المصادر، التي لم تسمها الصحيفة، أن "تنظيم الإخوان الدولي قام بإنشاء 4 قنوات فضائية تبث من لندنوتركيا هي الشرق ومكملين ورابعة ومصر الآن، وأن الأخيرة أذاعت تقرير مفبركا أساء لملك المغرب". وأوضحت المصادر للجريدة أن هذا "يأتي في إطار فشل الإخوان في مصر ومحاولات فاشلة لإحداث وقيعة بين القيادتين والشعبين". من جانبها، نقلت صحيفة "التحرير" عن السفير المغربي بالقاهرة محمد سعد العليمي، قوله إن "العلاقات بين مصر والمغرب دائمة ومبنية على المودة والاحترام ولا يمكن الإنسان وراء تعليقات ليس لها علاقة بالواقع ووسائل الإعلام عليها أن تسهم في تهدئة الأجواء بين الطرفين". وأبرزت الصحف الثلاثة موقف المغرب من فوز السيسي برئاسة مصر، وقالت إن العاهل المغربي، هنأ الرئيس المصري بفوزه بالرئاسة، وأن المغرب أكدت وقتها دعمها لخارطة الطريق بمصر. ومساء أمس الأول الخميس، وصفت القناتان الأولى والثانية بالمغرب السيسي ب"قائد الانقلاب" في مصر، ومحمد مرسي ب"الرئيس المنتخب"، وذلك للمرة الأولى، منذ الإطاحة بمرسي في الثالث من يوليو 2013، إثر احتجاجات مناهضة له، في عملية يعتبرها أنصار مرسي "انقلابا عسكريا"، ويراها معارضون له "ثورة شعبية". وتعقيبا على ذلك، قال دبلوماسي مغربي رفيع المستوى، لوكالة الأناضول، أمس، إن التقريرين يمثلان "رد فعل مغربي على ممارسات إعلامية مصرية متراكمة أساءت للرباط، وآن لها أن تنتهي". الدبلوماسي المغربي، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، أوضح أن "هناك سلسلة من التقارير الإعلامية المصرية التي أساءت للرباط ومشاعر الشعب المغربي، وذلك لم يحدث مرة واحدة، بل مرات متكررة كان آخرها حادث نال من العاهل المغربي، وانتقد زيارته الأخيرة لإسطنبول". ومضى قائلا إن "التغطية الإعلامية المغربية حادث وانتهى، ويجب على كل الأطراف الإعلامية ألا تقترب من مشاعر المغاربة، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته إزاء البلدين، لاسيما وأن هناك خصوم للبلدين يحاولون إحداث وقيعة بينهما". ولم يستبعد الدبلوماسي المغربي، أن يكون للتقارب المصري الجزائري علاقة بالأزمة الأخيرة، قائلاً: هناك خصوم للبلدين يريدون لمصر أن تبقى معزولة، وبالنسبة للجزائر فبالطبع هي تريد للمغرب أن تنعزل دبلوماسياً، وتوتر العلاقات المغربية - المصرية قد يريحها حتى وإن لم تسعى إليه". وتشهد العلاقات الجزائرية - المغربية توترات متقطعة في ظل الخلاف حول قضية الصحراء، حيث تتهم المغرب الجارة الجزائر بدعم "البوليساريو"في هذا النزاع. على الجانب المصري كان تفسير سبب الأزمة مختلفا. إذ قال مصدر دبلوماسي مصري آخر ل"الأناضول" ، أمس، إن "سبب الأزمة يرجع إلى محاولات قيادات من جماعة إخوان مصر تحريض إخوان المغرب، على افتعال أزمة مع مصر، لاسيما عقب المصالحة المصرية القطرية؛ وذلك بغرض إفساد العلاقات بين مصر والمغرب، والحصول على مأوى في الرباط كبديل عن الدوحة". لكن محمد سودان، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين بمصر، قال، أمس، إن الحديث عن تواصل إخوان مصر مع إخوان المغرب "عار تماماً عن الصحة". كما نفى خالد الرحموني، قيادي بحزب "العدالة والتنمية" (الإسلامي) المغربي، للأناضول، أمس، وجود لتنظيم الإخوان المسلمين بالرباط، حتى يتم الاتصال بهم، لافتعال أزمة بين مصر والمغرب. هذه الروايات من جانب الدبلوماسيين، لم يقابلها رداً رسميا، حيث لم يصدر تعليق رسمي من مصر أو المغرب أو الجزائر حتى ظهر اليوم السبت. وكان العاهل المغربي الملك، محمد السادس، هنأ السيسي بعد إعلانه فائزًا بالانتخابات الرئاسية في يوم 3 يونيو/ حزيران 2014، قائلا: "أغتنم هذه المناسبة التاريخية لأشيد بالثقة التي حظيتم بها من لدن الشعب المصري الشقيق في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخه الحديث، لقيادته إلى تحقيق ما يصبو إليه من ترسيخ لروح الوئام والطمأنينة، وتقدم وازدهار، في ظل الأمن والاستقرار".