قال مصدر مسؤول ببنك الاستثمار القومي الحكومي التابع لوزارة التخطيط، إن البنك يعانى من أزمة سيولة وعلى شفا أزمة مالية حقيقية بسبب ارتفاع مديونياته لدى الجهات الحكومية، فى مقابل ارتفاع حجم التزاماته تجاه حائزي شهادات الاستثمار التي يصدرها البنك نيابة عن الحكومة، للمساهمة في تمويل عجز الموازنة المصرية. وأضاف المصدر في تصريحات هاتفية لوكالة الأناضول إنه وفقا لبيانات البنك فإن مديونياته لدى الغير ارتفعت الى 250 مليار جنيه (35 مليار دولار) بنهاية العام المالي الماضي. وبنك الاستثمار القومي، مهمته الرئيسية، هي تمويل المشروعات التنموية المدرجة في الخطة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، ويقوم باستثمار أموال الجهات الحكومية، فيما يساهم في نحو 13 شركة وهيئة خاصة، وتم نقل تبعيته في 2012 إلى وزارة التخطيط بعد 10 سنوات من التبعية لوزارة المالية، وفي الوقت الذي تعاني فيه قطاعات اقتصادية حكومية من نقص في التمويل، يقوم البنك بالاستثمار في أدوات الدين الحكومية، ليحقق عائد مرتفع و آمن مثل أغلب البنوك العاملة في مصر. وأوضح المصدر الذى رفض ذكر اسمه:" لم نعد نستطيع تمويل صرف عائد شهادات الاستثمار المصدرة، ولكننا نتحرك بسرعة لإيجاد حلول، حيث أن البنك ملتزم بشكل كبير منذ إصدار تلك الشهادات بصرف عوائدها للعملاء في المواعيد المحددة". وأضاف المصدر: "لن يكون هناك تأثير مطلقا على إجراءات الصرف". ويصدر البنك نوعين من شهادات الاستثمار هي الفئة المجمعة "أ" والفئة المجمعة "ب" بأسعار فائدة تصل إلى 9.25 و9.75% على التوالي. ويصل الرصيد القائم من تلك الشهادات التي تعد أكبر وعاء ادخاري يستحوذ على ودائع المصريين إلى نحو 100 مليار جنيه (14 مليار دولار) بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن البنك. وقال المصدر إن البنك أبلغ وزارة المالية المصرية بضرورة التدخل لسداد جانب من المديونيات المستحقة علي بعض الجهات الحكومية لدى البنك، والتى تلتزم الوزارة بسدادها، وذلك لتمويل صرف العائد الذى يقدر بنحو 9 مليارات جنيه (1.26 مليار دولار) كل 3 شهور وفى حالة عدم تحويل وزارة المالية قدر من تلك المديونية، قبل موعد استحقاق صرف العائد سيتم اللجوء لتسييل ودائع البنك بعدد من البنوك، وكذلك بيع جانب من أذون وسندات الخزانة المملوكة للبنك. وكان وزير التخطيط المصري الدكتور أشرف العربي، قد أصدر قرار في أكتوبر / تشرين الأول الماضي بأن يتم احتساب العائد على شهادات بنك الاستثمار القومي والتي يقوم البنك الأهلي المصري(حكومى) بتسويقها اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ الشراء. وأضاف المصدر أن تلك الشهادات مضمونة ولا يوجد مخاوف بشأن سداد البنك لالتزاماته فى الوقت المحدد. وأوضح المصدر أن البنك تعرض منذ فترة لنفس المشكلة وتم بيع عدد من أذون وسندات الخزانة لسداد عائد شهادات الاستثمار، مشيرا إلى أنه رغم ذلك فإن البنك يحتاج إلى قرار سياسى لرفع رأسماله وإيجاد آلية فعالة لاسترداد أمواله لدى الجهات الحكومية المديونة له خاصة الهيئات الاقتصادية التي ارتفعت مديونياتها إلى نحو 80 مليار جنيه (11.2 مليار دولار)، فضلا عن وضع أطر فعلية لمساهمة البنك في الخطط الاستثمارية للدولة. وتسعى الحكومة المصرية لتحويل بنك الاستثمار القومي إلى "بنك تنموي" من خلال وضع استراتيجية جديدة له إلا أن الامر متوقف على خطط رفع رأس المال الذى يبلغ حاليا 100 مليون جنيه فقط. وأضاف المصدر:" نبحث مع وزارة المالية المصرية رفع رأس المال إلى مليار جنيه خلال النصف الثاني من العام المالي الحالي، ووضع جدول زمنى للوصول برأس المال إلى ما لا يقل عن 30 مليار جنيه (4.20 مليار دولار) وهو الحجم الفعلي الذى يحتاجه البنك لتحسين مركزه المالي". وقال المسؤول ببنك الاستثمار إن البنك أيضا يبحث مع المالية المصرية آليات استرداد مديونياته لدى الهيئات الاقتصادية دون التأثير بشكل مباشر على عجز الموازنة المصرية. وتسعى مصر للسيطرة على معدلات العجز فى الموازنة التي سجلت 12.8% في العام المالي الماضي، مستهدفة الوصول بعجز الموازنة إلى 10% خلال العام المالي الجاري. وأشار المصدر إلى أن شهادات الاستثمار التي يصدرها البنك تحظى بجاذبية شديدة لدى عملاؤها فى مصر، بسبب التزام البنك بسداد العائد في موعده منذ بدء إصدارها في الستينيات، فضلا عن ضمانها من الخزانة العامة للدولة. ويسعى البنك لإضفاء مزيد من معايير الأمان علي شهادات الاستثمار التى يصدرها من خلال تحسين مركزه المالي ورفع سعر العائد، واستخدام رصيد تلك الشهادات في استثمارات فعلية تدر عائد بدلا من تمويل العجز فى الموازنة، ومشروعات الهيئات الاقتصادية فقط وفقا للمصدر. وتابع المصدر أن البنك لن يستطيع زيادة سعر العائد على شهادات الاستثمار خلال الفترة الحالية، مما سينعكس على زيادة الالتزامات المالية المفروضة على البنك تجاه حاملى شهادات الاستثمار، مشيرا إلى أن سعر الفائدة الحالي ملائم للسوق. وخفض البنك بخفض سعر العائد على شهادات الاستثمار 4 مرات لتتراجع من 13% إلى 9.75% خلال العام المالي 2013/2014 مما ساهم فى خفض عجز الموازنة بنحو 6 مليارات جنيه (840 مليون دولار).