ذكرت صحيفة لبنانية، أن أعمال الرصد التي تقوم بها وحدات الجيش اللبناني أظهرت أن المجموعات الإرهابية في جرود بلدة عرسال اللبنانية والقلمون السورية تتحين الفرصة الملائمة لتوجيه ضربة عسكرية جديدة للجيش. وأضافت صحيفة "السفير" اللبنانية: "لقد سجلت وحدات الجيش في منطقة البقاع الشمالي تحركات مكثفة للمسلحين في الأيام الأخيرة، بما فيها محاولات تقدم من جرود عرسال والقلمون نحو بعض التلال القريبة من بلدة القاع بالبقاع (بلدة مسيحية) وصولا إلى اختراق الطوق المفروض والوصول إلى بعض القرى البقاعية الحدودية، وهنا تكمن الكارثة إن تمكنوا من ذلك، ولذلك كان قرار الجيش اللبناني حاسما بمنعهم من تحقيق هذا الهدف مهما كلف الأمر، على حد تعبير مسئولين معنيين". ولكن الصحيفة ذكرت أن تجربة معركة "عرسال 1" التي وقعت في أغسطس الماضي، أنتجت معادلات جديدة وظيفتها منع حصول "عرسال 2" والتصدي لتلك المجموعات الإرهابية ومنع تمددها نحو العمق اللبناني. وأشارت "السفير" إلى أن التقييم العسكري لواقع منطقة عرسال يفضي إلى أن الخطر "كامن في الجرود والوضع هناك دقيق جدا"، وأن إجراءات الجيش اللبناني نجحت في إقفال خط التواصل ما بين تلك المجموعات الإرهابية وبلدة عرسال، وأن جنرال الصقيع يمكن أن يدفع هذه المجموعات للقيام بمغامرات دموية، في ظل تقديرات مفادها أن أعداد المسلحين في تلك المنطقة "تتراوح من ألفين إلى أربعة آلاف مسلح"، وثمة معلومات عن حركة مسلحين ذهابا وإيابا من الرقة بشمال شرق سوريا إلى القلمون "جنوب غرب سوريا قرب الحدود اللبنانية" عبر خريطة انتشار الجيش السوري. وتبعا لهذا الرصد، تتصرف قيادة الجيش على قاعدة أن المعركة "باتت حتمية مع المجموعات الإرهابية"، وأن وحدات الجيش "في وضعية قتالية دائمة"، وأن الخطط تأخذ في الاعتبار بعض دروس معركة "عرسال 1" من دون الخوض في تفاصيلها. ووفقا للصحيفة فإن اللافت للانتباه عندما يوجه السؤال إلى أحد المعنيين مباشرة بجبهة عرسال عن إمكان التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري في مواجهة المجموعات الإرهابية، يأتي الجواب: "كل شيء يُدرس، والوضع مفتوح على شتى الاحتمالات". في الوقت نفسه، لا أحد يتوقع أن تنتهي المعركة أو تحسم في منطقة القلمون، وما يخشى منه ليس تلك المجموعات وحسب "بل بعض تجمعات النازحين السوريين وما يمكن أن تحويه من خلايا إرهابية نائمة، يمكن أن تشكل خطرا على العمق الذي يفترض أن يكون آمنا، كما حصل في معركة عرسال الأولى". وذكرت الصحيفة أن الجيش اللبناني استفاد من تجربة عرسال الأولى إلى حد أنه وضع لنفسه خريطة طريق عنوانها "ما بعد عرسال ليس كما قبلها"، ووفق هذه الخريطة سار في حربه ضد المجموعات الإرهابية مستفيدا من غطاء سياسي مفتوح وفره له زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري ورئيس الحكومة تمام سلام، وتمكن بالتالي من تحقيق إنجاز أمني كبير في طرابلس والشمال. كما لفتت الصحيفة إلى تزايد المخاوف بشأن الشريط الممتد من مجدل عنجر بشرق البقاع اللبناني حتى المثلث الحدودي اللبناني الفلسطيني السوري. ونقلت الصحيفة عن قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي قوله: "إن الجيش بعد معركة عرسال ليس كما قبلها، الجيش محصن متماسك وموحد ومتحفز لأي طارئ، ومعركة طرابلس كسرت كل الخلايا الإرهابية وقلبت كل المقاييس، ومكنت الجيش من التحرك بقوة وبحرية في كل المنطقة، وكل الذين قتلوا العسكريين في بحنين بشمال لبنان صاروا في قبضة الجيش ولم يعد هناك فارون بعنوان «الانشقاق» سوى عسكري واحد". ولفتت السفير إلى أن جهوزية الجيش في المعركة التي يخوضها ضد الإرهاب تبقى قليلة الفعالية في غياب السلاح النوعي، وان كان قد تلقى منذ «غزوة عرسال» في 2 أغسطس الماضي وحتى الآن أسلحة وذخائر أمريكية بقيمة 60 مليون دولار، فإن هبة المليار دولار من السعودية المكلف سعد الحريري بصرفها ما زالت قيد التنفيذ، ولكن من دون تحديد مواعيد لوصول السلاح والعتاد والذخائر. وأشارت الصحيفة إلى أنه كما أن لبنان لم يتحمل قبل سنوات قليلة تكلفة صيانة طائرات "ميغ 29" الروسية (الهبة التي عرضتها روسيا) أومكملاتها من رادارات أرضية وتدريب طيارين وقطع غيار وغير ذلك، ولذلك، تم اختيار الطائرات المقاتلة الصغيرة الحجم، وقد تصل 6 طائرات أمريكية «سوبر توكانو» وهي من النوع المستخدم من قبل الجيش الأمريكي، وثمة برنامج لدى الجيش اللبناني للحصول على 18 مروحية أميركية، 12 منها مستعملة بسعر مخفض و6 جديدة». ولفتت الصحيفة إلى أن الحماسة اللبنانية للسلاح الروسي تراجعت لاعتبارات عدة، منها التكلفة العالية، سواء لتحديث المروحيات المستعملة التي تردد أن الجانب الروسي سيقدمها للجيش اللبناني وقد صرف النظر عنها، أو لتحديث دبابات ال»ت 72» التي يرغب الجيش بأفضل منها كونها أصبحت من الجيل القديم، وكل هذه الأمور ستكون موضع بحث مع وفد عسكري لبناني سيزور موسكو الأسبوع المقبل.