أعلن رشيد درباس وزير الشئون الاجتماعية اللبنانية أن الإجراءات الصارمة التي اتخذتها بلاده للحد من تدفق النازحين السوريين إليها أدت إلى انخفاض عدد هؤلاء اللاجئين، مبديا تأييده لموقف تركيا الداعي لإقامة "منطقة آمنة" في شمال سوريا، الأمر الذي "سيخفف الاحتقان" في لبنان والأردن. وأضاف درباس، في تصريح خاص لوكالة "الأناضول"، أن الدولة اللبنانية بدأت فعليا منذ مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بتطبيق إجراءات للحد من دخول اللاجئين السوريين، مشيرا إلى أن عدد السوريين الذين يدخلون الى لبنان بات "قليلا جدا بسبب الإجراءات الصارمة على الحدود". وقال درباس: "إن شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي شهد تسجيل 4 آلاف نازح سوري فقط في لبنان وهو الرقم الذي كان يدخل يوميا في السابق"، لافتا إلى أن مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين شطبت حتى الآن 80 ألف اسم نازح لا تنطبق عليهم صفة نازحين. وأشار درباس إلى أن العدد المسجل للنازحين السوريين حاليا في لبنان هو مليون و100 ألف فقط، إلا أنه لفت إلى أن الولادات "الكثيفة" عند النازحين "تجعل العدد قابلا للارتفاع وليس للانخفاض". وأوضح أنه لا يحق لأي سوري أن يدخل الى الأراضي اللبناني "إلا بعد أن يعلن عن سبب دخوله"، مشيرا الى أنه في حال كان السبب النزوح "فإنه لن يسمح له بالدخول". وأضاف الوزير اللبناني أنه إذا كان السبب غير النزوح، فعليه أن يكون جامعا للشروط اللازمة من أجل السماح له بالدخول، مشيرا الى أنه إذا نجح بدخول البلاد وحاول أن يسجل نفسه في قوائم مفوضية الأممالمتحدة "فلن يتم تسجيله، وسيكون ارتكب غشا بحق الدولة اللبنانية، وهذا ما يستدعي إخراجه من لبنان وإعادته الى بلده". وكانت الحكومة اللبنانية اتخذت قرارا بعدم استقبال المزيد من اللاجئيين السوريين، الذي بات عددهم يوازي ثلث سكان لبنان إلا في "حالات استثنائية"، وبدأ تطبيق اجراءات معينة على الحدود للحد من تدفقهم. وكان مصدر أمني رفيع في نقطة المصنع الحدودية بين لبنانوسوريا، أوضح ل"الأناضول" في وقت سابق أن السوريين الذين يسمح لهم بدخول لبنان دون أي سؤال أو إجراء وبشكل مباشر هم الذين تكون أمهاتهم أو زوجاتهم لبنانيات، أو لديهم حجوزات طيران ينوون السفر من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أو الطلاب المسجلين فعليا في الجامعات اللبنانية ولديهم ما يثبت ذلك، أو لديهم إقامات لبنانية. وكشف درباس أن السلطات اللبنانية ستقوم بحملة مسح على المدى الطويل ل"التأكد من مدى انطباق شروط النزوح" على السوريين المتواجدين في لبنان. وعن فكرة إقامة مخيمات للنازحين في لبنان، كشف أنها "لم تعد مطروحة"، مشيرا الى أن سبب استبعادها "عدم موافقة فريق سياسي عليها، ونحن في هذه الحالة غير مستعدين للبحث فيها مجددا". وأبدى درباس تأييدا للموقف التركي الداعي لإقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية الشمالية، قائلا إن "ما تطرحه الحكومة التركية لجهة إقامة مناطق آمنة في سوريا هو أمر في غاية الأهمية". وأوضح أن لبنان "يعول على هذا الأمر، لأن المناطق الآمنة تستطيع أن تستوعب السوريين النازحين داخل بلادهم أو خارجها"، معتبرا أن هذا "يخفف الاحتقان في الدول المضيفة للنازحين ويؤمن ل"الأخوة السوريين حياة كريمة تليق بإنسانيتهم". وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو حدد في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حدود المنطقة الآمنة التي ترغب تركيا في إقامتها داخل الأراضي السورية، معلناً أنها تمتد بين تركياوسوريا من البحر المتوسط غربا الى شمال الحسكة شرقا، فتمر بشمال اللاذقية، وشمال إدلب، وشمال حلب وشمال الحسكة. ودعا درباس "في ظل عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حل سياسي للأزمة السورية"، التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم داعش الى اعتماد استراتيجية تمنع تحليق طائرات النظام السوري فوق بعض المناطق السورية من أجل تأمين "حياة إنسانية" للسوريين. وقال: "إن طائرات التحالف حين تحلق في الأجواء السورية لا تخشى على نفسها من احتكاك جوي، حيث لا تقوم الطائرات السورية باعتراضها، فباستطاعة هذا التحالف أن يضيف الى مهمته الحربية، مهمة إنسانية، ويقول أنه ممنوع اقتراب أي نوع من الطائرات الى مناطق معينة (في سوريا) لتأمين حياة إنسانية للسوريين في أرضهم وليس في أرض الجوار". ويشن تحالف غربي عربي، بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، غارات جوية على مواقع ل "داعش"، الذي يسيطر على مساحات واسعة في الدولتين الجارتين، العراقوسوريا، وأعلن في يونيو/حزيران الماضي قيام ما أسماها "دولة الخلافة". وختم درباس بالتحذير من أن انهيار لبنان والأردن اللذين تحملا أكثر من أي دولة في التاريخ "استضافة النازحين السوريين" سيؤدي الى انتشار نووي للإرهاب". ويشار الى أن أعداد النازحين السوريين بحسب إحصاءات مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللآجئين، فاق المليون ومئتي ألف نازح، وكانت المفوضية رجحت أن يتجاوز عددهم المليون ونصف المليون في نهاية العام الحالي. ومنذ منتصف مارس/آذار2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 44 عاماً من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن نظام الرئيس السوري بشار الاسد اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ما أغرق سوريا في معارك دموية بين القوات النظامية وقوات المعارضة، حصدت أرواح أكثر من 191 ألف شخص، بحسب إحصائيات الأممالمتحدة.