رأينا الكثير من الأخبار التي أوردتها الصحف والمجلات والفضائيات الاقتصادية عن صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، غير أن الكثير من الناس لا يعرفون ما حقيقة هذه الصناديق ويجهلون طبيعة عملها، من هنا أصدرت شركة "أي شيرز" تقريرا حول صناديق المؤشرات المتداولة شرحت فيه ماهيتها وطبيعتها وكيفية العمل فيها.
وألقت "آي شيرز"، وهي علامة تجارية مسجلة لمؤسسة باركليز جلوبل إنفيستورز" في تقريرها الضوء على مفاهيم فئة المنتجات هذه، التي تتميز ببساطتها وفعاليتها، مسلطة الضوء على كيفية استخدامها لتعزيز المحافظ الاستثمارية.
وفي مستهل تقريرها أوضحت "أى شيرز" أن "صناديق المؤشرات المتداولة" (ETFs) هي أداة استثمارية مستحدثة تشبه بتصميمها الصناديق الاستثمارية، لكن تداولها يشبه تداول السندات الفردية في البورصة، وهي تجمع العديد من مميزات الصناديق الاستثمارية التقليدية، ولكنها تختلف عن الصناديق الاستثمارية المغلقة التي يتم تداولها في البورصة أيضاً.
ويمكن للمشاركين المخولين إنشاء أو سحب وحدات ETF بحسب الحاجة، وفي حين أن صناديق المؤشرات المتداولة مدرجة في البورصات تماماً مثل الأسهم، يمكن التداول بها عندما تكون البورصة مفتوحة، على عكس العديد من أنواع الصناديق الأخرى، لا يوجد مدير صندوق يختار الأسهم الرئيسية، بل يكون المستثمر على بينة من جميع الشركات المشكلة للمؤشر الذي يتعقبه ال ETF، وكما في جميع الاستثمارات يمكن لقيمة الممتلكات في صناديق المؤشرات أن تنخفض أو ترتفع، وقد لا يسترجع المستثمر المبلغ الذي تم استثماره.
وعلى المستوى الدولي، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة ازدياداً ضخماً عما كانت عليه عندما دخلت السوق لأول مرّة عام 1993بثلاثة منتجات تشمل أصول مدارة (AUM) بقيمة 0.8 مليار دولار، وفي نهاية الربع الثاني من عام 2009 شمل قطاع ETF الدولي 1707صناديق مع 3066 إدراجا، وأصولا بقيمة 789.04 مليار دولار من 93 مزوّدا و42 بورصة حول العالم، وكانت هناك خطط لإطلاق 777 صندوقاً إضافياً.
وعن كيفية إدارة التدفقات المالية لصناديق المؤشرات المتداولة، أوضحت "آي شيرز" في تقريرها الذي أوردت صحيفة "القبس" الكويتية مقتطفات منه أنه عادة ما يحافظ مديرو الصناديق الفاعلين على مستوى سيولة يتراوح بين 1%و3% من قيمة إجمالي أصول الصندوق من أجل مجاراة استردادات العملاء بشكل فعال، كما يمكن يمكن لاستثمارات جديدة في الصندوق أن توفر رصيداً مالياً قد يفوق الموازنة المطلوبة.
وفي كلتا الحالتين، قد يشكل امتلاك ETF حلاً فعالاً للتخفيف من تأثير "الانجراف المالي"، أو تعثر الأداء الذي قد ينجم عن الاحتفاظ بالسيولة، فضلاً عن الأسهم، وقد يجادل البعض بأنه بإمكان المستثمرين أن يستخدموا الاستثمارات المحسوبة بأسعار مستقبلية لتحقيق ذلك، ولكن هناك بعض المواقف حيث لا توجد أموال محسوبة بأسعار مستقبلية، كما في محاولة المستثمر للحصول على منفذ إلى مؤشر سوق نامية على سبيل المثال.
ويعول الكثير من المستثمرين على الاستثمارات الجذرية-التابعة (Satellite) لتحقيق متطلبات محددة على صعيد المجازفة والعائدات، ويرتكز الاستثمار الجذري التابع على نمط بسيط يقضي بفصل المحفظة الاستثمارية إلى شقين؛ الشق الأول: الجذري، يشكل أساساً للاستراتيجية التي تفتح المجال لزيادة استثمارات تابعة أكثر تخصصاً، وتشكل الاستثمارات الجذرية القسم الأكبر من المحفظة الاستثمارية بالإجمال، حيث تشغل عادة حوالي 70% منها.
ويكون الشق الجذري عادة أداة استثمارية متنوعة تتضمن استثمارات بمستوى مجازفة أقل، وفي معظم الأحيان تكون هذه الاستثمارات في صناديق مرتبطة بمؤشر، مثل صناديق المؤشرات المتداولة ( ETF)، التي تتضمن تشكيلة واسعة من الاستثمارات قليلة الكلفة مرتبطة بسوق أو مؤشر، الهدف هو الحصول على عائدات تتماشى مع أداء السوق - وتعرف هذه العائدات باسم عائدات بيتا (Beta return).
تعد التكاليف أحد أهم العناصر في تطبيق هكذا استراتيجية، حيث أن اتباع العديد من الاستراتيجيات الاستثمارية يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإدارة وبالتالي تآكل عائدات المحفظة. تخفف صناديق المؤشرات المتداولة من مشكلة التكاليف هذه وذلك من خلال صناديق مرتبطة بالمؤشرات الرئيسية مثل S&P 500، وFTSE 100، وEuroStoxx 50، والتي تشكل مكونات جذرية مثالية للمحفظة ككل. ولا تنطوي صناديق المؤشرات المتداولة على أي تكاليف من جراء المبيعات أو الاستردادات، وقد يكون مجموع مصاريف الصندوق السنوية 0.09% فقط.
وتشكل الاستثمارات التابعة الشق الثاني من المحفظة الاستثمارية الجذرية-التابعة، وتكون هذه الاستثمارات عادة أكثر تخصصاً بما يتيح عائدات إضافية بحسب رؤية مدير المحفظة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التوجه إلى أسواق محددة، وصناديق مدارة بفعالية، وحقول استثمارية، وضمانات فردية، وصناديق المؤشرات المتداولة. وتنطوي الاستثمارات التابعة عادة على مجازفة وتكاليف أعلى من الاستثمارات الجذرية.
وفي حين تشكل صناديق المؤشرات المتداولة واسعة النطاق ممتلكات جذرية مثالية، يمكن أيضاً للصناديق الأكثر تخصصاً أن تمتلك استثمارات تابعة ممتازة حيث يقوم المديرون بتطبيق وجهات نظرهم في السوق على هامش المحفظة الاستثمارية لتحقيق المزيد من العائدات.
وتوفر صناديق المؤشرات المتداولة الموجودة خيارات مهمة مع الشركات الكبيرة والأصغر منها، بالإضافة إلى أقسام النمو والقيمة في السوق.
ويعترف معظم المستثمرين بأنه على الرغم من كونهم خبراء في فئات استثماراتهم الخاصة، فانهم قد لا يملكون المعرفة اللازمة لاتخاذ القرارات الصحيحة في مناطق غير مألوفة جداً لديهم. بالطبع في بعض المناطق، قد لا يملكون البحوث الكافية لتعليل خيارهم الاستثماري بالكامل على مستوى الضمانة.
توفر صناديق المؤشرات المتداولة الملائمة حلاً بسبب حذفها للضمانات معروفة المجازفة، حيث يمكن لرؤية المستثمر أن تترجم إلى ممتلكات بسرعة وسهولة، في حين يكون التنوع الناتج أفضل بكثير من اختيار بعض الممتلكات التي لا يعرف المستثمر الكثير عنها.
وفي حين أن التداول في صناديق المؤشرات سهل وقليل الكلفة، لذا فهي تشكل أدوات تحوط فعالة. على سبيل المثال، في حال اتخذ مدير محفظة فكرة سلبية قصيرة المدى عن أحد الأسواق، أو أراد حماية المحفظة من تأثير حدث معين، بإمكانه بيع صندوق المؤشرات للتخفيف من عرضة المحفظة إلى فئة معينة من الأصول أو سوق معينة. وهذا أبسط وأقل كلفة بكثير من تحطيم محفظة مخططة بحذر، ومن ثم إعادة شراء جميع الضمانات بعد أن تنتهي فترة التحوط.
من الممكن التداول بصناديق المؤشرات في الزمن الحقيقي عبر البورصة عوضاً عن التداول لمرّة واحدة يومياً كما هي الحال مع الكثير من الصناديق الأخرى. وقد شهدت الأسواق المتقدمة تفاوتاً غير مسبوق خلال العام الماضي، حيث تقلبت الأسواق بشكل روتيني إلى حدود نسبة 6% في اليوم. لذا فإن المستثمرين لم يعودوا راضين بانتظار أسعار نهاية النهار كما الحال في صناديق الاستثمار التقليدية، في حين يعلمون أنه بإمكانهم القيام بقرارات استثمارية مباشرة مع صناديق المؤشرات.
كما أسلفنا، كثيراً ما تستخدم صناديق المؤشرات المتداولة كوسيلة للحصول على دخول مباشر إلى سوق معين. فعوضاً عن استثمار تدفقات مالية جديدة في صناديق الأسواق المالية أو سندات الدولة المرتبطة بأسعار مستقبلية خلال مرحلة اتخاذ قرارات استثمارية، أو انتظار إصدار جديد، يمكن لمدير المحفظة الآن شراء ممتلكات متنوعة في سوق سندات الدولة والشركات من خلال العديد من صناديق المؤشرات التي أطلقت مؤخراً.
يرى المستثمرون المحترفون (استشاريو الثروة) إجمالاً أن صناديق المؤشرات هي أدوات استثمارية سائلة وشفافة وقليلة الكلفة، تساعد في بناء المحفظة الاستثمارية. لذا، فإن المستثمرين المحترفين في الخليج يستخدمونها في وسائل مختلفة. إن احد الاستخدامات الرئيسية لصناديق المؤشرات هو لجمع فئات أصول مختلفة في الشق الجذري من المحافظ الاستثمارية إلى جانب الصناديق المدارة بفعالية وخيارات الأسهم الفردية. وتصبح النتيجة خليطاً بين الادارة الفعالة والهامدة والتي تنسق لتكون ملائمة بأفضل طريقة مع التوزيع المثالي للأصول ومستوى المجازفة لدى العميل. كما يعتبر المستثمرون المحترفون في الخليج مستخدمين فاعلين لصناديق المؤشرات بغرض استراتيجيات التداول التكتيكية، والتي تتضمن عادة قطاعاً محدداً، أو بلداً واحداً، أو صناديق مؤشرات تابعة لأسواق نامية.