- أوبرا الصابون ورومانسيات محدودة القيمة تسيطر على دراما العالم المتقدم - أحلم بتوثيق كل رموز الحركة الوطنية والفنية في مصر حول ما تطرحه الساحة الفنية اليوم، من أعمال مسرحية وسينمائية ودراما تلفزيونية، حاورنا "محيط" الناقد د. وليد سيف الأستاذ بمعهد النقد الفني بأكاديمية الفنون ورئيس المركز القومي للسينما، والذي تحدث عن تصوراته المقبلة للمركز، وعن الوضع السياسي الراهن لمصر، بالإضافة إلى إبداعاته الخاصة ومؤلفاته في مجال النقد وإليكم الحوار: - في البداية ما رأيك فيما تطرحه الساحة الفنية اليوم بشكل عام في مجالاتها المختلفة، وما تقييمك لدور وزارة الثقافة الذي تلعبه في الشئون الفنية والثقافية، وهل هذا يكفي لخلق مناخ فني جيد لبلد بمكانة مصر لها تاريخ فني عريق؟ على الرغم مما يسود الساحة من إبتذال إلا أنه هناك جهد كبير من أجل إنعاش الحركة المسرحية والسينمائية سواء من خلال الفنانين الشبان المستقلين أو عبر جهود المسرح الرسمي ودعم السينما، ويكفي أن أذكر لك بعض أسماء الأفلام التي دعمتها الدولة لتعرفي جديتها ومنها "فتاة المصنع"، "لامؤاخذه"، "فيللا 69"، "قبل الربيع"، و"هرج ومرج"، ولكن خلق مناخ فني جيد هي مسألة لا تصنعها الثقافة وحدها ولكن بمشاركة الإعلام والتعليم وغيرها من المؤسسات التي لابد أن تلعب دورها في تنمية الوعي. - هل ورثت تركة العداء مع مدير التصوير كمال عبدالعزيز الرئيس السابق للمركز القومي للسينما بسبب رئاستك للمركز؟ لا يوجد أي عداء بيني وبين كمال، فهو فنان احترمه وتولى مسئولية المركز في ظروف صعبة، وأنا لا أنشغل بالماضي عموما، وأحرص على التعاون مع كل السينمائيين. - وما هي مآخذك على المركز قبل رئاستك له؟ كل ما أسعى إليه هو أن أكمل ما بدأه زملائي السابقين مستغلا ظروف الإستقرار النسبي التي تعيشها البلاد حاليا، والتي لم تكن متاحة لمن سبقوني. كما أرجو أن أحقق رؤيتي التي طرحتها من خلال دراسة تفرغي للمجلس الأعلى للثقافة بعنوان "الفيلم المصري الواقع والآفاق"، والتي تتلخص في ضرورة مواصلة الدعم للفيلم الروائي الطويل بإيقاع أسرع وبنسب أكبر، وفي أهمية وجود خطة سنوية قوية لإنتاج الفيلم التسجيلي الروائي والقصير وأفلام التحريك إلى جانب ضرورة التواصل مع الهواة والموهوبين في مختلف محافظات مصر لإكتشافهم ودعمهم، وتبني المشروعات الوطنية والتراثية التوثيقية، مع الحرص على نشر الثقافة السينمائية في مختلف ربوع مصر بالتعاون مع أجهزة الوزارة والوزارات الأخرى. - سمعنا أنك تقوم حاليا باختيار بعض من تبقوا من مخرجي الزمن الجميل لإنتاج مجموعة من الأفلام الوثائقية والأفلام القصيرة في المركز القومي للسينما، مثل د. علي بدرخان، ما هي حقيقة هذا الأمر، وهل تقوم بدعوة لعودة مخرجي الزمن الجميل الذين عزفوا منذ سنوات طويلة عن الإخراج؟ "المركز القومي للسينما" هو ملك لكل فناني مصر من مختلف الأجيال، ودورنا هو الوقوف وراء الأعمال ذات القيمة الفنية والفكرية، ووجود إسم مثل علي بدرخان على قائمة أعمال أي جهة منتجة هو شرف وقيمة في حد ذاته. - قال بعض النقاد أن فيلم "الجزيرة 2" عودة للسينما المصرية في عصرها الذهبي، هل تؤيد هذا الرأي؟ الفيلم قيم جدا على مستوى اللغة السينمائية والتقنيات المتقدمة، وأحترم ما يطرحه من فكر وإن كنت أختلف معه وخاصة فيما يعبر عنه إجمالا من توجه لا يحمل التقدير المستحق لثورة 25 يناير التي لولاها ما كان هناك أي أمل في أي تغيير. - وما رأيك في الأفلام التي طرحتها دور السينما خلال السنوات الأخيرة وهل رأيت أن لها توجه معين وخصوصا أنها حققت إيرادات كبيرة في الموسمين الأخيرين؟ عودة الجمهور إلى دور العرض هو أمر حميد في حد ذاته، وإن كانت غالبية الأعمال الناجحة تنحو تجاه العنف والإبتذال إلا أنها في رأيي ظاهرة مؤقته، فالإبتذال له سقف وحدود مادام وصل إليها لن يمكنه إبهار الشرائح التي يخاطبها، والتي ستنصرف عنه للبحث عن الجديد والمختلف وهو ما سيبقى متاحا بعودة المنتجين الجادين وبمساهمة الدولة في الدعم. - في رأيك ما أفضل المسلسلات التي طرحت على الشاشة في شهر رمضان الماضي، وما هي أسوءها؟ لا أحب أن أتحدث عن الأسوأ فالأسوأ لم يأت بعد، ولكن الدراما التليفزيونية المصرية بخير وفي تقدم مذهل، وأعتقد أنها تقدم في مستوياتها الراقية وأعمالها عميقة الفكر، مثل "دهشة" و"سجن النسا" و"السبع وصايا" ما لا يمكن أن تجده في دراما الكثير من دول العالم المتقدم، التي تسيطر على مسلسلاتها أنواع أوبرا الصابون والرومانسيات والميلودرامات المسلية محدودة القيمة. - قلت أنك ستسعى لتفعيل مسابقة لإنتاج الأفلام الروائية، متى سيتم إطلاقها؟ لا نهدف حاليا ربما ولا في المستقبل القريب إلى الإنتاج، وفي إعتقادي أن الصيغة المثلى حاليا هي الدعم، فإنتاج الدولة بكل إيجابياته وإنجازاته العظيمة في الستينيات كان سببا في توارى شركات الإنتاج الخاصة التي لم يكن بإمكانها منافسة إنتاج الدولة بما تملكه من إمكانيات، وسوف نعلن قريبا عن المسابقة الإستكمالية للدعم حيث تبقى مبلغ محترم بإمكاننا أن ندعم من خلاله أربعة أو خمسة أعمال. - ماذا فعلت بشأن إنتاج أفلام وعقد ورش للشباب كما ذكرت سابقا في خطتك للمركز؟ بدأت بالفعل ورش أفلام التحريك وجاري الإنتهاء من أفلامها، وكذلك تقوم وحدة الملاحقة الوثائقية بمتابعة مشروع قناة السويس، كما سنبدأ قريبا فى الإعلان عن ورش الأفلام والدراسات السينمائية فور إفتتاح مركز ثروت عكاشة السينمائي خلال هذا الشهر. - لماذا اعتذرت العام الماضي عن منصبين هامين اسندوا لك وهل كان سبب قبولك لمنصب رئيس المركز القومي للسينما له علاقة بتغيير الأوضاع في البلاد وبداية الاستقرار أم هناك أسباب أخرى؟ كان اللقاء مع الدكتور جابر عصفور مبشرا ومطمئنا بتوجه حقيقي من الدولة نحو حرية التعبير وتقدير الفن، وكان الإتفاق على منصب آخر أكبر ولكن حدثت أزمة في المركز القومي للسينما ولم يكن أمامي سوى قبول المنصب في الظرف الصعب، وكذلك كانت فرصة لى لأحقق على أرض الواقع تصوراتي النظرية التي طرحتها في مقالاتي وأبحاثي. - لديك آراء سياسية هامة تطرحها في بعض الأحيان على صفحتك بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وأحيانا تحمل قدر من السخرية، ما رأيك في الوضع السياسي الراهن لمصر؟ نحن مازلنا في عنق الزجاجة وليس أمامنا سوى أن نعمل بكل جهدنا لإزالة ركام من المشاكل والأزمات خلفتها بشكل خاص سنوات مبارك العشر الأخيرة والتي كانت كفيلة بإنهيار الدولة لولا ثورة 25 يناير، كما أننا مازلنا أيضا في صراع مع فلول وأذناب العهد البائد وأتباعهم من الحمقى والموتورين، ومن يسيئوا فهم مناخ الحرية الذي أتاحته الثورة ويتصورون أن كل شىء أصبح من حق أي أحد، وأن من يعملون يتساوون مع من لا يعملون. - وأخيرا ما هي خططك خلال الفترة المقبلة، وهل من كتب نقدية جديدة تنوي كتابتها ونشرها؟ على المستوى الوظيفي أحلم بتوثيق كل رموز الحركة الوطنية والفنية في مصر، كما أسعى لزيادة ميزانية دعم الأفلام وتخصيص ميزانية محترمة لتحديث الأجهزة والتقنيات الحديثة التي تتطور في كل لحظة. وعلى المستوى الخاص توقف نشاطي النقدي والإبداعي ولكني أنهيت قبل إنشغالي بالمنصب ستة كتب مازالت تحت الطبع، منها كتاب عن فن كتابة السيناريو ومجموعة قصص ورواية، وأرجو أن أنجز مهمتي سريعا حتى أعود إلى الكتابة التى أحن إليها كثيرا.