نيويورك: اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية مؤتمر "الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على الدول النامية" وثيقة غير ملزمة تحمل فيها الدول الغنية مسؤولية الأزمة الراهنة التي تعد أسوأ أزمة منذ 70 عاما. وقد اعتمد المؤتمر الوثيقة التي تضم 15 صفحة بتأييد أغلبية الدول الأعضاء رغم التحفظات التي عبرت عنها الدول الصناعية، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة. والوثيقة غير الملزمة تقر أن العالم يواجه أسوأ أزمة مالية واقتصادية منذ الكساد الكبير، وتشير إلى أن الدول النامية لم تتسبب في الأزمة الاقتصادية والمالية ومع ذلك تنوء بأشد أضرارها. ونصت الوثيقة على أنه "بالرغم من أن جميع البلدان تضررت من الأزمة المالية والاجتماعية، تجدر مراعاة تباين الأزمة وما تنطوي عليه من تحديات بالنسبة إلى مختلف فئات البلدان النامية". وأشارت الوثيقة, التي أوردتها صحيفة الشرق الأوسط, إلى جهود الدول النامية لتحقيق أهدافها الإنمائية الوطنية والأهداف المتفق عليها دوليا، بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية. وقالت الوثيقة: "إن هذه الأهداف باتت مهددة بقدر أكبر من جراء الأزمة، وبصفة خاصة بالنسبة إلى البلدان الأقل نموا والدول الجزرية الصغيرة والبلدان غير الساحلية والبلدان الأفريقية والبلدان الخارجة من نزاع". واستعرضت وثيقة الأممالمتحدة مظاهر الأزمة على البلدان النامية، وأشارت إلى زيادة سريعة في معدلات البطالة والفقر المدقع وتباطؤ معدل النمو وانكماش الاقتصاد، وكذلك الآثار السلبية على الميزان التجاري وميزان المدفوعات, وتقلص مستويات الاستثمار المباشر الأجنبي، وكذلك تقلبات العجز في الميزانية وهبوط إيرادات الضرائب وتقليص الوعاء الضريبي, وانكماش التجارة العالمية وانخفاض التحويلات إلى البلدان النامية، إضافة إلى انخفاض ثقة الجمهور في المؤسسات المالية، ويضاف إلى ذلك انهيار أسواق الإسكان. وترى المصادر الدبلوماسية أن المؤتمر قد بدأ فاشلا وانتهى بوثيقة لا تحظى بقبول الجميع، ومن المؤشرات على فشل المؤتمر غياب أغلبية الدول الصناعية والدول الأكثر نموا مثل السعودية وماليزيا وكوريا الشمالية، حيث كانت مشاركة أغلبية الدول الاقتصادية المهمة بممثلين غير رفيعي المستوى، وبعضها اكتفى بالسفراء المعتمدين لدى الأممالمتحدة. ولم يحضر من الرؤساء سوى رئيس بوليفيا وإكوادور، وتغيب رئيس فنزويلا هوغو شافيز الذي كان من المفترض أن يشارك في المؤتمر. واقتصرت الوفود الرفيعة المستوى على بعض دول أفريقيا ودول أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، حيث أوفد البعض منها وفودا يرأسها رئيس الوزراء وأخرى أوفدت وفودا على مستوى وزراء الخارجية. ومنذ اقتراح رئيس الجمعية دي اسكوتو فكرة المؤتمر لمعالجة الأزمة الاقتصادية واجه معارضة من قبل عدد من الدول، وتم تأجيل المؤتمر الذي كان من المفترض أن يعقد في نهاية الشهر الماضي. وانتقدت الولاياتالمتحدة الوثيقة التي اعتمدها المؤتمر، وقال ممثل الوفد الأمريكي جون سيمس: "لا تفسر حكومتي لغة هذه الوثيقة على أنها تعتمد دورا رسميا للأمم المتحدة من المقررات التي تؤثر على المؤسسات المالية الدولية أو العمارة المالية الدولية". وأفاد أن الولاياتالمتحدة تعتقد أن الدول التي تواجه عجزا حادا في الاحتياطي الأجنبي الذي يؤثر سلبا على ميزان مدفوعاتها ينبغي أن تنفذ سياسة ميزانية ونقدية مناسبة، وأن تعمل مع مؤسسات الإقراض الدولية. ورأى سيمس أن المؤسسات المالية الدولية لها بنى حوكمة كما نص عليه من مواد اتفاقها على أنها مؤسسات مستقلة عن الأممالمتحدة، وأشار بصفة خاصة إلى مؤسسات بريتون وودز، وقال: إن أي قرارات بشأن إصلاح المؤسسات المالية الدولية أو تتعلق بالطريقة التي تدير بها أعمالها فهي شأن خاص بحملة أسهم هذه المؤسسات ومجالس محافظيها. ودعت وثيقة المؤتمر إلى اتخاذ إجراءات لإصلاح وتعزيز النظام والهيكل الماليين والاقتصاديين الدوليين، وتدعو إلى توثيق التعاون وتقوية الشراكة بين جهاز الأممالمتحدة الإنمائي ومصارف التنمية الإقليمية والبنك الدولي، ورفع مستوى جهودها بحيث يمكن معالجة احتياجات أكثر الفئات تضررا، وضمان ألا يجري تجاهل محنتهم. كما دعت الجمعية العامة إلى إنشاء فريق عمل لمتابعة مقررات الوثيقة التي اعتمدها المؤتمر الذي أنهى أعماله يوم الجمعة. وأشارت الوثيقة إلى قمة مجموعة العشرين التي عقدت في أبريل الماضي، وذكّرت بالتزامها بتوفير مبلغ إضافي قدره 1.1 تريليون دولار للبرنامج الهادف إلى تنشيط الاقتصاد العالمي. وطالبت الدول الغنية بمضاعفة الجهود من أجل الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتخفيف الديون، وتؤكد مسؤولية جميع الجهات المدينة والدائنة عن مسألة القدرة على تحمل الدين.