أصبح الخوف من انتشار وباء إيبولا بمثابة كابوس يراود أغلب الدول. وتنتشر المخاوف بصفة خاصة في الهند؛ نظرا لزيادة كثافتها السكانية وتراجع قدرة نظامها الصحي على مواجهة مثل هذا الوباء مقارنة بالدول الأوروبية والولاياتالمتحدةالأمريكية. ووفقا لما جاء على وكالة الأنباء الألمانية تحاول الهند الحيلولة دون وصول هذا الوباء إلى شبه القارة الهندية- حتى ولو باستخدام وسائل بدائية. ودعا وزير الصحة الهندي هارش فاردهان مسؤولين كبار من وزارة الدفاع ووزارة النقل البحري للالتقاء بهم وبحث هذا الأمر. وقال فاردهان: "عقدنا مجلس حرب للعمل على تنسيق أعمالنا، في حال ظهور هذا الوباء"، مشيرا إلى أنه تم توفير أول استعدادات للطوارئ في مطار نيودلهي بالفعل. وحذر وزير الصحة الهندي من أن وصول وباء إيبولا إلى الهند يمكن أن يتسبب في عواقب كارثية؛ حيث تندرج بعض مدن الهند ضمن أكثر المدن كثافة في العالم، من بينها مثلا مدينة مومباي التي يبلغ عدد سكانها 18 مليون نسمة، يعيش مليون منهم في منطقة " دهارافي" العشوائية، التي لا يتجاوز عرض الحارات بها حجم عرض الكتفين. تجدر الإشارة إلى أنه ليس هناك حتى الآن أدوية فعالة لعلاج فيروس إيبولا أو تطعيمات للوقاية منه. وينتقل الفيروس المسبب للإصابة بإيبولا عن طريق سوائل الجسم كالعرق والدم والبول والبراز. ووفقا لبيانات تعداد السكان في الهند، لا يستخدم نصف سكان الهند تقريبا مراحيض، ولكن يقضون حاجاتهم في الخلاء. ويلتقط هنا أشيش جها، البروفيسور المختص بالسياسة الصحية بجامعة هارفارد، طرف الحديث قائلا إن خطر انتقال وباء إيبولا إلى الهند "مرتفع للغاية"؛ لأن هناك آلاف الهنود يعملون في الدول المصابة بإيبولا، من بينهم أطباء ومهندسون ومدرسون وعمال بناء. تجدر الإشارة إلى أن 300 هندي يشاركون في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في ليبيريا، التي تعد أكثر الدول إصابة بوباء إيبولا. وعاد الكثير منهم إلى الهند الآن للاحتفال بعيد "ديوالي" الهندوسي المعروف أيضا باسم "عيد الأنوار". ومن المتوقع أن يعود آخرون إلى الهند خلال احتفالات رأس السنة. وحذر جها: "النظام الصحي في الهند ليس مستعدا للتعامل مع أي حالة إصابة بالعدوى". وأضاف البروفيسور الهندي أنه على الرغم من قيام المؤسسات بتهيئة المستشفيات وتدريب الطاقم الطبي، فإن ذلك لم يحول دون انتقال العدوى إلى أطباء وممرضات في الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسبانيا، لافتا: "يصعب علي تصور أنه يمكن للهند التصدي لمثل هذه الأمور على نحو أفضل". جدير بالذكر أنه ليس هناك سوى مختبرين فقط في جميع أنحاء الهند لإجراء تحاليل دم للكشف عن إيبولا. ولكن وعد وزير الصحة الهندي بزيادة عدد هذه المختبرات قريبا. وأضاف فاردهان أنه من المقرر قياس درجات الحرارة للمسافرين القادمين إلى الهند في 18 مطارا. وأوضح الوزير الهندي كيفية القيام بذلك: "سيتم قياس درجة الحرارة للمسافرين باستخدام ماسحات ضوئية تشبه الرادارات التي تستخدمها الشرطة". وأوضح فاردهان أنه متفائل؛ لأن قياس درجة حرارة المسافرين القادمين إلى الهند ساعد منذ عقد تقريبا في مواجهة انتشار المرض الرئوي الحاد المعروف باسم "سارس". وفي المقابل أظهرت دراسة كندية حديثة تم نشرها في مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية المتخصصة أن مثل هذه الماسحات الضوئية المستخدمة للكشف عن ارتفاع درجات الحرارة في صالات الوصول بالمطارات ليست مجدية. وأرجعت الدراسة سبب ذلك إلى أنه عادة لا تظهر أعراض الإصابة بإيبولا كارتفاع درجات الحرارة مثلا إلا بعد الإصابة بالفيروس بمدة تتراوح بين يومين و22 يوما، أي أنه من الممكن أن يكون الإنسان مصابا بالفيروس ولا تظهر لديه الأعراض. ومن هنا أشارت الدراسة إلى أن "هذه الماسحات الضوئية ليس لها تأثير ملموس" في الكشف عن الإصابة بالمرض لدى المسافرين.